يسوع يولد في مغارة حقيرة! الخور أسقف فيليكس الشابي

يسوع يولد في مغارة حقيرة!

مقدمة: المغارة التي ولد فيها يسوع كانت حضيرة حيوانات. والحضيرة لا تزال الى اليوم مكان بدائي، لا وجود فيها لاي اثر للهندسة والاعمار، او الفن والجمال، او الرقي والبذخ، او الكبرياء والعظمة. كل ما فيها هو جدران متهاوية آيلة للسقوط ، حيوانات وسخة، رائحة كريهة، اعشاب وطعام وماء ملقى هنا وهناك.. الريح والبرد تعصفان بالمكان.. لا تدفئة فيها ولا امان ...

في مغارة حقيرة ولد يسوع ...

هل احب يسوع ان يولد في مكان كهذا؟ لم يرد يسوع ان يكون كذا حاله، الا اننا نحن البشر أردنا ان يكون هكذا حاله، بلا بيت.. بلا مأوى.. بلا فراش.. مسافر على الطُرق منذ ولادته.. هكذا احببنا ان نستقبل "الهنا وربنا وملكنا ومخلصنا ومحيينا" بكل قسوة وعنجهية، وعمى البصيرة، وغياب الفهم والعقل والايمان..

هذا هو حال البشرية ازاء يسوع منذ ولادته، مرورا بصلبه، والى اليوم، عدم العرفان بالجميل، وعمل ما هو رديء ومشين مع من وهب لنا حياته ودمه..

المغارة: هي رمز لطبيعتنا البشرية. المغارة الوسخة هي تذكير بجنسنا البشري الضعيف وبخطايانا الكثيرة، المسيح جاء لينظف قلوبنا ودواخلنا، جاء ليضيء نورا في عتمتنا، وينشر رائحة عطرة زكية عوض رائحة نـتـانـتـنا ودنسنا، جاء ليعطي دفئا لايماننا عوض الفتور والانجماد الروحي الذي نفضل ان نبقى فيه...

- - - - -

تعقيب: كثيرا ما نفتخر بما نحن عليه، وكثيرا ما نحاول ان نتبجح بما لدينا من قدرات وافكار ومشاريع وبأن الكون لن يدور الا برخصتنا او باشارة منا... وهكذا كان الحال مع الناس ايام ولادة يسوع. اذ ارادوا ان يفشلوا مخطط اللـه في خلاص البشرية.

واليوم كيف تعمل على افشال معنى الميلاد؟ بامجادك واملاكك ورصيدك، ومكانتك وشهرتك ومركزك، واسمك. (وللرجل): فكر بعضلاتك، وطولك، وقوتك، بعملك ومهارتك وذكائك الفردي. (وللمرأة): بالتفكير والتركيز على المظاهر والمحاسن الظاهرية والخارجية الزائلة متناسية وجود الاخر..

فالميلاد ليس لهذه الغايات اطلاقا.. الميلاد هو انطلاقة وشرارة محبة.. مثل نيزك من النور يقدح في السماء ليلقي بنور الرحمة على الخليقة، مثل قوس قزح يبشر بالسلام والطمأنينة قلوب المساكين. الميلاد هو قدوم ابن اللـه ليسكن وسطنا. هل تراه جاء من عرشه وجبروته وبهاء مجده، ليولد وسط حيوانات ودواب وسخة؟ لكنه اقتبل الزيارة الاولى من الرعاة قبل الملوك المجوس، والرعاة لا يعرف الناس لهم اسم ولا هوية ولا كيان، بل هم من يسيرون في البرية بلا مأوى، والمسيح صار لهم هو الهوية والكيان والصميم والفرحة والخلاص الابدي.

ابحث اذن اولا عن ذاتك وكيانك، ادخل الى اعماق قرارة نفسك، وناد بعلو صوت ضميرك: اين اقف انا الان من المسيح؟ هل يشع نور ميلاده فيّ، هل اسمع صدى بشرى ملائكته اليّ؟ هل انا مستعد لان اسير مشوار الرعاة نحوه؟ وماذا يمكنني ان اقدم له هدية؟

ابحث اذن في هذا العيد عن التائه والمشرد، والبعيد، ابحث عن الذي اضاع درب الرجوع.

كن انت له مسيحا اخر ينير الدرب وسط الظلمة.

كن رفيقا لمن لا لرفيق له،

كن اخا لمن لا اخ له،

كن ابا لمن لا اب له

كوني اما لمن لا ام له.

كن ناشر عطر المحبة في وسط المتخاصمين والمتزاعلين والذين يتبادلون الاحقاد والكره الواحد للاخر.

كن ملاكا ينشر بشرى السلام لاخوتك البشر.

وليكن هذا العيد من خلالك وبواسطتك باب فرحة للقريب والبعيد.

ولا تكن مغارتك موحشة وحقيرة، كالمغارة التي اختارها البشر لولادة المسيح...

بل فلتكن مثل مغارة فرنسينس الاسيزي، مليئة من الخشوع والغفران والمحبة..

عيد ميلاد سعيد للجميع

الخوراسقف فيليكس الشابي – اريزو

يسوع يولد في مغارة حقيرة! الخور أسقف فيليكس الشابي 327795

موضوع روحي ممتـــــــاز !!!

خالص شكرنا وتقديرنــا للخور اســقف فيليكس على هذا الموضوع الرّائــــع !

كما نشكركم , اسـتاذنا الفاضــل ـ ابو فرات ـ لنقلكَ لنــا إيّــــاهُ !

خالص آحترامنــا ...