بێلندا: ميلاد الشمس
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]يحتفل الإيزيديون يوم (25) من كانون الأول شرقي من كل عالم بعيد البيلندا، ومن باب الدقة ولتجاوز الحسابات المعقدة والسنة الكبيس وما إلى ذلك، وحرصا من الكهنة الإيزيديين جعلوا يوم العيد يقع دائما في يوم الجمعة ولكن ليس أي جمعة، واختاروا أقرب جمعة من يوم (25) وهو يوم الجمعة الذي يلي الجمعة الثالثة من ذات الشهر، ومن ناحية أخرى جعلوا له تاريخ ثابت وهو يوم (15) من مربعانية الشتاء.
تشبث الإيزيدية بهذه المناسبة منذ عهود طويل، وهذا يدل على أهميته من الناحية الدينية والتراثية، ولا زلنا نجهل الكثير عن هذا الموضوع، ولأننا ما زلنا نجهل معنى كلمة بيلند ولو من الناحية الغوية، ومن دون ذلك يصعب علينا معرفة تفاصيل المناسبة، وباتت بالنسبة لنا لخز، وحل الغز يمكننا أن نتعرف على طقوس بيلندا الحقيقية وإذاك سندرك أوجه الخلاف بين طقوس بيلندا في الحاضر والماضي.
بذلت جهودا لا ياستهان بها للبحث عن طقوس بيلندا بين الإيزيدية، فوجدت تباين واضح في أداء الطقوس التي تمارس حاليا. ويجب أن نعترف بأن الإيزيدية نسيوا تفاصيل طقوس بيلندا الحقيقية والتفصيلية، نتيجة الحملات الأبادية والأضطهادات الوحشية التي قادها البرابرة من الوثنيين والأديان السماوية، والتي استغرقت زمن طويل.
والمعلوم من الطقوس البيلندية عند الإيزيدية في الوقت الحاضر مختلف عليه، ولا نميز الجانب التراثي من جانب الديني، وضل الموضوع على حاله وهو يتناقل من جيل لأخر بكل بسهولة، ولأن ممارساته سهلة وأداءها مسلية وحفظها وتطبيقها سهل أيضا، وهي لا تحتاج إلى جهود فكرية ولا إلى خطب دينية وحسابات معقدة، والمجهول من طقوس بيلندا هي على حالها.
وحسب معلوماتي المتواضعة ( بيلندا) كلمة أرامية مشتقة من عبارة (بێ ، یهلدا )، ومعناها ميلاد الطفل، فيا ترى من هو هذا الطفل..؟
يقول البوذيون الطفل المقصود في هذه المناسبة هو بوذا والزرادشتيون يقولون بأن الطفل المقصود بهذه المناسبة هو زرادشت.
والمسيحيون يقولون بأن الطفل المقصود في هذه المناسبة هو السيد المسيح، وأن والأحتفلات هي بمناسبة عيد ميلاد المسيح، وهذا الذي نشاهده اليوم في كل عام.
هذه الثقافة شقت طريقها من الشعوب المسيحية إلى جيرانهم عن طريق التبشير، وهكذا انتقلت كلمة بيلندا وبذات الفكرة بين الإيزيدية.
و الإيزيديون يجهلون تفاصيل المناسبة بل أنهم غير مهتمون لمعرفتها ولا يخطر على بالهم أن يسألوا من هو الطفل المولود في يوم البيلندا..؟ وقسم كبير من الإيزيدية لا يعيروا أي اهتمام إلى هذه المناسبة، وهذه الحقيقة نجدها عندما نشاهد ممارسة طقوس البيلندا بين الإيزيدية..
أداء طقوس البيلندا حاليا بين الإيزيدية
وبالنسبة للإيزيدية في سنجار: يكاد لا نجد أثر لعيد البيلندا سوى الأسم (ميل ميليد) الذي يأتي على لسانهم، و قيام بعض الأطفال إشعال النار والقفز فوقه. وبالنسبة إلى أهالي بحزاني وبعشيقة: يحتفل القريتين بهذه المناسبة بأسم (ميليد) ويسمونه عيد العجوة. وتقتصر احتفالاتهم على صنع خبز الخولير المدور الذي يرمز إلى قرص الشمس، ويضعوا فيها عجينها عجوة زيتون ، ومن ثم تخبز في التنور أو على الصاج ، وفي فترة مناسبة من مساء يوم الجمعة العيد، يأتي دور طقوس خبز الخولير.
ويقوم رئيس الأسرة بتقطيع خبز الخولير على عدد أفراد الأسرة ويضاف إليهم رب البيت (خودانێ مالێ) ومن ثم يقوم رئيس الأسرة بتوزيع قطع الخولير على أفراد الأسرة ويحتفظ رئيس الأسرة بقطعة (رب البيت) الخفي، وبعدها يبادر أفراد الأسرة بالبحث عن العجوة بين ثنايا قطعة الخولير، والمحضوض هو من يجد العجوة في قسمته. وهنالك تفاصيل أخرى، وللعجوة مغزة ولكني أكتفي بهذا القدر.
وبالنسبة للإيزيدية في منطقة الشيخان، وهم الولاطيون المركهيون المجاورون لمعبد لالش، وهم أيضا يصنعون خبز الخولير يوم الخميس أو قبله، وعند العصر من يوم الخميس، يتم طقس خاص بأسم (كوركا كاي) يحتفل جميع الأسر في هذه المناسبة من الرجال والنساء والكبار والأطفال، وتبدأ حملة إشعال النار من بيت إلى بيت ومن محلة إلى محلة وحسب النظام و تسلسل الأدوار.
وعشية يوم العيد وحينما يعود البذار من الحقل ولدى أقترابه من عتبة المنزل يسرع أهل بيته بإشعال حزمة كبيرة من نبات يسمى (ره شك) وبالعربي يسمى عغين وهو سريع الاشتعال،(لهذا النبات رمزية خاصة في هذه المناسبة) ويقفز ثور الحراثة فوق النار ويدخل المنزل ويرتاح حتى الموسم القادم، ويليه في القفز الحارث مباشرة، ومن ثم يقفز أهل البيت والجيران، وترمي النساء الجكليت والجوز والقصب والفاكهة على رؤوس المشاركين في القفز فوق شعلة النار من الصغار والكبار، وهكذا إلى آخر بيت في القرية. وبالنسبة للخولير فلا تختلف طقوسها مع ما ذكرناه عند أهالي بحزاني وبعشيقة.
وأما بالنسبة إلى معلوماتي عن الموضوع أقول: بأن جانبا من الطقس دينية روحية، وكما يبدو لي بأن قرص الخولير يرمز إلى قرص الشمس الذي يموت ليقوم من جديد، وقرص الخولير هو خبز الحياة، ومن لا يذوق طعم الموت لا يتجدد، وبعبارة أخرى من لا يأكل خبز الخولير (خبز الحياة) لا يتجدد.
البحث الأكاديمي لهذا الطقس سيكشف لنا عمقه التاريخ الذي يمدد إلى عصر تقديس أسلاف الإيزيدية خصوبة الأرض، حيث يدفن المزارع حبوب القمح والشعير وغيرها في الأرض، ومن المفترض أن ينتهي المزارع الإيزيدي من زرع ما لديه من البذور، ويعود إلى منزله وهو يحمل معه محراثه لكي يتفرغ إلى أعمال أخرى وحتى يأتي موسم الزراعة القادم.
وبالنسبة للإيزيدية في طور عابدين، من الطوريين والجيلكيين يختلف الموضوع، فلا صلة لهم بأسم البيلندا، وهم يحتفلون بذات الفترة والتوقيت ولكن تحت عنوان (باتسمي) والمناسبة تبدأ يوم الأحد وتنتهي يوم الأحد، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل المناسبة لأني ذكرتها سابقا والبعض الأخر كتبوا الكثير عن الموضوع، والمهم بالنسبة لي في هذه المناسبة هو خبز (الخورا)، الحقيقة الخولير والخورا أسم واحد و رمز واحد وهو رمز قرص الشمس.
تأكد جوهر الطقوس الدينية والتراثية والمناخية التي ذكرناها، وبالإضافة إلى مصادر فلكية بأن الطفل المقصود في البيلندا هو قرص الشمس. وما يؤكد أن الشمس هي الرمز الذي زجه المسيحيون داخل الأناجيل للتعبير عن الموت والقيامة. وللتأكيد على أن تلك القيامة لم تكن سوى موت الشمس وقيامة الشمس.
كما أن ميلاد المسيح الذي لم يكن بتاتا في 25 ديسمبر كما هو شائع لديهم. ولم يكن سوى ميلاد الشمس بشكل يوحدها مع إظهار إنجيل لوقا أن ثلاث حكماء مجوس تتبعوا وعرفوا مكان المولود، هم بالواقع لم يكونوا سوى ثلاث نجوم، وأن الصليب الذي يجسمونه داخل دائرة هو رمز للشمس بين أربع اتجاهات، وأن الرقم 12 للتلاميذ لم يكون سوى الاثنى عشر برجا حول الشمس، وما هذا السر سوى الشمس المعبود الذي تبعه أصحاب الأديان بدقة فعرفوا تحركاته ومواعيده. وأخفوه بين النصوص ليعبر عن ذروة الإيمان، وصدروه ليكون الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية....
المصادر: نجم ثاقب (بأسم القرص بأسم النور باسم حرارة القرص ، الشمس الواحدة آمين رمز السر الالهي)
الباحث أبو أزاد
ميونيخ/ في 7/ 12/ 2011