انجيل للقديس مرقس/4

وقالَ لَهم في ذلكَ اليومِ نفسِه عندَ المساء«لِنَعبُرْ إِلى الشَّاطِئِ المُقابِل».
فتَركوا الجَمعَ وساروا به وهُو في السَّفينة، وكانَ معَهُ سُفُنٌ أُخرى.
فعَصَفَتْ رِيحٌ شَديدة وأَخَذَتِ الأَمواجُ تَندَفِعُ على السَّفينة حتَّى كادَت تَمتَلِئ.
وكانَ هُو في مُؤخَّرِها نائمًا على الوِسادَة، فأَيقَظوه وقالوا له: «يا مُعَلِّم، أَما تُبالي أَنَّنا نَهلِك؟»
فاَستَيقَظَ وزَجَرَ الرِّيحَ وقالَ لِلبَحْر: «اُسْكُتْ! اِخَرسْ!» فسكنَتِ الرِّيحُ وحدَثَ هُدوءٌ تَامّ
ثُمَّ قالَ لَهم: «ما لَكم خائفينَ هذا الخَوف؟ أَإِلى الآنَ لا إِيمانَ لَكم؟»
فخافوا خَوفًا شَديدًا وقالَ بَعضُهُم لِبَعْض: «مَن تُرى هذا حتَّى تُطيعَه الرِّيحُ والبحر؟».

الاية//35..41

تعليق على الإنجيل
القدّيس أوغسطينُس (430 - 354)، أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة
العظة 63

فسكنت الريح وحدث هدوء تام

إنّ قلبك مغمور بالأمواج؛ لقد أثار الغضب فيك رغبة الانتقام. وها أنت قد انتقمت...، وغرقت في الدمار. لماذا؟ لأنّ المسيح قد غفا داخلك، أي أنّك نسيت المسيح. أيقظ المسيح إذًا، تذكّر المسيح، فليستيقظ المسيح داخلك... هل نسيت الكلمة التي قالها على الصليب: "يا أبتِ إغفر لهم لأنّهم لا يعلمون ما يفعلون"؟ (لو23: 24). مَن غفا في قلبك رفض الانتقام.

قم بإيقاظه، تذكّر ذكراه. ذكراه هي هذه الكلمة؛ هي وصيّته. وحين توقظ المسيح داخلك، ستقول لنفسك: "أيّ إنسان أنا لأرغب في الانتقام؟... مَن قال: "أعطوا تعطوا؛ أعفوا يعفَ عنكم" (لو6: 37) لن يستقبلني. سأقمع غضبي إذًا وسيجد قلبي الراحة من جديد". لقد أمر المسيح البحر فهدأ... قم بإيقاظ المسيح، دعه يتكلّم، "مَن ترى هذا حتّى تطيعه الريح والبحر؟" مَن هو ذلك الذي يطيعه البحر؟ "له البحر وهو صنعه" (مز95: 5)؛ "به كان كلّ شيء" (يو1: 3). اقتدِ بالريح والبحر: أطِع الخالق. إنّ البحر يسمع أوامر المسيح، هل تراك تصّم أذنيك؟ البحر يطيعه، الريح سكنت، هل ستبقى عاصفًا؟... التكلّم، والتحرّك، وتدبير المكائد، ألا يعني ذلك أنّك تعصف وترفض أن تسكن عند سماعك وصيّة المسيح؟ حين يكون قلبك مضطربًا، لا تترك الأمواج تغرقك.

وإذا أوقعتنا الرياح- لأنّنا في النهاية لسنا سوى بشر- وأثارت مشاعر شريرة في قلبنا، دعونا لا نيأس. دعونا نوقظ المسيح، حتّى نتابع رحلتنا نحو بحر هادئ ونصل إلى الوطن.