الى متى يتجاهل العرب خطورة المشروع الطائفي وأحزابه في العراق ؟
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: الى متى يتجاهل العرب خطورة المشروع الطائفي وأحزابه في العراق ؟ الثلاثاء 9 فبراير 2010 - 20:43
شبكة البصرة
الاثنين 23 صفر 1431 / 8 شباط 2010
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
؟إلى متى يتجاهل العرب خطورة المشروع الطائفي وأحزابه في العراق
شبكة البصرة
د. عمر الكبيسي
الأحداث السياسية التي جرت في العراق بعد الغزو العسكري بقيادة الولايات المتحدة في نيسان/ابريل عام 2003 لاقت ترحيبا أو صمتا من النظام العربي الحاكم لأسباب غير موضوعية ولدوافع شخصية؛ وما أنتجه هذا الغزو من عملية سياسية خرقاء تبنت التفتيت والمحاصصة ** والعرقية أسال لعاب العديد من الطامحين لتنفيذ المشروع الأمريكي التقسيمي في منطقة الشرق الأوسط ونُصبوا كوكلاء وعملاء منِّفذين لحلقات هذا المشروع. على قمة القوى التي استفادت واستغلت سقوط نظام البعث كانت إسرائيل وإيران بشكل أساسي كما وجدت دول محيطة في المشروع متنفساً لها لتثبيت أنظمتها وأمنها لكنها كانت واهمة.
تمكنت هذه القوى من دعم أحزاب دينية طائفية وعرقية وشخوص معارضة جاءت مع الاحتلال بدوافع الانتقام والثار والإثراء وسلمت أمريكا وإدارة بوش والمحافظين الجدد العراق بأيديهم وشرَّعت لهم عملية سياسية أثارت الاقتتال الطائفي وأشاعت الفساد المالي والإداري وسمحت لميليشيات الأحزاب وقياداتها من خلال الهيمنة على السلطة والمال من إيصال العراق إلى الحال التي هو فيها اليوم حيث أصبح العراق يتربع على رأس قائمة الفساد والحكومات الفاشلة ودول العنف والإرهاب في المعايير الدولية فيما استشهد أكثر من مليون ونصف المليون مواطن لغاية وأصبح ثلاثة ملايين من ذوي الاحتياجات الخاصة وأفرز أربعة ملايين طفل يتيم ومليوني أرملة وستة ملايين مهجر ومئات ألالاف من السجناء والمعتقلين بالتزامن مع تصاعد الصيحات الزائفة عن بناء عراقٍ ديمقراطي جديد وشرعيةٍ واهمةٍ من خلال انتخابات مزورة ومزيفة وسياسةٍ اقتصاديةٍ استثماريةٍ ونفطيةٍ فاشلةٍ وحملةِ إعمارٍ كاذبةٍ لم تؤمن كهرباء كافية ولا ماء صالح ولا رعاية صحية أو اجتماعية فاعلة ولم تشَّغل معملاً واحدا أو تبني وتعمر مؤسسةً استثماريةً رصينةً وتدهورت الزراعة والصناعة بشكل كامل.
على المستوى السياسي تمركزت السلطة بيد مجموعة مستأثرة من حزب الدعوة المرجعي المنقسم كنهاية مطافٍ لصراعٍ دمويٍ وعنفي وسياسي بين الأحزاب ** الأُخرى وتمخضت عن انفراد نوري المالكي (الطائفي حتى العظم) وسيطرته على مقادير الحكم والسلطة وقيادة الجيش المليشياوي البديل. تغلغلت إيران من خلال فيلق القدس والحرس الثوري وميليشيات الأحزاب التابعة لها وباعتراف الإدارة الأمريكية الحالية داخل كافة الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والمؤسسات الحكومية وأسست هذه السلطة أرضية سياسية تتبنى التشظي والتفتيت والتقسيم والصراع الطائفي المتفاقم. فيما سيطرت إيران على مفاصل العملية الانتخابية القادمة بشكل سافر وفقاً لتصريحات القائد العسكري الأمريكي (بيتريوس) وذهبت إلى اجتثاث غير مبرر لمنع أعداد كبيرة من المرشحين الذين تبنوا في مشاريعهم برامج وطنية غير طائفية او دينية من المشاركة في الانتخابات بحجج واهية تحت مظلة قانون المسائلة والعدالة الذي شرعه مجلس النواب البائس على خلفية قانون اجتثاث البعث الذي سنًّه الحاكم المدني (بريمر) والذي استغل لتصفية المقاومين والعروبيين والكفاءات والعلماء.
لقد وصل السيل الزبى بهيمنة النفوذ الإيراني فوق التراب العراقي لإزالة كل أثر حضاري وعروبي وتراثي له صلة بهوية العراق وتراثه ولحق الهدم والتخريب المتاحف والآثار والنصب الوطنية وغيرت المناهج التدريسية وزيفت الحقائق والسير التاريخية لتلحق الشتيمة والزيف برموز الأمة حتى أصبح ذكر العروبة والعرب يستفز الساسة لاطلاق المزيد من الوعيد والتهديد وإلحاق التهم بهذه الدولة العربية او تلك فيما تتلاحق خطى التشريعات والاتفاقيات المجحفة بعد زيارة طهران وأخذ موافقاتها من خلال زيارات مكوكية متعاقبة. واحتلت ايران أرض عراقيه وبئر نفطية في الفكَّه بلا ردة فعلٍ ملموسة أو مسموعةٍ فيما يتوعد المسؤولون في سلطة حزب الدعوة السعودية والأردن وينذروها بضرورة إعادة ترسيم الحدود.
للنفوذ الإيراني المغلف بإطار ديني وبمظلة ولاية الفقيه وشعار تصدير الثورة أهداف ثأرية تاريخية تتجاوز أطلال إيوان كسرى عمقا إلى حيث الجزيرة العربية وكعبتها المشرفة وأصبح الإعلان عن هذه الأهداف والبوح بها في إعلام ومواقع وفضائيات الأحزاب ** أمرا معتادا من غير وجلٍ أو خجلٍ ناهيك عن أطروحة تحرير القدس مروراً من كربلاء والتناقض بين الخطاب المعلن للأحزاب الإسلامية ** وبين النوايا والأهداف الحقيقية واضح فبينما تدعوا هذه الأحزاب في برامجها إلى تحقيق دولة الإسلام ووحدة المسلمين ومقاومة الإحتلال الأجنبي وتنفيذ نظام الحسبة والرقابة والحكم بروح التسامح والتآلف نجد أن ما حققته هذه الأحزاب خلال إستلامها ومشاركتها بالسلطة للسنوات السبع الماضية قد تميَّز بممارسة أشد موجات العنف والإقتتال والإرهاب والفساد والمجيء مع الإحتلال والتمجيد بجنوده والترحم على قتلاه وإنكار حق المقاومة والمجاهدة ضده وتبني أجندة التقسيم والفدرالية ولم تمارس هذه الأحزاب الدينية في كل فترة هيمنتها إلا سياسة التكفير والتبرير و** التي تميزت بها على اختلاف طوائفها. أما دور الأحزاب العرقية الكردية الحاكمة في شمال العراق التي تمهد سياستها لتأسيس نواة لدولة منفصلة مستقلة فإنها لا تقلُّ ولا تختلف نهجاً وسلوكاً وخبثاً عن الأحزاب الدينية بحجم الفساد المالي والإداري المستشري بمنطقة حكمها وبطبيعة قمعها واستخفافها بقوى المعارضة الوطنية المتنامية وبمحاولة فرض هيمنتها لإحتواء أكبر مساحة أرضٍ ممكن أن يحققه لها تضامنها مع الأحزاب الدينية ** في مسعاها لتقسيم العراق إلى أقاليم ودويلات مدن وطوائف.
أدت المقاومة الوطنية العراقية واجبها ومازالت تقاوم بما تمتلك من إمكانيات لتطويق مشروع الاحتلال وصمدت بالرغم مما واجهته من مخططات الاختراق والاحتواء وشهد العالم لها بأنها هي التي استطاعت إفشال مشروع الشرق الأوسط الكبير التقسيمي وهي التي ألحقت بالولايات المتحدة الأمريكية أكبر الخسائر البشرية والمادية والتي أسفرت عن أزمة اقتصادية خانقة أرغمتها على تعثر مشروعها والتفكير بجدولة انسحاب مبكر.
السؤال الذي يطرح نفسه هو أين يقبع النظام العربي الحاكم مما يجري في العراق وهل يتجاهل هذا النظام خطورة تفاقم النفوذ الإيراني في العراق ونتائجه على المنطقة وأنظمتها الحاكمة؟ ماذا فعلت الجامعة العربية ومؤسساتها للعراق وهو الذي كان يوما ما يتعهد بدفع رواتبها ونفقاتها لفترة حرجة من مسيرتها؟ ماذا حقق مشروع المصالحة الذي تبنته ومؤتمراتها التي عقدتها من نتائج ولماذا لا تحمل مسؤولية إفشالها للطرف الذي لم يلتزم ببنودها؟ وماذا فعلت دول عربية كبيرة الثقل والتأثير من جهد إقليمي ودولي من أجل العراق؟ ولماذا لا تتحمل هذه الدول حتى أن تسمح للقوى الوطنية المناهضة للإحتلال أن تعقد لها مؤتمراً فيها تعرض فيه وجهات نظرها وتوصياتها للدول العربية وللرأي العام العربي والدولي والعالمي؟. ماذا قدمت الدول العربية (باستثناء الأردن وسورية اللتين تحملتا الزخم الأكبر من موجات المهجرين وتأمين احتياجاتهم) من خدمات وإسهامات ومعونات للعراقيين وللمقاومة العراقية التي تقر القوانين السماوية والدولية بشرعيتها لمجابهة المحتلين؟ أي دعم وإسناد تقدمه اليوم للقوى المناهضة للاحتلال؟.
اليوم أيها العرب بات من الوضوح جدا حجم وخطر النفوذ الإيراني والأحزاب ** الدينية الحاكمة على مستقبل العراق ووحدته وهويته وعلى أمن المنطقة العربية كلها ونظامها الحاكم. إن العراق الذي قدر له أن يكون الحامي للبوابة الشرقية للوطن العربي بحكم جيرته لإيران بحدود تتجاوز الـ1250 كيلومترا والذي أثبت قدرته لحماية هذه البوابة وقدم من أجلها مئات الآلاف من الشهداء لثماني سنوات يتعرض اليوم لأكبر هجمة وردة فعل فارسية تثبت للعالم العربي حقيقة وجود هذه الأطماع فيه وتبرر حربه الطويلة وإذا كانت مصالح بعض الأنظمة العربية قد التقت مع مصالح قوى الإحتلال لاعتباراتٍ معروفة إبان مرحلة الغزو المبكرة فإن الموقف اليوم بعد أن اتضحت هذه الأطماع مختلف جداً ويتطلب أن يقف العرب مجتمعين للدفاع عن العراقيين ووحدتهم وهويتهم سيَّما وأن لديهم معاهدات واتفاقيات مشتركة للدفاع العربي التي كان ينبغي تفعيلها أمام موجات العدوان. إن الإعتبارات الموضوعية للعراق لا تكمن في جغرافيته وثقله السكاني وثروته النفطية فحسب بل تتعداها الى الثقل التاريخي الذي نهض به العراق على مِّر قرون من الزمن كمركز لأكبر دولة إسلامية وعربية موحدة وناهضة وثقل علمي وثقافي ريادي لم ينقطع عطاؤه وإسهامه في التجديد والتحضر والإبداع للأُمة وهو الموصوف بجمجمة العرب.
إذا كانت الإدارة الأمريكية قد اتخذت قرارها بالإنسحاب الشامل كما تعلن وجدولة مبكرة للانسحاب أو بتقليص واسع لتواجدها العسكري في العراق كما مرجح خلال العام المقبل فإن التصعيد الحالي في الفرز الطائفي والتغلغل الإيراني في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ والذي يرافق حملة الإنتخابات القادمة وتزايد عمليات الإقصاء والتصفية والتهديد بالتهجير والقمع والتعسف في التعامل مع القوى الوطنية المناهضة للإحتلال ومحاولة قمع فصائل المقاومة الوطنية التي حققت الإنجاز الوطني والربط بين عملها المقاوم للإحتلال وبين ما يرتكب من جرائم التفجير والعنف والإرهاب ومحاولة الرجوع إلى مشهد التناحر والحرب ** تعدُّ جميعا نُذُرٌ حقيقةٌ ومدعاةٌ لأن يكون النظام العربي الحاكم والجامعة العربية أشد حرصا وأكثر ثقلا واهتماما بالإعداد لموقف حازم قبل فوات الأوان يحول دون التفريط بالعراق؛ وبدون هذا الموقف يكون العرب قد هبطوا إلى أسوأ حالات عدم الاكتراث والمسؤولية القومية والتاريخية وهذا مالا يليق بهم دولاً وشعوباً وحكومات؛ اللهم إني بلغت فاشهد.
08/02/2010
شبكة البصرة
الاثنين 23 صفر 1431 / 8 شباط 2010
[/size]
الى متى يتجاهل العرب خطورة المشروع الطائفي وأحزابه في العراق ؟