ستمائة مركبة حربية مصرية كانت تسعى وراء بني إسرائيل الضعاف المحصورين بين الجبال والبحر، وكانت كل مركبة تحمل رجلين، أحدهما يقودها والثاني يحارب. وكانت هذه المركبات مصنوعة من الخشب أو من الجلد السميك ومثبتة فوق عجلات تجرها الخيل، فكانت هذه هي الدبابات المدرعة، في أزمنة الكتاب المقدس، ولكن مهما كانت قوتها، فإنها لا يمكن أن تقف أمام الله الذي دمر المركبات وفرسانها.
واجه بنو إسرائيل، وهم محصورون أمام البحر، جيش مصر الزاحف عليهم ليقتلهم. وظنوا أن الموت قادم لا محالة. وبعد أن رأوا يد الله القوية تنقذهم من مصر، لم يكن رد فعلهم سوى الخوف والفزع واليأس. أين اتكالهم على الله؟ كان على بني إسرائيل أن يتعلموا من الخبرة المتكررة، أن الله قادر أن يتولى أمرهم. وقد حفظ الله لنا هذه الأمثلة في الكتاب المقدس، حتى نتعلم الاتكال عليه من أول مرة، فبالاستناد على أمانة الله في الماضي، نستطيع أن نتجنب مواجهة الأزمات بخوف وتذمر.
هذه هي أول حلقة في سلسلة التذمرات المتواصلة والشكاوى التي صدرت عن الإسرائيليين. إن عدم إيمانهم بالله، لأمر يدعو إلى العجب! ومع ذلك فكم من المرات نجد أنفسنا نفعل نفس الشيء : نتذمر ونشكو من بعض المتاعب أو الصعاب! كان على بني إسرائيل أن يتعلموا بعض الدروس القاسية. ولو أنهم اتكلوا على الله، لوفروا على أنفسهم الكثير من الأحزان.
كان الشعب غاضبا ويائسا، ولكن موسى حثهم على مراقبة الطريقة العجيبة التي سينجيهم بها الله. كان موقف موسى إيجابيا! فعندما بدا أنهم محاصرون تماما، وكأنهم في مصيدة، دعا موسى الله ليتدخل. وقد لا يطاردنا جيش، ومع ذلك قد نحس بأننا محاصرون في مصيدة. وبينما قد يكون رد فعلنا، في البداية، هو اليأس، فمن الواجب علينا أن نأخذ موقف موسى : "قفوا وانظروا خلاص الرب".
أمر الله موسى أن يكف عن الصلاة ويشرع في العمل! يجب أن يكون للصلاة مكان جوهري في حياتنا، ولكن هناك أيضا مكانا للعمل. أحيانا نعلم ماذا علينا أن نفعل، ولكننا نصلي طالبين إرشادا أكثر كعذر لتبرير تقاعسنا عن العمل. فإذا كنا نعرف ما الذي يجب أن نفعله، فقد آن الأوان للحركة.
لم يكن ثمة سبيل ظاهر للنجاة، ولكن الرب فتح طريقا يابسا في البحر. وأحيانا نجد أنفسنا محصورين في مشكلة ولا نرى طريقا للنجاة. فلا تخف فالله يستطيع أن يفتح طريقا.
يعتقد بعض العلماء أن العبرانيين لم يعبروا البحر الأحمر ذاته، بل عبروا إحدى البحيرات الضحلة أو المستنقعات التي إلى شماله، وهي كثيرا ما تجف في بعض أوقات السنة، ولكن الكتاب المقدس يقرر بوضوح أن الرب جعل البحر يابسة ... "وهكذا انشق البحر ... فكان الماء بمثابة سورين عن يمينهم وعن يسارهم" (14: 21، 22 انظر أيضا يش 3: 15، 16 ؛ 2مل 2: 13، 14). ويعتقد البعض الآخر أن العبرانيين عبروا بحر الحلفاء، وهو موقع به قليل من الماء يقع أيضا إلى الشمال من البحر الأحمر، حيث الماء من الضحالة بحيث يمكن خوضه. ويعتقد البعض أيضا أن البحر الأحمر كان يمتد، في العصور القديمة، شمالا إلى أبعد مما هو عليه الآن. وهذه البحيرات الموجودة الآن هي بقايا امتداد الذراع الغربية للبحر (وتسمى الآن خليج السويس). والخلاصة هي أن الله الذي خلق الأرض والماء، أجرى معجزة عظيمة في الوقت المعين تماما ليظهر قوته العظيمة ومحبته لشعبه.
لم يكتشف دليل على هذا الخروج في السجلات التاريخية للمصريين. وقد كان من عادة فراعنة مصر ألا يسجلوا هزائمهم، بل لقد تمادوا في ذلك فتناولوا السجلات الموجودة وحذفوا منها أسماء الخونة والمعارضين السياسيين. ولا شك في أن فرعون اهتم بصورة خاصة، بألا يسجل أن جيشه العظيم قد هلك وهو يطارد جماعة من العبيد الهاربين. وحيث أن المصريين لم يسجلوا حادثة الخروج، أو أن هذا السجل لم يكتشف حتى الآن، فمن المستحيل تحديد تاريخ دقيق له.
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :
موضوع: رد: خروج (14 / 01 – 31) بنو إسرائيل في البرية (3) الثلاثاء 8 فبراير 2011 - 21:49