الطيارون العراقيون شوكة في خاصرة الأعداء : علي الكاش
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61346مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: الطيارون العراقيون شوكة في خاصرة الأعداء : علي الكاش السبت 12 فبراير 2011 - 15:05
الطيارون العراقيون شوكة في خاصرة الأعداء
علي الكاش كاتب ومفكر عراقي
من المواضيع المثيرة للحزن والتي تحرق فؤاد أي مواطن لديه ذرة من الغيرة والشرف على وطنه وشعبه ودينه، ما تعرض له الطيارون العسكريون في العراق من مآسي بعد الغزو الأمريكي الإيراني الصهيوني للبلد. فهذه النخبة الوطنية إستهدفت بطريقة بشعة رغم ان الطياريين العراقيين لم يكن لهم دورا في الحربين الأخيرتين مع القوات الأمريكية ولم يشكل الطيران العراقي أو ما تبقى منه بعد غزو الكويت أية خطورة على مسار حرب عام 2003 لذلك يمكن إستبعاد نزعة الإنتقام عند قوات الاحتلال من إستهدافهم. لكن هذ لا يعني إن هذه القوات لم تشجع علي تصفيتهم أو إنه عارضت تلك التوجهات العدوانية. هناك أطراف أخرى تخشى من الطيارين العراقيين كبيئة صالحة ذات خبرة عالية ومهارات تقننية يمكن أن تساهم في زرع ونمو طيارين جدد أكفاء. علاوة على الرغبة المسعورة في الإنتقام منهم بسبب دورهم البطولي في الحرب العراقية – الإيرانية، لذلك عمدت تلك الجهات على تصفيتهم بطريقة الوجبات الباردة. فالإنتقام بهذه الطريقة المؤجلة الهادئه يعد من أفضل الوسائل وأنجحها. كما إن الإنتقام بطريقة الوجبات الساخنة مفضوح أمره، ومعروفة أسبابه، مع سهولة تشخيص من يقف ورائه. سبق أن تحدثنا بإسهاب عن موضوع الطيارين العراقين في دراسة مستفيضة نشرت قبل بضعة أعوام في عدد من المواقع بعنوان " غياب الصقور وحضور الغربان، مأساة الطيارين العراقيين 1-2 جزء" والحقيقة إن بعض الكتاب الأفاضل كان لهم شرف الريادة في إثارة هذا الموضوع المهم ومنهم الأستاذ صباح بغدادي، كما أكمل المشوار بعض الزملاء الكتاب، وسكنت الأجواء حتى جاء أعصار ويكيليكس ليثيرها ثانية. لذلك سنقتبس جزءا يسيرا مما كتبناه عن الموضوع لتنشيط الذاكرة وإسعافها بالحقائق المذكورة وربطها بالأحداث الأخيرة. ذكرنا فيها" من البديهي في العلم الجنائي عندما تحقق في نوع محدد من الجرائم المتتكررة الإسلوب والهدف وعلى نفس المسرح, فإن هناك عدد من الحقائق التي تضعها نصب عينيك وقد تساعدك في كشف بعض الملابسات والتعرف على الجناة الحقيقيين، ويمكن حصرها بما يلي:- (اولا) من هي الجهة المستفيدة من قتل الضحايا؟ (ثانيا) ما هي الظروف الزمانية والمكانية للجرائم؟ (ثالثا) ما هو إسلوب تنفيذ الجريمة؟ (رابعا) تحديد الروابط بين الضحايا. (خامسا) تحديد نوع الأسلحة المستخدمة في الجرائم. (سادسا) تحديد دائرة المشتبهين وتضيقها كلما أمكن ذلك. (سابعا) الاستفادة من أية أدلة في موقع الجريمة بما فيها أدوات الجريمة والشهود. (ثامنا) الإستفادة من الناجين من الجرائم السابقة وتثبيت أقوالهم فيما يخص فك بعض الرموز لغرض الإستدلال. (تاسعا) مراقبة الأهداف المماثلة والذين يمثلون مشاريعا لجرائم قادمة. (عاشرا) ما هي ردود فعل المشتبه بهم! فهم غالبا ما يتجنبوا الحديث عن جرائمهم خشية من كشف تورطهم أو تثبت علامات ارتباك أو أية ردود فعل أخرى يمكن رصدها. (حادي عشرا) هل إسلوب تنفيذ الجرائم إحترافي وتخصصي أم يتم بطريقة عادية؟ (ثاني عشرا) الثقة والاعتراف بإنه لا توجد جريمة متكاملة. فالمجرم يعيش في قفص من زجاج مهما كان مستوى ذكائه واحترافه". أول من وجهنا له أصابع الاتهام كان النظام الإيراني، ولم يكن ذلك مجرد إتهام نابع من كراهية لهذا النظام رغم وجود مبررات كافية لتلك الكراهية! بل فائضة وتزيد عن الحاجة! ولكن الحقائق دائما تطفو على السطح مهما حاول البعض ان يتفنن في طمسها. وإذا طبقنا المؤشرات المشار إليها في أعلاه سنصل إلى نفس النتيجة حتما. لنرجع قليلا إلى الماضي القريب ونستذكر بعض الحقائق التي تعتبر مستلزمات اساسية للبحث في طبيعة الاهداف والدوافع الكامنة وراء هذه الجرائم النكراء. منها القسم الحكيمي(نسبة إلى عبد العزيز الحكيم) وهو اليمين الشيطاني الذي قطعه على نفسه أمام وزير الخارجية الإيراني وتبرع به دون أن يطالبه أحد بذلك؟ وقد جاء فيه"أقسم بأننا سنثأر لكلالشهداء الإيرانيين الذين أستشهدوا دفاعا عن الثورة الاسلامية. وسنحصد رقاب كل الذين تجرأوا على إطلاق النار وساهموا في الحرب وقاموا بطلعات جوية خلال الحرب ضد إيران". وهذا القسم واضح المعنى ولا يحتاج إلى تفسير أو تأويل. في سلسة مقالات نشرت قبل عدة اعوام بعنوان( الدور التخريبي الإيراني في العراق1-11 جزء) أشرنا إلى ما ذكره لنا أحد المقربين من عبد العزيز الحكيم. فقد ناشد الأخير- في بداية تشكيل مجلس الحكم العميل- سيده بريمر بالسماح لذراعه العسكري(فيلق بدر) بتصفية حسابات قديمة للمجلس الأعلى مع عدد من كبار البعثيين والقادة العسكريين والطياريين. وقد أعطاه بريمر الضوء الأخضر، مطالبا بأن تتم التصفية بطريقة هادئة لا تثير حفيظة الآخرين! وهذا ما جرى فعلا. لكن الصلافة والعنجهية الفارسية فاضت عن البالوعة لتكشف عن قاذوراتها ورائحتها الكريهة من خلال ترك قصاصات ورق قرب جثث الطياريين تشير بأن قتلهم كان بسبب قصفهم جزيرة خرج الإيرانية خلال الحرب بين البلدين. من جهة أخرى كان المخابرات الأمريكية والأوربية تسرب من حين لآخر أسرارا لأبرز الصحف العالمية تحمل فيها النظام الايراني مسئولية تصفية الطيارين العراقيين. فقد علقت صحيفة( الديلي تلغراف) البريطانية في تقرير لها بأن " العشرات من الطيارين العراقيين الذين شاركوا في الحرب ضد إيران ما بين السنوات 80- 1988 قد تم اغتيالهم على أيدي عصابات من الموالين لإيران أو مأجورين لها". واضافت تقارير أخرى بأن النظام الايراني مازال يستهدف الطيارين العراقيين منها وكالة(يونايتد بريس) نقلا عن مراسلتها باميلا هيس التي صرحت بأن" الحكومة الايرانية ما تزال تحتفظ بقوائم تتضمن أسماء ما لايقل عن(400) شخص لغرض تصفيتهم بينهم قادة عسكرين وطيارين". كما نشرت صحيفة (الصنداي تايمز) تقريرا مفصلا جاء فيه" أنالطبيعة التنظيمية لعمليات الاغتيالات توجه أصابع الاتهام إلى مسئولين في الحكومةالعراقية من الموالين لإيران كجهة أكيدة تقف وراء هذه الاغتيالات". وتروي الصحيفة أيضا في تقريرها المطول قصة قائدين بمستوى رفيع في القوة الجوية العراقية سابقا هما( اللواء الطيار قاسم شالوب) و(اللواء الطيار سعاد بهاء الدين). اللذان أختطفا ومثل بجسديهما قبل وبعد قتلهما من قبل ميليشا مرتبطة بإيران". الحقيقة إن مسلسل الإغتيالات لم يتوقف منذ الغزو لحد الآن لكن بوتيرة أقل عن السابق، ليس لأن فيلق بدر وبقية الميليشيات المرتبطة بالنظام الإيراني قد استفاقت ضمائرهم إن كا نت عندهم ضمائر! أو هناك توجهات جديدة من الولي الفقيه لبراثنه في العراق بالرأفة والكف عن تصفيتهم! بل لأن العديد من" الرقاب المطلوبة قد قطعت" كما وصفها الحكيم في قسمه. والمتبقي منها فرًت من الوطن السائر في طريق التفرس. والدليل على صحة كلامنا إنه خلال شهر شباط الحالي أغتيل في منطقة الغزالية العقيد الطيار (ثامر كامل) أحد أبطال القادسية الثانية مع إبنه البالغ من العمر خمس سنوات أمام منزلهما. لم يكلف الإعلام الوطني كما يسمي نفسه، أو حكومة دولة القانون كما تسمي نفسها، الكشف عن هذه الجريمة! فالإعلام العراقي كالكلب الأمين الحارس لسياج الحكومة! كا إن الحكومة ايرانية الهوى قلبا وقالبا وهي لم ولن تحقق في جريمة أغتيال أي طيار منذ اول جريمة حدثت ولغاية اغتيال العقيد ثامر كامل مؤخرا. ونتحدى حكومة دولة القانون بالكشف عن نتيجة تحقيق واحد فقط؟ كما نتحدى القضاء العراقي بأن يعلن للملأ حكما واحدا أصدره بإدانة متهم بجريمة أغتيال طيار عراقي. المثير في الأمر إن المسئول الأول عن هذه الجرائم (هادي العامري - ضابط في الحرس الثوري الايراني) قد كرم من قبل المالكي بمنصب وزير في الحكومة الحالية! لم لا؟ وقد إنتخبه الشعب العراقي الوفي لأبطاله وشهدائه للمرة الثانية كنائب في البرلمان الجديد! أي تبعية وولاء عجيب للولي الفقيه في عراقنا المحتل؟ ولاء أعمى لا تجد مثيله حتى في بلاد فارس نفسها! لنضع هذه المسألة جانبا في الوقت الحاضر ونعرج على غيرها، فالحديث ذو شجون ولنركز على نقطة منطقية مهمة وهي إن المؤامرة الصفوية لم تلحق الطيارين وبقية العسكريين في حياتهم فحسب بل إستمرت بعد وفاتهم! فقد جردت عوائلهم من كافة الأمتيازات السابقة بأمر من الوزير الإيراني الجنسية باقري صولاغي - وزير المالية السابق – وبمباركة فاتيكان النجف الذي اعتبر الشهداء ( قتلى حرب)! بعد أن ألغى الشهادة كفريضة سادسة وإحلً محلها الشحاذة (الخمس). الزوبعة التي أثارها موقع ويكيليكس بنشر أحدى الوثائق السرية الأمريكية بشأن الجهة التي تقف وراء أغتيال الطيارين العراقيين ليست بمفاجأة للعراقيين! فهم أعرف من غيرهم بالمخططات الخبيثة لنظام طهران ومدى كراهيته وحقده المزمن على العراق. لذلك فإن أهميتها تنحصر في الجانب التوثيقي فقط. فالموقع نفسه أشار الى نفس المضمون بوثيقة نشرها عام 2005 حول طبيعة تعامل قوات الغزو الأمريكي مع جيش المهدي. جاء فيها بأن القوات الامريكية قررت تعليق فكرة التعامل مع جيش المهدي كخصم، وعدم التعرض له إلا في حالة الدفاع عن النفس. ونفت الوثيقة الحاجة الى موافقة وزير الدفاع لمتابعة وملاحقة الطيارين العراقيين والإرهابيين لأن هناك من يقوم بهذه المهمة نيابة عنهم! في إشارة واضحة بأن إدارة الغزو تعرف جيدا الجهة التي تقف وراء هذه الإغتيالات، بل هي تبارك تلك الجرائم والجهة التي تنفذها بالنيابة. كما إن عدد الشهداء الطيارين الذين طالتهم أيادي الغدر الفارسي وفق إحصائية لوزارة الدفاع العراقية يتطابق مع العدد الذي ورد في وثيقة ويكيليكس الأخيرة. فقد ذكرت الإحصائية بأن عدد الضباط القادة فقط - ما عدا الضباط الأعيان - الذين اغتيلوا من الجيش الوطني السابق بحدود(416) ضابطا. وعدد الطيارين (182) لغاية شباط من عام 2006، وجميعهم ممن شاركوا في الحرب العراقية الايرانية، وكان لهم دورا مشرفا في معارك المصير. كما فرً ما لايقل عن(800) طيار وأضعافهم من القادة العسكريين الى خارج العراق هربا من أذرع الأخطبوط الإيراني. وجاء في وثيقة ويكيليكس الأخيرة بأن "الجمهورية الأيرانية شنت حملة منظمة لإغتيال الطيارين العراقيين ممن شاركوا في قصف اهداف إيرانية خلال الحرب بين البلدين وقتلت(180) طيارا". وكشفت محطة (abc ) عن فقرة من برقية للسفارة الأمريكية في العراق جاء فيها بأن" إيران تشنً حملة هادئة وفاعلة للثأر من الطيارين العراقيين الذين قصفوا أراضيها خلال حرب الثماني سنوات" وهذا يؤكد صحة شهادة مصدر معلوماتنا عن طلب الحكيم بتصفية الطياريين، واليمين الذي أقسمه بتصفيتهم، ونفذه بهدوء لمصلحة النظام الإيراني. الطيارون العراقيون كما هو معروف لم يقوموا بفعاليات قتالية ضد فيلق بدر، شأنهم شأن قادة القوات البرية والبحرية لكي يثأر منهم الفيلق! وهذا يعني بأن أوامر تصفية الطيارين جاءت من النظام الإيراني مباشرة! وإلا ما شأن فيلق بدر أصلا بجزيرة خرج؟ اللهم إذا انطلقنا من حقيقة أخرى وهي إن الحكيم وذراعه العسكري هم مواطنون إيرانيون بالدرجة الأولى، وفي تصفيتهم للطيارين العراقيين ثأر لموطنهم الأصلي إيران. في مقال للكاتب المعروف(روبرت فيسك) عبر عن إستغرابه - ربما جهلا أو تجاهلا - بالقول " لا أحد يستطيع أن يعرف من المسؤول عن مقتل 191 أستاذا جامعيا منذ الغزو عام 2003؟ولا من المسؤول عن مقتل 50 طيارا حربيا عراقيا شاركوا في الحرب ضد إيرانبين عامي 1980ـ 1988 خلال السنوات الماضية". إظن الأجابة أمست واضحة لروبرت فسك وغيره! وإن كان في إعتقادنا بأن كاتبا ذائع الصيت ومحلل ستراتيجي على قدر كبير من الأهمية، إضافة لقربه من صناع القرار في الولايات المتحدة الامريكية، يجهل فعلا الجهة المسئولة عن تصفية الطيارين العراقيين! أما مسئولية قتل علماء العراق، فأن هناك تنسيق واضح بين النظام الإيراني والكيان الصهيوني فكلاهما يضمر الشر للعراق وشعبه. وللمزيد يمكن مراجعة دراستنا عن هذا الموضوع(عمامة الملالي وطاقية اليهود، وحدة الإستراتيجية و إختلاف التكتيك 1-6 أجزاء). كما نجد من الصعوبة هضم العدد(50 طيارا) الذي أشار إليه فيسك فيما يتعلق بمن تمت تصفيتهم وكذلك عدد العلماء والأكاديمين (191) الذين ذكرهم. لأن الوثائق الأمريكية نفسها تشير إلى رقم آخر وهو (5000) شخص. وإذا أفترضنا سلامة النيه عند فيسك وهو أمر يتنافى مع الدقة التي يتطلبها البحث والتحليل، فإننا نأمل بأن يصحح معلوماته هذه المرة! لأن تلافي التصحيح يعني دخوله في دائرة المشبوهين ويسقط منه سلامة الموقف والحياديه والنزاهة تجاه ما يجري في العراق المحتل.
علي الكاش
الطيارون العراقيون شوكة في خاصرة الأعداء : علي الكاش