الاية/17...37 الأحد السادس من زمن السنة : Mt 5,17-37 تعليق على الإنجيل القدّيس إيريناوس اللِّيونيّ (نحو 130 - نحو 208)، أسقف ولاهوتيّ وشهيد ضدّ الهرطقات، الجزء الرابع
الشريعة الراسخة في قلوبنا
توجد تعاليم طبيعيّة للشريعة ترسي بحدّ ذاتها العدالة؛ حتّى قبل الشريعة التي أرسلها الله لموسى، كان الناس يتقيّدون بهذه التعاليم، وقد تبرّروا بفضل إيمانهم وكانوا يروقون الله. لم يلغِ الربّ هذه التعاليم، لكنّه وسّعها وجعلها كاملة. وهذا ما يثبته هذا الكلام: سمعتم أنّه قيل: لا تزنِ. أمّا أنا، فأقول لكم: مَن نظر إلى امرأة بشهوة، زنى بها في قلبه (متى5: 27-28). وسمعتم أنّه قيل للأوّلين: لا تقتل، فإنّ مَن يقتل يستوجب حكم القضاء. أمّا أنا، فأقول لكم: مَن غضب على أخيه استوجب حكم القضاء (متى5: 21-22)... والكثير غير ذلك. وهذه التعاليم لا تناقض التعاليم السابقة ولا تلغيها، بل هي تكمّلها وتزيدها. هذا ما قاله الربّ: "فإنّي أقول لكم: إن لم يزد برّكم على برّ الكتبة والفرّيسيّين، لا تدخلوا ملكوت السموات (متى5: 20). ما هي تلك الزيادة؟ إنّها أوّلاً الإيمان ليس فقط بالآب، بل بالإبن الذي تجسّد لأنّه هو مَن يقود الإنسان إلى الشركة مع الله والاتّحاد به. ثانيًا، هي ليست بالأقوال فقط، بل بالأعمال "لأنّهم يقولون ولا يفعلون" (متى23: 3)... وبالحذر لا من الأعمال السيّئة فحسب، بل من شهواتهم أيضًا. لم يناقض الربّ الشريعة من خلال هذه التعاليم، بل كان يحقّقها ويرسّخها في داخلنا. إنّ الدعوة إلى الابتعاد لا عن الأعمال التي تحرّمها الشريعة فحسب بل أيضًا عن الرغبة فيها، لا تشير إلى تناقض مع الشريعة أو إلى إلغاء لها؛ إنّها دعوة إلى إتمامها وإلى زيادتها.
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :