وأَتَوهُ بِأَطفالٍ لِيَضَعَ يَدَيهِ علَيهم، فَانتَهَرهُمُ التَّلاميذ. ورأَى يسوعُ ذلك فاستاءَ وقالَ لَهم: «دَعُوا الأَطفالَ يأتونَ إِليَّ، لا تَمنَعوهم، فَلِأَمثالِ هؤلاءِ مَلَكوتُ الله. الحَقَّ أَقولُ لَكم: مَن لم يَقبَلْ مَلكوتَ اللهِ مِثْلَ الطِّفل، لا يَدخُلْه». ثُمَّ ضَمَّهم إِلى صدرِه ووَضَعَ يَديهِ علَيهِم فبارَكَهم. السبت السابع من زمن السنة : Mc 10,13-16 تعليق على الإنجيل الطوباويّ غيريك ديغني (حوالى 1080 - 1157)، راهب سِستِرسيانيّ العظة الأولى عن التجسّد
"مَن لم يَقبَلْ مَلكوتَ اللهِ مِثْلَ الطِّفل، لا يَدخُلْه"
لأنّه قد وُلدَ لَنا وَلَدٌ وأُعطِيَ لَنا ابنٌ (أش9: 5): إله العظمة، واضع نفسه وجعل نفسه شبيهًا ليس بجسد البشر الأرضي وحسب، إنّما عاش عمر الطفولة المليء بالضعف والبساطة. يا لها من طفولة سعيدة، ضعفها وبساطتها أقوى وأكثر حكمةً من كلّ البشر! لأنّ " قُدرَة الله وحِكمَةُ الله" (اقور1: 24) يكمّلان بالحقيقة عمله المقدّس من خلال واقعنا الإنساني. أجل، إنّ ضعف هذا الطفل الصغير تغلّب على "سَيِّد هذا العالَمِ"، إذ كسر روابطنا وحرّرنا من أسرنا. إنّ بساطة هذا الطفل التي تبدو صامتة ومجرّدة من الكلام "فَتَحَت أَفْواهَ الخُرْس وأَوضحَت أَلسِنَةَ الأَطْفال" (حك10: 21)، إذ جعلتهم يتكلّمون "بلُغاتِ النَّاسِ والمَلائِكة" (1قور13: 1)... يبدو هذا الطفل جاهلاً، لكنّه "هو الَّذي يُعَلِّمُ البَشَرَ المَعرِفَة" (مز94(93): 10)... معرفة الله وكلمته. أيّتها الطفولة الهادئة، أنت التي تعيدين البراءة الحقّة للبشر، والتي بفضلها يستطيع كلّ إنسانٍ مهما بلغ من العمر أن يعود إلى طفولة بريئة ويتشبّه بك، لا بصغر الأعضاء، بل بتواضع القلب والسلوك الهادئ! بالتأكيد، أنتم أبناء آدم، أنتم الذين ترون أنفسكم كبارًا جدًّا... "إِن لم تَرجِعوا فتَصيروا مِثلَ الأَطفال، لا تَدخُلوا مَلكوتَ السَّمَوات" (متى18: 3). لقد قال هذا الطفل الصغير: "أَنا الباب فمَن دَخَلَ مِنِّي يَخلُص يَدخُلُ ويَخرُجُ ويَجِدُ مَرْعًى" (يو10: 9). إن لم تنحني قامات البشر المرتفعة، لن يدعهم هذا الباب المتواضع يدخلونه.
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :