إنجيل القدّيس متّى/9

فَدَنا إِليه تَلاميذُ يُوحنَّا وقالوا لَه: «لِماذا نَصومُ نَحنُ و الفِرِّيسيُّون و تَلاميذُكَ لا يَصومون؟»
فقالَ لَهم يسوع: «أَيَسْتَطيعُ أَهْلُ العُرسِ أَن يَحزَنوا ما دامَ العَريسُ بَيْنَهُم؟ ولكِن سَتَأتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعْ العَريسُ مِن بَيْنِهم، فَحينَئذٍ يَصومون.

يوم الجمعة بعد أربعاء الرماد : Mt 9,14-15
تعليق على الإنجيل
البابا بِندِكتُس السادس عشر
رسالة الصوم 2009

"فحينئذ يصومون"

في العهد الجديد، أظهر يسوع السبب الأساسي للصوم...: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله" (متى4: 4). هدف الصوم الحقيقي هو إذاً أكل "الطعام الحقيقي"، الذي يكمن في عمل مشيئة الآب (يو4: 34). إن كان آدم قد تمرّد على أمر الربّ بعدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشرّ (تك2: 17)، فالمؤمن يفهم في الصوم الخضوع لله باتّضاع، مسلّمًا نفسه لمحبّته ورحمته...
في أيامنا هذه، يبدو وكأنّ ممارسة الصوم فقدت شيئًا من قيمتها الروحيّة، ووسط ثقافة مطبوعة بالبحث عن الراحة المادّية، اتخذت إلى حدّ ما قيمة ممارسة علاجيّة للعناية بالجسد. لا شكّ في أن الصوم مفيد لصحّة الجسد، لكن بالنسبة إلى المؤمنين، هو في الدرجة الأولى "علاج" لشفاء كلّ ما يمنعهم من الامتثال لمشيئة الله...
في الصوم والصلاة، نسمح للمسيح بأن يأتي ويشبع جوعًا أعمق نختبره في داخلنا: الجوع والعطش لله. في الوقت نفسه، يساعدنا الصوم أن نعي الواقع الذي يعيشه الكثير من إخوتنا. في رسالته الأولى، حذّر القدّيس يوحنّا قائلاً: "من كانت له خيرات الدنيا ورأى بأخيه حاجة فأغلق أحشاءه دون أخيه فكيف تقيم فيه محبّة الله؟" (1يو3: 17). الصوم بملء إرادتنا يساعدنا على اتّباع مثل السامري الصالح الذي انحنى وهبّ لمساعدة أخيه المتألم (لو10: 29). في الاختيار الحرّ للامتناع عن شيء ما من أجل مساعدة الآخرين، نُظهر بطريقة ملموسة أنّ القريب الذي لديه مشاكل ليس غريبًا عنّا. من أجل المحافظة على سلوكيّة الاستقبال والانتباه تجاه أخوتنا، أشجّع الرعايا وكلّ الجماعات على تكثيف ممارسة الصوم الشخصي والجماعي في زمن الصوم، من خلال تطوير الاستماع إلى كلمة الله، والصلاة والصدقة. شكّل ذلك منذ البدء خصوصيّة حياة الجماعات المسيحيّة.