يحكى ان اعرابيا كان قد اقسم ان يبيع جمله بدينار، لكنه ندم على قراره لأنه صعب عليه ان يبيع جمله بهذا الثمن البخس، في حين كان ثمن الجمل آنذاك مائة دينار. لذلك حاول ذلك الاعرابي عبثا ان يتملص من قسمه لأنه لم يجد من يساعده بفتوى تعفيه من تبعات القسم.
وفي احد الأيام كان ذلك الاعرابي يقص قصته على احد اصدقائه النبهـاء.
فقال له صديقه: لا عليك، يا صديقي، انا اخلصك من تبعة قسمك، ان شاء الله.
فقال له الاعرابي: وكيف اتخلص من قسمي الذي ارتبط به امام الله؟
قال له الصديق: اذهب الى السوق واشتري لك قطة واربطها على ظهر الجمل ونادي: من يشتري جملي هذا: الجمل بدينار والقطة بمائة دينار، شرط ان يشتري الاثنين معا.
ففرح الاعرابي كثيرا وفعل بمشورة صاحبه وتجاوز محنته.
قرائي الأعزاء،
كما تعلمون، انا لست "حكواتيا، ولست ماهرا في سرد الحكايات وروايتها، غير اني حكيت لكم هذه الحكاية التي قد سمعتها من زمن بعيد، كونها تنطبق على ما يجري في عراق اليوم المبتلى بالاحتلال وبالتعسف الأمريكي وتعسف من جاء على ظهر الدبابات الأمريكية، او جاء يلهث وراءها، او انه نزل الى الساحة العراقية المحتلة بعد الاحتلال مباشرة، لكي يستلم حصته من الهريسة، او يشتري هو الآخر دكة او كرسيا في العراق المدمر الذي سمي بالعراق الجديد.
غير ان البائع هنا ليس اعرابيا ساذجا تتعقد عليه الأمور، لمجرد قسم اقسمه او وعد اعطاه لهذا او ذاك من الناس، ولا يحتاج الى فتوى ضميرية او اخلاقية، حتى ولا فتوى سياسية، ليعمل كما يحلو له، بما يملكه وبما لا يملكه، لأن هذا البائع لا تهمه المسألة الأخلاقية اصلا.
كما ان المشتري هو الآخر لا يشبه أي مشتر شريف آخر ينزل للسوق لكي يشتري بضاعة حلالا بمال حلال. فالبائع المحتل يبيع ما لا يملكه والمشتري يشتري بضاعة يعرف انها مسروقة من اصحابها الشرعيين وأنها مسلوبة عن طريق القوة المسلحة الغاشمة، كما ان ما يدفعه المشتري من ثمن لا يعود اليه، وانما هو ملك شرعي للعراق وللعراقيين، باستثناء ثمن آخر يدفعه وهو يعود اليه حقا، الا وهو الشرف والكرامة التي يبذلها مقابل ما يعطى له من ارباح وامتيازات. فهو يشتري بثمن باهظ حقا امورا لا تساوي شيئا كثيرا.
اما اذا اردنا ان نعرف طبيعة هذا البائع الغشاش السارق وتاريخه فما علينا سوى ان نتذكر ما فعله اسلافه بالهنود الحمر المساكين، وكيف انه ابادهم عن بكرة ابيهم تقريبا وكيف انه نهب ثرواتهم الطبيعية والفنية وكل شيء ثمين كانوا يملكونه مقابل حلي زجاجية مزيفة، وكيف ينهب الآن ثروات شعوب مقابل حماية مزيفة، ليس لهذه الشعوب بل لحكامها الخاضعين للابتزاز والمكبلين بسلاسل المعاهدات ال لا اخلاقية وال لا شرعية، في حين انه يرفع هراوته بوجه كل من يحاول التملص من بعض التزاماته المفروضة عليه جورا.
من هنا نكرر ونقول
ان البائع ليس اعرابيا باع جمله بالطريقة المذكورة، بعد ان ضاقت به السبل الاعتيادية بسبب قسم اقسمه، لكنه الأمريكي المحتل الخبيث الذي ظهر لنا محتلا براغماتيا وميكيافليا لا يخاف من الله ولا يستحي من البشر، وهو ابن العولمة الشريرة المتحلل من أي نوع من القيم الأخلاقية والإنسانية وحتى الدينية منها. لذلك يعرف هذا البائع كيف يحقق مصلحته بكل الوسائل، حتى وان كانت هذه الوسائل غير شريفة، علـى امل انه ينجح في مسعاه ويبيع بضاعته دون عناء يذكر، طالما يوجد هناك من هو مستعد ليشتري ويحقق مصلحته الذاتية عن طريق مقايضة شريرة، في حين تكون مثل هذه المقايضات دائما خيانات وطنية عظمى.
وفي الحقيقة نجد ان البائع الشرير الماكر والعدواني لا يكتفي ببيع بضاعته المسروقة في السوق السوداء، لكنه يبيع هذه البضاعة بشروط تعسفية وغير اخلاقية مدعومة بقوته العسكرية الشريرة. فالإعرابي المذكور لم يكره احدا على شراء جمله، وانما كان همه الوحيد هو التملص من قسمه الطائش، في حين نجد جميع الشروط التي يضعها المحتل الأمريكي على من يقبل ان يتعامل معه شروطا ظالمة تفتقد الى العدل واحترام حقوق الناس وكرامتهم وأملاكهم وأرواحهم، لمجرد انه يرى بأن احدا لا يستطيع ردعه عن عدوانه، حتى ولا الأمم المتحدة الجبانة نفسها، لاسيما ان هذا المحتل الفاقد للقيم وللمشاعر الانسانية لا تهمه كثيرا دماء العراقيين وآلامهم.
من جهة ثانية
يلاحظ المراقب بحسرة كبيرة ان ما باعه المحتل لجميع العراقيين من مشاركة سياسية ومن استقلال وسيادة وكراسي حكم وديمقراطية لم يكن بضاعة حقيقية لها قيمة تستحق ان يضحي الانسان من اجلها، ولكنها كانت بضاعة مغشوشة وفاسدة، مثلما يشتري انسان عملة ذهبية لا تكون في الواقع غير عملة نحاسية مطلية بماء الذهب ليس الا، او يشتري قطعة ماسية لا تكون في حقيقتها غير قطعة زجاجية عديمة الثمن، او ربما نشبه ما اشتراه البعض من المحتل بتلك الأجهزة التي اشترتها الحكومة العراقية ثم ظهرت على حقيقتها، اجهزة لا تكشف عن شيء.
ولكن،
وعلى الرغم من ان البائع الأمريكي كان غشاشا ومحتالا وبائعا لمسروقات عراقية ولغنائم حرب غير شرعية، في زمن يقال فيه ان غنائم الحرب محرمة دوليا، فان البائع الشرير قد استغل حاجة المشتري العراقي الذي اضاع بوصلته الأخلاقية هو الآخر، ولم يعد يعرف كيف يتصرف، بعد اليأس الذي اصابه من العودة الى الحياة الطبيعية. فقد عمد المحتل الشرير المدجج بالسلاح الى وضع شروطه التعسفية القاسية والظالمة على كل الزبائن الذين كانوا مستعدين للتعامل معه وللشراء منه. اما هذه الشروط فكانت عبارة عن املاءات تعسفية، غالبا ما كانت تصاحبها انذارات اخيرة Ultimatum مصحوبة بالتهديد من قبيل عليك .. وعليكم.. وإلا... وإلا راح يجيك الواوي وراح يجيك الذيب، أي سوف يأتيك الثعلب ويأتيك الذئب، كما حصل ذلك خاصة عندمـا طلب المحتل من المسؤولين العراقيين الفاقدي الارادة ما يسمى بالاتفاقية الأمنية.
وهكذا كان لسان حال المحتلين، قبل الاحتلال، يقول للعراقيين: اذا كنتم تريدون رفع الحصار عنكم، واذا كنتم لا تريدون ان نحتل بلدكم فاستسلموا لإرادتنا بشكـل كامل واعملوا ما نطلبه منكم. فقد كان المجرمون الدوليون، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وبمباركة من الأمم المتحدة، مع الأسف الشديد، يبيعون لنا بثمن باهظ جدا حريتنا وأمننا وحقوقنا الانسانية التي لا تقبل التصرف، هذه الحقوق التي كانوا قد سلبوهـا منا اصلا، بدون وازع من ضمير او من قانون اخلاقي. ولذلك لم يكن بمقدور أي عراقي شريف وأي مواطن حقيقي ان يهب لهم هذا الثمن الباهظ، حتى لو كان رئيس جمهورية، فكانت النتيجة الاحتلال الذي كان سوف يأتي مهما كلف الأمر.
أما بعد الحرب مباشرة،
وبعد ان صار كل شيء بيد المحتلين، باستثناء المقاومين الشرفاء للاحتلال، فقد كان لسان حال المحتلين يقول: اذا كان العراقيون يريدون ان يبنوا عراقهم من جديد فما عليهم سوى ان يخضعوا للأمر الواقع وان يدخلوا العملية السياسية الأمريكية، هذه العملية التي لم تكن سوى الصفحة الثانية من صفحات الاحتلال، وهي صفحة تسليم دفة حكم العراق بيد سماسرة ووكلاء المصلحة الأمريكية وأجندتها، كما تفعل امريكا في كل بلد تحتله او تساعد على قيام تغيير فيه.
اما دخول العملية السياسية، في هذه المرحلة، فكان له ثمن باهظ ايضا، على الصعيد المادي والسياسي والأخلاقي.
من ذلك
انه كان على من يريد ان يدخل العملية السياسية هذه ان يخضع لعملية تخدير الضمير والمشاعر الوطنية، لكي لا يشعر بأي وخز ضمير جراء خيانته الوطنية وتعاونه مع المحتلين في تدمير بلده، ولكي يستطيع ان يرى الاسود ابيض وان يصدق بأن يوم تدمير العراق هو يوم تحريره،
وان يوم احتلال بغداد يستحق ان يصير عيدا وطنيا،
وأن ترفع من علم العراق كل رموزه الوطنية والقومية والإسلامية، لكي يبقى هذا العلم ابيض خاليا من أي شعار له معنى وقيمة حقيقية وقوة مؤثرة كما هو شأن كل الرموز الانسانية.
فضلا عن ذلك كله يطلب المحتل ثمنا من كل من يدخل العملية السياسية بان يساعد المحتل في اغتصابه لحقوق العراق التي لا تقبل التصرف، وهو ما يعبر عنه المحتل بواجب مكافحة *** التعسفي، والذي يفسره المحتل بحسب مزاجه وبحسب مرحلة الاحتلال التي يصل اليها،
هذه المكافحة التي ليست في الواقع سوى مكافحة العروبة والإسلام الذي يسند هذه العروبة ويدعمها، وهي مكافحة لكل جهة لا يرضى عنها الأمريكان وتعاون مع اية جهة يقبلها المحتل الأمريكي الشرير. كما كان على من يدخل العملية السياسية ايضا، ان يقبل بالانتخابات التي اجريت في ظل الاحتلال المباشر ويقبل بالدستور الذي صمم من اجل استمرار المحتل في احتلاله، وفي لعبه بمقدرات بلدنا العراق، وتشكيل هذا البلد المعتدى عليه على هواه وحسب مصلحته، سواء كان ذلك بشكل مباشر ام غير مباشر، فصار هذا الدستور المصمم بشكل تآمري الأداة الشرعية لتحقيق رغبات المحتل وأعوانه الذين حصلوا على امتيازات دستورية غير شرعية ناتجة عن رغبة المحتل وليس عن اية رغبة اخرى، بمثابة مكافأة على تعاونهم وليس كحق يستحقونه، او رفعا لمظلومية حقيقية كانوا يشكون منها، في حين كان جميع من يشكو من مظلومية هو البادئ بالظلم، والبادئ اظلم، كما يقال.
اما مع مجيء السيد اوباما الى الحكم، فيفترض سلفا ان كل من يريد ان يبقى في كرسي الحكم او يصل اليه ان يقبل بالمعاهدة الأمنية سيئة الصيت فضلا عن قبوله بمجمل العملية السياسية ونهجها واعترافه بالدستور الجائر الذي وضعه الأمريكان وفرضوه على العراقيين بشكل تعسفي لا يقل تعسفا عن حربهم القذرة على بلدنا، ويقبل بنتائج الانتخابات وبكل ما تفرضه مصلحة المحتل على العراقيين من تعسف وظلم، كان يجب ان يكون مرفوضا من العالم كله، ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين.
اما بيت القصيد الذي يبدو ان المحتل لا يريد التنازل عنه تحت أي ظرف كان، فهو ان يتنازل العراقيون، ليس فقط عن سيادتهم، وليس فقط عن انظمتهم السياسية التاريخية التي سالت دماء من اجل توطيدها، ولكن يكون عليهم ايضا ان يتنازلوا عن شريان الحياة الذي وهبهم اياه الله: الا وهو شريان النفط والغاز وسائر الثروات الطبيعية الأخرى، ويتراجعوا عن قرار التأميم الخالد لكي تعاود الشركات الغربية نهبها لثروات العراق من جديد، تحت ذريعة ان العراقيين لم يعودوا يملكون القدرة على تطوير انتاجهم من البترول، دون ان يتساءل احد عن السبب الحقيقي الذي اوصل العراقيين الى هذا المستوى من العجز، ودون ان يفكر احد بمطالبة المعتدي المحتل بتعويض ما دمره من امكانيات عراقية تعويضا عادلا.
من هنا، يحق لنا، نحن العراقيين ان نتساءل ونقول:
ترى هل ان الصراع على الحكم بين العراقيين هو من اجل الوصول الى السيادة الحقيقية وحرمان المحتل من امكانية سرقة ثرواتنا وسرقة ارادتنا الحرة وإعادتنا الى القوة والمنعة التي كنا نتمتع بها، وربما اكثر من ذلك، ام ان الكراسي صارت وسيلة يشتريها السياسيون من المحتل الأمريكي بأي ثمن، لكي يصلوا من خلال هذه الكراسي الى المكاسب غير الشرعية الكثيرة التي يمنحها المحتل للقابلين بهيمنته وتعسفه، بحجة انقاذ العراق من ***يين او من السياسيين الدينيين او من المد الايراني الذي صار في ايامنا بديلا للمد ***ي او رديفا له، وصار بديلا للمد الشيوعي في اواخر الخمسينيات من القرن المنصرم، والذي كافحه العراقيون اصالة عن نفسهم، لكونه مدا دخيلا على حياة العراقيين، ونيابة عن الغرب الرأسمالي. اترك الجواب للقارئ اللبيب.
اما من جهتي فأرى ان جميع الذين يتصارعون على كراسي مجلس النواب اليوم ليسوا مصلحين ولا منقذين من مأزق ولا اناس يقودون العراق الى بر الأمان، ولكنهم، اما مرتزقة، همهم الأول هو الكرسي، وما يدره عليهم من فوائد، او انهم دخلوا العملية السياسية ليعملوا انقلابا على المحتل من اجل أيديولوجيتهم الخاصة وأحزابهم ** او القومية، بعد ان رشوا المحتل ببعض المكاسب التي اعطوها من جيب العراق وليس من جيبهم الخاص.
وهكذا نزل الجميع الى سوق الاحتلال السوداء ليشتروا من المحتل الأمريكي ما لم يعد ينفعه، وما لم يعد ممكنا ان يحتفظ به، في ظروف عالم اليوم السياسية، وكل يغني على ليلاه، وكل لا يهمه الحسين، بل تهمه الهريسة لا غير. غير ان الشراء من المحتل ليس كالشراء من أي مكان آخر، في كثير من اوجهه، ومن ذلك يكون على المشتري ان يدفع العربون مقدما، لكي يبرهن على حسن نيته وعلى استعداده الصادق للشراء بشروط البائع، مهما كانت تعسفية.
اما هذه المقدمة او العربون فتأتي على شكل وعود وتصريحات يعلن المشتري من خلالها عن الثمن الذي يقبل ان يدفعه للبائع، كما يكون مطلوبا من المشتري ان يعرف نفسه تماما للبائع من خلال ظهوره على شاشات التلفزيون او من لقاءاته المكوكية مع البائع، سواء كان ذلك في عاصمته ذاتها او كان ذلك في بلاد المشتري.
والملاحظ ان البائع لا يلجأ الى عملية التسليم الفوري للبضاعة. فهو يستلم العربون ويعطي صكا بالاستلام يكون مكتوبا فيه بأن البائع يقدم بضاعته لمن يعطيه اكثر، لكنه ليس ملزما بأعلى العطاءات دائما، في حين يكون البائع بهذه الطريقة قد ضمن زبائن لبضاعته المسروقة.
غير ان هناك شروطا اكثر خبثا ودهاء من الشروط المذكورة، على الرغم من جسامتها ولا شرعيتها. فالمحتل الأمريكي والبريطاني وغيرهما، فضلا عن الأمم المتحدة، قد تورطوا جميعا في جريمة ابادة للجنس البشري وبتدمير شامل للعراق في كافة المجالات الحيوية المادية والروحية. اما هذا التورط الاجرامي فأعظم وأقسى من تورط الاعرابي بالقسم كثيرا. فاذا كانت فتوى بسيطة وذكية قد ساعدت الاعرابي على التحلل من قسمه فان تخليص المحتلين، وعلى رأسهم المجرمين الأمريكان، من تبعة اجرامهم، لا يمكن ان يحدث بالسهولة التي يظنها البعض، اذ ليس الخروج من الحمام مثل دخوله، كما يقول اخوتنا المصريون.
لذلك نعتقد، نحن المراقبين الأخلاقيين، بان السيد اوباما يتوهم كثيرا ان حسب ان القوة التي يملكها بيده قادرة، في نهاية المطاف، على ان تخلصه من تبعات الجرم الذي ارتكبه سلفه، هذا الجرم الذي يشارك فيه السيد اوباما مشاركة تامة من اوجه كثيرة. فقد يستطيع السيد اوباما، عن طريق العنف والقوة المسلحة، وعن طريق الكذب والتضليل، وعن طريق الرشاوى الكثيرة وعن طريق سد آذانه لصوت الحق والحقيقة ان يضع على رأس العراق حكومة تعفيه من تبعات جريمة دولته، لكننا نعتقد ان حق الشعوب المظلومة يصرخ الى الله، كما يقول الكتاب المقدس، وأن العدالة يجب ان تأخذ مجراها ويعود الحق الى اصحابه كاملا غير منقوص.
وبما اننا نؤمن بالإنسان العراقي، ونعرفه حق المعرفة، ربما اكثر بكثير من طغاة العالم، ومنهم السيد بوش والسيد اوباما، كما نؤمن بان الحق لا يضيع ما دام وراءه مطالب، مهما قالت كومبيوترات السادة في البيت الأبيض وخارجه، فإننا نعتقد بان يوجد من يثأر للعراق ولأهله الثأر الذي يستحقه الظالمون، اذا اصر المحتل على مواقفه الرافضة للحق الذي يطالب المعتدين بالانسحاب وبالتعويض العادل للشعب العراقي ودولته، وليس لحفنة من مرتزقة يقومون اليوم بتمثيلية مضحكة ومبكية، يوهمون الناس من خلالها انهم اسياد في بلدهم ينتخبون ويُنتخبون، وفق قواعد سلمية ومنطقية يتفق عليها جميع العراقيين ويقرونها بحرية تامة، بعيدا عن التعسف والإرهاب الأمريكي، وإرهاب اعداء الهوية العراقية، بأبعادها الحقيقية، وليس كما يريدها الغرباء عن هذه الهوية وأعداؤها.
وبما اننا نعرف ماذا يوجد في بلدنا من خير وشر فإننا نحمد الله على ان المطالبين بحق العراق المنكوب والمظلوم ليسوا اقلية على ما نعتقد، والسيد اوباما وخبراؤه يعرفون هذه الحقيقة، مثلما يعرفها كل الشعب العراقي. لذلك نرى ان اهمال الوجود المقاوم بشتى اشكاله هو خدعة للذات قبل ان يكون خدعة للآخرين، وهو خدعة مشابهة لخدعة النعامة التي تدس رأسها في الرمال لكي لا يراها الصياد.
من هنا نقول للسيد اوباما بأنك عبثا تصف الجهات الرافضة للجريمة الأمريكية والمطالبة بحقوق العراق بالمتشددين، لأن المتشدد هو السيد اوباما الذي يرفض الاعتراف بخطأ دولته وأخطائه الشخصية بحق العراق وأهله، منذ ان استلم دفة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وليس المقاومة العراقية التي تطالب المعتدين بالتعويض عن الخسائر المادية والمعنوية والبشرية التي تسببوا بها. لكننا نعتقد انك لن تنجح، ايها السيد اوباما، ان شاء الله في مسعاك، وان مصيرك سوف يكون كمصير سلفك، لأنك لم تكن مستحقا، كما يبدو لنيل شرف فضيلة انسانية اسمها العدالة والسلام.
وبما اني لا املك الآن كلمة اقولها لكل من انساق وراء القوة الغاشمة الأمريكية وقبل بتعسفها، مقابل بعض الوعود والامتيازات، الا اني اعرف ان القاعدة التي تسري على الباعة المحتالين الظالمين تسري على المشترين ايضا، صغارا كانوا ام كبارا، ضعفاء كانوا ام اقوياء، مبكرين كانوا ام متأخرين. ولذلك فاني اتوجه بكلمة الى كل الشرفاء الذين لم يسجدوا للبعل الأمريكي ولجبروته بأن يحفظوا عفتهم ولا ينزلوا الى السوق السوداء الأمريكية ولا الى مزادها، مهما كلف الأمر، ولا يحللوا ما حرمه الله ( الحق )، تحت أي شعار كان، وبأية حجة كانت، لأن الحق فضيلة انسانية وإلهية وضعها الله في قلوب كل البشر، وان كان من الممكن ان تضعف هذه الفضيلة في قلوب بعض الناس وتموت.
وعليه نطلب من الله ان يمنح كل رافض للهيمنة والتعسف الأمريكي القوة والشجاعة والصبر الذي يجعله ثابتا في موقفه ولا يتزعزع، على الرغم من كل الاغراءات، وأن ينير الله عقول وقلوب من تورط في عملية غير شريفة وغير شرعية التي تسمى العملية السياسية، كي تكون لها الشجاعة ان تنسحب بشرف من هذه العملية السيئة، بعد ان انكشفت حيل المحتل وألاعيبه وظهر زيف بضاعته وغشها، كما ظهر عجزه عن تحقيق كل مقاصده وأهدافه في العراق وفي امكنة كثيرة من العالم. علما بان الانسحاب لا يحتاج الى فتوى شرعية كتلك التي احتاج اليها الاعرابي الذي تكلمنا عنه اعلاه،
لان التراجع عن الشر لا يحتاج الى فتوى تبرره.
والسلام ختام.
القس لوسيان جميل .تلكيف.محافظة نينوى.العراق
16-2-2010
khobiar مشرف
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 545تاريخ التسجيل : 24/12/2009الابراج :
الأب الكاهن الجليــــل ا * القس لوسيان جميــل * نقبل الأيادي ! ونشكركم على أطروحتكم المتميــــــزة والشـــيقة , التي فصلت الواقع المر الذي يعاني منه العراقيين ! والله وحده يعلم , متى ينتهي هذا الظلم المفروض علينــــا ! ربنا موجود في كل زمان ومكـــــــــــــان !!! تقبلوا شكرنا وآحـتـــرامنــــــا ...