انجيل للقديس متى الانجيلي 17

وبَعدَ سِتَّةِ أَيَّام مَضى يسوعُ بِبُطرسَ ويَعقوبَ وأَخيه يوحَنَّا، فانفَردَ بِهِم على جَبَلٍ عالٍ،
وتَجلَّى بِمَرأًى مِنهُم، فأَشَعَّ وَجهُه كالشَّمس، وتَلألأَت ثِيابُه كالنُّور.
وإِذا موسى وإِيلِيَّا قد تَراءَيا لَهم يُكلِّمانِه.
فخاطَبَ بُطرُسُ يسوعَ قال: «يا ربّ، حَسَنٌ أَن نكونَ ههُنا. فإِن شِئتَ، نَصَبْتُ ههُنا ثَلاثَ خِيَم: واحِدَةً لكَ وواحِدَةً لِموسى وواحِدَةً لإِيليَّا».
وبَينَما هُوَ يَتَكَلَّم إِذا غَمامٌ نَيِّرٌ قد ظلَّلهُم، وإِذا صَوتٌ مِنَ الغَمامِ يقول: «هذا هَو ابنيَ الحَبيبُ الَّذي عَنهُ رَضيت، فلَهُ اسمَعوا».
فلَمَّا سَمِعَ التَّلاميذُ ذلك، سَقَطوا على وُجوهِهِم، وقدِ استَولى علَيهِم خَوفٌ شديد.
فدنا يسوعُ ولمَسَهم وقالَ لَهم: «قوموا، لا تَخافوا».
فَرفَعوا أَنظارَهم، فلَم يَرَوا إِلاَّ يسوعَ وحدَه.
وبَينما هم نازلونَ مِنَ الجَبَل، أَوصاهُم يسوعُ قال: «لا تُخبِروا أَحدًا بِهذِه الرُّؤيا إِلى أَن يَقومَ ابنُ الإِنسانِ مِن بَينِ الأَموات».
الاية/1..9

الأحد الثاني من الزمن الأربعينيّ
تعليق على الإنجيل
القدّيس أفرام السريانيّ (نحو 306 - 373)، شمّاس في سوريا وملفان الكنيسة


"هذا هو ابني الحبيب"

فقال بطرس ليسوع: "يا ربّ، ما أجمل أن نكون هنا". ماذا تقول يا بطرس؟ إن بقينا هنا، مَن سيحقّق نبوءات الأنبياء؟ مَن سيتمّم كلام الرسل؟ مَن سينجز أسرار الأبرار؟ إن بقينا هنا، كيف ستتمّ هذه الكلمات: "ثقبوا يديّ ورجليّ"؟ وعلى مَن ستنطبق هذه الكلمات: "تقاسموا ثيابي، وعلى قميصي اقترعوا"؟ (يو19: 24). مَن سيحقّق إعلان المزمور: "أعطوه خمرًا ممزوجة بالمرّ"؟ (مز68: 22؛ متى27: 34؛ يو19: 29). ومَن سيعيش العبارة التالية: "القائم من بين الأموات" (مز87: 6). كيف ستتحقق وعودي؟ وكيف يمكن أن تبنى الكنيسة؟
قال بطرس أيضًا: "فإن شئت، نصبت هنا ثلاث مظال: واحدة لك وواحدة لموسى وواحدة لإيليا". أراد بطرس أن ينصب ثلاث مظال على الجبل، وهو الذي أُرسل لبناء الكنيسة في العالم. كان ما زال يرى المسيح كواحد من البشر، فساواه بموسى وإيليا. لكن سرعان ما أظهر له يسوع أنّه ليس بحاجة إلى مظلّة، وأنّه هو الذي ظلّل الآباء بالسحاب طيلة 40 عامًا عندما كانوا يقيمون في الصحراء.
"وبينما هو يتكلّم، ظلّلتهم سحابة مضيئة". هل تراها يا سمعان، هذه المظلّة المرتفعة بدون أيّ جهد؟ إنّها تبعد الحرارة بدون أن تسبّب الظلمة. يا لها من مظلّة لامعة ومتألّقة! وفيما كان التلاميذ مذهولين، قال صوت الآب من السحابة: "هذا هو ابني الحبيب الذي به رضيت، فله اسمعوا!"... لقد أبلغ الآب التلاميذ بأنّ مهمّة موسى قد تمّت: من الآن فصاعدًا، كان عليهم أن يصغوا إلى كلام الإبن. على الجبل، كشف الآب للرسل ما بقي خفيًّا عنهم: "هذا هو الذي هو" كشف عن "هذا هو الذي هو" (خر3: 14)، لقد عرّف الآب عن ابنه.