الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 7038مزاجي : تاريخ التسجيل : 02/01/2010الابراج :
موضوع: محافظ الماني لبغداد الأحد 20 مارس 2011 - 14:38
محافظ "ألماني " لبغداد علي حسين.
اكتشف الألمان ولسوء طالعهم أن هناك مجرما يعيش بينهم لا يمكن طلب الغفران له وعليه أن يقدم اعتذاره للشعب علنا، وقبل الاعتذار يقدم استقالته من منصبه لان بقاءه يضر بمصلحة الشعب الألماني ويسيء لسمعة ألمانيا بين شعوب العالم. المجرم هو وزير الدفاع الألماني وهو رجل يحظى بشعبية كبيرة بين أوساط الناس، لكن خبره الذي تصدر كبرى الصحف وأصبح مادة دسمة للفضائيات جعله مكروها عند الجميع، حين سمعت بالخبر قبل قراءة تفاصيله تصورت أن الرجل سرق مليار دولار من أموال الكهرباء مثلما فعل احد وزرائنا الميامين، أو انه استورد أسلحة فاسدة راح ضحيتها المئات من الأبرياء، وقلت مع نفسي حتما ارتكب الرجل معصية كبيرة حين وقع على عقود لمواد غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري وزعت في الحصة التموينية، أو انه زوّر شهادة الابتدائية ليحصل على الدكتوراه في الحشمة والفضيلة، وذهب خيالي بعيدا وقلت بالتأكيد الرجل سهّل عمليات سرقة النفط من ميناء "ابو فلوس " العراقي أو انه شريك في صفقة هياكل المدارس الحديدية التي لم ترَ النور.
ولكن حين قرأت الخبر أدركت أنني تجنيت على مسؤولينا كثيرا حين اتهمتهم بالفساد وسرقة المال العام والانتهازية والتزوير، فهذا الألماني ارتكب جرما اشد وأبشع من كل ما فعله السيد كامل الزيدي في بغداد، فقد اقتبس السيد كارل غوتنبرغ فقرات من بعض الكتب أثناء إعداده لرسالة الدكتوراه من دون أن يشير إلى هذه المصادر، وهكذا هبت العاصفة، إذ كيف يمكن الوثوق بوزير غش في اطروحته الدراسية، ولم يخرج الرجل على الناس ويقول إن عدد من انتخبوه يفوق عدد الذين اكتشفوا خيانته العلمية، ولم يصرح بان استقالته تعد انقلابا على الديمقراطية، ولم يهدد الناس بتظاهرات مليونية ترفع شعار " بالروح بالدم نفديك يا غوتنبرغ " ولم يقل إن مطالب المحتجين صعبة التنفيذ، ولم يتهم المنددين به بأنهم من أذناب هتلر ويريدون إعادة الحزب النازي، وإنهم يخططون للانقلاب على العملية السياسية، ولم يذهب إلى أحد رجال الكنيسة يرجوه بان يصدر فتوى تمنع انتقاده ولم يطلب مهلة مئة يوم لكتابة رسالته من جديد، فقط اكتفى الرجل بان اعتذر من الشعب الألماني وقدم استقالته من الحكومة.
لو سألت أي مواطن عراقي عن موقف الوزير الألماني، فقد يموت قهرا أو ضحكا، أما لو سألت أي مسؤول عراقي عن رأيه لسارع على الفور باتهام الوزير بأنه إما ساذج أو مجنون!.
هل هناك مسؤول سياسي يشعر بالحرج، وإذا شعر هل يفكر في الاستقالة، هذا في عرفنا أقصى حالات التطرف، فالعاقل من يمسك بالمنصب بيديه وقدميه وأسنانه يعاونه طبعا شلة من المنتفعين والانتهازيين.
في اليابان، اعتاد بعض المسؤولين قتل أنفسهم على طريقة الكاميكازي لأنهم لا يستطيعون مواجهة الناس والمجتمع بعد فشلهم في أداء ما هو متوقع منهم، أو افتضاحهم في قضايا فساد.
لو طبقنا طريقة الكاميكازي في العراق لاختفى أكثر الساسة، لأن الأصل عندنا هو الفساد، والنزاهة هي الاستثناء.
في العراق لدينا إعلام يوجه أطنانا من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين، لكن معظمهم يطبقون حكمة " لا أرى لا أسمع لا أتكلم " ومفادها ترك الإعلام يتحدث كما يشاء حتى لو كان الفساد مقرونا بوثائق، بل ان بعض الفاسدين يتباهون علنا بفسادهم.
وحتى إذا استبعدنا انتحار المسؤولين، فإن شعورهم بالخجل يبدو مستحيلا، ثم إن القاعدة عندنا تقول إن المسؤول على حق والمخطئ هو الشعب ثم ان مسؤولينا لا يستقيلون ولا يقالون حتى لو خرج العراقيون عن بكرة أبيهم.
تخيلوا لو أن مسؤولا عراقيا اتهم بتزوير شهادته الابتدائية، ماذا كان سيفعل؟ حتما سيصف متهميه " بالثلة الفاسقة " وبأنهم يريدون تحويل العراق إلى تكساس، وان هناك مخططا تقوده خلايا البعث بالتعاون مع إرهابيي القاعدة لتشويه سمعته ولصرخ بصوت عالٍ انه باقٍ في منصبه إرضاءً للجماهير التي لا تنام الا وهي تضع صورته تحت الوسادة