وكَلَّمَ يسوعُ الجُموعَ وتَلاميذَه قال: «إِنَّ الكَتَبَةَ و الفِرِّيسيِّينَ على كُرسِيِّ موسى جالِسون، فَافعَلوا ما يَقولونَ لَكم واحفَظوه. ولكِن أَفعالَهم لا تَفعَلوا، لأَنَّهم يَقولونَ ولا يَفعَلون: يَحزِمونَ أَحمالاً ثَقيلَة ويُلقونَها على أَكتافِ النَّاس، ولكِنَّهم يَأبَونَ تَحريكَها بِطَرَفِ الإصبَع. وجَميعُ أَعمالِهم يَعمَلونَها لِيَنظُرَ النَّاسُ إِلَيهم: يُعَرِّضونَ عَصائبَهم ويُطِّولونَ أَهدابَهم ويُحِبُّونَ المَقعَدَ الأَوَّلَ في المآدِب، وصُدورَ المَجالِسِ في المَجامع، وتَلَقِّيَ التَّحِيَّاتِ في السَّاحات، وأَن يَدعُوَهُمُ النَّاسُ «رابي». أَمَّا أَنتُم فَلا تَدَعوا أَحَدًا يَدْعُوكم «رابي»، لأَنَّ لَكم مُعَلِّمًا واحدًا وأَنتُم جَميعًا إِخوة. ولا تَدْعوا أَحدًا أَبًا لَكم في الأَرض، لأَنَّ لَكم أَبًا واحدًا هو الآبُ السَّماويّ. ولا تَدَعوا أَحَدًا يَدْعُوكم مُرشِدًا، لأَن لَكم مُرشِدًا واحِدًا وهو المسيح. وَلْيَكُنْ أَكبرُكُم خادِمًا لَكم. فمَن رَفَعَ نَفَسَه وُضِع، ومن وَضَع نَفسَه رُفِع
الاية1..12
الثلاثاء الثاني من الزمن الأربعينيّ تعليق على الإنجيل القدّيسة كاترينا السيانيّة (1347 - 1380)، راهبة دومينكيّة وملفانة الكنيسة وشفيعة أوروبا الحوارات، الفصل الرابع
سمِعَت القدّيسة كاترين اللهَ يقولُ لَها: أنتِ تطلبينَ أن تعرفيني وأن تحبّيني، أنا، الحقيقةُ المُطلَقة. هذه هي الطريقُ التي ينبغي أن يسلكَهَا كلُّ مَن يريدُ أن يعرفَني تمامًا وأن يتذوّقَ طعمَ حضوري، أنا الحقيقة الأبديّة: لا تبتعدي أبدًا عن معرفةِ نفسِكِ، وكلّمَا وضعتِ نفسَكِ في قعرِ وادي التواضعِ، كلّما توصّلْتِ في صميمِ قلبِكِ إلى قمّةِ معرفتي. إنّكِ، من خلال هذهِ المعرفةِ، ستستقينَ كلَّ ما ينقصُكِ وكلَّ ما يلزمُكِ. ما من فضيلةٍ لها الحياةَ بحدِّ ذاتِها ما لم تستمدّها من المحبّةِ، بيد أنّ التواضعَ هو الذي يغذّي المحبّةَ ويسهرُ على نموّها.
من خلال معرفتِكِ لنفسِكِ، سوف تصبحينَ متواضعةً لأنّكِ سترين أنّكِ لا شيء من دوني وأنّ كيانَكِ نابعٌ منّي لأنّي أنا أحببتُكِ وأحببت البشر قبل أن يوجدوا. ومن أجل هذا الحبّ الذي أكنُّهُ لكم والذي يعجزُ كلُّ لسانٍ عن وصفِهِ، وبرغبةٍ منّي في إعادة خلقِكم بالنعمة، غسلتُكُم وخلقتُكُم من جديد بالدم الذي بذله ابني الوحيد بلهيبِ حبِّه العظيم.
وحدَهُ هذا الدّم، وحده قادرٌ على أن يكشفَ الحقيقةَ الساميّةَ لكلِّ مَن أبعَدَ غيوم أنانيَّتَه من خلال معرفتِهِ لنفسه. عندها، وانطلاقًا من هذه المعرفةِ لي، تتّقدُ النفسُ بحبٍّ كبيرٍ يعجزُ اللسانُ عن وصفِهِ وتشعرُ بألمٍ متواصلٍ بسبب هذا الحبّ نفسه. هو ليس بألمٍ يعذّبُها أو يجفّفُها (بل على العكس، يجعلها أكثرَ خصوبةً)، ولكن بما أنّ النفسَ عرفَت حقيقتي وأخطاءَها الخاصّة واختبرت جحودَ القريب وفقدانَه للبصيرة، تشعرُ بألمٍ لا يُحتمَل. إذًا، لا تتعذّب النفسُ لأنّها تحبّني، لأنّها لو لم تكن تحبُّني لما تألَّمَت.
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :