البرادعي كان متآمرا على العراق ولا يليق بقيادة مصر
الدكتور غالب الفريجات
لست مقتنعا بمعظم العرب الذين يعملون في المنظمات الدولية ، بحكم انخراطهم تحت هيمنة الغرب، وبشكل خاص المخابرات المركزية الاميركية ، وصحيح ان بعضهم وهم القليلون من قاوم وبشراسة مثل هذه الهيمنة ، ولا نملك تجريدهم من وطنيتهم ، ولا انتماءهم القومي ، ولكن البرادعي لم تؤشر مسيرته المهنية في هيئة الطاقة الدولية على ذلك ، فقد كان متآمرا على العراق وضعيفا امام سيطرة المخابرات الاميركية ، وكان حريا به ان يرفض ذلك ويقدم استقالته ، ولكنه آثر الموقع الوظيفي ، ومصالحه الخاص على حساب فضيحة ممارسات فرق التفتيش ، وتوجيهها من قبل المخابرات الاميركية ، كما فضحها سكوترالضابط الاميركي .
سلوكية البرادعي تذكرنا بسلوكية بطرس غالي عندما كان امينا عاما للمنظمة الدولية ، فقد سار على خطى تعليمات المخابرات المركزية الاميركية ، ولمجرد انحرافه قليلا عن المصالح الصهيونية قامت اميركا برفض التجديد له ، وكان الوحيد من بين الامناء العامين للمنظمة الدولية ممن لم يتم التجديد له للمرة الثانية ، فكانت مصالح "اسرائيل " وراء ذلك وليست مواقفه المتعارضة مع رغبات واشنطن ، التي الحقت المنظمات الدولية بوزارة خارجيتها ، وعندما لم تستطع لوي عنق هذه المنظمة او تلك تغادرها بالمقاطعة ، كما فعلت مع اليونسكو في السابق .
لست من المعجبين بحكم حسني مبارك ، لان نظام مبارك اسوأ نظام مرّ على القطر المصري الشقيق ، حتى ان وضع المصريين ومصر في العهد الملكي افضل مما يجري في زمن مبارك ، كما انه يليق بمصر العظيمة ان يقودها واحد من ابنائها الذين يشار اليهم بالبنان ، لان قيادته تتجاوز قيادة مصر الى الامة العربية ، باعتبار ان مصر هي الشقيقة الكبرى ، وهي قائدة النضال القومي العربي ، ولهذا فان قيادة مصر ودورها يهم كل العرب ، وفي المقدمة منهم شعبها الشقيق ، حتى افريقيا والعالم .
قد يكون نظام مبارك قد ادى دوره في خدمة السياسة الاميركية والصهيونية ، ولابد من استبداله، ومن الجائز ان الادارة الاميركية قد اخذت في تلميع البرادعي الذي كان يسير في خدمتها وخدمة " اسرائيل" ، والتي لم يعترض على برامجها النووية وامتلاكها الفعلي لاسلحة الدمار الشامل ، التي اتهم بها العراق تحت سمع وبصر وتنفيذ البرادعي .
ان الحركة الوطنية المصرية مدعوة ان تخوض الانتخابات الرئاسية بقيادة تليق بها ، وان مصر وحركتها الوطنية قادرة على فرز مثل هذه القيادة التاريخية ، التي بدون ادنى شك ان الام المصرية العظيمة قد انجبت الكثير من هؤلاء ، وممن سيعيد لمصر دورها الوطني والقومي والعالمي ، الذي افتقدته على ايدي حكم حسني مبارك ، الذي تشبث بالحكم لربع قرن ، ويحاول جاهدا توريثه لابنه جمال من بعده .
البرادعي كان متآمرا على العراق ، وغدا سيكون في مقدمة المتآمرين على دور مصر الوطني والقومي والعالمي ، وسيخنق مصر في حدودها الجغرافية ، ويضيق على المصريين حريتهم وعيشهم ، فمن يتآمر على العراق لا يتورع ان يتآمر على مصر ؟ ، فالانتماء القومي مؤشر على الانتماء الوطني،ولا يجوز امام حالة الرفض الشعبي الجارف لنظام مبارك ان تقبل الجماهيرالمصرية وحركتها الوطنية بمجرد التغيير،لان مثل هذا النوع من التغيير لن يحقق الاهداف الشعبية ، ولن يتقدم بمصر خطوة الى الامام ، فالبديل في البحث عن شخصية وطنية مصرية ذات بعد قومي ، لان دور مصر وحجمها يكمن في قيادتها لامتها ، وتوظيف هذه القيادة في خدمة قضايا مصر الوطنية والقومية ، والدفاع عن مصالح ابناء عروبتها .
جميعنا لا يزال يذكر تآمر حسني مبارك على العراق في مؤتمر القمة في القاهرة ، الذي كان يبحث في دخول القوات العراقية الكويت ، وكيف انه احضر قرارات القمة باللغة الانجليزية ، وبترجمة ركيكة من السفارة الاميركية ، ولم يعبأ باعتراضات بعض الزعماء العرب ممن حضر القمة ، وسلق التصويت بفارق صوت واحد لشرعنة التدخل الاميركي في العراق ، وجميعنا يعرف مواقف حسني مبارك في مناشدته القوات الاميركية بعدم الانسحاب من العراق ، فمن يضحي بالامن الوطني يضحي بالامن القومي ، ولهذا نرى السياسة الاميركية في عهد مبارك تنفيذا للرغبات الاميركية والصهيونية ، وخير دليل ممارساته اثناء وبعد العدوان الصهيوني على غزة ، فما الذي سيصنعه البرادعي في مصر والامة العربية بعد ان تم تدجينه من قبل المخابرات المركزية الاميركية ؟ .
مصر في العهد القادم ان لم تفرز قيادة وطنية ذات بعد قومي ، ستستمر في السير في ركب التعليمات الاميركية وخدمة المصالح الصهيونية ، وستبقى سيناء محتلة وتدفق النفط المصري باسعار تفضيلية ، ارخص من السعر الذي يدفعه المستهلك المصري ، وسيخسر كل العرب دورها القيادي ، في ظل غياب الدور العراقي ومحاصرة الدور السوري .
الانتخابات الرئاسية المصرية تهم كل العرب ، وفي المقدمة منهم اشقاؤهم في مصر العروبة ، لان الامة العربية تعيش في وضع لا تحسد عليه ، في ظل العنجهية والعربدة الصهيونية ، ونوايا ملالي طهران الفارسية المجوسية ، تحت المظلة الاميركية ، ولن يكون لمصر الدور المعول عليه ان لم تكن في اهداف قيادتها الجديدة البعد القومي في سياساتها ، والعمل على مساندة المقاومة العراقية الباسلة ، ونضالات الشعب الفلسطيني ، وحماية سوريا مما يحاك ضدها ، والوقوف في وجه الاطماع الفارسية .
نحب مصر ونحرص عليها ، كما نحب كل ذرة تراب من وطننا العربي ، ونحرص عليها ونحميها، وايا كانت وجهات نظرنا في هذا النظام العربي او ذاك ، فلن نقبل بالتفريط في تراب الوطن والامة لانها خيانة ، ومن حقنا ان نطمع في دور مصري وطني قومي ، لاننا نؤمن بدورها التاريخي وقيادتها للنضال القومي ، ونؤمن ان شعبها العظيم تليق به قيادة عظيمة ، وانه قادر على فرز مثل هذه القيادة ، فمصر ام ولود ، اهدتنا على مر الايام من القيادات ما نفخر به ، في شتى العلوم والمعارف والمواقف البطولية ، فحيا الله مصر وحيا شعبها العظيم .
البرادعي كان متامرا على العراق ولا يليق بقبادة مصر