كيف نتكلم عن سر الإعتراف (التوبة) ؟ القس ريمون سركيس

كيف نتكلم عن سر الإعتراف (التوبة)؟

القس ريمون سركيس

من بين القضايا الجدية التي تطرحها أمامنا الكنائس الإنجيلية وتعتبرها مشكلة عند الإيمان الكاثوليكي، هي قضية سر الإعتراف أو التوبة أو المصالحة والتي تأتي مناقشتها في المرتبة الأولى للحوار الديني. بالنسبة لهؤلاء الكنائس المنشقة، تأتي مشكلة سر الإعتراف بعد قضية مريم العذراء وعبادة التماثيل وشفاعة القديسين.

أكثر الإنتقادات التي يوجهها الإنجيليون في هذا المضمار هي: إن الإعتراف بالخطايا عند الكاهن ليست موجودة في الكتاب المقدس، وإن ما يؤدي الى إستمرار الخطيئة عن الخاطيء هو حصوله على ثقة كاذبة التي تقول له 5 دقائق من الهمس في أذني الكاهن "تمحي لك كل خطاياك وتعود نظيفا من جديد".

إن الجدال الكتابي مهم جداً، وعلينا ان نشير الى كلمات المسيح نفسه لتلاميذه: "فقال لهم يسوع ثانية: سلام عليكم! كما أرسلني الآب أرسلكم انا. ونفخ في وجوههم وقال لهم: خذوا الروح القدس. من غفرتم له خطاياه تغفر له، ومن منعتم عنه الغفران يمنع عنه" (يوحنا 20: 21-22). السؤال الذي علينا ان نسأله دائما: كيف يمكن للرسل ان يُعلنوا بأن بعض الخطايا تغفر والبعض الاخر يمنع عنهم الغفران إن لم يعرفوا ما هي هذه الخطايا بالتحديد؟ كيف يمكن للخطيئة ان تغفر إذا لم تُذكر؟

إن الكنيسة الكاثوليكية تأخذ بتعليم الكتاب المقدس الذي يقول بأن الرسول هو "المرسل" من قبل الله ومن خلاله يتكلم الله أيضاً "نحن سفراء المسيح، وكأن الله يعظ بألسنتنا. فنناشدكم بأسم المسيح ان تتصالحوا مع الله" (2 كور 5: 20). أما الكلمات التي تستخدمها الكنيسة في الحل والربط هي موجودة ومتركزة في الكتاب المقدس نفسه والتي تقول: "وهذا كله من الله الذي صالحنا بالمسيح وعهد إلينا خدمة المصالحة" (2 كور 5: 18). وفي رسالة القديس يعقوب التي تقول لنا: "ليعترف بعضكم لبعض بخطاياه، وليُصل بعضكم لأجل بعض حتى تنالوا الشفاء. صلاة الابرار لها قوة عظيمة" (يعقوب 5: 16). وفي هذا السياق يُشار الى الاعتراف عند الكهنة (الذين لهم السلطة لمسح الناس المرضى بزيت مقدس بأسم الرب). فإذن، ما تقوم به الكنيسة الكاثوليكية له أصوله في الكتاب المقدس.
إن لُب ما نقوم به في سر التوبة هو الإعتراف بخطايانا لله ولممثله (الكاهن) طالبين من الله نفسه مغفرة خطايانا. وعندها نقبل من ممثل الله الحلة التي تؤكد لنا هذه المغفرة. لكن السؤال هو: "هل يذهب المؤمنون الكاثوليك ويعترفوا بخطاياهم للكاهن وبعدها يعودون وخطأون مرة أخرى؟" إن الشعور الذي يتملك المؤمن بعد الإعتراف هو قصده بعدم الرجوع وإهانة الله مرة اخرى. إلا إذا بقينا في الركود الروحي والنسيان من المؤكد ان الأمور سوف تتجه نحو الخطأ.