فقالَ لَهم ثانِيَةً: «أَنا ذاهِب سَتَطلُبوني ومعَ ذلك تَموتونَ في خَطيئَتِكم وحَيثُ أَنا ذاهِبٌ فَأَنتُم لا تَستَطيعونَ أَن تَأتوا». فقالَ اليَهود: «أَتُراهُ يَقتُلُ نَفسَه؟ فقد قال: حَيثُ أَنا ذاهِبٌ فَأنتُم لا تَستَطيعونَ أَن تَأتوا». قال لَهم: «أَنتُم مِن أَسفَل، وأَنا مِن عَلُ. أَنتُم مِن هذا العالَم وأَنا لَسْتُ مِنَ العالَمِ هذا. لِذلك قُلتُ لكم: ستَموتونَ في خَطاياكم فإذا لم تُؤمِنوا بِأَنِّي أَنا هو تَموتون في خَطاياكم». فقالوا له: «مَن أَنتَ؟» فقالَ يسوع: «أَنا ما أَقولهُ لَكم مُنذُ بَدءِ الأَمْر. عِندي في شَأنِكُم أَشيْاءُ كَثيرة أَقولُها وأَحكُمُ فيها. على أَنَّ الَّذي أَرسَلَني صادِق وما سَمِعتُه مِنهُ أَقولُه لِلعالَم». فلَم يَفهَموا أَنَّه كَلَّمَهم على الآب. فقالَ لَهم يسوع: «متى رَفَعتُمُ ابْنَ الإِنسان عَرَفتُم أَنِّي أَنا هو وأَنِّي لا أَعمَلُ شَيئًا مِن عِندي بل أَقولُ ما علَّمَني الآب. إِنَّ الَّذي أَرسَلَني هو معي لَم يَترُكْني وَحْدي لأَنِّي أَعمَلُ دائِمًا أَبَدًا ما يُرْضيه». وبَينَما هُو يتَكَلَّمُ بِذلِكَ، آمَنَ بِه خَلْقٌ كَثير.
الاية//21..30
الثلاثاء الخامس من الزمن الأربعينيّ تعليق على الإنجيل القدّيسة تيريزيا - بينيديكت الصليب أو إيديث شتاين (1891 - 1942)، راهبة كرمليّة وشهيدة وشفيعة أوروبا تأمّل بمناسبة عيد ارتفاع الصليب بتاريخ 14/9/1939
"متى رَفَعتُمُ ابنَ الإنسان عَرَفتُم أَنّي أَنا هو" (يو8: 28)
ها هو المخلّص معلّق أمامك على الصليب لأنّه "وضَعَ نَفسَه وأطاعَ حتّى الموت موت الصليب" (فل2: 8)... ها هو مخلّصك معلّق أمامك على الصليب، عريان ومُهان لأنّه اختار الفقر... ها هو مخلّصك معلّق أمامك على الصليب وقلبه مفتوح. لقد سكب دم قلبه لكي يفوز بقلبك. إن أردت اتباعه بالعفّة المقدّسة، عليك أن تطهّر قلبك من كلّ رغبة دنيويّة... وها هما ذراعَيّ المصلوب تمتدّان لتضمّانك إلى قلبه. هو يريد حياتك ليعطيك حياته. سلام عليك، يا أيّها الصليب المقدّس، أنت رجاؤنا الوحيد! إنّ العالم يحترق... لكن فوق ألسنة اللّهب يرتفع الصليب الذي لا يمكن لشيء أن يُحرقه. هو جسر العبور من الأرض إلى السماء. مَن يقبّله بإيمان وحبّ ورجاء، يحمله الصليب إلى قلب الثالوث. إنّ العالم يحترق. هل تشعر بضرورة إخماد ألسنة اللّهب؟ إرفع ناظرَيك نحو الصليب. ومن القلب المفتوح ينسكب دم المخلّص، هذا الدم الذي يُطفئ نار الجحيم. حرّر قلبك... فيمتلئ حبًّا إلهيًّا يفيض ويحمل ثمارًا تنتشر في أصقاع الأرض. هل تسمع أنين الجرحى في ساحات المعارك؟ أنت لست طبيبًا ولا ممرّضة ولا يمكنك مداواة جراحاتهم. أنت معزول داخل خليّتك ولا يمكنك الوصول إليهم. هل تسمعين صراخ الذين يحتضرون؟ قد ترغب في أن تكون كاهنًا للوقوف إلى جانبهم. هل أنت حزين لحزن الأرامل واليتامى؟ قد ترغبين في أن تكوني ملاكًا معزّيًا يطير إلى إغاثتهم. إرفعي ناظريك نحو المصلوب. فإن كنت خطيبة له واحترمت عهودك، فإنّ دمه الثمين سيصبح دمك أنت أيضًا. وإن ارتبطت به، سوف تتواجدين في كلّ مكان تمامًا كما أنّه متواجد في كلّ مكان. هو ليس هنا أو هناك مثل الطبيب أو الممرّضة أو الكاهن، بل إنّه في كلّ مكان وعلى كلّ الجبهات وكلّ بقعة تخيّم عليها التّعاسة... سوف تكونين موجودة بفعل قوّة الصليب... ها إنّ ناظرَيّ المصلوب تقعان عليك: هما يسألانك ويبحثان في داخلك. هل أنت مستعدّ للإرتباط مجدّدًا بالمصلوب؟ بمَ ستجيب؟ "يا ربّ إلى مَن نذهب وكلام الحياة الأبديّة عندك؟" (يو6: 68). سلام عليك يا أيّها الصليب المقدّس، أنت رجاؤنا الوحيد!