قريبا جدا من الموت..احداث يوم عاصف على جبهة القتال ....سلام توفيق

عندما اقتربت الساعة من السابعة مساءا ..وهذا هو وقت الانذار المسائي لعموم قطعات الجيش في ذلك الموعد..كان لزاما علي ان اصعد بدبابتي على الرمبة العالية التي تم انشاء اعداد منها على السدة ام 500
المقامة على طول جبهة هور الحويزة ..ومن تسميتها يتضح ان معنى ذلك هو انها تبعد مسافة 500 متر عن الحافة الامامية للجبهة ...وكان هناك سدة اخرى خلفنا تسمى سدة ام 1000 ..وهاتان السدتان تحتم انشاؤهما ازالة قرى عديدة منها البيضة والصخرة والسودة والتي شهدت اذار 1985 معارك عنيفة بيننا وبين القوات الايرانية في تاج المعارك.
ورغم صعوبة عملية التصعيد والتنزيل الا ان زملائي الاخرين في الدبابة كانا يقومان بها احيانا....وخصوصا في تنزيلها فجر اليوم التالي اثناء الانذار الصباحي الذي كان غالبا في الخامسة والنصف فجرا حيث يتكفل الذي يتصادف واجب خفارته في ذلك الوقت بانزالها بدلا عني
في فجر ذلك اليوم جاءني زميلي الرامي عامر عبدالوهاب وهو من اهالي البصرة - المطيحة وايقظني على غير العادة طالبا مني سرعة التصرف لانزال الدبابة لانه فشل في تشغيلها رغم بذله كل جهوده وخبرته..فنهضت على وجه السرعة وتسلقت الرمبة وصعدت الى غرفة السائق لاتبين سبب عدم اشتغال دبابتي خصوصا انني كنت مساء الامس شحنت نضائدها وكذلك شحنت قناني الهواء المضغوط التي يمكن من خلالها تشغيل الدبابة..ولكني وجدت النضائد شبه منتهية وقناني الهواء شبه فارغة ولا سبيل لتشغيلها..وكان الوقت يمضي بسرعة والفجر يوشك ان يطل وان انكشاف مكان الرمبة معناه تمكين العدو لتحديد انتشار قطعاتنا..فنزلنا بسرعة لنوقظ امر الرعيل الملازم مجيد الذي لم يكن ليعمل لنا شيئا سوى ان يتصل بمقر الكتيبة ليرسلوا لنا دبابة الانقاذ لسحب الدبابة من الاعلى...وفي هذه الاثناء اقترح سائق اخر ان ياتي بدبابته ليصعد بها على الرمبة باتجاه معاكس ..ولكن ذلك شبه مستحيل لان الرمبة عالية عدة امتار وحبل السحب للدبابة العادية لايزيد طوله عن مترين فقط!!
عندما ذهب الملازم مجيد الى مقر الفوج الذي كنا ضيفية عليه وكان احد افواج لمش 506 ..لم يمضي الا دقائق حتى حضر مهرولا بصحبة ضابط استخبارات الفوج الذي كان مرتبكا ويتصرف بعصبية وسالني ان كانت كل السبل قد استنفذت لتشغيلها فقلت له نعم الهواء المضغوط صفر والنضائد لاتتعدى 16 فولت وهي لاتكفي للتشغيل اذ يجب ان تكون 24 فولت وفي الايام الحارة ممكن التشغيل ب 23 او حتى 22
فقال للملازم مجيد اليس لديكم اسلوب اخر في التشغيل ..فاجابه هناك طريقة الرمي العشوائي بدون استخدام الموقفات للدبابة لانها ستتحرك للخلف كرد فعل على فعل اطلاق القذيفة عندها يجب ان يكون السائق متهيئا لتشغيلها على النمرة الخلفية ال back
فامرنا بالتنفيذ فورا وبدون ابطاء فنفذنا الامر دون نقاش وتم اطلاق القذيفة الاولى عشوائيا باتجاه العدو فتحركت الدبابة للخلف لكنها لم تشتغل بل اصبحت قريبة من حافة منحدر الرمبة..وعند اطلاق القذيفة الثانية اندفعت الدبابة بسرعة للخلف وتمكنت من تشغيلها ومن بعد ذلك رصها في موضعها المخفي خلف السدة بعد ان جعلتها تعمل بدوران عالي لفترة من الوقت لاعادة شحن نضائدها وقناني الهواء المضغوط ثم اطفئت المحرك وعدت للنوم وكان الجميع قد تفرق الى ملاجئه
الى هنا لم تكن نهاية القصة..لقد كانت بدايتها فقط..فعند العاشرة صباحا فوجئنا بوابل من قصف عشوائي لم نشهد له مثيل سابقا ..قصف عنيف لم يدع لنا مجالا للتحرك وانقسمنا بين مؤيد للاحتماء داخل الدبابة واخرون يرون ان الالتجاء الى المواضع الشقية الارضية المحفورة على شكل حرف L ..فكان ان اخترت وطائفتي البقاء داخل الدبابة ..ولم يهداء القصف الا بعد 3 ساعات متواصلة ..لنجد ان احدى القذائف سقطت على المفرزة الطبية القريبة منا داخل مقر الفوج واستشهد 2 من منتسبيها وجرح اخرون..وتالمنا كثيرا لاننا كنا نعرفهم ونزورهم احيانا ويزورننا كذلك .وجرح اخرون في مقر الفوج ..وكان لدينا احساس بان دباباتنا قد عمت عليهم بصورة مباشرة او غير مباشرة
وبعد حوالي ساعة واحدة لاغير كنت قد توجهت الى موضع يقع خلف دبابتنا بحوالي 30 مترا كنا نستخدمه لقضاء حاجاتنا ...ولم اكن لانتهي من قضائها حتى تناهى الى سمعي صفير قذيفة هاون كانت تطلق علينا من منطقة لسان عجيردة الذي كان الجيش الايراني يحتله انذاك...وكان لدينا من الخبرة لكثرة ماكان يطلق علينا من ذلك المكان قذائف هاون ان نستشعر مكان سقوط القذيفة بالامتار من خلال صفيرها..ولم يكن امامي الا ان ارمي نفسي على احد طرفي الموضع ولما كنت في محيطه الداخلي لم يكن عندي وقت لاختار الا الداخل وشاءت مشيئة الله ان تسقط القذيفة على بعد لايزيد على 3 امتار من الجهة الخارجية فسلمت من شظاياها بسبب ارتفاع محيط الموضع الترابي بحوالي متر ونصف..لكن الارض المبتلة والاطيان التي تصاعدت في السماء لتنهال على جسمي ...فنهضت بسرعة وتوجهت راكضا باتجاه دبابتي حيث قام زميلاي عامر عبدالوهاب خميس من البصرة ومسلم محمود حسين من قرية منارة شبك القريبة على قريتنا كرمليس بازالة الاطيان وتفحصي لانهما لم يصدقا انني نجوت ولله الحمد لم تطالني شظية واحدة وهذان الشخصان هما شاهدا عيان .رغم انني فقدت الاتصال بعامر بعد تسريحي عام 1990 الا ان مسلم كنت التقيه دوما حتى يوم خروجي من العراق عام 2000
ولازالت اتذكر احداث ذلك اليوم العاصف ..ولكنني الى الان لا اعرف ان كان القصف الايراني المكثف يومها بالصدفة ام له علاقة بحادثة الدبابة او رد فعل لازعاجنا له من الصباح الباكر بقذيفتين لا على التعيين ومن يدري فربما انهما قتلتا اناسا كانوا نائمين يحلمون بانتهاء الحرب ليعودوا الى اطفالهم وعوائلهم !!

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

قصّـــة رائعـــة ! تذكّرنـــا بصولات ابطال جيشــنا العراق الّذي اذاق ملالـي طهران
مر العلقــــمُ ! لقّنــوهمْ درســـاً , حتّى يبقـى في ذاكرتهم , يقضي مضاجعهــم ! يحول نهارهــم الى ليل بهيم مظلم اسود !
هـذا الجيش الّذي ادهش العالم , وادخــل الرّعب في قلب امريكــا وربيبتها إســرائيــل !
حتّــى تكالبتا على عراقنا العظيــم , وساعدتهمـا بعض الأنظمــة العربيّــة العميلة لهمـا حتّى العظيــم !
تآمــروا على وطننــا , لأنّــه كان شوكة في خاصرتهــم ! ولا يزالونَ يؤيّدون قوى الشّــر , لتحطيــم ماتبقّــــى منــه , بواســطة العمــلاء
المزروعيــــن في هيكلـــه , مجموعــة غير مؤمنـة بالعراق , بقدر إيمانهــا بالسّحت الحرام , وملذّات الحياة !!!

تسلم اخونــا العزيــــز ـ سلام توفيـق ججـو ـ
خالـــص تقديرنــــــا ...