الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61368مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: امارات الموصل الثلاث : حسين المعاضيدي الإثنين 1 مارس 2010 - 15:31
إمارات الموصل الثلاث!... حسين المعاضيدي
ليس أغرب مما يجري في بلاد الرافدين بعد الاحتلال الأميركي إلا ما جرى ولا يزال يجري في محافظة نينوى اليوم، التي تعدد حكامها بتعدد ولاياتها، وانشطرت مدنها بانشطار أحزاب مسؤوليها، وأصبحت كالمرأة التي لها أزواج ثلاثة كما يصف ذلك أحد المتابعين، حتى باتت في عرف الخارجين عن القانون دولة لها أكثر من رئيس، ومحافظة بأكثر من محافظ، وولاية بعدة ولاة.
محافظ لا اعترف بسلطة من نصبه، ولا بمنصب من سلطه، التقيته ودون سابق إنذار في غفلة من الزمن بعيداً عن أعين الإعلام، وبعيداً عن كاميرات التلفاز، وبعيداً عن صافرات سيارات الشرطة، وسباب المرافقين، ورشقات رصاصات الحمايات العشوائية، التي تقتل وتصيب كيفما تشاء، بلا رقابة أو تقييد! ساقتني إليه الأقدار أو ساقته إليّ، لا فرق، فالمهم أنني اجتمعت به وجالسته، وحكى لي كثيراً من الأشياء، بدت لي حينها كأنها أساطير، أو من قصص ألف ليلة وليلة، وأحياناً تراءت لي صورة جدتي وهي تحكي لي ولأخوتي الصغار في ليالي الشتاء الباردة قصص عن الجن والجان، و(الحنفيش) و(السعلوة) قبل أن تحل محلها اليوم قصص (علي بابا) المنطقة الخضراء، و(كهرمانة) والميتين وسبعين حرامي الذين يقيمون اليوم تحت قبة البرلمان. منذ أن جاء الاحتلال الأميركي إلى أرضنا لم ألتق بأي مسؤول أو شخصية حكومية، وذلك ما أعده فضلاً من الله ونعمة أشكره عليهما، كون جميع هؤلاء هم من وسائل المحتل الذين سعوا، ولا زالوا يسعون، لتمكين شريعة الشيطان، وتغليبها على حساب شريعة الله، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لكن الأقدار شاءت ان ألتقي بمسؤول رفيع يتزعم محافظة عراقية لا تزال ساخنة حد النخاع. ما جعلني أقرر لقاء هذا المسؤول كثرة ما يقال عنه، وعن دعمه للمقاومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ووقوفه بوجه التطاول الكردي على المناطق العربية، والانتهاكات التي تقوم بها الأحزاب ** المقيتة التي تحاول فرض سيطرتها على أجزاء واسعة من محافظة نينوى، فالحديث مع هذا المسؤول الحكومي، ورغم تقاطعه مع موقفي من منصبه، ووضعه الحكومي، إلا أنني وجدتها فرصة لمعرفة ما وراء الأبواب الموصدة والمغلقة، خصوصاً أن اللقاء جرى في مكان لا سلطة لمسؤول حكومي عليه على الإطلاق، فقد كان هو بمفرده، بلا رفقة، عكسي أنا الذي كان برفقتي جهاز تسجيل وكاميرا، مع افتقاري للقلم حينها جلسنا سوية وشربنا فنجاناً من القهوة، أحسست من خلالها ولأول مرة بعلقم طعمها ولا أدري لماذا، ربما لأنني ولأول مرة أشربها مع مسؤول حكومي بعد الاحتلال، أو ربما لأنني وأنا أجالسه تذكرت ما أصاب هذه الأمة من نكبات على يد المحتلين، ومن جاء مع المحتلين، ومن نصبهم المحتلين
! هو شخصية قيل عنها الكثير، فالبعض وصفه بالمتعاطف مع المجاهدين في محافظته، والبعض من أضداده يصفه بالمتواطئ معهم، والبعض الآخر يوحي أنه يمتلك مليشيا حكومية يطلق عليها (الشرطة) التي كان يدافع عنها وعن تصرفاتها وأفعالها بلا هوادة، في حين أنه يؤكد انه لا يستفز المجاهدين، ولا يُقرب مضاربهم، كونهم من كسر ظهر أميركا، والقادرين على كسر أي ظهر آخر، من عجم وبيشمركة وغيرهم، لهذا فهو ينظر إليهم من منظار يختلف عن منظار ما يطلق عليها هو (الحكومة المركزية) التي ترى عدم شرعية وجود المجاهدين والمقاومين، إذ أن القوات التي (طحنت) العراق وأعادته إلى زمن سحيق ليست سوى قوات صديقة، لا يستوجب قتالها وأن قاتلتنا، أخزاهم الله جميعاً! تحدث كثيراً، تارة بصوت مرتفع، وتارة بصوت خافت حتى لا تسمعه الحيطان، التي لها أذان كما كان يظن، مع أن كلامه لم يكن يخرج عن دائرة الانتهاكات والمعقول والمنطق والقانون في دولة اللامعقول واللا منطق واللا قانون! فهو المحافظ الوحيد الذي لا يحق له زيارة كافة أجزاء محافظته وتلك من سخريات حكومة ما بعد الاحتلال، التي لا نستغرب أن يصبح فيها ما يسمى (رئيس الجمهورية) رئيساً لقوميته لا غير، ورئيس حكومة الاحتلال رئيساً لطائفته لا أكثر، ورئيس البرلمان ممثلاً عن حزبه الموالي للمحتلين ليس إلا، والمحافظ محافظ على نفسه وعلى زوجته أو زوجاته المتعددات، غير عابئين بعامة الناس، بعدما نال هؤلاء طعم رواتب لم يكن ليحلموا بها، يوم كانوا مجرمين وقطاع للطريق الدولي السريع، أو لصوصاً للبطيخ في مزارع صلاح الدين، أو عتالين في شورجة العاصمة بغداد، أو فراشين في مدارس كربلاء، أو قتلة في مرتفعات الشمال العراقي، أو خمارين في ملاهي بلاد الغرب البعيد، أو باعة للسبح وخواتم النحاس في السيدة زينب! زوق المحافظ في الكلام، ورسم صور إيجابية لواقع الحال رغم مأساويته، لكني ورغم ذلك لم أستطع هضم ما يقول، كونه مسؤولاً في حكومة تعادي الشعب العراقي جهاراً نهاراً، وتعمل على تغيبه، ووأده، ومحوه من على خارطة الوجود، تماماً كما خطط لذلك المحتل قبل أن يُسلم زمام الأمور إلى حكومة عفنة، ومسؤولين قتلة، ومأجورين سلكوا طريق العمالة، وخدموا المحتل، وباعوا الأوطان، وصادروا ثروات البلاد، وطمسوا تراث الأجداد، قبل ان يتحولوا إلى سيوف مسلطة على رقاب الشرفاء. حكى لي النجيفي الكثير من الأسرار التي سأحتفظ ببعضها لغاية في نفس يعقوب، فكثير منها لا يُراد لها أن تتكشف اليوم، في حين سأكشف بعضاً من تلك الأسرار، ولغاية في نفس يعقوب كذلك! تحدث النجيفي في أمور عدة، أبرزها أنه ممنوع من زيارة كثير من أقضية ومناطق محافظته وهو محافظها، وأن عدوه الأول، وعدو أبناء الموصل، ليس الأميركان وحدهم كما يقول، بل أن الخطر الكبير يأتي من الشرق، ومن أقصى الجنوب، ومن شمال العراق الذي تسيطر عليه البيشمركة الكردية، في حين لم يمانع تسليط الضوء على فضائح تلعفر وسنجار وتازة وتلكيف والزنجلي، وحقيقة أستهداف غير المسلمين في المحافظة، معترفاً بدور المجاهدين والمقاومين في تحرير العراق، لكن وكما يقول ذهبت ثمرة التحرير إلى جهات أخرى حزبية وطائفية، لا تستحق أن تحصل عليها.
روى لي أولاً ما يجري في قضية كركوك، وكيف ان الأحزاب الإسلامية العربية هي من باعتها بسعر بخس إلى الأكراد، أو هكذا تحاول، فقد أشار إلى أن صفقات عدة جرت بين ساسة هذه الأحزاب وبين الكرد، يتم بموجبها تهيئة الظروف المناخية، السياسية والاجتماعية والنفسية لقلب هوية كركوك، وتحويلها إلى مدينة كردية، مع ما عليها من بشر وما تحتها من ثروات، مقابل دعم كردي لتلك الأحزاب في الصراع الدائر بينها على الكراسي والمناصب، غير عابئين بحقيقة الواقع على الأرض! حقيقة لا يمكن العبور من فوقها اليوم، تتجسد في أن المحافظ لا تتعدى حدود سلطته الأحياء والحارات والأزقة والدرابين القريبة من مبنى المحافظة، فراح يتحدث عن أشياء لو حكاها لي غيره ما كنت لأصدقه، فلأول مرة في التأريخ القديم والحديث يصبح التابع هو من يتحكم في المتبوع، ويصبح الذنب هو بوصلة الرأس، وتصبح محافظة واحدة تضم بين ثناياها دولاً وأقاليم وولايات يحكمها شراذم وعصابات، ولأول مرة تصبح محافظة (محرمة) حتى على محافظها، فيالها من ديمقراطية عرجاء، تُضحك أكثر مما تٌبكي، وتشرخ الصدور أكثر مما تشرحها، وتوصم العار لا أن تغسله
! نعم عليكم أن تصدقوا، ولا أمنع عنكم اندهاشكم، فـ(تلعفر) تلك المدينة الموصلية التي لا تتجاوز مساحتها بضعة كيلومترات، المعروف عن أهلها شدة بأسهم وجهادهم ضد المحتلين حتى الأمس القريب، باتت اليوم (دويلة) و(ولاية) داخل محافظة نينوى، التي تعد مركز الثقل الرئيس لطائفة، تمثل ثلثي الشعب العراقي، وعاصمة الشمال العراقي، مثلما هي حجر الزاوية في معادلة جهاد المحتلين ومقاومتهم، حيث يتم إدارتها والأشراف عليها بشكل مباشر من دهاليز كربلاء التي تغذي الفتنة الطائفية، وأقبية النجف ومقابرها، ما جعل المواطن يتعرض إلى الانتهاكات على يد هذه الأجهزة المليشياوية الخطيرة ولا يأمن على حياته، بل ويتعرض إلى عمليات تهجير بشعة، فيما أخذ البعض يحارب بقية السكان بطريقة قذرة، من خلال إقامة الدعاوى الكيدية عند الأجهزة الأمنية التي تسيطر عليها الأحزاب **، وقيادات من فيلق (غدر) كما يطلق عليه، وبطريقة قانونية عن طريق المخبر السري وشهود الزور، ولهذا تصبح أمام الجهات القانونية قضية متكاملة، يتم من خلالها تجريم بقية المتهمين كيداً وظلماً وبغياً، فيما تقوم عناصر أخرى بتحريك الجيش والشرطة لتصفية من يتبقى من سكان المدينة، وهو ما دفع سكان القضاء الأصليين للهرب من بطش من يحكمون (تلعفر) اليوم إلى القرى البعيدة عنها كما يؤكد المحافظ نفسه! أما أكثر ما يثير الرعب في النفوس فهو قول محافظ نينوى عن قضاء، من المفترض أن يخضع لسيطرته، في أن هذا القضاء لا يمكن استعادته في ظل الهيمنة ** عليه، حتى أصبح أشبه ما يكون بقلعة من قلاع القرون الوسطى! وأخطر ما في تصريحات المحافظ أن الجناة لا يزالون هم من يحكمون هذه الـ(ولاية)، دون رقيب أو حسيب، فيالغرابة ما أسمع!
الغرائب تستمر في لقائي مع محافظ نينوى، ولا تتوقف عند حد معين، منها أنه يعرف هوية مرتكبي أفظع جرائم العصر، قتلة حي الزنجلي، الذين أبادوا حيا بكامل سكانه، ودوره، وشوارعه، وأبنيته، وشناشيله حتى خُيل للناظر أن سماء الزنجلي أطبقت على أرضه، ودون أن يخرج من الحي أحداً، إلا من كتب الله له الحياة، وخرج بأجزاء من جسده، بعدما ذهب عقله من هول الكارثة، فالنجيفي يعرفهم، لكنه كما يقول لا يستطيع ولا يقوى على التحرك ضدهم، لأن الناس تخشى أن يتقدموا بشكاواهم ضد المجرمين، الذين أكدت التحقيقات أنهم عناصر (البيشمركة) بالتواطؤ مع قوات الاحتلال، جاعلاً من لقائي به دعوة للناس لرفع شكواهم والمطالبة بحقوقهم من القتلة، ليقتص لهم من الجناة، الذين يعرفهم بسيماهم وأسمائهم كما يوضح، والذين أوجدوا لأنفسهم إمارة مستقلة تتبع إليها كثير من أجزاء نينوى ومناطقها، كسنجار وتلكيف وكوسنجق وبعشيقة، فيما يتم السعي لتأسيس (إمارة) في سهل نينوى خاصة بأهل الذمة من النصارى، الذين يعيشون في هذه المدينة، والذين يُقتّلون اليوم بشكل وحشي على يد عصابات تتبع إلى (البيشمركة) في محاولة لدفع أبناء هذه الديانة إلى التجمع في سهل نينوى ليصبحوا كيان مستقل، ليسهل التلاعب بهم كورقة رابحة من قبل (إمارة) الكرد الموصلية. انتهى لقائي بمحافظ نينوى إلى طريق مسدود، فمن جانبه انتهى إلى أن ولايات الموصل الثلاث ستظل في حالة صراع ما دام التدخل الجنوبي والشمالي قائماً، فيما خلصت أنا إلى أن العراق لن يتعافى، ولن تقوم له قائمة، إلا في حال فرض المجاهدين والمقاومين سيطرتهم على كامل تراب العراق، وحرروه من المحتل والعملاء والخونة والسراق والقتلة والمجرمين، وهدموا ولايات الموصل الثلاث ويقيموا على أنقاضها شريعة الله، التي لا يعلو فوقها سلطان، أو إمارة!