:
إسم الكتاب : حلف المصالح المشتركة (التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة)
إسم المؤلف : تريتا بارزي
التصنيف : كتب المجال السياسي
الناشر : الدار العربية للعلوم
سنة النشر : 2008
بــلــد : لبنان
سعر البيع : 77 جنيه مصري
لتحميل النسخة الإنجليزية :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صدر كتاب بعنوان «التحالف الغادر: التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأميركية» أخيراً للكاتب «تريتا بارسي» أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «جون هوبكينز» ، الذي ولد في إيران، ونشأ في السويد، وحصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية ثم على شهادة ماجستير ثانية في الاقتصاد من جامعة «استوكهولم» ، لينال فيما بعد شهادة الدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة «جون هوبكينز» في رسالة عن العلاقات (الإيرانية-الإسرائيلية) .
وبالإضافة إلى كونه أستاذاً أكاديمياً، يرأس «بارسي» المجلس القومي (الإيراني-الأميركي) ، وله العديد من الكتابات حول الشرق الأوسط، وهو خبير في السياسة الخارجية الأميركية، والكاتب الأميركي الوحيد تقريباً الذي استطاع الوصول إلى صناع القرار «على مستوى متعدد» في البلدان الثلاث: «أميركا، إسرائيل، إيران» .
هذا ويتناول الكاتب العلاقات (الإيرانية-الإسرائيلية) خلال الخمسين سنة الماضية، وتأثيرها على السياسات الأميركية وعلى موقع أميركا في الشرق الأوسط، وطبيعة العلاقات والاتصالات التي تجري خلف الكواليس بين البلدان «إسرائيل–إيران-أميركا» شارحاً الآليات وطرق الاتصال والتواصل فيما بينهم في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة التي لا تعكسها الشعارات والخطابات والسجالات الإعلامية الشعبوية والموجهة.
ويستند الكتاب إلى أكثر من 130مقابلة مع مسؤولين رسميين إسرائيليين، وإيرانيين، وأميركيين رفيعي المستوى، ومن أصحاب صناع القرار في بلدانهم، إضافة إلى العديد من الوثاق والتحليلات والمعلومات المعتبرة والخاصة.
نقاط مهمة
على عكس التفكير السائد، فإن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي بقدر ما هو نزاع استراتيجي قابل للحل.. يشرح الكتاب هذه المقولة ويكشف الكثير من التعاملات الإيرانية- الإسرائيلية السرية التي تجري خلف الكواليس والتي لم يتم كشفها من قبل.. كما يؤكد الكتاب في سياقه التحليلي أن أحداً من الطرفين «إسرائيل وإيران» لم يستخدم أو يطبق خطاباته النارية، فالخطابات في واد والتصرفات في واد آخر معاكس.
إن إيران الثيوقراطية ليست «خصماً لا عقلانياً» للولايات المتحدة وإسرائيل كما كان الحل بالنسبة للعراق بقيادة صدام وأفغانستان بقيادة الطالبان، فطهران تعمد إلى تقليد «اللاعقلانيين» من خلال الشعارات والخطابات الاستهلاكية، وذلك كرافعة سياسية وتموضع دبلوماسي فقط، فهي تستخدم التصريحات الاستفزازية ولكنها لا تتصرف بناءً عليها بأسلوب متهور وأرعن من شأنه أن يزعزع نظامها، وعليه فيمكن توقع تحركات إيران وهي ضمن هذا المنظور «لا تشكل خطراً لا يمكن احتواؤه» عبر الطرق التقليدية الدبلوماسية.
ويقول الكاتب في بداية كتابه إننا إذا ما تجاوزنا القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات والتراشقات الإعلامية، والدعائية بين إيران وإسرائيل، فإننا سنرى تشابهاً مثيراً بين الدولتين في العديد من المحاور، بحيث إننا سنجد أن ما يجمعهما أكبر بكثير مما يفرقهما.
فكلتا الدولتين تميلان إلى تقديم نفسيهما على أنهما متفوقتان على جيرانهما العرب (Superior) إذ ينظر العديد من الإيرانيين إلى أن جيرانهم العرب في الغرب والجنوب أقل منهم شأنًا من الناحية الثقافية والتاريخية، وفي مستوى دوني، ويعتبرون أن الوجود الفارسي على تخومهم ساعد في تحضرهم وتمدنهم، ولولاه لما كان لهم شأن يذكر.
في المقابل، يرى الإسرائيليون أنهم متفوقون على العرب، بدليل أنهم انتصروا عليهم في حروب كثيرة.. ويقول أحد المسؤولين الإسرائيليين في هذا المجال لبارسي «إننا نعرف ما باستطاعة العرب فعله، وهو ليس بالشيء الكبير» في إشارة إلى استهزائه بقدرتهم على فعل شيء حيال الأمور.
ويشير الكتاب إلى أننا إذا ما أمعنا النظر في الوضع الجيوسياسي الذي تعيشه كل من إيران وإسرائيل ضمن المحيط العربي، فسنلاحظ أنهما تلتقيان أيضاً حالياً في نظرية «اللا حرب.. واللا سلام» .. الإسرائيليون لا يستطيعون إجبار أنفسهم على عقد سلام دائم مع من يظنون أنهم أقل منهم شأناً ولا يريدون أيضاً خوض حروب طالما أن الوضع لصالحهم، لذلك فإن نظرية «اللا حرب واللا سلام» هي السائدة في المنظور الإسرائيلي.. في المقابل فقد توصل الإيرانيون إلى هذا المفهوم من قبل، واعتبروا أن «العرب يريدون النيل منّا» .
الأهم من هذا كله، أن الطرفين يعتقدان أنهما منفصلان عن المنطقة ثقافياً وسياسياً، وإثنياً الإسرائيليون محاطون ببحر من العرب ودينيا محاطون بالمسلمين السنة.. أما بالنسبة لإيران فالأمر مشابه نسبياً، عرقياً هم محاطون بمجموعة من الأعراق غالبها عربي، خاصة إلى الجنوب والغرب، وطائفياً محاطون ببحر من المسلمين السنة.
ويشير الكاتب إلى أنه وحتى ضمن الدائرة الإسلامية فإن إيران اختارت أن تميز نفسها عن محيطها عبر اتباع التشيع بدلاً من المذاهب السني السائد والغالب.
الصفقة الكبرى
بينما كان الأميركيون يغزون العراق في أبريل من العام 2003، كانت إيران تعمل على إعداد «اقتراح» جريء ومتكامل يتضمن جميع المواضيع المهمة ليكون أساساً لعقد «صفقة كبيرة» مع الأميركيين عند التفاوض عليه في حل النزاع (الأميركي–الإيراني) .
تم إرسال العرض الإيراني أو الوثيقة السرية إلى واشنطن، وعرض الاقتراح الإيراني السري مجموعة مثيرة من التنازلات السياسية التي ستقوم بها إيران في حال تمت الموافقة على «الصفقة الكبرى» ، وهو يتناول عدداً من المواضيع منها: برنامجها النووي، وسياستها تجاه إسرائيل، ومحاربة القاعدة.. كما عرضت الوثيقة إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة (أميركية-إيرانية) بالتوازي، للتفاوض على «خارطة طريق» بخصوص ثلاثة مواضيع: «أسلحة الدمار الشامل» ، «الإرهاب والأمن الإقليمي» ، «التعاون الاقتصادي» .
ووفقاً لـ «بارسي» فإن هذه الورقة هي مجرد ملخص لعرض تفاوض إيراني أكثر تفصيلاً كان قد علم به في العام 2003 عبر وسيط سويسري «تيم جولدمان» نقله إلى وزارة الخارجية الأميركية بعد تلقيه من السفارة السويسرية أواخر أبريل (أوائل مايو) من العام 2003.
هذا وتضمنت الوثيقة السرية الإيرانية لعام 2003 والتي مرت بمراحل عديدة منذ 11 سبتمبر 2001 ما يلي:
1- عرض إيران استخدام نفوذها في العراق لـ «تحقيق الأمن والاستقرار، وإنشاء مؤسسات ديمقراطية، وحكومة غير دينية» .
2- عرض إيران «شفافية كاملة» لتوفير الاطمئنان، والتأكيد على أنها لا تطور أسلحة دمار شامل، والالتزام بما تطلبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل ودون قيود.
3- عرض إيران إيقاف دعمها للمجموعات الفلسطينية المعارضة، والضغط عليها لإيقاف عملياتها العنيفة ضد المدنيين الإسرائيليين داخل حدود إسرائيل العام 1967.
4- التزام إيران بتحويل حزب الله اللبناني إلى حزب سياسي منخرط بشكل كامل في الإطار اللبناني.
5- قبول إيران بإعلان المبادرة العربية التي طرحت في قمة بيروت عام 2002، أو ما يسمى «طرح الدولتين» والتي تنص على إقامة دولتين والقبول بعلاقات طبيعية وسلام مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل إلى ما بعد حدود 1967.
المفاجأة الكبرى في هذا العرض كانت تتمثل في استعداد إيران تقديم اعترافها بإسرائيل كدولة شرعية!!.. لقد سبب ذلك إحراجاً كبيراً لجماعة المحافظين الجدد والصقور الذين كانوا يناورون على مسألة «تدمير إيران لإسرائيل» ، «ومحوها عن الخريطة» .
تعطيل الصفقة
وينقل «بارسي» في كتابه أن الإدارة الأميركية، المتمثلة في نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ووزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد، كانت وراء تعطيل هذا الاقتراح ورفضه على اعتبار «أننا (أي الإدارة الأميركية) نرفض التحدث إلى محور الشر» ، بل إن هذه الإدارة قامت بتوبيخ الوسيط السويسري الذي قام بنقل الرسالة.
ويشير الكتاب أيضاً إلى أن إيران حاولت مرات عديدة التقرب من الولايات المتحدة، لكن إسرائيل كانت تعطل هذا المساعي دوماً خوفاً من أن تكون هذه العلاقة على حسابها في المنطقة.
ومن المفارقات الذي يذكرها الكاتب أيضاً أن اللوبي الإسرائيلي في أميركا كان من أوائل الذين نصحوا الإدارة الأميركية في بداية الثمانينيات بألاّ تأخذ التصريحات والشعارات الإيرانية المرفوعة بعين الاعتبار، لأنها ظاهرة صوتية لا تأثير لها في السياسة الإيرانية.
ويعالج «تريتا بارسي» في هذا الكتاب العلاقة الثلاثية بين كل من إسرائيل، وإيران، وأميركا، لينفذ من خلالها إلى شرح الآلية التي تتواصل من خلالها حكومات الدول الثلاث، وتصل من خلال الصفقات السرية والتعاملات غير العلنية إلى تحقيق مصالحها على الرغم من الخطاب الإعلامي الاستهلاكي للعداء الظاهر فيما بينها.
ووفقاً لبارسي فإن إدراك طبيعية العلاقة بين هذه المحاور الثلاثة يستلزم فهمًا صحيحاً لما يحمله النزاع الكلامي الشفوي الإعلامي، وقد نجح الكاتب من خلال الكتاب في تفسير هذا النزاع الكلامي ضمن إطار اللعبة السياسية التي تتبعها هذه الأطراف الثلاثة.. ويعرض بارسي في تفسير العلاقة الثلاثية لوجهتي نظر متداخلتين في فحصه للموقف بينهم:
أولاً: الاختلاف بين الخطاب الاستهلاكي العام والشعبي «أي ما يسمى الأيديولوجيا هنا» ، وبين المحادثات والاتفاقات السرية التي يجريها الأطراف الثلاثة غالباً مع بعضهم البعض «أي ما يمكن تسميته الجيواستراتيجيا هنا» .
وأخيراً يشير الكتاب إلى الاختلافات في التصورات والتوجهات استناداً إلى المعطيات الجيوستراتيجية التي تعود إلى زمن معين ووقت معين، ليكون الناتج محصلة في النهاية لوجهات النظر المتعارضة بين «الأيديولوجية» و«الجيوستراتيجية» ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المحرك الأساسي للأحداث يكمن في العامل «الجيوستراتيجي» وليس «الأيديولوجي» الذي يعتبر مجرد وسيلة أو رافعة.
بمعنى أبسط، يعتقد بارسي أن العلاقة بين المثلث (الإسرائيلي-الإيراني-الأميركي) تقوم على المصالح والتنافس الإقليمي والجيواستراتيجي، وليس على الأيديولوجيا، والخطابات والشعارات التعبوية الحماسية.. إلخ.
وفي إطار المشهد الثلاثي لهذه الدول، تعتمد إسرائيل في نظرتها إلى إيران على «عقيدة الطرف» الذي يكون بعيداً عن المحور، فيما تعتمد إيران على المحافظة على قوة الاعتماد على «العصر السابق» أو التاريخ حين كانت الهيمنة «الطبيعية» لإيران تمتد لتطول الجيران القريبين منها، وبين هذا وذاك يأتي دور اللاعب الأميركي الذي يتلاعب بهذا المشهد ويتم التلاعب به أيضاً خلال مسيرته للوصول إلى أهدافه الخاصة والمتغيرة تباعاً.
ويؤكد الكتاب على حقيقة أن إيران وإسرائيل تتنافسان ضمن دائرة نفوذهما في العالم العربي، وبأن هذا التنافس طبيعي وليس وليد الثورة الإسلامية في إيران، بل كان موجوداً حتى إبان حقبة الشاه «حليف إسرائيل» ، فإيران تخشى أن يؤدي أي سلام بين إسرائيل والعرب إلى تهميشها إقليمياً، بحيث تصبح معزولة، وفي المقابل فإن إسرائيل تخشى من الورقة «الإسلامية» التي تلعب بها إيران على الساحة العربية ضد إسرائيل.
السلام.. ومصالح إيران
استناداً إلى «بارسي» فإن السلام بين إسرائيل والعرب يضرب مصالح إيران الاستراتيجية في العمق في هذه المنطقة، ويبعد الأطراف العربية عنها، لا سيما سورية، مما يؤدي إلى عزلها استراتيجياً، ليس هذا فقط، بل إن التوصل إلى تسوية سياسية في المنطقة سيؤدي إلى زيادة النفوذ الأميركي والقوات العسكرية وهو أمر لا تحبذه طهران.
ويؤكد الكاتب في هذا السياق أن أحد أسباب «انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000» هو أن إسرائيل أرادت تقويض التأثير والفعالية الإيرانية في عملية السلام، من خلال تجريد حزب الله من شرعيته كمنظمة مقاومة، بعد أن يكون الإنسحاب الإسرائيلي قد تم من لبنان.
ويكشف الكتاب أن اجتماعات سرية كثيرة عقدت بين إيران وإسرائيل في عواصم أوروبية، اقترح فيها الإيرانيون تحقيق المصالح المشتركة للبلدين من خلال سلة متكاملة تشكل صفقة كبيرة، وتابع الطرفان الاجتماعات فيما بعد وكان منها اجتماع «موتمر أثينا» في العام 2003 والذي بدأ أكاديمياً وتحول فيما بعد إلى منبر للتفاوض بين الطرفين تحت غطاء كونه مؤتمراً أكاديمياً.
ويكشف الكتاب من ضمن ما يكشف أيضاً من وثائق ومعلومات سرية جداً وموثقة فيه، أن المسؤولين الرسميين الإيرانيين وجدوا أن الفرصة الوحيدة لكسب الإدارة الأميركية تكمن في تقديم مساعدة أكبر وأهم لها في غزو العراق العام 2003، عبر الاستجابة لما تحتاجه، مقابل ما ستطلبه إيران منها، على أمل أن يؤدي ذلك إلى عقد صفقة متكاملة تعود العلاقات الطبيعية بموجبها بين البلدين وتنتهي مخاوف الطرفين.