الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 80مزاجي : تاريخ التسجيل : 17/12/2009
موضوع: المسيحيون في العراق..واد بين جبلين الخميس 4 مارس 2010 - 20:52
المسيحيون في العراق..واد بين جبلين
امستردام 03-03-2010
شهدت مدينة الموصل الشمالية والعاصمة بغداد تجمعات نظمها مسيحيون للاحتجاج على تصاعد أعمال العنف التي تستهدفهم خلال الأسابيع الأخيرة. وأفادت تقارير من مصادر عدة عن تصعيد يبدو منظماً لعمليات الاغتيال والتهجير ضد المسيحيين العراقيين في مدينة الموصل كبرى مدن شمال العراق، وفي البلدات والقرى المحيطة بها.
وطالب المتظاهرون الحكومة العراقية بتحمل مسؤولياتها وتوفير الحماية الكافية للمواطنين المسيحيين، ووضع حلول جذرية شاملة للأوضاع الأمنية المتردية في ثاني أكبر محافظات البلاد. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال المطران سليمون وردوني، معاون بطريرك الكلدان في العالم الذي شارك في المظاهرة «نخشى قيامهم بتسييس الأمر والسعي لزجنا تجاه أطراف دون أخرى في هذه الهجمات التي تزامنت مع الحملة الانتخابية». وأضاف «نحن أحرار، وسننتخب من نؤمن بكفاءته وبقدرته على بناء العراق».
ونقلت مصادر إخبارية عدة أن مئات الأسر المسيحية اضطرت خلال الأسبوعين الأخيرين إلى مغادرة مناطق سكناها إلى مناطق أكثر أمناً في شمال العراق.
الانتخابات ويربط كثير من المحللين التصعيد الأخير في هذه العمليات باقتراب موعد الانتخابات النيابية، التي ستجرى في السابع من هذا الشهر. وفيما يرى البعض في هذه العمليات انعكاساً للتنازع بين القوى السياسية المتنفذة شمال العراق، يذهب محللون آخرون إلى أن أطرافاً معادية لمجل العملية السياسية، وفي مقدمتها "تنظيم القاعدة"، هي التي تقف خلف هذه الاعتداءات لإحراج السلطات العراقية والمحلية، وإظهارها بمظهر العاجز عن حماية المواطنين.
وحتى وفقاً لهذا التحليل التنظيمات المتطرفة، مثل القاعدة، لم يكن بوسعها تنفيذ اعتداءاتها دون استغلال الثغرات الأمنية الناجمة عن الانقسام السياسي في عموم البلاد، وفي محافظة نينوى، وعاصمتها الموصل، بشكل خاص.
► وادٍ بين جبلين ويشبه الناشط المسيحي عصام تيلر، من اتحاد المسيحيين العراقيين في هولندا، الوجود المسيحي في شمال العراق بالوادي المنخفض بين جبلين شاهقين، يتمثلان في الوجود القوي، سياسياً وعسكرياً للقوميتين العربية والكردية، اللتين تتنازع قواهما السياسية على النفوذ في محافظة نينوى. ويقول السيد تيلر إن "هذا الوادي هو نبع الحياة الذي يسقي الجانبين، وبالتالي على الجانبين أن يساهما في حمايته وتطويره." ولكن على العكس من ذلك يرى تيلر أن "هذا الوادي المسالم يتلقى الأحجار القاتلة من السفحين."
► الجاليات في أوربا ينشط اتحاد المسيحيين العراقيين في هولندا، حسب السيد عصام تيلر، في إدامة التواصل بين الجالية وبين جذورهم في وطنهم الأصلي العراق. كما يسعى الاتحاد إلى تعريف الرأي العام الهولندي بحقيقة الوجود المسيحي في العراق، وبالأخطار التي تتهدده حالياً، بسبب العنف والتطرف.
لا يخفي السيد تيلر خيبة أمله من الموقف الأوربي والغربي عموماً تجاه المأساة التي يعيشها المسيحيون في العراق، ويقول إن الدول الأوربية لم تبذل جهوداً جدية للتدخل من أجل حماية الأقليات العراقية، وفي قدمتها الأقلية المسيحية. ويعزو ذلك إلى عدم التوافق بين الأجندات السياسية للدول الأوربية، حيث تتبع كل دولة سياسة مغايرة للأخرى، وفقاً لمصالح كل بلد وحساباته الخاصة. ولهذه الدول، حسب السيد تيلر، "مصالح أخرى مع العراق، تفوق في أهميتها قضية التعاطف مع المسيحيين هناك."
► الرأي العام يعير السيد عصام تيلر، والاتحاد الذي ينشط من خلاله، أهمية أكبر للرأي العام الهولندي والأوربي، ويرى أن من الأفضل التأثير على الرأي العام، الذي بدوره يمكن أن يؤثر على المواقف السياسية للدول الأوربية. وفي هذا الصدد ينظم اتحاد المسيحيين العراقيين في هولندا، ندوات ولقاءات مع أكاديميين وإعلاميين وناشطين مدنيين هولنديين، وكذلك أعضاء في البرلمان، للتعريف بثقافة الشعوب الأصلية لبلاد الرافدين، الذين يشكل المسيحيون، حسب قوله، امتدادهم الحضاري والتاريخي. وإضافة إلى ذلك هناك أنشطة ولقاءات تركز على الأوضاع الحالية للمسيحيين في العراق، والتناقص الكبير في أعدادهم، بسبب حملات الإرهاب والتهجير، ووقوعهم ضحية سهلة للتنازع السياسي بين القوى السياسية الكبيرة المتنفذة في العراق.
► الموصل مسرح للنزاع وتعتبر مدينة الموصل ومحيطها أكثر مناطق العراق توتراً في الوقت الحالي. ويعود ذلك من جانب إلى انفتاحها على حدود طويلة مع سوريا، تصعب السيطرة عليها، تتخذها التنظيمات المسلحة ممراً لتهريب السلاح والأموال. ومن جانب آخر يتغذى العنف والتوتر من النزاع السياسي المستفحل بين القوميتين العربية والكردية.
ودخل هذا النزاع مرحلة أكثر تعقيداً عقب انتخابات مجالس المحافظات مطلع العام الماضي. فقد اسفرت تلك الانتخابات عن فوز ساحق للقوميين العرب ممثلين بكتلة "الحدباء" (نسبة إلى أحد أسماء مدينة الموصل)، مما جعلهم يهيمنون على المناصب السياسية والأمنية في المحافظة. ودفع هذا الوضع الأحزاب الكردية إلى مقاطعة مجلس المحافظة منذ سنة. ويسيطر الأكراد على عدد من البلدات والنواحي ذات الغالبية الكردية في المحافظة، ويرفضون التعامل مع السلطة المحلية في محافظة نينوى.
ويتبادل الطرفان، السلطة المحلية في مركز المحافظة، والأحزاب الكردية المسيطرة على بعض الأطراف، الاتهامات في المسؤولية عن تردي الأوضاع الأمنية في المحافظة. وهكذا تجد التنظيمات المسلحة، التي لا تعترف بمجمل العملية السياسية، في هذا النزاع وضعاً مثالياً للاختراق ونشر الخوف، واستثمار انعدام الثقة المتبادل، فيما تدفع الأقليات الدينية والقومية هناك ثمن هذه الأوضاع المضطربة، قتلاً وتهجيراً ورعباً دائماً