في ذلكَ الزَّمان: تكلَّمَ يسوعُ فقال: «أَحمَدُكَ يا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَواتِ والأَرض، على أَنَّكَ أَخفَيتَ هذه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء، وكَشفتَها لِلصِّغار. نَعَم يا أَبَتِ، هذا ما حَسُنَ لَدَيكَ. قد سَلَّمَني أَبي كُلَّ شَيء، فما مِن أَحَدٍ يَعرِفُ الابنَ إِلاَّ الآب، ولا مِن أَحدٍ يَعرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْن، ومَن شاءَ الابنُ أَن يَكشِفَه لَه». تَعالَوا إِليَّ جَميعًا أَيُّها المُرهَقونَ المُثقَلون، وأَناأُريحُكم. اِحمِلوا نيري وتَتَلمَذوا لي، فإِنِّي وَديعٌ مُتواضِعُ القَلْب، تَجِدوا الرَّاحَةَ لِنُفوسِكم، لأَنَّ نِيري لَطيفٌ وحِملي خَفيف».
الأحد الرابع عشر من زمن السنة تعليق على الإنجيل القدّيس ألريد دو ريلفو (1110 - 1167)، راهب سِستِرسيانيّ مرآة المحبّة، الجزء الأوّل
"تَجِدوا الرَّاحَةَ لِنُفوسِكم"
أولئك الذين يتذمّرون من قساوة نير الربّ ربّما لم يرفضوا نهائيًّا النير الثقيل لأطماع العالم... قولوا لي، أي شيء أكثر رقّة وأكثر راحة من ألاّ يضطرب الإنسان نتيجة تصرّفات الجسد غير المنتظمة؟ أي شيء أقرب إلى الهدوء الإلهي من ألاّ ينفعل الإنسان نتيجة المشاكل التي يواجهها، وألاّ يخاف من أي همّ أو اضطهاد، بل أن يحافظ على هدوء مماثل في الفرح والكره، وأن يرى بالعين نفسها العدو والصديق، وأن يمتثل بذاك الذي "يُطلِعُ شَمْسَه على الأَشرارِ والأَخيار، ويُنزِلُ المَطَرَ على الأَبرارِ والفُجَّار"؟ (متى5: 45).
هذا كلّه موجود في المحبّة، ولا شيء غير المحبّة. فيها يكمن الهدوء الحقيقي والرقّة الحقيقيّة لأنّها هي نير الربّ. إن لبّينا دعوة الربّ وحملنا نيره، سنجد الراحة لأنفسنا "لأَنَّ نِير الربّ لَطيفٌ وحِمله خَفيف". فإنّ "المَحبَّةُ تَصبِر، المَحبَّةُ تَخدُم، ولا تَحسُدُ ولا تَتَباهى ولا تَنتَفِخُ مِنَ الكِبْرِياء" (1قور13: 4).
الفضائل الأخرى هي بالنسبة إلينا كالعربة بالنسبة إلى الإنسان المتعب، أو كالطعام بالنسبة إلى المسافر، أو كالنور بالنسبة إلى الأشخاص التائهين وسط الظلمة أو كالأسلحة بالنسبة إلى المقاتل. لكنّ المحبّة، التي يجب أن تكون في الفضائل كلّها لتُعتبر فضائل، هي بحدّ ذاتها وبطريقة مميّزة، الراحة بالنسبة إلى المتعب، والمسكن بالنسبة إلى المسافر، والنور الساطع بالنسبة إلى ذاك الذي يبلغ الهدف وإكليل الغار بالنسبة إلى ذاك الذي يحقّق النصر.