تكوين الاهوار

سنيجر وأهوار العراق

تحية طيبة

كاتب المقال أدناه يذكر مقطع من قصيدة سنيجر المتعلق بجفاف الأهوار في جنوب العراق متأخذا سنيجر كدلالة تنبؤية معرفية حول موضوع جفاف أرقى وأكبر تجمع مائي موجود منذ ألاف السنيين

عامر نشمي

تكوين الاهوار

خيرية عبود ياسين - عبد الحليم مـهودر

الثلاثاء, 16 حزيران/يونيو 2009 12:29 | الكاتب: كاظم الرويمي | | |

تتكون الاهوارمن جزر صغيرة البعض منها مساحتها بضعة امتار والبعض الاخر كبيرة يطلق عليها (تهلة) مفردها (تهل) وهي اما ثابتة او متحركة والمتحركة سطحها قوي يمكن الوقوف عليه لكنه على الرغم من كونه هش ، يتكون من القصب والبردي المتكسر وجذورالنباتات الطافية او(الدبن) التي تختلط مع الروث فتتصلب لتكون (طهيثا) او(الكاره) جزيرة متحركة.
اما الدروب فيطلق عليها (الكواهن) مفردها (كاهن) تكون بين حزم القصب تسير فيها الدواب و(المشش) الطرق الجانبية و(الكرمة) الطرق الرئيسية للسفن و(البَرّكَة) التي ليست فيها قصب و(العَكَرِّة) المساحات المائية التي يحيط بها القصب. ان (شكلة) تعني المساحة من الارض اوما يشبه في الارض ـ الماء ـ التي تقارب من الحوز. و(الكاره) الجزرة المتحركة. ان كثيراً من مسميات الاماكن في الاهوار تشبه المسميات في مدينة البصرة مثل:ــ الصيامر/ عبادة/ الحجاج/الفرسي/ابريهة/الصفا/الخيط/.... كان هناك نزوح او تبادل للاماكن في ظروف تاريخية وفي ازمان متغيرة . يؤثر المد والجزر على الاهوار حيث يصل الى (العزير والجبايش) ولكن تاثيرهما محدود ويقاس تدرجهما بأثرالماء على القصب او الجرف. يكاد يكون تغير مجاري الانهار ظاهرة ً عامة حيث يستطيع النهر ان يشق له مجرى في ارض طينية رملية مما يؤثر في كثير من الاحيان على حياة السكان. وقد كانت ذنائب دجلة تغمرها المياه اما ذنائب الفرات فكانت جافة في الالف الاول قبل الميلاد. وان نهر دجلة غير مجراه في القرن السادس عشر الميلادي حيث كان يمر في مدينة (واسط) فابتعد نحو الشرق حيث كانت كثير من (الاهوار) تأخذ مياهها منه في منطقة (الغراف والفرات الاوسط) فبعد ذلك اضمحلت اغلبها جراء نقص المياه في حين ازدادت مساحة الاهوار الجنوبية والوسطى التي كانت تمتد إلى واسط (بطائح واسط) اصبحت بعد ذلك إلى الجنوب من مدينة (العماره) الحالية. وان تحول مجاري الانهار من اهم الاسباب التي ساهمت في اندثار الحضارات القديمة في السهل الرسوبي، ان تغير النهر إلى مجراه سواء كان احد النهرين (دجلة او الفرات) او فرع احداهما يصاحبه هجرة سكانية تبعاً لتغير المجرى وان اخر نهر معروف لنا (النهر الاخضر) يقع قرب (الرفاعي) قد غير مجراه فنتج عنه هجرة قبيلة (عبادة) إلى مكانها الحالي (الهوير). ان المدن القديمة التي ابتعدت عنها الانهارهي: (اوروك/اور/اريدو/نفر/بابل/لارسا/ايسن/كوثي/كيش/اوما/لكش/المذار/ واسط/ البصرة). ان منطقة هور(الحمار) افرزت حضارات قديمة تمتد من (تل اللحم) إلى البصرة مروراً بالاهوار حيث وجد أكثر من اثر تاريخي بين صغير وكبير بحدود (122) موقعاً وبعضها يعود إلى فجر السلالات و تمتد من السومريين إلى الكلدانين ، وانه الاحدث تكويناً حيث لم تغمره المياه قبل (1300) سنة. بل ان ذنائب دجلة كانت مغمورة بالماء، ان هور( الحويزة) هو اقدم الاهوار حيث ان الاهوار الوسطى لم تكن موجودة ايضاً فقد خاض (خالد بن الوليد) معارك (ذات السلاسل والمذار والولجة) فالمذار تقع قرب (قلعة صالح) والولجة تقع قرب (الشطرة) . يطلق على الحكام في منطقة الجزائر قبل الفتح الاسلامي (الدهاقين) وهذا اللقب غير مستعمل عند الفرس ولابد انهم كانوا يتمتعون باستقلال نسبي. يتبادل لقب الجزائري مع البطائحي او الصيمري فكثيراً ما نرى في المؤلفات (فلان بن فلان الجزائري البطائحي او الصيمري الجزائري او البطائحي الجزائري الصيمري). ان ظاهرة التركيب القبلي او العشائري للسكان واضحة حيث توجد تكتلات قبلية للسكان وقد اطلق عليهم العثمانيون (العشائرغيرالمحررة). ان نهر دجلة عند منطقة العمارة يتفرع إلى فرعين احدهما كان يسمى (الجزائر) يصب في (الاهوار الوسطى) وفي الخرائط العثمانية تسمى (الاهوار) هور(الجزائر). في حين ان الخرائط البابلية التي تصور الارض (مدورة ــ مسطحة) وهو الشكل الذي تراه العين وفي وسط الارض يجري نهر الفرات نابعاً من المناطق الجبلية الشمالية ويصب في منطقة الاهوار. ان الاهوار كان محتم عليها الاختفاء التدريجي فقد انكمشت بعدما كانت تعد اكبر منطقة في العالم من مثيلاتها. منذ السبعينات حيث كان اخر فيضان كبير في عام (1969م) فتقلصت الاهوارإلى (10%) وبحلول عام (2000م) اصبحت معظم الاهوار قاحلة حيث لم يبق الا جزء صغير من اهوار (الحويزة) الذي طاله الانكماش ايضاً وان هذه الاهوار التي كانت تمتد بين (15ــ 20) الف كم2 منذ الالاف السنون، ويعود ذلك حسب تقرير الامم المتحدة إلى سببين:ــ 1ـ السدود في اعالي النهر حيث تعتبرالاكثف في العالم فهي تزيد على (80) سداً وان هذه السدود تفوق قدرتها التخزينية كمية المياه التي يضمهما النهران بعدة مرات. 2 ــ وعمليات التجفيف التي قامت بها الحكومة العراقية خلال التسعينات. ان النظام البيئي الذي كان سائداً منذ خمسة الاف سنة واكثر قد انهار واختفت الاسماك والطيور والحيوانات والنبات وحل محلها الاملاح وهاجر السكان واصبحوا يشكلون حزاماً حول مراكز النواحي والاقضية والمدن الثلاث (العمارة والناصرية والبصرة). ان المنطقة المعروفة بأرض المياه

لدى الكلدانيين او رئة العراق كما اطلق عليها حديثاً

قد تنبأ(سنيجر) شاعرمندائي توفي بحدود عام(1800م) بتجفيفها.. ويـعم القحـط في بــلد ( بابل) ويصيرالخبز في لون الغباره ويقل (الابيضين) ابكـل منزل وحتى الملح من (ايران) طاره وبعدها يظهر (صرَاف) ظاهر وينشف كل مايات اللاهـواره

اما رثاء مدينة (اور) فهوالرثاءالجديربـ(الاهوار) بعد تجفيفها:ــ "ايه انانا ان تلك المدينة قد تحولت إلى رميم.. في ابوابها العالية التي كانوا فيها يتنزهون، رميت جثث الموتى/ وفي شوارعها المشجرة حيث كانت تنصب الولائم، استلقوا متناثرين/وفي كل طرقاتها، التي كانوا فيها يتنزهون/ سحبت جثث الموتى/ وفي ميادينها، حيث كانت تقام الاحتفالات/ استلقى البشر بالاكوام". ان تعامل الحكومات المتعاقبة مشكلة الاهوار (الانسان/المكان) جعل من هذه المنطقة منطقة غير مستقرة فقد حرمت من التطور وجوبه افرادها بقسوة فكان اندراجهم في التطور بطيئاً او يكاد يكون معدوماً ان وصفهم بكلمتي (المعدان/ شروكي) بمثابة السب او هو الازدراء بعينه. وعندما جففت الاهوار ترك (ابن الهور) الذي تكيف مع محيطه لاكثر من خمسة الاف سنة من دون وسيلة للعيش. والاهوار مناطق منخفضة من اراضي السهل الرسوبي الفيضي يغمرها الماء بعمق قليل ومنها ما يبقى مغموراً به طول العام ومنها ما يجف كله او بعضه في فصل الصيف وتوجد الاهوار في مناطق الدلتا عند مصب الانهار في البحار حيث مثل هذه المناطق تكون منقطعة حديثاً من الشواطئ البحار ولم يكمل ملؤها بعد بالرواسب التي تنقلها الانهار سنوياً وتأثير الامواج وتكون الانهار في حالة بدائية. اما في العراق فتبدو الظاهرة شاذة لكونها لاتصب في البحر بل شط العرب وكونها تعم منطقة السهل الرسوبي في قسمه الشمالي والاوسط والجنوبي وكذلك توجد في شرق نهر دجلة وغرب نهر الفرات وفي مابينهما.



منقول