الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 1829تاريخ التسجيل : 07/02/2010الابراج :
موضوع: معمل فتاح باشا الثلاثاء 23 أغسطس 2011 - 18:54
فتـّاح باشــــا
في البدء كان يدعى معمل نسيج (العبَّ خانه) وهو أول مؤسسة بسيطة للصناعة أقامها المصلح العثماني مدحت باشا 1868-1871 في بغـداد. ثم أعقب ذلك ما عُـرف (بمدرسة الصنايع) حيث تلقى البغداديون أوائل العلوم عن الصناعة الحديثة....
وكانت السنوات القليلة التي قضاها مدحت باشا في بغـداد كفيلة بإدخاله التاريخ الوطني العراقي من أوسع أبوابه الإصلاحية؛ وهو درس مهم لأولئك الذين يرون التغيير يحدث بعشرات السنين بل بمئاتها! من اجل مزيد من (ألخدّه و الخدر) كما هو المثل العراقي...
ويُعْـرَف عن العراقيين ولعهم الخاص بالصناعة على الرغم من كونهم شعبا زراعيا منذ آلاف السنين. فالزراعة واحدة من اختراعاتهم.
هكذا عرف العراقيون صناعة النسيج من جديد في وقت قياسي 3 سنوات، بعـد أن غادروها في أواخر العصر العباسي الثاني حيث كانوا من أبرع الأمم فيها. وقبل أن يستعمل العراقيون لفظ (بطانية) الذي ساد بعـد ثورة 1958الوطنية، كان البغـداديون والبصراويون وربما الموصليون أيضا يسمون البطانية بلانكيت
blanket
وهي من مستوردات( أبو ناجي) طبعا...ا
وكان معمل فتاح باشا قد أتحف العراقيين بأعداد لا تحصى من (البلانكيتات) من نوع فتاح باشا ذات الجودة العالية، حتى كان العـراق يصدّر الفائض منها إلى الدول المجاورة في ذلك الزمن...ا
والعـراقي بكل اعتزاز لم يكن يستعمل البطانيات الأجنبية لأنها كانت الإرداء قياسا ببطانيات فتاح باشا العراقية البغدادية علامة الجودة العراقية العالية بدون الرجوع إلى أي تقييس وسيطرة نوعية...ا
ترى هل بقي لدينا شيئا من الجودة الآن!؟
وكان سليمان فتاح باشا قبل أن يفتح معمله الشهير في بغداد معمل فتاح باشا الشهير للبطانيات العـراقية "المعتبرة" ضابط مدفعية وصل إلى رتبة لواء في الجيش العـراقي…ا
لكنه كان في الوقت نفسه من افخر الصناعيين العراقيين في عصره.. كيف لا وقـد كانت بطانياته تغطي العـراقيين حتى وقت قريب...ا
ذهب فتاح باشا إلى ألمانيا عام 1926 وجلب لأول مرة معـدات ومكائن نسيج مستعمله منها، وأقام معمله وسـط بستان، حيث افتتحه الملك فيصل الأول بنفسه...ا
ترى لِمَ اختار فتاح باشا المكائن الألمانية.. ولـِمَ كان يذهب إلى بريطانيا التي كانت تحتل العـراق وقتئذ!؟ لا يكمن السبب في الاقتصاد أو الصناعة الأفضل.. بالطبع لا؛ بل في منهج فتاح باشا نفسه المعـادي للاحتلال الإنكليـزي...ا
فتعـرّف البغداديون إلى صناعة النسيج من فتاح باشا حتى أصبح رمزا للصناعة الوطنية أيضا طوال القرن العشرين...ا
كان فتاح باشا وطنيا حقيقيا معارضا للاحتلال البريطاني لذلك فقد ألقت سلطات الاحتلال وقتذاك القبض عليه ونفته إلى (جزيرة هنجام) في الخليج العربي إبان ثورة عام 1920م...ا
كانت تلك الجزيرة مأوى للوطنيين العراقيين المعارضين الأوائل ممن قاتلوا الانكليز بضراوة.. وكان فتاح باشا واحدا منهم. لم يكن رجلا صناعيا بل وطني (قح) كما يود أن يصفه (البغادة) من جيله...ا
ولم يتوقف فتاح باشا عن تقديم خدماته لوطنه كصناعي حيث أسس (شركة المنصور) التي قامت بإنشاء مدينة المنصور الحالية والتي تعـدّ واحدة من أرقى الأحياء في العاصمة...ا
ثم تعددت مواهب فتاح باشا واستطاع أن يسجل أسمه بأحرف من ذهب في تاريخ المصلحين العراقيين حتى بعـد قيام حكومات ما بعـد ثورة 1958 وتأميم شركته عام 1964 ...ا ويبقى السؤال الآن: إلى كم فتاح باشـا نحتاج في الوقت الحاضر لنهوض العـراق؟ مرحى فقد شكل الرأسمال العـراقي الدرجة الأولى للاستثمار... ولكن أين؟
في الأمارات العربية المتحدة!!(طول عمرنا خيرنا لغيرنا) ولا يزال قانون الاستثمار الوطني يجلس على قارعة طريق المشرعين من حجاج بيت الله الحرام منذ نهاية عام 2006 دون أن نعرف سببا وجيها لذلك....ا اجل أنهم يريدون للعراق أن يكون مجرد دولة (ريعية) تافهة تعيش على عائدات البترول الذي يراد له أن يكون منهوبا ومسلوبا ومهربا ومسروقا...ا أما أن تنشأ في العراق مزارع حديثة أو صناعة متطورة أو تجارة متقدمة ..فلا...ا