تفعيل الحراك الشعبي لإحداث التغيير في العراق، بين الواقع والطموح : الدكتور عمر الكبيسي
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61346مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: تفعيل الحراك الشعبي لإحداث التغيير في العراق، بين الواقع والطموح : الدكتور عمر الكبيسي الأربعاء 7 سبتمبر 2011 - 15:44
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفعيل الحراك الشعبي لإحداث التغيير في العراق، بين الواقع والطموح
شبكة البصرة
د. عمر الكبيسي
كان الحراك الشعبي وما سمي بعدئذ بالربيع العربي يشكل بالنسبة لمعظم المفكرين والمهتمين بالشأن العربي نقلة نوعية في التاريخ السياسي للأمة وظاهرة شعبية وثورية فاعلة شكلت احداثها ونتائجها في تونس ومن ثم مصر مفاجئة وإنجاز شعبي عربي غير مسبوق وغير متوقع للتصدي والإطاحة بأنظمة حاكمة راسخة باساليب واجهزة سلطة قمعية ومدججة ومتمرسة لعقود من الزمن ويثمر هذا الحراك بتحقيق التغيير ويصبح عابر للحدود تنتقل صيغته الى اليمن وليبيا وسوريا والبحرين ودول عربية أخرى ويحدث ما حدث.
من المؤكد ان طبيعة الحراك ومبرراته شكلت جذوة وشمعة مضيئة كما أثأرت على عجالة حراكا لدى الأنظمة الحاكمة المتشبة بالسلطة بكل الوسائل والقوى الدولية المتحكمة بهذه الأنظمة لضمان المصالح والمنافع لا يهمها في ذلك مصالح الشعوب او نهضتها ومن المؤكد أن فيما يخص الواقع النظام العربي الحاكم أن االولايات المتحدة وقوى غربية والكيان الصهيوني مهتمة جدا بمصير هذه الانظمة والتي تتفنن في وسائل بقاءها او إزالتها وفقا لرؤى المصالح وهكذا تتحدد مواقف القوى الدولية المتنفذة من طبيعة الحراك الشعبي من نظام الى آخر ومن قطر الى آخر لتكون لها اختراقاتها واحتواءاتها لأي حراك وفقا لهذه وهذا ما يستوجب ان تدركه قوى الشباب التي يشكل حراكها صلب ثورات الربيع العربي والأمل كبير ان حراك الثورات الشعبية لا يمكن ان يستغل او يجير لصالح اعداء الشعوب او مخططاتهم معما ابتدعوا من أساليب واحتضنوا من حركات سياسية لا تخفي اهدافها او افكارها و توافقاتها وبالتالي سيكون ثمن التغيير كبيرا ويقد يحول دون تكوين دولة السادة والتنمية المنشودة بل ربما ينتهي التغيير ببدعة كارثة الدولة الفاشلة او القمعية.
إن ما حدث في العراق بعد الاحتلال أمر مختلف تماما إذ من المؤكد ان الغزو العسكري للعراق عام 2003 بكل ضروف تكوينه وتنفيذه يكشف بوضوح انه مشروع تحطيم وتدمير واحتواء وليس مشروع تحرير ودمقرطة أو إسقاط دكتاتورية نظام او حاكم كما يدعون وإلا لما كانت هذه النتائج الوخيمة ومخطط الإبادة الشاملة هي البديل للدولة العراقية العريقة التي استهدفها المحتلون. وإتخاذ ما حدث في أحتلال العراق ذريعة للنيل مما يحدث من حراك شعبي في الوطن العربي أمر خطير لا يعكس الا طبيعة الاحتلال التدميرية للشعوب والأمم أين ما حل في حين ان الحراك الشعبي االعربي اليوم نحسبه انه اداة فاعلة وناجحة كما اثبتت احداثه لتحقيق إرادة الشعوب للتغيير وتحقيق النهضة المنشودة والتي لا تسر ولا تسمح بها قوى الاستبداد والإحتلال والهيمنة الدولية المتنفذة بمصائر الشعوب.
يكاد الحراك الشعبي العراقي المتنامي بفعل اصداء الحراك العربي في اقطار عربية اخرى له خصوصياته التي ينفرد بها عن غيره والتي يمكن ايجازها بالعناوين التالية:
أولاً - معوقات تنامي الحراك الشعبي العراقي :
أ. تبنى العملاء القادمون مع الاحتلال من احزاب المعارضة والتجمعات السياسية فرضية مبتدعة لتبرير عمالتهم بأن مشروع تحرير العراق هو مشروع تغيير وبناء للديمقراطية والاعمار والتنمية وان الجيوش الغازية هي مجرد قوات صديقة جاءت لإنقاذ العراق من نظام البعث وكانت اكثر هذه الاحزاب مكراً وصلافة في تمويه البسطاء والعامة بهذه الذريعة هي الاحزاب الدينية الطائفية ومرجعياتها على النقيض مما تطرحه من فكر ديني يبدو في ظاهره هو الحل كما يرددون وشكل هذا الإشكال في الأذهان حقنة التخدير التي اسهمت بشكل كبير في امكانية الاعداد لحراك شعبي سلمي مناهض للإحتلال لطيلة سنوات عجاف وبقيت المقاومة المسلحة العراقية والمتسلحة بفكر الجهاد والتحرير والتغيير من الاحتلال والتي انطلقت بشكل مبكر هي الواجهة الفاعلة للتصدي باستثناء بعض التظاهرات والمؤتمرات التي نددت بين الحين والآخر بافعال وممارسات قمعية ارتكبتها قوات الاحتلال او عناصر السلطة او ما حدث في ملعب الشعب من مظاهر الاحتجاج خلال احدى المباريات الرياضية بكرة القدم بين فريقين عراقيين كانت برعاية القوات المحتلة وكذلك ما اعقب حادثة منتظر الزيدي وقذفه للرئيس بوش بالحذاء من ظواهر شعبية ضد الاحتلال وحكوماته.
ب : كان لتفشى ظواهر العنف والفساد والصراع الطائفي والمحاصصة السياسية وغياب السلطة الفعلية وما سمي بسياسة الفوضى الخلاقة اثر كبير في تأخر انطلاقة مظاهر الحراك الشعبي ومنها ظاهرة ان يؤمن الناس في ظل هذه المظاهر على حياتهم ويتحملوا ضروف صعبة املا في تشكيل سلطة منتخبة تحقق ما يصبو اليه المواطن من امن وخدمات تخفف من معاناته.
ج : القمع الفكري والتنظيمي للأحزاب المناهضة للاحتلال والاجتثاث والمسائلة والهجرة وثقافة التهميش والمظلومية والفراغ اليساسي بعد سقوط النظام وتهميش الفكر الجهادي الديني والقومي وضعف الثقافة السياسية لمفهوم الحراك الشعبي والمقاومة السلمية والمعارضة في الشارع العراقي أدت مجتمعة الى تأخر انبثاق حراك شعبي او تنظيمات سياسية معارضة ذات نهج ثقافي معارض او مناهض بصيغ ديمقراطية في ظل هيمنة اسلحة القمع وميليشياتها وتنظيمات التكفير والصحوات ومجالس الأسناد واحتواء مجالس العشائر والشيوخ الى جانب السلطة والكواتم والعبوات اللاصقة والإختطاف اسهمت بظلالها دون انطلاق مظاهر الحراك الشعبي بالرغم من الفشل الذريع في تأمين الخدمات واعادة منظومة البنى التحتية للعمل في تامين الكهرباء والماء والدواء والغذاء للمواطن.
د : كما اسهمت تفاصيل العملية السياسية والانتخابات المتعددة والخطاب الاعلامي المكثف بالوعود والأمل وصراع الكتل الحاكمة السياسية المنتخبة وتقمص بعضها دور المعارضة اعلاميا جميعا في التاثير السلبي على تأخر نشوء حركات شعبية ثورية معارضة تتبنى مطالب شعبية. إصرار اجندة الاحتلال على خلق عملية سياسية خاضعة لمحاصصة المكونات بمختلف الإغراءات والوعود واللعب على ذقون الناخبين على ضوء هذا التمثيل افقد الساحة العراقية من وجود مشروع وطني معارض للعملية السياسية خلال السنوات المنصرمة بحجة ان عدم تمثيل اي مكون يعني حرمانه من امتيازات المشاركة خصوصا بعد تجربة القوى المناهضة للأحتلال والصدريين لإنتخابات الدورة الاولى افقد الساحة من إنطلاق أي نشاط لحراك شعبي إصلاحي كما هي الحال داخل العملية السياسية التي تحسب على السلطة. إجراء الانتخابات والترويج لسمة الديمقراطية لها ايضا شكل عامل محبط لتكوين تيار شعبي إصلاحي. من المؤكد ان دور الإعلام المضلل والمكثف لإدارة الاحتلال قد لعبت دورا كبيرا في هذا المجال.
ثانياً : خصائص الحراك الشعبي العراقي
أ : وجود الاحتلال كقوة عسكرية فعليه على الأرض العراقية وكقوة قرار سياسي فيه كان له اكبر الأثر في قظم اي بادرة للحراك الشعبي بشكل مباشر او غير مباشر تستهدف العملية السياسة.
ب : عدم وجود معارضة وطنية فاعلة وثابتة المواقف داخل العملية السياسية ذات قاعدة شعبية تستطيع توضيفها وطنيا بسبب ان تشكيل العملية السياسية اعد على اسس غير وطنية ولم تستقطب بشكل عام نماذج وطنية.
ج : النفوذ الإيراني الذي تتحدد مواقفه باستغلال ودعم الاحزاب الدينية الطائفية تحت سلطة ولاية الفقيه وذريعة مصلحة المذهب ويلزم الاحزاب الطائفية بالعودة الى الولي الفقيه في كل القرارات السياسية الخطيرة.
د : قمعية السلطة وتفردها باستخدام القوى الأمنية والعسكرية والميليشيات.
ه : سياسة شراء الذمم من خلال الفساد المالي والمخبر السري واستخدام المال العام وفساد القضاء.
و : الفراغ السياسي في الساحة بعد الاحتلال واجتثاب البعث واستهداف قواعده المكشوفة كأكبر قاعدة سياسية منظمة في الشارع العراقي قبل الاحتلال وبعده.
ز : فقدان المشروع الوطني الموحد للقوى المعارضة والمناهضة للإحتلال تحت تنظيم واحد مما ادى الى حالة تشتت واجواء لا تشجع على خلق او توضيف رموز سياسية جديدة. والسبب الرئيسي هو خلفية المسار السياسي للقوى السياسية العراقية التي تعاقبت على السلطة وشوائب هذه المسيرة التي تنعكس على الواقع السياسي العراقي بكل سلبياتها ويحول دون توحدها.
ح : حالة اللامسؤولية والإحباط لدى مكون الشباب المهمشة والتي يشكل معظم طموحها الهجرة والتحصيل العلمي والمالي.
ط : المرجعيات الدينية والثقافة التقليدية السائدة في مفهوم الدين والسياسة وعلاقة هذه المراجع بالسلطة ونجاح الاحتلال في احتواء مواقف هذه المرجعيات والتنظيمات.
ي : حجم الهجرة والتهميش والاعتقالات والمعوقين والايتام والارامل والخسائر البشرية في المجتمع العراقي والفقر والجهل والأمية والمرض.
3. مشروعية الحراك الشعبي في العراق :
لتبرير الدعوة الى قيام حراك شعبي عراقي في ظل الوضع العراقي المتأزم الحالي وتبرير نتائجه وما قد يلحق بنشاطاته من ردود فعل معاكسة تترتب عليه لا سامح الله من خسائر في الأرواح او سلبيات في الخدمات العامة او إجراءات قمعية وتبعيات لا بد من التطرق الى اسس مشروعية ومبررات الحراك والتي تكمن في :
أ. إخفاق واضح وملموس في إيجاد أي صيغة او محاولة للإصلاح والتغيير في الواقع العراقي المتأزم سواء فيما يتعلق بمسؤولية الاحتلال المشرعن دوليا والمتمثل بالولايات المتحدة كواقع حال بعد حدوث غزو عسكري غير مشرعن بالرغم من تكرر اعتراف ادارة الاحتلال بهذا الواقع المتردي فقد اخفق في ان يقدم حلولا تنم عن تحمله مسؤولية إيقاف حالة التردي بل تبنى على العكس من ذلك التاسيس لسياسة الفوضى الخلاقة ومظلومية المكونات.
ب: إخفاق وفشل العملية السياسية ونتاجاتها من رئاسات وبرلمان وحكومة وقوى أمن وجيش في تحقيق حالة ملموسة في الاعمار والتنمية واستتباب الامن بل على العكس من ذلك تم الاستفراد بالسلطة بمشاركة أحزاب طائفية وميليشيات متنفذة.
ج: إخفاق عربي وإقليمي ودولي في إيقاف حالة التردي والإنهيار العراقي.
د: خلو العملية السياسية من اي نمط من انماط المعارضة البناءة والفاعلة.
لقد حاول المالكي منذ اليوم الاول مستغلا سلطته النيل من مشروعية الحراك الشعبي و وصمه بالإرهاب والتكفير والبعث وتمكن من تسخير امكانيات البرلمان والحكومة للتصدي لهذا الحراك وإنكار مشروعيته.
لقد وصل حجم التخريب والهدم والفساد والعنف والإرهاب والنقص في الخدمات ومرتكزات بينية الحياة الكريمة والآمنة حدا لا يطاق ولا يمكن إصلاحه في ظل حكمومة ناقصة سمتها الفساد والرشوات والوعود الكاذبة والعقود الوهمية والصراعات بين الشركاء الاعداء بسبب المناصب والامتيازات والمتعاضدين على التشظية والتقسيم والتسارع في تنفيذ مآرب الاحتلال ولقد بلغ هول المشهد العراقي اوج التأزم بالتزامن مع ما تشهده ساحات الربيع العربي من إنجازات حراك شعوبها بالخلاص والإطاحة بانظمتها القعمية وكانت اول مبادرات الحراك الشعبي في العراق مظاهرات الكوت والسليمانية ثم مظاهرات 25 شباط 2011 العارمة في ساحة التحرير في بغداد وساحات الكوت والبصرة والانبار ونينوى والمدن الأخرى والتي تميزت برفع شعارات المطالبة باصلاح الخدمات والتصدي للفساد الاداري والمالي وكانت مجابهات وردود فعل السلطة قمعية وعنيفة مما أدى الى سقوط اكثر من 25 شهيدا وتبع ذلك استمرار خروج هذه التظاهرات الشعبية في أيام الجمع المتعاقبة تحت مسميات متصاعدة بالمطالب وفي كل مرة كانت ردود فعل السلطة متفننة بالقمع والمنع ولم يتم تنفيذ شيئا من وعود المالكي بخديعة فرصة المائة يوم والتي مرت مرور الكرام.
وبالتزامن مؤخرا مع اطروحات التمديد للإتفاقية الأمنية او الجلاء لقوات الاحتلال وإصرار الإدارة الأمريكية على إصدار قانون الغاز والنفط وقوانين العفو والحظر للبعث وما تبقى قوانين امتيازات الاتفاقية الامنية لصالح الولايات المتحدة جاء خطاب الحراك الشعبي المتجدد بالدعوة الى تظاهرات 9 ايلول القادم وبشعارات تطالب بسقف اعلى وحلول أشمل تتضمن المطالبة برحيل الاحتلال ورحيل المالكي وحكومته وتعديل الدستور واعادة الإنتخابات بنزاهة وإشراف رصين.
أنصافا وتقيميا لمسيرة فعاليات ونشاطات الحراك الشعبي العراقي منذ بداياتها في 25 شباط لغاية اليوم نجد انها قد حققت إنجازات كبيرة ضمن كسر عامل الخوف والتصدي لردود فعل السلطة القمعية والإجرائية ومن خلال تظاهرات سلمية منظمة و متصاعدة في سقوف المطالب الى حد بلغت فيه سقوف المعارضة السياسية المناهضة للإحتلال في الساحة وأهداف مقاومته الوطنية مما يعني ان الحراك الشعبي المتميز بعدم تبعيته لأي لون طائفي او اتجاه فكري بتميز متجدد في الرؤى والقراءة الصحيحة وبدأ باتجاه تحقيق هدف التغيير أسوة بالحراكات الشعبية العربية الأخرى، ما يؤخذ على هذا الحراك هو عدم شموليته وتوسع قاعدة جماهيره للأسباب التي تم ذكرها آنفاً.
4. وسائل تفعيل الحراك الشعبي في العراق
• أ.من المؤكد ان الحراك الشعبي كي ينبغي ان يكون جماعيا وشموليا ينبغي ان يتبنى تحقيق أهداف جماعية ذات تاثير كبير في الاوساط الشعبية ولهذا تشكل الاحداث الكارثية كالزلازل والاوبئة والفياضانات في تاريخ المجتمعات حالات تكاثف وتوافق جماعي للعمل الشعبي والمدني الجاد لحسر الخسائر والاغاثة وتثمر عن فعل ناجح لا يختلف في الاشتراك فيه مكون او قطاع بل لايختلف فيه اثنين. ولكي يكون الحراك الشعبي العراقي فاعلا ومؤثرا ينبغي التثقيف ان الوضع العراقي الحالي هو وضع مأساوي وكارثي يستهدف الانسان العراق بكل التفاصيل وهذا الوضع ناتج عن احتلال غاشم تبنى فوضى خلاقة استهدفت كل تفاصيل البنية التحتية وقيم الانسان العراقي وهي بهذه المعنى لا تختلف في النتائج عن ما تفضي اليه الكوراث البيئية والمناخية وبهذه الصيغة يحسب للحراك الشعبي بانه نمط من فعاليات النشاط المدني الجامع.
• ب: وحين ينظر للوضع العراقي المعقد الحالي بانه نتيجة مباشرة لحدث سياسي يتمثل باحتلال غاشم وعملية سياسية فاشلة يحسب للحراك الشعبي بانه نمط من النشاط السياسي الجماهيري الجامع الذي يحظى بوجود توافق شعبي على اهداف وطبيعة الحراك بحيث تكون الاهداف المعلنة ذات طابع انقاذي تنصب لصالح جماهير الأمة ولا تنعكس بالضرر او التقاطع مع قطاع جماهيري او مكون او طبقة سياسية ذات قاعدة جماهيرية واسعة لذا ينبغي تلافي شخصنة الاهداف ومحاولة تجنب إضفاء مسؤوليتها بمكون او طائفة او بإرث او تقليد اجتماعي او ديني او عرقي ضمن المكون وحصر هذه المسؤولية بعنصر الاحتلال بشكل مباشر نظرا لحساسية الامر بطبيعة المجتمع العراقي وتكوينه كما لا ينبغي الخوض بتفاصيل الإرث السياسي والديني بحيث لا تكون للحراك صيغة طائفية او عرقية او حزبية ويكون رباطها الجامع هو التصميم الشعبي على الإنقاذ والخلاص من الاحتلال وخلفياته وهنا ينبغي التأكيد على شخصنة الفاسدين والمنتفعين من طبقة الساسة والمتنفذين في ظل الاحتلال وتجنب شمولية تفنيد فعلهم وأداءهم وسلوكهم من خلال شخصنة الأفعال لا تلبيسها بفكر او اتجاه معين كي يتم الحفاظ على الاحتواء السياسي لجميع الانشطة السياسسية الفاعلة في المجتمع اتجاهات واحزاب وتنظيمات وتكتلات وعناوين في المشاركة والإسناد للحراك.
• ج: طبيعة الحراك ينبغي ان تسمو بالتنفيذ والسلوك والإعداد والتطبيق الى سمو الاهداف المعلنة من حيث الحفاظ على سلمية الحراك ودقة الالتزام بالقييم السلوكية للمجتمع لتظهر نشاطاته منظمة سلمية غير عدوانية وملتزمة بقواعد النظام والقانون ومستلزمات الحفاظ على النفس والبيئة وتوفير مستلزمات الانشطة من احتجاجات وتظاهرات وفعاليات بشكل نظامي وقانوني وإنساني.
• د. يشكل عنصر الشباب والطلبة والعمال والمتضررين وقطاعات المجتمع الفاعلة المهمشة والمظلومة بفعل الواقع العراقي المتأزم أهم عناصر تحمل مسؤولية هذا الحراك ولهذا ينبغي التركيز على تحقيق مشاركة فاعلة لهذه القطاعات الكبيرة والفاعلة في المجتمع والتي تشكل عملية اضراباتها واحتجاجاتها تاثير فعلي سريع في المجتمع مؤثر وفاعل بشكل مباشر كالجامعات والنقابات والمنتديات والاتحادات وغيرها من التنظيمات المجتمعية والهنية والسياسية.
• ه: يستوجب الحراك الشعبي الفاعل حالة عالية من التنظيم والاعداد والتنسيق و تشكيل قيادة موحدة وهيئات تنسيق وتنظيم وتنفيذ واعلام موحد منظم يعني بالاشراف الكامل على نشاطات وتحديد اهداف وتنفيذ هذا الحراك يتم من خلالها اختيار رموز وشخوص ذات قيمة اجتماعية ومهنية وسياسية مؤثرة تتميز بالقبول الشعبي والاجماع الكامل على رمزية هذه الشخوص والقيادات بين الجماهير وتميزها بالحكمة والنزاهة والوطنية.
الإستنتاج :
الحراك الشعبي العراقي اليوم وفقا لما تقدم يقف على أرضية صلبة من حيث المشروعية والاهداف ويشكل نواة لما يجب ان يتم تنشيطه وتفعيله من أجل تحقيق هدف التغيير والإصلاح والإنقاذ في مشهد متأزم كارثي لواقع خدمي وسياسي سيئ لم يستأثر بجهد فاعل للإحتلال ولا سلطته المنصبة لإيقاف نزيفه او تهديداته المستقبلية الخطيرة.
قد يبدو للعديد من المتابعين للوضع العراقي ان امكانية التغيير عن طريق الحراك الشعبي في العراق غير فاعلة أو مؤثرة وهكذا متابعات تخضع لقواعد تحليلة ترى في الحراك نوع من الوهم او التمني الغيبي على واقع محبط خاضع لتراكمات تاريخية لمراحل فترات الاحتلال والتقسيم واجندات الحروب العالمية واتفاقياتها في تقاسم المغانم بين المنتصرين، لكن مؤشرات ما يحدث اليوم من متغيرات اقليمية واحداث كبيرة متمثلة بالربيع العربي وردود فعل احتواء دول الهيمنة والنفوذ لهذه الاحداث أمر مختلف يبشر بأن ربيع الثروات واقع حال وقطف ثماره آتية وأن العراق الواقد نافذ من قبضة الاحتلال ومعاناته وهو موحد ومتآلف وان الاحتلال راحل وان الحراك الشعبي والمقاومة الوطنية متناميتان فاعلتان وهما السبيل الأمثل للخلاص، وليس للعملية السياسية الحالية القائمة والخائبة والفاشلة بكل تفاصيلها بعد ان اتخمت وافسدت قياداتها ورموزها المصطنعة من مناص سوى الهلاك او الفشل والرحيل.
الحراك الشعبي هو السبيل الامثل لإسقاط الطائفية والتقسيم واجتثاث الفساد والمفسدين والعبور الى شاطئ التحرير والسيادة والتنمية والديمقراطية الواعدة، هذه حقيقة قراءة منطقية واقعية حتمية وليست ضرب من خيال او وهم من حالة إحباط او تنبئ لحالة أمل غيبي كما يحلو للبعض ان ينعته.
شبكة البصرة
الثلاثاء 8 شوال 1432 / 6 أيلول 2011
تفعيل الحراك الشعبي لإحداث التغيير في العراق، بين الواقع والطموح : الدكتور عمر الكبيسي