سلطان بن محمد القاسمي يفتتح الدورة العشرين لمهرجان أيام الشارقة المسرحية إبراهيم الملا - افتتح سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم الشارقة مساء أمس الأول بقصر الثقافة بالشارقة فعاليات الدورة العشرين لمهرجان أيام الشارقة المسرحية التي تنظمها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة بالتعاون مع جمعية المسرحيين بالدولة، وتشارك بها عشرة فرق مسرحية تقدم أحد عشر عرضا داخل وخارج المسابقة الرسمية للمهرجان.
حضر حفل الافتتاح سمو الشيخ عبدالله بن سالم القاسمي نائب حاكم الشارقة وعدد من الشيوخ والمسئولين والمسرحيين وضيوف المهرجان وأعضاء لجنة تحكيم العروض بالمهرجان، بالإضافة إلى حشد كبير من الجمهور الذي ملأ مسرح قصر الثقافة.
وألقى عبدالله العويس مدير عام دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة كلمة بالمناسبة قال فيها « تسعد الشارقة هذا المساء، أن تحتفي بالمسرح وأهله، مرحبة بضيوفها الكرام الذين وفدوا إليها من الدول العربية الشقيقة، ليؤكدوا بذلك أهمية التواصل العربي الذي يحرص عليه ويوجه به ويرعاه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة»
وأشار العويس إلى كلمة صاحب السمو حاكم الشارقة خلال افتتاح معرض الشارقة للكتاب، والتي أكدت على أن المسرح يمثل ركيزة من ركائز صناعة المعرفة، وأنه ركن تنويري من أركان التنمية الثقافية الشاملة.
وأضاف العويس « بعد أن ترسخت أيام الشارقة المسرحية كقاعدة أساسية للتنمية الثقافية في الدولة انبثقت منها أيضا منجزات مسرحية عديدة تمثلت في أنشطة مسرحية على مدار العام ومنها: «الموسم المسرحي الصيفي» الذي تعرض فيه مختارات من العروض المسرحية المتميزة التي شاركت في الأيام، وبعد ذلك يبدأ «ملتقى الشارقة للمسرح العربي» حيث يلتقي مسرحيون متخصصون من الوطن العربي لتدارس موضوع من مواضيع المسرح، ليتشكل بذلك التراكم المعرفي الذي يستفيد منه المشتغلون بالمسرح ويستطيعون من خلاله استبصار مشهدهم الثقافي الحاضر والانطلاق إلى أفق أرحب»
ونوه العويس إلى أن أيام الشارقة المسرحية أفرزت تظاهرة مسرحية أخرى مثل «مهرجان الإمارات لمسرح الطفل « الذي أثبت نجاحه وأهميته في دوراته الخمس الماضية.
من جهته ألقى إسماعيل عبدالله رئيس جمعية المسرحيين بالدولة كلمة بمناسبة انطلاق الدورة العشرين من المهرجان أشاد فيها بدور سمو حاكم الشارقة في تألق واستمرارية أيام الشارقة المسرحية، لأنه حاكم مستنير يؤمن بأن المسرح هو مدرسة لكل الأجيال على مر العصور.
وقال عبدالله « إن أيام الشارقة ترسخت في صلب الحركة المسرحية في الإمارات، وتحولت إلى مناسبة سنوية هامة ينتظرها المسرحيون ويستعدون لها ويسعدون بتواجدهم فيها».
تلا ذلك استعراض أسماء المشاركين بلجنة تحكيم العروض الداخلة في المسابقة وهم سامي عبدالحميد من العراق رئيس اللجنة، والأعضاء الدكتور حسين المسلم من الكويت والدكتور حسن عطية من مصر، والدكتور عبدالكريم برشيد من المغرب وعبدالله راشد من الإمارات.
وانطلقت بعد انتهاء فقرات حفل الافتتاح أولى عروض الدورة العشرين من مهرجان أيام الشارقة المسرحية بعرض مسرحية «تراب» لفرقة مسرح الشارقة الوطني وهي من تأليف وسينوغرافيا وإخراج محمد العامري.
ومنذ الوهلة الأولى لبدء العرض ومع انكشاف مكونات السينوغرافيا يبدأ المتفرج في الدخول مباشرة إلى المختبر المسرحي والبصري المتجدد للفنان محمد العامري الذي يقدم في كل دورة من دورات الأيام مفاجأة جديدة ومدهشة ومليئة باقتراحات نصية ومشهدية تسعى إلى تحويل الفرجة المسرحية العادية إلى فرجة متصاعدة ومتوهجة بطقوسها الخاصة وثيماتها الشعبية التي تتمازج مع أبعاد ورموز ودلالات إنسانية عامة ومتشابكة.
فبعد لحظة إعتام وغموض يبدأ العرض في بث شفراته ومضامينه من خلال الإضاءة التدريجية التي تكشف عن صندوق خشبي كبير يفتح مغاليقه بهدوء على منصة خشبية ومرآة كبيرة تتعالى وتتوسط سقف الخشبة، ومع دخول مؤثرات صوتية وموسيقية من التراث البحري المحلي، نتعرف على الراوي الرئيسي في العرض وهو النوخذة الذي قام بدوره أحمد الجسمي، الذي يعيد تذكيرنا بصمود الأهالي في الماضي وقدرتهم على التكيف وتجاوز الأخطار البيئية والأمراض الفتاكة التي عصفت بهم، ولكنه في ذات الوقت يلوم أهل الحاضر الذين فسحوا المجال للغريب الذي يجسد دوره في العرض الفنان جمال السميطي، حيث ينشر هذا الغريب المخاوف والإشاعات حول قرب وصول الجراد وتهديده لخيرات البلد، ويتقرب من ابن النوخذة الذي قام بدروه الممثل عبدالله زيد، كي يتحول إلى مستشاره الشخصي ويقنعه بضرورة بيع الأهالي لتراب منازلهم من أجل بناء منازل حديدية عالية تقي البلدة والأهالي من غزو الجراد، ومن خلال هذه الصراع الذي ينشأ بين ثيمات الماضي والأصالة والذكريات النقية وبين متطلبات الحداثة من نمو اقتصادي وتوسع عمراني يأخذ العرض في تنويع لغته ومفرداته المسرحية، وتوزيعها بالتالي على ضفتي الواقعية والتعبيرية، حيث يرى الراوي وهو يتماهى ويتداخل في روايته ويصبح جزءا أساسيا من مكوناتها، بينما يتحول الكورس إلى مفصل بشري حي ونابض ومكمل لمكونات السينوغرافيا من ديكور وإضاءة ومؤثرات صوتية، وينتهي العرض على هيمنة الأقفاص الحديدية على فضاء الخشبة وانتشار لون الدم على المرآة وتحول الهجوم المنتظر من الجراد إلى هاجس نفسي مقيم ومهيمن على الأهالي.
تميز عرض العامري بانشغاله البحثي والجمالي في إمكانيات العرض المسرحي، واستثمار السينوغرافيا من جانبها الديناميكي والمتحرر من ثقل الشكل وصرامة الحضور، كما تميز العرض بلغته البصرية الفائضة التي حولت الممثلين إلى طاقات جمالية متحركة ومحتشدة بالطقس الصوفي والروحاني الذي يجسد الحنين والذاكرة وطفولة الأرض وبراءتها، في مقابل الوحشية التي يمارسها التمدن المفرط والهائل على المكان، وهذا التكنيك المسرحي الذي يمزج الممثل مع بنية العرض أصبح شبيها بالبصمة الإبداعية أو الرؤية الخاصة التي بات يرسخها محمد العامري في المشهد المسرحي المحلي عرضا بعد آخر، وتجربة بعد أخرى.
تتواصل فعاليات مهرجان أيام الشارقة المسرحية اليوم، بعرض مسرحية «رحلة وداع» لمسرح كلباء الشعبي وذلك في تمام الساعة السابعة على خشبة مسرح قصر الثقافة. والعرض داخل المسابقة .
سلطان محمد القاسمي يفتتح الدورة العشرين لمهرجان أيام الشارقة المسرحية