جرب الشيطان حواء في الجنة، كما جرب الرب يسوع في البرية. وليس الشيطان رمزا أو فكرة لكنه كائن له وجود حقيقي ودائما ما يقاوم الله ومن يتبع ويطيع الله، وكان الرب يسوع هدفا أساسيا لتجارب الشيطان. وإذ نجح الشيطان مع حواء تمنى لو ينجح مع يسوع أيضا.
أحيانا نحس أنه لو قادنا الروح القدس فسيكون ذلك دائما إلى حيث "المياه الهادئة الساكنة"، لكن ذلك ليس بالضرورة صحيحا. فالروح القدس اقتاد يسوع في البرية لوقت طويل من التجرية العصيبة. وقد يقتادك الروح أيضا إلى مواقف صعبة. حينما تواجهك التجارب تأكد أولا أنك لم تجلبها على نفسك بخطيتك أو باختيار أرعن غير حكيم. فإن لم تجد خطية تعترف بها أو سلوكا طائشا تغيره، فاطلب من الله أن يقويك في تجربتك وامتحانك. وأخيرا كن حريصا على أن تتبع الروح القدس بأمانة إلى حيث يقودك.
كثيرا ما تأتي التجارب بعد نقطة سمو في حياتنا الروحية أو خدمتنا (انظر 1مل 18، 19 حيث تجد قصة انتصار إيليا العظيم يليها يأس). وتذكر دائما أن الشيطان يختار الأوقات التي يسدد فيها هجومه. وعلينا أن نكون يقظين وساهرين في أوقات النصر تماما كما في أوقات الإحباط. ارجع إلى الشرح المكتوب على (مت 4: 1-10) لتعرف كيف يجربنا الشيطان حين تنكشف جبهتنا ونكون معرضين لهجومه.
إن معرفة كلمة الله وطاعتها سلاح فعال ضد التجربة، وهو السلاح الهجومي الوحيد المذكور ضمن أسلحة الإنسان المسيحي (أف 6: 17). وقد استخدم الرب يسوع الكلمة المقدسة في مواجهة هجمات الشيطان، ويمكنك أيضا أن تفعل نفس الشيء. ولكي تستخدمها بكفاءة وفاعلية لابد أن تؤمن بمواعيد الله لأن الشيطان يعرف أيضا الأسفار المقدسة وهو بارع في استخدامها بصورة خادعة لتناسب غرضه. وطاعة كلمة الله أهم بكثير من مجرد الاستشهاد بالآيات. لذلك طالع الأسفار المقدسة يوميا، وطبقها على حياتك. وحينئذ سيكون سيفك حادا ومصقولا دائما.
غالبا ما تأتينا التجارب من نقاط القوة فينا وليس من نقاط الضعف. فالشيطان جرب يسوع في مواضع قوته. إن للرب يسوع سلطانا على الحجارة، وعلى ممالك العالم وعلى الملائكة. وقد أراد الشيطان أن يستخدم الرب يسوع سلطانه بغض النظر عن إرساليته ومهمته. وعندما نخضع للشيطان مستخدمين قوتنا بصورة خاطئة يصيبنا الغرور والكبرياء والاعتماد على الذات. وحين نثق في قدراتنا الذاتية نحس بعدم الحاجة إلى الله. ولكي نتجنب هذا الفخ لابد لنا أن ندرك أن كل ما عندنا من قوة إنما هي عطية من الله، لابد من تكريسها لخدمته. كما يجربنا الشيطان أيضا حينما نكون مكشوفين أمامه ومعرضين لتجاربه. ولتعرف كيف يعمل هذا ارجع إلى شرح (مت 4: 1-10).
لماذا كان يجب أن يجرب الرب يسوع؟ أولا لأن التجربة جزء من الخبرة البشرية. فلكي يكون يسوع إنسانا كاملا، ولكي يفهمنا فهما تاما وجب عليه مواجهة التجربة (انظر عب 4: 15). ثانيا كان على يسوع أن يبطل عمل آدم ويلغيه. فبرغم أن آدم خلق كاملا سقط في التجربة ونقل الخطية إلى كل الجنس البشري. أما الرب يسوع، فعلى العكس من ذلك، قاوم الشيطان. كما أن انتصاره يقدم الخلاص لكل نسل آدم (انظر رو 5: 12-19).
كثيرا ما يثير الشيطان الشكوك والتساؤلات حول أقوال الله، عالما أننا ما إن نبدأ في التشكك في الله حتى يسهل على الشيطان أن يقنعنا بعمل ما يريده. وقد تساعد أوقات التساؤل والتشكك على تنقية معتقداتنا وتقوية إيماننا، لكنها قد تكون خطيرة أيضا. فإذا كنت تتعامل مع الشك في حياتك فثق أنك ستكون معرضا، بصفة خاصة، للتجارب. وحتى حينما تبحث عن الإجابات حصن نفسك بالتأمل والتفكير في الحقائق الثابتة التي لا تهتز أي كلمة الله.
قد تكون التجربة أحيانا، إغراء بعمل أمر ليس خطأ في ذاته. فإن تحويل الحجارة إلى خبز ليس بالضرورة أمرا سيئا. فليست الخطية في الفعل ذاته بل في سبب الفعل ودافعه. إذ كان الشيطان يحاول إقناع الرب يسوع باختصار الطريق، بحل مشكلته المباشرة على حساب أهدافه البعيدة. وغالبا ما يعمل الشيطان بنفس هذه الطريقة إذ يقنعنا بعمل أمور، حتى الصالح منها، لكن لأجل سبب خاطئ. فإذا كان أمر ما ليس خطأ في ذاته، فإن ذلك لا يعني أنه صالح لك في وقت معين بذاته. اسأل نفسك أولا : "هل يقودني الروح القدس إلى عمل هذا الأمر؟ أم أن الشيطان يغريني بعمله حتى يخرجني عن المسار الذي يريده الله لي؟"
لقد تمنى الشيطان، في غطرسته، لو نجح في تمرده ضد الله، بأن يحيد الرب يسوع عن مهمته، ويكسب عبادته له. فكأن الشيطان كان يقول ليسوع : "هذا العالم ملك لي، وليس لله، فإن أردت أن تفعل أي شيء ذي قيمة هنا، عليك أن تعترف بهذه الحقيقة". أما الرب يسوع فلم يجادل الشيطان حول من الذي يملك العالم، لكنه رفض التصديق على ادعاء الشيطان رافضا السجود له. إن الرب يسوع يعرف أنه يفدي العالم بتقديمه حياته ذبيحة على الصليب، وليس بالتحالف مع الشيطان الذي هو ملاك فاسد ساقط.
لم يخطئ الشيطان هنا في الاقتباس من الأسفار المقدسة والاستشهاد بها لكنه أخطأ في تفسيرها. فالمقصود بالمزمور الحادي والتسعين إظهار حماية الله لشعبه، وليس تحريض الناس على استخدام قوة الله في تقديم عروض جسدية حمقاء.
إن انتصار المسيح على الشيطان هنا انتصار حاسم لكنه ليس نهائيا. ففي أثناء خدمة الرب يسوع على الأرض نراه قد واجه الشيطان في عدة صور. وكثيرا ما نرى التجربة على أنها حاسمة ونهائية. وفي الحقيقة يلزمنا أن نكون يقظين دائما ضد هجمات إبليس المستمرة. ترى في أي نقطة الآن تجد نفسك أكثر عرضة للتجربة؟ وكيف تستعد لتحملها؟
25 ـ 10 ـ 2011
كريمة عم مرقس عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 24429مزاجي : تاريخ التسجيل : 31/01/2010الابراج :