من اجل من مات المسيح ؟ ....................................
اذا وجه هذا السؤال الى أي واحد منا ياتيك الجواب مباشرة وبسرعة وبدون تردد ، انه مات من اجلي ومن اجلك ومن اجلنا جميعا ، اكرر السؤال واقول ولكن من اجل من مات المسيح ؟ ولماذا مات ؟ قبل ان ناتي الى الجواب لا بد من اعطاء فكرة عن لماذا جاء المسيح ؟ يخبرنا سفر التكوين بان الله خلق الانسان على صورته ومثاله بارا مستقيما له كل الحرية والارادة وخوله السيطرة على جميع المخلوقات واسكنه في جنة عدن التي اوجدها خصيصا له واتحد به برباط روحي ثم اوصاه قائلا ( من جميع اشجار الجنة تأكل اكلا . واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لانك يوم تاكل منها موتا تموت ) ( تك 2 :17 ) . لكن آدم وحواء تمردا على الله خالقهما ، وخالفا وصيته واختارا لنفسيهما طريقا منفصلا عن الله . وبذلك اضاع الانسان كل حقوقه وامتيازاته وفسخ الرباط المقدس مع الله وعقده مع ابليس ولـُعنت الارض بسببه وطـُرد من الجنة واصبح مجرما في حق الله مستوجبا حكم الموت الصادر عن الله بحقه ( موتا تموت ) . وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس ،( لان كل شيء فيه حياة لا بد ان يعمل ثمرا كجنسه ) فآدم الخاطيء ولد اناسا خـُطاة ايضا ، فنفس الانسان الاول كانت مائتة بالخطيئة فمن الطبيعي ان يلد نسلا ميتا مثله ، فالقطة لا تلد كــلبا ولا الكــلبة تلد قطة ولا الجماد يستطيع ان يلد شيئا حيا . لذلك اصبح الناس منذ ذلك الوقت خـُطاة او منفصلين عن الله ، هذا هو الموقف الذي وجد الله نفسه فيه مع علمه المسبق به ، فقد خلق الرجال والنساء ليشاركهم مجده ، غير انهم رفضوا مشورته ووصيته واختاروا ان يخطأوا ، وبما ان الله محب ، اقترب منهم بمحبته ليخلصهم لم يرد ان يهلكهم عقابا لجريمة آدم ولكنه ليس الها محبا فقط بل اله قدوس وعادل ايضا فان من شان طبيعته ان ترفض كل انسان خاطيء . يقول الكتاب ان ( اجرة الخطية هي الموت ) وهكذا فانك تستطيع القول بان الله واجه مشكلة لكن حكمته وجدت وسيلة واحدة لا غير للتخلص من هذا الموقف وهي ( ان يموت الله مصلوبا ) لان بدون سفك دم لا تحصل مغفرة وبما ان الطبيعة الالهية التي قررت ان تموت لاتقع تحت الالام والصلب والموت ولا تقبل شيئا من هذا القبيل لذا قرر ان يلبس جسد الانسان ولكن جسده قبل الخطيئة ف ( صار الكلمة جسدا ) لينوب عن الجنس البشري لتحمل ثمن الخطيئة وهي الموت . حيث انه لا بد من دفع الثمن فالذي يعمل خطا لا بد ان يدفع ثمنه وثمن خطيئته هي الموت ولان محبة الله للبشر واسعة لم يرد ان يكون الموت هو ثمن خطيئتنا فقام هو ودفع الثمن وهذا الثمن هو ( موته على الصليب ) وبهذا فان المسيح ادى غرضين في نفس الوقت الاول حمل خطيئة الجنس البشري وهذا هو موته من اجلنا والثاني حقق عدل الله وهذا هو موته من اجل الله ايضا. والسؤال الاخر الذي يمكن ان يوجه الينا وهو الا يوجد طريقا اخر للخلاص او شخصا اخر يقوم به غير المسيح ، فعبر تاريخ البشرية كلها ظهر انبياء ورجال لله ، والعهد القديم يحدثنا عن كثير من هؤلاء فهذا موسى وهذا اشعيا ودانيال وايليا وغيرهم كثيرون لم يكن باستطاعة هؤلاء تخليص البشرية من خطيئتها حتى بعد هؤلاء ظهر اناس التف حولهم الالاف بل الملايين من الناس مثل بوذا وكونفوشيوس لم يكن بمقدور هؤلاء تخليص البشر من براثن ابليس والخطيئة واقامة علاقة مع الله . كانت فكرة التجسد موجودة في فكر الله منذ الازل وقبل خلقه للانسان وبالتاكيد ان الانسان خلال هذه الفترة التي مرت قبل تجسد الكلمة كان بعيدا عن الله بسبب فصم العلاقة بينه وبين الله وبالتالي فهو ليس مستعدا لاستقبال وفهم هذا الحدث بل لم يكن باستطاعته فهم ذلك ، لذلك كان لا بد من تهيئته وترويضه للقبول بهذا الحدث وهؤلاء الانبياء الذين ذكروا في الكتاب المقدس كان هذا هذا هو واجبهم وهو تهيئة البشرية لفكرة التجسد وفداء البشرية وليس قيامهم بمهمة الفداء هم انفسهم لذلك نراهم يتحدثون عن الخلاص والمخلص وعودة العلاقة مع الله بل تنبأوا بالمسيح بالتحديد والعهد القديم يحوي على اكثر من ثلاثمئة نبوءة تتحدث عن السيد المسيح وكانوا على علم انهم ليسوا هم المخلصين بل الوسيلة لافهام الناس عن المخلص ولذلك يقول الرسول بولس في ( غلاطية 4:4 ) ( هكذا نحن ايضا لما كنا قاصرين كنا مستعبدين تحت اركان العالم ولكن لما جاء ملء الزمان ....) نفهم من هذا القول ان البشرية كانت قاصرة عن الادراك محدودة التفكير طفلة التكوين لذلك كان يسقيها الله في تلك الفترة من حياتها حليبا ريثما تنموا وتترعرع وتمر بادوار الحياة وتصبح مستعدة وقادرة على فهم فكرة المخلص عن طريق الاله المتجسد يسوع المسيح . هذا من جانب اما الجانب الاخر والذي لا يمكن فيه الخلاص الا بيسوع المسيح وهو ان الذي يقوم بعملية الخلاص لا بد ان يتوفر فيه شرطين ضرورين الاول وهو ان يكون بلا خطيئة حتى يستطيع ان يحمل خطيئة العالم وبما ان هؤلاء الذين تم ذكرهم هم من نسل آدم الذي قلنا بان الخطيئة الاصلية قد اجتازت اليهم اما الرب يسوع المسيح فقد لبس جسد انسان قبل الخطيئة . اما الشرط الثاني وهو ان الله غير محدود والخطيئة التي وجهت اليه غير محدودة ايضا فيتوجب على الذي يقوم بالمهمة ان يكون غير محدودا ايضا وهذه الصفة لا يحملها الا الله فقط ولذلك اخذ جسد انسان وهو غير المحدود اما هؤلاء فهم اناس عاديون مثلنا محدودي القدرة . والسؤال الاخر الذي قد يوجه الينا وهو اذا كان الله على هذا النحو من المحبة افلا يقبل كل انسان كما هم ؟ وكيف يمكن لاله محب ان يسمح لانسان خاطيء ان يذهب الى الجحيم ؟ والجواب هو كيف يمكن لاله قدوس وعادل وبار ان يسمح لانسان خاطيء ان يكون في محضره ، فالله ليس اله محب فقط بل هو اله بار وعادل وقدوس ايضا . أوَلا يستطيع الله ان يغفر لنا خطايانا وننهي الامر؟ ولكن حيثما يوجد غفران يوجد ثمن يدفع والذي دفع ثمن خطيئتنا هو الرب يسوع المسيح بموته على الصليب .
<> منقــــــــــول <> 02 ـ 11 ـ 2011
كريمة عم مرقس عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 24429مزاجي : تاريخ التسجيل : 31/01/2010الابراج :