بسم الاب والابن والروح القدس الاله الواحد امين
العاصفة
/ ولم يكن المرفأ صالحا للشتو فيه، فرأى أكثرهم أن يبحروا منه عساهم أن
يصلوا إلى فينكس، فيشتوا فيه، وهو مرفأ في كريت ينظر إلى الجنوب الغربي
والشمال الغربي.
اع-27-9: ومضى زمن طويل حتى أصبح ركوب البحر خطرا، لأن الصوم قد انقضى، فأخذ بولس ينصحهم
اع-27-10: قال: ((أيها الرجال، أرى أن في الإبحار ضررا وخسارة جسيمة، لا للحمولة والسفينة فقط، بل لأرواحنا أيضا)).
اع-27-11: على أن قائد المائة كان يثق بالربان وصاحب السفينة أكثر منه بأقوال بولس.
اع-27-12:
ولم يكن المرفأ صالحا للشتو فيه، فرأى أكثرهم أن يبحروا منه عساهم أن
يصلوا إلى فينكس، فيشتوا فيه، وهو مرفأ في كريت ينظر إلى الجنوب الغربي
والشمال الغربي.
اع-27-13: فهبت ريح جنوبية لينة، فظنوا أنهم ينالون بغيتهم فرفعوا المرساة وساروا على مقربة من شاطئ كريت.
اع-27-14: وبعد وقت غير كثير، ثارت من أعلاها ريح عاصفة يقال لها أوراكيلون،
اع-27-15: فاندفعت السفينة ولم تقو على مغالبة الريح، فاستسلمنا إليها نساق على غير هدى.
اع-27-16: فمررنا مسرعين بالقرب من جزيرة صغيرة تدعى قودة، ولم نستطع حبس الزورق إلا بعد جهد.
اع-27-17:
فبعد أن رفعوه بادروا إلى اتخاذ وسائل الحيطة فشدوا وسط السفينة بالحبال،
وأنزلوا الأشرعة مخافة أن تجنح السفينة إلى شاطئ سرطق، ومضوا تسوقهم الريح
على هذه الحال.
اع-27-18: وكانت العاصفة في اليوم الثاني تهزنا هزا شديدا، فجعلوا يلقون الحمولة.
اع-27-19: وفي اليوم الثالث أخذوا بأيديهم صواري السفينة فألقوها في البحر.
اع-27-20: وما ظهرت الشمس ولا النجوم من عدة أيام، والعاصفة لم تزل على شدتها. فكان يذهب كل أمل في نجاتنا.
اع-27-21:
وكانوا قد أمسكوا عن الطعام مدة طويلة، فوقف بولس بينهم وقال لهم: ((أيها
الرجال، كان يجب أن تسمعوا لي فلا تغادروا كريت، فتأمنوا من هذا الضرر وهذه
الخسارة.
اع-27-22: على أني أدعوكم الآن إلى الآطمئنان، فلن يفقد أحد منكم حياته، إلا أن السفينة وحدها تفقد.
اع-27-23: فقد حضرني في هذه الليلة ملاك من عند الله الذي أنا له وإياه أعبد،
اع-27-24: وقال لي: لا تخف يا بولس، يجب عليك أن تمثل أمام قيصر، وقد وهب الله لك جميع المسافرين معك.
اع-27-25: فاطمئنوا، أيها الرجال، إني واثق بالله، فستجري الأمور كما قيل لي.
اع-27-26: ولكن يجب أن تجنح بنا السفينة إلى إحدى الجزر)).
اع-27-27: وكنا في الليلة الرابعة عشرة نساق في البحر الأدرياتي، فأحس البحارة عند منتصف الليل أن أرضا تقترب منهم.
اع-27-28: فسبروا الغور بالمسبار فإذا هو عشرون باعا، ثم ساروا قليلا وسبروه ثانية فإذا هو خمسة عشر باعا.
اع-27-29: فخافوا أن تجنح بنا السفينة إلى أماكن صخرية، فألقوا أربع مراس في مؤخرها وباتوا يرجون طلوع الصباح.
اع-27-30:
على أن البحارة حاولوا الهرب من السفينة، فأخذوا يدلون الزورق في الماء
زاعمين أنهم يريدون إلقاء المراسي في مقدم السفينة.
اع-27-31: فقال بولس لقائد المائة وجنوده: ((إذا لم يبق هؤلاء في السفينة، فأنتم لا تستطيعون النجاة)).
اع-27-32: فقطع الجنود حبال الزورق وتركوه يسقط في الماء.
اع-27-33:
فجعل بولس، إلى أن يطلع الصباح، يحثهم جميعا على تناول شيء من الطعام قال:
((هوذا اليوم الرابع عشر الذي تقضونه وأنتم صائمون لم تذوقوا شيئا.
اع-27-34: فأحثكم على تناول الطعام، لأن فيه خلاصكم، فلا يفقد أحد منكم شعرة من رأسه )).
اع-27-35: قال هذا ثم أخذ رغيفا وشكر الله بمرأى منهم أجمعين، ثم كسره وجعل يأكل،
اع-27-36: فاطمأنوا كلهم وتناولوا الطعام هم أيضا.
اع-27-37: وكان عددنا في السفينة مائتين وستا وسبعين نفسا.
اع-27-38: فلما شبعوا أخذوا يخففون من أثقال السفينة، فطرحوا القمح في البحر.
اع-27-39:
ولما طلع الصباح، لم يعرف البحارة الأرض، ولكنهم تبينوا خليجا صغيرا له
شاطئ فأزمعوا أن يدفعوا السفينة إليه إذا استطاعوا.
اع-27-40: فحلوا المراسي وخلوها في البحر، وأرخوا في الوقت نفسه رباط السكان، ثم رفعوا الشراع الصغير للريح وقصدوا الشاطئ.
اع-27-41: فوقعوا على شط رملي، فجنحوا بالسفينة إليه فنشب فيه مقدمها، وبقي لا يتحرك، في حين أن مؤخرها تفكك من شدة الموج.
اع-27-42: فعزم الجنود على قتل السجناء مخافة أن يهرب أحد منهم سبحا.
اع-27-43:
ولكن قائد المائة كان يرغب في إنقاذ بولس، فحال دون بغيتهم، وأمر الذين
يحسنون السباحة أن يلقوا بأنفسهم قبل غيرهم في الماء ويخرجوا إلى البر.
اع-27-44: وأمر الآخرين أن يخرجوا إلى البر، إما على الألواح، وإما على أنقاض السفينة، وهكذا وصلوا جميعا إلى البر سالمين.