في رسالة اليوم وهي الى أهل رومية الأصعب في رسائل بولس يقول الرسول: “ بعد ان أُعتقتم من الخطيئة صرتم عبيدًا للبِر” . يقابل عبوديتنا للخطيئة التي كنا فيها مع عبوديتنا للبِر التي صرنا فيها بالمعمودية . والمعمودية عنده كانت لاحقة للإيمان اذ كان يتوجّه الى البالغين . عنى بهذا تماسكا كيانيا مع البِر.
ثم يفسر هذا بقوله إن العبودية للخطيئة هي “ عبادة الإثم للإثم ” بمعنى ان الإثم الذي هو ذروة الخطيئة يولد الإثم . ويعود ليؤكد ان العبودية للبر هي للقداسة التي هي تنزه عن كل معصية وتوغل في حياة المسيح . وحتى لا يفهم احد انه من الممكن ان يخلط الخطيئة والبِر بحيث يأخذ من هذا ومن تلك ، عاد الى التأكيد ان عبيد الخطيئة احرار من البِر اذ لا يجتمع النور والظلمة .
بعد هذا يدلي بفكرة أخرى بأن الأمور السيئة التي كان المؤمنون يرتكبونها قبل اهتدائهم إنّما عاقبتُها الموت . الخطيئة عنده سبب الموت اذ كان الله عند الخلق أعدّنا للخلود ، ولما عصا آدم دخل الموت الى الكيان البشري .
لا يقول الطب شيئًا عن سبب الموت ولو لاحظ أمراضًا . أحيانا يموت انسان بلا مرض معروف . هذه هي النظرة البيولوجية .
اما بولس فلا يتحدّث عن كيان الجسد وتركيبته ونـهايته . يكشف السبب الذي هو عنده الخطيئة . نـحن في الإيمان ليس اختصاصنا الصحة والمرض . لا ندخل هذا الحـديـث . نقول ان ثمّة سببا للموت ليس من اختصاص العلماء أن يـبحثوه . هو الخطيئة . ولا يعني بهذا خطيـئة الفـرد ولكن الخطيـئة المنتـشرة في العـالم . ثمار الخطيــئـة العـامـة ، المتـفشّيـة في البـشر تـصيـب كل انسان .
يكرر فكره هذا اذا قال : “ قد أُعتقتم من الخطيئـة واستـُعبدتم لله ” . المعنى الذي يريد ناتج من رؤيـته للعبـوديـة التي كان يـعمل بها في الامبراطورية الرومانية حيث كان العبد مُلكا لسيّـده ، وكان في بدء نظام العبـوديـة للسيد ان يـحفظ لعبـده الحيـاة او ان يميته كما يـشاء .
“ استُعبدتم لله ” تعني ان الله حافظنا في الخير واننا خاصّته . هذا الاستعباد لله ثمره القداسة . “ والعاقبة هي الحياة الأبدية ” . والحياة الأبدية عرّفها المسيح على انّها معرفة لله ولابنه اي معايشة حياة ومرافقة حياة بيننا وبين الله . وهذه المرافقة حصرية بمعنى انه ليس لنا مشاركة مع غير الله .
أخيرًا يوضح ان “ أُجرة الخطيئة موت ” . والموت عند بولس عدوّ، وآخر عدوّ تبطله القيامة من بين الأموات التي انحدرت الينا من قيامة المخلّص .
ويُنهي بولس هذا المقطع بقوله : “ ان الحياة الأبدية هي في المسيح يسوع ” بمعنى اننا لا نوهبها فقط عند القيامة ولكنها بدأت فينا مع المعمودية ونجدّدها في الأسرار وفي حياة البرّ.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما ( جبل لبنان ) .
الرسالة : رومية 6: 18-23
يا إخوة ، بعد ان أُعتقتم من الخطيئة أصبحتم عبيدًا للبرّ. أقول كلامًا بشريًا من أجل ضعف أجسادكم . فإنكم كما جعلتم أعضاءكم عبيدًا للنجاسة والإثم للإثم ، كذلك الآن اجعلوا أعضاءكم عبيدًا للبرّ للقداسة . لأنكم حين كنتم عبيدًا للخطيئة كنتم أحرارًا من البرّ. فأي ثمر حصل لكم من الأمور التي تستحيون منها الآن ، فإنما عاقبتُها الموت . واما الآن فإذ قد أُعتقتم من الخطيئة واستُعبدتم لله فإن لكم ثمركم للقداسة ، والعاقبة هي الحياة الأبدية، لأن أجرة الخطيئة موت وموهبة الله حياة أبدية في المسيح يسوع ربنا .
الإنجيل : متى 8: 5-13
في ذلـك الزمان ، دخـل يـسوع كفرنـاحوم فدنا اليه قائـد مـئـة وطلب اليه قائلا: يا رب إن فتايَ مُلقى في البيت مخلّعا يـُعذّب بـعذاب شديـد . فقال له يسوع : أنا آتي وأشفيه . فأجاب قائد المئة قائلا : يا رب لستُ مستحقا ان تدخلَ تحت سقفي ، ولكن قل كلمة لا غير فيبرأ فتاي . فإني انا انسان تحت سلطان ولي جند تحت يدي اقول لهذا اذهب فيذهب وللآخر ائت فيأتي ، ولعبدي اعمل هذا فيعمل . فلمّا سمع يسوع تعجّب وقال للذين يتبعونه : الحق اقول لكم إني لم أجد ايمانا بمقدار هذا ولا في اسرائيل . اقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقوبَ في ملكوت السماوات . واما بنو الملكوت فيُلقون في الظلمة البرّانية . هناك يكون البكاء وصريف الأسنان . ثم قال لقائد المئة : اذهب وليكن لك كما آمنت . فشُفي فتاه في تلك الساعة .