آلام المسيح وصلبه الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي ...............................
توجد مقاربات كثيرة لآلام المسيح وصلبه ، كلٌ بحسب طريقة حياته . المقاربة الأولى إنسانية المركز يغلب عليها العنصر العاطفي الوجداني . الثانية هي المسمّاة الأخلاقية وفيها تُطبَّق آلام المسيح وصلبه على وقائع حياة الناس وعلى الظروف المؤلمة عند الأفراد . والثالثة هي المقاربة اللاهوتية التي يغلب عليها الواقع وفيها الندامة مرتبطة دون انفصال بالفرح المرّ. نستند في التحليل التالي إلى هذه الطريقة الأخيرة حيث تُقارَب الأحداث من ضمن لاهوت الكنيسة . عندما نتكلّم عن مقاربة لاهوتية نعني التركيز على النقاط الخريستولوجية ، أي بشكل أساسي الهدف الذي من أجله تألّم المسيح وكيف عملت طبيعتاه خلال آلامه وصلبه . في هذا الإطار يوجد أيضاً الكثير من المواضيع الخريستولوجية . لهذا لن نتطرّق إلى الأحداث المرتبطة بآلام المسيح ، كإنكار بطرس وخيانة يهوذا وعقوق اليهود وغيرها ، بل فقط إلى الأمور المتعلّقة بشخص المسيح الإلـه ـ الإنسان ـ .
1.
كمثل كل أحداث حياة المسيح ، آلامه أيضاً هي حدث تاريخي جرى خلال حكم بيلاطس البنطي ، بحسب ما يرد في الإناجيل . بما أن المسيح كان أيضاً إنساناً كاملاً ، هذا يعني أنّ له طبيعة بشرية كاملة وعاش في زمان محدد . ولهذا يعطي الإنجيليون حدث الصلب التاريخي قيمة كبرى . لكن في الوقت نفسه ، الصلب هو سرّ لأنّه يشير إلى انتصار المسيح على الموت وتجديد الطبيعة البشرية . إذاً ، الكلام عن الصلب ليس استذكاراً لحدث تاريخي ، ولا هو حزن على الظلم الذي أُلحِق بإنسان بارّ، بل هو بشكل أساسي عن الانتصار الظافر على الشيطان والموت والخطيئة . والعنصر الأسراري ليس محدّداً بهذه النقطة وحدها بل يمتدّ إلى اختبارها شخصيّاً . فالاشتراك الشخصي بآلام المسيح وصلبه ضمن حياة الكنيسة الأسرارية يشكّل قوّة سرّ صليب المسيح وقيامته .
وهكذا نحن لا نقارب أيام الأسبوع العظيم كتاريخ فقط ، بل بشكل أساسي من منظار أسراري روحي . هذا يعني أننا نشترك بانتصار المسيح على الموت ، بقدر ما نغلب الموت في حياتنا الشخصية بقوة المسيح المصلوب والقائم .