حلقـة ( 8 ) ............ لشفاء الإنسان ، احتمل المسيح آلاماً كثيرة : الاستجواب من رؤساء الكهنة وبيلاطس ، الجلد ، إكليل الشوك ، الثوب الإرجواني ، حمل الصليب إلى الجلجلة ، الصلب، وغيرها . في كل هذه الأمور تظهر شهامة الله الذي قبل كل شيء لخلاص الإنسان . الخالِق يُدان ويُعَيَّر من خليقته ، والصانع من صنيعته ، والأب من ابنه . للطريقة التي عاني بها المسيح ولأشكال الآلام الكثيرة الأخرى معنى مهم ، لأنّ بهذه الطريقة شفى المسيح أمراض الإنسان المختلفة وقاده إلى الصحة الروحية. القديس نيقوديموس الأثوسي ، كونه محباً للجمال ، جمّع مقاطع آبائية كثيرة عن مختلف أشكال الآلام التي تظهر سبب تألّم المسيح بهذا الشكل . حصل المسيح على إكليل الشوك على رأسه ، فأظهر سقوط الإكليل الذي حمله الشيطان من انتصاره علينا ( القديس غريغوريوس بالاماس ) . كما يُظهِر إكليل الشوك أن المسيح مسح اللعنة التي حملتها الأرض بعد سقطة آدم فراحت تنبت الشوك، أو أنه محا اهتمامات الحياة الحاضرة وأوجاعها، التي هي مثل الأشواك، أو أنّه خالق العالم المنتصر على الجسد والخطيئة ( القديس أثناسيوس الكبير) كون الملوك يضعون الأكاليل . لقد مُزِّقَت ثيابه وألبِس الأرجوان ليرفع ثياب البَشَرة التي لبسها آدم بعد عصيانه وصية الله والتي ترمز لقابلية الموت . أيضاً، لبس المسيح الأرجوان ليُلبِس الإنسان عدم الموت الذي كان له قبل العصيان . لقد حمل قصبة في يده ليقتل التنين أو الحيّة القديمة لأن الحيّة تعمى بالقصبة ( القديس أثناسيوس الكبير) . إلى هذا، لقد أخذ القصبة ليضع حداً لتسلّط الشيطان على البشر ( القديس غريغوريوس اللاهوتي ) ، ولكي ليمحو كتابة خطايانا ( القديس أثناسيوس الكبير) ، وليكتب صكّ الغفران بدمه الأحمر بشكل مَلَكي ( القديس ثيودوروس الستوديتي ) . لقد صُلِب على خشبة الصليب أي على شجرة المعرفة . نحن نعرف من العهد القديم أن آدم سقط من خلال شجرة وخسر الشركة مع الله ، فمن خلال شجرة أخرى، أي شجرة الصليب ، يعود الإنسان إلى فردوس الابتهاج . لقد سُمِّر على الصليب ليسمِّر الخطيئة . لقد بسط يديه على الصليب ليشفي امتداد يدي آدم وحواء لأخذ الثمرة المحرَّمة ، ولكي يتحِد ما كان قد تفرّق، أي الملائكة مع البشر، السماويين مع الأرضيين . لقد قبل على الصليب طعم المر والخلّ بدل الحلاوة التي تذوّقها آدم وحواء في الثمرة المحرَّمة ( القديس غريغوريوس اللاهوتي ) . وهكذا بطعم الخلّ شفى طعم اللذة المحرَّمة . لقد قبل الموت ليميت الموت. الدم والماء اللذان نبعا من جنبه أظهرا أسرار الكنيسة الأساسية : المعمودية ( الماء ) والإفخارستيا المقدّسة ( الدم ) ، كما معمودية الشهادة . الشمس والقمر أظلما إشارةً إلى حزنهما على المصلوب . رُفِع المسيح على الصليب من أجل سقطة آدم . الصخور تشققت لأن صخرة الحياة تألّم . أقام المسيح الموتى الذين دخلوا أورشليم ليظهر أننا عندما نقوم سوف ندخل أورشليم العلوية . بعد موته على الصليب دُفِن لكي لا نعود إلى الأرض كما فعلنا سابقاً. في النهاية قام من أجل قيامتنا . بطريرك القسطنطينية بروكلّس الإلهي سمّى آلام المسيح تطهيراً وموته سبباً لعدم الموت ، لأنّه كان فجر الحياة، وسمّى النزول إلى الجحيم جسراً لعودة الأموات إلى الحياة ، كما رأى في ظهيرة يوم الحكم على المسيح بالموت تذكيراً بإدانة الإنسان بعد الظهر، الصليب طبيب شجرة الفردوس ، المسامير هي لإصلاح بمعرفة الإله الكلمة ما كان ينشر الموت ، الأشواك كانت عناقيد من عنب اليهود ، المرّ سبباً لعسل الإيمان وتعزية لشرّهم ، الإسفنجة كانت ما محا خطيئة العالم ، القصبة كانت ما أدرج أسماء المؤمنين في السماء وحطّم تشامخ الحيّة مصدر الشر، الصليب كان رمزاً عارَضَه غير المؤمنين وأكرمه المؤمنون . بآلامه ، برهن المسيح أنّه طبيب حقيقي للبشر، لأنّه شفى كل المِحَن التي كدّسها آدم على الجنس البشري . لقد أثبت أنّه المُنشِئ الجديد للجنس البشري .