بعد ايام من انسحاب القوات الامريكية
بغداد: 67 قتيلا ومئتا جريح بانفجارات مع تصاعد التوتر الطائفي والازمة السياسية
2011-12-22 بغداد - من كريم رحيم: وقعت سلسلة من التفجيرات في بغداد الخميس، مما أسفر عن سقوط 67 قتيلا على الأقل في أول هجوم كبير يستهدف العاصمة العراقية منذ اندلاع أزمة داخل الحكومة التي يقودها الشيعة، بعد أيام فقط من انسحاب القوات الأمريكية.
وكانت هذه التفجيرات المنسقة على ما يبدو أول علامة على رد فعل عنيف على تحرك رئيس الوزراء نوري المالكي لتهميش اثنين من منافسيه، مما يثير مخاطر العودة مرة أخرى إلى العنف الطائفي الذي دفع العراق إلى حافة الحرب الأهلية قبل سنوات قليلة.
وفي أكبر تفجير قال مسؤولون في الشرطة والصحة إن 18 شخصا على الأقل قتلوا عندما فجر انتحاري سيارة إسعاف قرب مكتب حكومي في حي الكرادة، مما أدى إلى تصاعد سحابة غبار وتناثر أجزاء من السيارة على روضة أطفال مجاورة.
وقالت ميسون كمال التي تعيش في الكرادة، 'سمعنا صوت سيارة.. ثم مكابح سيارة ثم انفجارا هائلا.. كل نوافذنا وأبوابنا تحطمت.. ملأ الدخان الأسود شقتنا'.
وقالت مصادر في الأمن والشرطة إن 63 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 194 في أكثر من عشرة تفجيرات في أنحاء بغداد. ومعظم المناطق المستهدفة مناطق شيعية. وسارع مسؤولون عراقيون إلى وصف الهجمات بأنها رسالة سياسية وجهت أثناء الأزمة الحالية.
وقال المالكي في بيان 'ان توقيت هذه الجرائم واختيار أماكنها يؤكد مرة أخرى لكل المشككين الطبيعة السياسية للأهداف التي يريد هؤلاء تحقيقها'.
وقالت الشرطة ان قنبلتين مزروعتين على الطريق انفجرتا في حي العامل جنوب غرب بغداد، مما أسفر عن مقتل سبعة على الأقل وإصابة 21 آخرين، في حين انفجرت سيارة ملغومة في منطقة شيعية بحي الدورة في الجنوب، مما أسفر عن مقتل ثلاثة على الأقل وإصابة ستة.
وقالت الشرطة إن تفجيرات أخرى وقعت في مناطق العلاوي والشعب والشعلة في الشمال، وكلها مناطق تسكنها أغلبية شيعية، كما انفجرت قنبلة زرعت على الطريق فقتلت شخصا وأصابت خمسة قرب حي الأعظمية الذي تسكنه أغلبية سنية.
وكانت عجوز تتشح بالسواد تنتحب وتنادي على زوجها المفقود تحت الأنقاض بعد أن انفجرت قنبلتان في سوق لبيع الخضراوات بالجملة حيث يعملان.
وقالت 'لا أعرف إن كانوا أخرجوه أم لا'.
وانحسر العنف في العراق بعد أن بلغت أعمال القتل الطائفي ذروتها في عامي 2006 و2007، حيث كان مهاجمون انتحاريون وعصابات يستهدفون المناطق السنية والشيعية في هجمات متواصلة أسفرت عن مقتل الآلاف.
ولا يزال العراق يخوض حربا ضد جماعات مسلحة عنيدة من المتشددين السنة المرتبطين بـ'القاعدة' وميليشيات شيعية يقول مسؤولون أمريكيون إنها مدعومة من إيران يشنون هجمات يومية.
وقال قاسم الموسوي المتحدث باسم العمليات الأمنية في بغداد، إن العراق يعيش أوضاعا معقدة وحذر من أن هناك مؤامرة على العراق من داخله.
وانسحب آخر القوات الأمريكية من العراق في مطلع الأسبوع بعد نحو تسع سنوات من الغزو الذي أطاح بالرئيس الراحل صدام حسين. وقال كثير من العراقيين إنهم يخشون العودة إلى العنف الطائفي، بدون وجود قوات أمريكية عازلة.
وبعد أيام من الانسحاب تواجه حكومة بغداد الهشة التي تتقاسم السلطة فيها الكتل المختلفة أسوأ أزمة منذ تشكلها قبل نحو عام.
وسعى المالكي هذا الأسبوع إلى اعتقال طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي بشأن اتهامات بتدبير اغتيالات وتفجيرات. كما طلب المالكي من البرلمان إقالة نائبه صالح المطلك بعد أن شبه المالكي بصدام.
وتسببت هذه الخطوات ضد الزعيمين في توترات طائفية، حيث يخشى السنة من أن يكون رئيس الوزراء يسعى لإحكام قبضة الشيعة على السلطة.
ويشعر السنة في العراق بالتهميش منذ صعود الأغلبية الشيعية في أعقاب الغزو في عام 2003.
وكانت هجمات امس هي أول هجوم كبير في بغداد منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عندما انفجرت ثلاث قنابل في منطقة تجارية. ووقع انفجار آخر عند المشارف الغربية للمدينة يوم السبت مما أسفر عن سقوط 13 قتيلا على الأقل.
وفي تشرين الأول (اكتوبر) أسفرت تفجيرات في شارع تجاري مزدحم في شمال شرق بغداد عن سقوط 30 قتيلا على الأقل وإصابة العشرات.