أيضاً يصف الإنجيلي يوحنا الأمور المتعلقة بإنزال المسيح عن الصليب ودفنه.
يوسف الرامي ونيقوديموس كانا تلميذين بالسرّ. الأول كان
"تلميذاً ليسوع لكن بالسرّ خوفاً من اليهود"، والثاني كان الذي أتى
لعند المسيح ليلاً. هذان الإثنان عملا معاً لدفنه. يوسف الرامي طلب الإذن للدفن
من بيلاطس وقام به مع نيقوديموس. قريباً من الجلجثة كان بستان
"وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ" (يوحنا 38:19-41).
ينشد المرنّم الإلهي: "لقد أظهرت إشارات وعلامات دفنك برؤى كثيرة".
في تفسير هذه الطروبارية، يكتب القديس نيقوديموس الأثوسي أنّ ما يُقال هنا هو
أنّ من خلال رؤى أنبيا العهد القديم الكثيرة، أظهر المسيح العلامات، أي شكل قبره.
هناك الكثير من الأحداث في العهد القديم التي تصوّر مسبقاً الدفن المجيد للمسيح.
ويشير القديس إلى الأكثر خصوصية بينها، كمثل دخول يونان في بطن الحوت
لثلاثة أيام، كلمات إشعياء: "وَلَيْسَ مَنْ يَفْطَنُ بِأَنَّهُ مِنْ وَجْهِ الشَّرِّ يُضَمُّ الصِّدِّيقُ.
يَدْخُلُ السَّلاَمَ. يَسْتَرِيحُ فِي مَضجِعِهِ" (إشعيا 1:57-2)، قيامة الموتى
التي جرت عند دفن النبي إيليا، النبي دانيال الذي خرج سالماً من جبّ
الأسود حيث رموه، ورؤيا النبي حزقيال الذي نظر قيامة العظام
الميتة ونبوءته التي نقرؤها بعد زياح الدفن.
هنا أيضاً علينا أن نشدد على أن المسيح، كونه إلهاً أيضاً وذا
سلطان على الموت وكل الخليقة، فقد قبِل بإرادته أن يُوضَع في قبر.
ننشد في إحدى طروبريات قانون السبت العظيم: "لأن الساكن في
العلاء قد خُتِم عليه تحت الأرض بإرادته" (الطروبارية الثالثة من الأودية الثامنة)،
وفي طروبارية أخرى: "هوذا الساكن في العلاء قد حُسِب بين الأموات ويضيف
في قبر حقير" (أرموس الأودية الثامنة). يقوم المسيح بكل الأمور البشرية بطريقة تليق بالله.
ولكن حتى في القبر، فجسد المسيح كان مرهِباً كونه متحداً بالألوهة.
فكلمات البطريرك يعقوب التي يشير فيها إلى المسيح معروفة جداً: "جَثَا وَرَبَضَ كَأَسَدٍ وَكَلَبْوَةٍ. مَنْ
يُنْهِضُهُ؟" (تكوين 9:49). في تفسير هذه النبوءة، يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أن الأسد
مرهِب، ليس فقط عندما يستيقظ، بل أيضاً في نومه. الأمر نفسه مع المسيح، الذي كان
مرهِباً ليس فقط قبل الصلب بل أيضاً خلاله وبعد موته. وقد فُسِّرت بهذه الطريقة
لأن في اللحظة التي مات فيها المسيح، جرت كل تلك الأمور المخيفة، الظلام على الأرض،
الزلزال، انشقاق الصخور وحجاب الهيكل، قيامة القديسين المائتين ودخولهم أورشليم.
إن صورة الأسد تشير إلى ألوهة المسيح.
لقد أظهر قبر المسيح أنّه "كنز إلهي للحياة"، لأنّه احتوى الحياة نفسها.
القديس أبيفانيوس القبرصي في عظته عن الموضوع يعبّر عن دهشته من
كيف تذوقت الحياة الموت، كيف الذي لا يُدرَك يُحتوى في قبر، كيف يقطن في القب
ر مَن لم يترك حضن أبيه، كيف الذي فتح أبوب الفردوس وكسر أبواب
الجحيم يدخل في مغارة، فيما في الوقت نفسه لم يفسد أبواب العذراء...
يسمّي القديس أثناسيوس الكبير القبرَ "موضع القيامة"، "مشغل القيامة"،
"إبادة القبور"، "قبر فيه تتنفّس الحياة بلا نهاية". كان ينبغي أن يكون
هذا القبر جديداً لأسباب كثيرة، لكن السبب الأساسي هو لكي لا يكون
هناك أي تشوش ولا يُفتَكَر بأن قيامة المسيح كانت بسبب حضور أي شخص
آخر مدفون هناك، ولا أن الذي قام هو شخص آخر غير المسيح.
وينشد المرنّم، مفتكراً بالقبر "إن القبر لَسعيد لأنه ظهر إلهياً
لما اقتبل ضمنه كنز الحياة الخالق كنائم لخلاصنا نحن المرتلين مبارك أنت
أيها الإله المنقذ" (الطروبارية الثانية من الأودية السابعة).
>> منقول >>
26 ـ 12 ـ 11