الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: رد: صفحة من التعاون العربي اليهودي : خالد القشطيني الإثنين 2 يناير 2012 - 16:15
خالد القشطينيفي زيارة للمغرب قمت بها مؤخرا اكتشفت ان الأحياء اليهودية هناك يسمونها بالملاّح (بتشديد اللام) استغربت من التسمية فاستقصيت الموضوع. تبين انها تعود لعهود كان اليهود فيها يحتكرون تجارة الملح هناك. و كان الملح في القرون الغابرة يلعب دورا مشابها لدور النفط في عصرنا هذا . ياما جرت حروب و حروب بشأنه. لم يلتفتوا الى اخطاره و اضراره المهلكة. الم اقل؟ تماما مثل النفط. و كان السلاطين عندئذ يفعلون ما يفعلونه اليوم. يقطعون رؤوس كل من يعارض او يفكر. و لكنهم لم يثقوا بولاتهم فطالبوهم بإرسال رأس الضحية للتأكد من قطعه. تطلب ذلك ان يملحوا الرأس لئلا يتعفن في الطريق الطويل و يزعج السلطان بجيفته. و استطاع اليهود ان يفوزوا بعقد المهمة في ان يتولوا مهمة تمليح رؤوس المسلمين الذين امر مسلمون آخرون بقطعها. صفحة بديعة من صفحات التعاون العربي اليهودي. ذكرتني هذه الصفحة بصفحة مشابهة عرفناها في العراق. فرض العثمانيون ضريبة على دفن كل مسلم شيعي في النجف الأشرف. و بالطبع لم يتعبوا انفسهم في جمع الاتاوة فأعطوها باللزمة. و فاز بالعقد اليهود ايضا. راح تاجر يهودي يجبي اتاوة من كل مسلم شيعي قبل ان يسمح لهم بدفنه في وادي السلام. واستطيع ان اتصور هذا التاجر يبدأ يومه بالدعاء : يا ربي موّت الشيعة و ما تخسرني مرت جنازة امام قهوة العباخانة فقام هذا التاجر يمشي وراءها بخشوع ثم عاد مكتئبا و لم ينقطع من البكاء. "اشنو هذا يا ابو سليم؟ كل هالبكا على واحد من المسلمين الكويم؟ سألوه فأجاب :" انا قأبكي علينو؟ انا ابكي على حالي. سألتو عالميت . قالوا اسمه عمر ابن عثمان." التجارة الأخرى التي فرضها العثمانيون على اليهود كانت صنع العرق. تفرغ لها رجل في سوق حنون. و بالطبع لم يكن البيع بالمقاييس المترية او في الواقع بأي مقاييس. كان يعرف زبائنه و يعرف كم يحتاج كل واحد منهم ليسكر. و يبيعه "حق السكرة". جاءه ابو جاسم من محلة الجعيفر وطلب حق السكرة. دار له كمية في قنينة و اعطاه إياها. " لا ابو حسقيل هذا مو كافي. ما راح اسكر." اكد له العرقجي ان الكمية كافية و اقنعه.. دفع له عشرة قروش و مضى بها. مضى نصف الليل و استنفذ الكمية و لكنه شعر بأنه ما زال صاحيا. " ها الكلب اليهودي ابو حسقيل غشني. قلت له هذي ما تكفي و عاندني. الملعون قشمرني. و الله لا ارجع عليه و العن ابوهكانت ليلة ممطرة وتحولت ازقة بغداد من الجعيفر لسوق حنون الى اكوام من الطين و الأوحال. و لكن ابو جاسم لبس يمنيه و اقتحمها ، يقع و يقوم و يقوم و يقع و المطر يزخ عليه حتى وصل بيت ابو حسقيل وراح يطرق على الباب بعنف و غضب: " لك ابو حسقيل كلب الله يلعنك. قلت لك هالكمية مو كافية. آني بعدني مو سكران. قام الرجل المسكين من فراشه و فتح الباب و رأى زبونه بتلك الحالة ، جراويته و صايته كلها طين و الماء ينقط منها: " زين، زين ابو جاسم. بس لا تزعل . راح اعطيك عوازة. لكن بس اريد أسألك هو اللي يطلع من بيته و يمشي من الجعيفر لهوني بهالمطر و الطين ، هو صاحي أو سكران؟!"