رحيل الفنان التشكيلي هيشون أربعون عاما من العمل في الفن
- غيب الموت أمس الأول في اللاذقية واحدة من القامات البارزة على الساحة الفنية السورية إذ رحل الفنان التشكيلي عيسى بعجانو المعروف في الوسط الفني بـ هيشون عن عمر ناهز الثامنة والخمسين بعد معاناة مع مرض عضال تاركا وراءه سيرة ابداعية ثرية شكلت في كل من مراحلها إضافة نوعية للحركة التشكيلية السورية خاصة في ظل ما كان لتجربة الفنان الراحل من خصوصية على المستويين التقني والموضوعي وهو الأمر الذي تجلى في سلسلة طويلة من الأعمال المتميزة و المقتناة من قبل وزارة الثقافة السورية ومتحف الفن الحديث في بخارى /أوزبكستان إلى جانب جهات عامة و خاصة في مختلف دول العالم.
ولم تقتصر تجربة هيشون على الجانب التشكيلي بل تعدته إلى حقول الشعر والقصة القصيرة والدراسات النقدية إلى جانب عدد كبير من الكتابات البحثية الفنية منها والأدبية والتاريخية والتي نشرت في صحف محلية وعربية لتشكل مجتمعة بوتقة إبداعية ثرية عكست الغنى الفكري للفنان الراحل وهو ما تجلى في عدد من النتاجات الأدبية والنقدية والبحثية بينها مجموعات قصصية وشعرية منها شلال ولا قبر له وطائر هيشون وحديث التراب إضافة إلى دراسات مطولة حول الأدرب الأوغاريتي والأدب الرافدي.
وتميز مشروع هيشون التشكيلي بالتركيز على الصيغة التجميعية لجملة من العناصر التشكيلية في اللوحة الواحدة كما في رسوماته للقوارب والصيادين والرعاة والكهوف و الحيوانات البرية منتجا بذلك مجموعة من القيم الدلالية عكست أولاً فلسفته الخاصة وأسلوبه الفني في تجسيد الفكرة موضوع العمل لينبثق تلقائيا عن هذه القيم مفاهيم بصرية جديدة تعددت أبعادها وتأويلاتها على أكثر من جانب دون أن تعرقل هذه التشكيلات القبائلية في أعمال الفنان امتداد حوار بصري يمتد إلى ما لانهاية على مستوى اللون والعنصر.
ويشكل اليوم غياب الفنان هيشون كما يقول صديقه المقرب الفنان بولص سركو فراغاً ابداعياً كبيراً في الساحة الفنية السورية نظرا لما قدمه الراحل في تجربته الممتدة لأربعين عاما من إضافة ثرية ونوعية للحركة التشكيلية المحلية وهي تجربة كانت العفوية والتلقائية والبساطة عناوين رئيسية لها.
وأضاف.. كان هيشون يرسم خطوطه و يضع ألوانه كما يفعل الطفل بكامل عفويته و فرحه مترجما بذلك جانبا مهما من حضوره الإنساني المحبب والذي طالما استقطب الأصدقاء إلى ظله الوارف تماما كما استطاع من خلال هذا الحضور الآسر أن يلم شمل الفنانين الشباب في محافظة اللاذقية من حوله والذين راحوا ينهلون من تجربته الواسعة دون أن يبخل عليهم بشيء من معارفه الوافرة.
و قال النحات أحمد اسكندر.. تعرفت عليه كاتبا وأديبا قبل أن يكون تشكيليا لأكتشف أن سماته الانسانية الجميلة انعكست على عمله الابداعي فهو انسان رقيق و شفاف ومحب للآخرين.. من هنا كان لتجربته الفنية خصوصية واضحة وصبغة فريدة.
وأضاف.. في ألوانه وتشكيلاته فرح كبير يعكس فرحه الداخلي وروحه التواقة للحياة كما أعطى الكثير من هذا الفرح لكل من حوله لذلك فإنه يستحق في موته الكثير من التكريم والتقدير وهو ما نتمنى ان نجده قريبا في معرض استعادي يعيد تسليط الضوء على هذه التجربة المتميزة.
وأشار الفنان علي الشيخ إلى ما قدمه هيشون خلال سيرورته الفنية واصفا إياه بأنه جزء لا يتجزأ من الذاكرة الفنية المحلية فهو الفنان الذي اشتغل بالفن لأجل الفن فلم يهتم الراحل يوما كما يؤكد الشيخ بالمكان الذي ستؤول إليه أعماله وفي ما إذا كانت ستجر عليه ربحا ماديا أو عكس ذلك فقد كان همه الأوحد أن يبعثر أفكاره على المساحة البيضاء لترحل بعد ذلك حيثما اتفق.
وذكرت الهام نعسان آغا مديرة مركز الفنون التشكيلية في اللاذقية أن الراحل هيشون كان يمثل رأس الهرم التشكيلي في اللاذقية فكان له على الدوام حضوراً مميزاً في مختلف المحافل الثقافية دون أن يحول نجاحه الفني بينه و بين محيطه الانساني فقد كان دائما كبيرا بفنه واخلاقه على حد سواء.
في السياق ذاته رأى الفنان عصام حسن أن الفنان الراحل وضع بصمة خاصة على خارطة الفن السوري و لهذا فإن غيابه سيشكل ولابد فارقاً واضحاً في المشهد الفني متمنيا أن يعمل الجيل الشاب من الفنانين الذين تأثروا بتجربته الكبيرة على متابعة مشروعه الفني المهم الى جانب تكريمه كما يستحق من قبل الجهات الرسمية.
رنا رفعت
رحيل الفنان التشكيلي هيشون بعد 40 عام من العمل في الفن