البيت الآرامي العراقي

قلب الموصل بين الأمس واليوم Welcome2
قلب الموصل بين الأمس واليوم 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي

قلب الموصل بين الأمس واليوم Welcome2
قلب الموصل بين الأمس واليوم 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البيت الآرامي العراقي

سياسي -ثقافي-أجتماعي


 
الرئيسيةالرئيسيةبحـثس .و .جالتسجيلarakeyboardchald keyboardدخول

 

 قلب الموصل بين الأمس واليوم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشماس يوسف حودي
مشرف مميز
مشرف مميز
الشماس يوسف حودي


قلب الموصل بين الأمس واليوم Usuuus10
قلب الموصل بين الأمس واليوم 8-steps1a

قلب الموصل بين الأمس واليوم Hodourقلب الموصل بين الأمس واليوم 13689091461372قلب الموصل بين الأمس واليوم 1437838906271قلب الموصل بين الأمس واليوم 12قلب الموصل بين الأمس واليوم 695930gsw_D878_L

الدولة : المانيا
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 7006
مزاجي : أكتب
تاريخ التسجيل : 02/01/2010
الابراج : السرطان

قلب الموصل بين الأمس واليوم Empty
مُساهمةموضوع: قلب الموصل بين الأمس واليوم   قلب الموصل بين الأمس واليوم Icon_minitime1الإثنين 9 يناير 2012 - 15:20

قلب الموصل بين الأمس واليوم




صلاح سليم علي
مقدمة
تعد الأسواق في المشرق الإسلامي وفي الوطن العربي بوجه خاص مرآة متعددة الواجهات للحياة الإجتماعية والأقتصادية للمجتمعات التي تحتضنها..بل هي قلب الحياة الضاج للمدن الشرقية من سمرقند وحتى تونس فمراكش مرورا بأسطنبول فبغداد فحلب فدمشق فبيروت فالقدس فالقاهرة فالأسكندرية فمسقط فعدن وغيرها من الحواضر ضاربة الجذور في التاريخ..ومنها يتعرف الرحالة الأجانب على اوجه الحياة المحلية للمجتمعات الشرقية ويعيشون فضاءاتها الشعبية زاهية الألوان..والى ذلك العادات والتقاليد والأذواق وطرائق المأكل والملبس واساليب التعامل والتداول وطرق المواصلات ووسائطها وكيفية استعمالها ..وماإلى ذلك..فالأسواق لها عالمها الخاص بها بل هي عالم خاص بحد ذاته..وتختلف الأسواق الشرقية بحجمها ومعروضاتها، والى درجة أقل، في عمارتها غير انها تتشابه في فضائها الشعبي وروحها الإسلامية..ففيها اماكن للأستراحة كالمقاهي أو"الجايخانات" وفيها الجوامع والمساجد والحمامات وفيها رائحة الشرق والوانه الزاهية إذ لايخلو اي منها من التحف الرمزية التي تعكس الماضي الحضاري للمدينة او البلد ومن العطور والمسابح والسجاجيد والبسط، فضلا عن الأواني الفضية والنحاسية والحلي الذهبية والعاجيات والسماورات والزجاجيات والتحف يدوية الصنع ..وتشبه الأسواق حجر المغناطيس أو البؤر الحيوية التي تشد اليها الناس على مختلف شرائحهم وفئاتهم وطبقاتهم..فالسوق هو نبض المدينة وايقاعاتها البيع والشراء والحركة الدائبة المصحوبة بفوضى خاصة تعرف ب "ظاهرة حفلة الكوكتيل" حيث يتحدث الجميع بدون ان يفهم احدهم مجريات هذه المحادثات..فترى اصحاب الحرف الجلدية والصفارين يطرقون على احذيتهم وأوانيهم على التوالي، وترى الصاغة وهم يمررون اسلاك الذهب في الأحزمة والأساور او يطرقون أهلة ذهبية في (الخشتيك) لتأخذ قالب تميمة ستزين رقبة وليد جديد..أو حلقات حزام ذهبي يزين خصر امرأة تتهيأ للزفاف..وتشد انتباهنا بين الآونة والأخرى أصوات طاسات بائع السوس او التمرهندي التي ترتطم احدها بالأخرى وكأنها صنوج عملاقة تدعو الزبائن الى شراء السوس او الشربت ولاسيما في الظل الذي توفره حنيات السوق وظلاتها من الخشب والجنفاص او من الخشب والتوتياء في ايام الصيف..والأسواق الشرقية غالبا ماتكون مسقفة في اجزاء مهمة منها كسوق الصواغين او سوق العطارين او سوق الأقمشة والسجاجيد والتحف كما في اسواق فاس ومراكش والقاهرة ودمشق وبغداد والنجف والموصل وشيراز وطهران واسطنبول وقونية حيث تفوح رائحة التوابل والعطور..ومنها ما تلتقي ازقته المستقيمة او الأفعوانية في ساحة او عدة ساحات تتخصص كل واحدة ببيع سلعة من السلع كالسجاجيد او الساعات او العطور او المأكولات او النحاسيات أو المسابح والخواتم أوالحقائب والثياب وتجرى فيها المزادات..وفي العصور الوسطى وحتى اوائل القرن العشرين غالبا مانرى الأسواق مكانا تزدحم فيها المكارية والجمالة بحميرهم وجمالهم ويعرض في زواياها السحرة والحواة فنونهم فمنهم من يعزف للثعابين والقردة الراقصة ومنهم من يجلس الى كومة من الحصى والحجارة النادرة ليقرأ للنساء طالعهن..ويقابل الكوسكوس في المغرب العربي الكباب في المشرق والشاورمة في تركيا والفسنجون في شيراز واصفهان وطهران مع طائفة عريضة من المشروبات كالمرمية والنعناع والحلبة وشربت الزبيب وشربت عروق السوس وعصير الرمان والدارصيني والشاي الأخضر والكركدية (تسمية سودانية لاعلاقة لها بالكرد) وغيرها التي جرت العادة بتناولها في مقاهي مفتوحة على جانبي الطريق..يرتادها الشحاذون وتتجنبها النساء اللاتي تصرفن اعينهن عن مناطق تجمع الرجال بأخمرتهن السوداء في الحواضر العربية اوبشواديرهن الملونة احيانا في بلاد فارس و في الحواضر الإسلامية الأخرى..فالأسواق الشرقية التي يطلق عليها البزار في تركيا وآسيا وباجار في الهندية وشن جن في الصينية وأسواق او قيصريات في العربية ليست مجرد بؤرة للنشاط الإقتصادي والتجاري للمدينة فحسب بل هي أحدى الواجهات المميزة للشرق عن الغرب وهي بما تقدمه من فضاءات نفسية وروحية تشكل همزة وصل بين تاريخ المدينة وتراثها من جانب والحاضر المعاش من جانب آخر..أي، بكلمة اخرى، هي استمرار للتاريخ في الحاضر..مما يجعل من الحفاظ عليها ضرورة حيوية للحفاظ على الفضاء الروحي للمدينة الشرقية وطابعها الحضاري المتميز..
فلاغرابة أن تحظى الأسواق باهتمام الرحالة والمستشرقين والرسامين ممن زار الشرق في القرون الخالية ولم يفته ان يخصص في سردياته فصلا او اكثر في وصف الأسواق وعوالمها او يكرس لها عددا من لوحاته الزاهية التي تزين متاحف العالم وتعطي كتب الرحلة والأستشراق رونقا يشد القاريء والرائي ويأسر مخيلته في رحلة ذهنية في عوالم القرون الوسطى وفي رحاب المدن الإسلامية وفضاءاتها الساحرة..
الأسواق في منظور الرحالة في المشرق:
استغرق وصف الأسواق الشرقية في بلاد الشام والعراق ومصر فضلا عن اسواق تركيا وايران جانبا كبيرا من سرديات الرحالة الأوربيين سواء من وفد منهم للأستكشاف او التجارة او للتنقيب عن الآثار أم للتبشير بعقيدة جديدة أو البحث العلمي او بدافع حب المغامرة والإستطلاع..ومن أوائل الجغرافيين الذين زاروا الشرق الأدنى ودخل اسواق الموصل وحلب المغامر الفرنسي الشاب (تيفنو) [بالفاء الأعجمية]..وقد تطرق الى وصف الموصل التي زارها في آب 1663 فتناول في الوصف سورها وقلعتها وجسر القوارب الشهير عبر دجلة ..ثم وصف خسوف القمر في ليلة السابع من آب من تلك السنة وكيف صعد اهل الموصل على سطوح المنازل بأوانيهم وعمدوا الى طرقها بقوة لأحداث جلبة تدفع الحوت الذي بلع القمر الى الهرب ولفظ القمر من جوفه الى سمائهم..وكان قد اشترى من الموصل مسكا ونبيذا وسماقا كان يعمل منه شرابا في طريق رحلته بالكلك عبر دجلة..وبسبب المفارقات التي تعرض لها في الموصل عزف عن وصف سوقها ولكنه وصف سوق حلب المماثلة لسوق الموصل..فحدثنا عن موكب الأصناف في سوق حلب وكيف ان (الأسكافييين كانوا يرتدون نوعا متجانسا من القبعات ويحملون بنادق وسيوف لتمييز صنفهم عن بقية الأصناف بينما يحمل ثمانية منهم رفا يجلس فوقه صبيان منهمكان في عمل صندل..بينما يحمل صناع الحلوى قلاعا من الحلويات فوق رؤوسهم..ثم يأتي موكب الصاغة الذين يحملون رفا يجلس فوقه صائغان منهمكان في طرق سبائك الذهب وجدلها..وهكذا مع الخبازين والبزازين والخياطين والقصارين والصباغين حيث نجد احد رجال الصنف يصبغ قطعة قماش أمام انظار الناس..ثم يتلو هؤلاء على نحو منظم باعة القهوة "القهوجية" والقصابين والقزازين والسراجين والنجارين والشتالين والحدادين ثم الحلاقين) ..ويخبرنا تيفنو البارع في التفاصيل والساخر أحيانا انه أذهل بروعة الموكب وهو يشق طريقه عبر شوارع مدينة حلب وسط ازدحام الناس وصخب هتافاتهم واطرائهم..مما يدعونا الى التوقف قليلا لتأمل الحياة الإجتماعية في حلب قبل قرابة اربعة قرون ..فموكب الأصناف لم يكن يهدف امتاع المشاهدين فقط بل كان معرضا يجرى في الهواء الطلق بهدف الأعلان وتأكيد أهمية الحرف والأصناف في الحياة الأقتصادية للمجتمع..وهو معرض كان يتكرر في مدن أخرى كالقاهرة ودمشق ومراكش وفي اصفهان وشيراز وفي اماكن اخرى..ويرجح ان موكب الأصناف هذا كان يجرى في الموصل في القرن السابع عشر ايضا لأتساع اسواقها ولكونها مدينة اصناف وحرف بالدرجة الأولى..مما يضفي نوعا من التجانس في السلع والخدمات عبر عواصم العالم الإسلامي ومدنه وصلت اقصى درجات تطورها في القرن التاسع عشر واستمرت في عدد من المدن حتى الوقت الحاضر فقد بلغ عدد الحرف والأصناف في سوق القاهرة الكبير 450 حرفة وصنفا في عام 1900 و235 حرفة وصنفا في سوق دمشق..هذا بالأضافة الى الخدمات طبعا ..اذ نعرف من سيرة ابن دانيال مثلا ان الكحالة او طبيب العيون فضلا عن الحجامة والصفادة تعد من الأصناف وكان لها شيوخها ..ومن الجدير بالذكر ان أبن دانيال كان بالأضافة الى تخصصه المسرحي في خيال الظل كحالا له عيادته الخاصة في سوق العطارين في الموصل..والتجانس في الواقع ينطوي على استثناءات مهمة تتمثل في تميز الأسواق أحداها عن الأخرى بسلعة او تجارة بعينها دون غيرها ... فسوق اسطنبول المسقف (كبالي جارشي) تشتهر بعطر ماء الورد وتشتهر شيراز واصفهان وطهران بالسجاد الكاشان يدوي الحياكة وتشتهر سوق الموصل بالمنسوجات الفاخرة والموسولين الشهير بينما تشتهر القاهرة بالحجارة الكريمة والفضيات والنحاسيات والتحف المتنوعة التي جعلت خان الخليلي اشبه بالمتحف..وتشتهر الهند بالعاجيات والأبنوس ..بينما يباع الجيد الفاخر بأنواعه في الصين وتجد المر والكندر في عدن والى جانبها في اليمن القهوة الفاخرة والعقيق الأسود..وتعرف المنامة باللؤلؤ الطبيعي باهض الثمن.. ويباع العنبر الأسود في ارضروم أما قونية فتشتهر بالسجاد الأحمر الفاخر فضلا عن الموهير المصنوع من شعر معيز الأنكورا..ونادرا مايغادر زائر الأغورا في قلب اثينا محلاتها بدون قطعة او قطعتين من الأسفنج الطبيعي المستخرج من بحر ايجة بالأضافة الى الماستيك او المستكي النادر الذي يعالجه اهل الموصل في علكة الموصل الشهيرة التي تستخدم كعلكة زاكية الطعم ولنزع الشعر الذي يعزى ابتكاره الى خدام النبي سليمان من المردة والعفاريت ممن نصحه باهدائه لبلقيس ملكة سبأ ..وتعلم النساء في الخليج العربي ان السعودية تحتضن افضل الأسواق لبيع العبايات والشيلات فضلا عن المسواك وعطر دهن العود..وهلم جرا..
سوق اسطنبول الكبير:
ويخبرنا توماس نوكس في رحلته الى المشرق عام 1871 عن سوق اسطنبول الكبير قائلا: ( دخلنا البزار من خلال بوابة صروحية وكان اول مكان زرناه سوق العطور والأدوية الذي ارسل روائح قوية في انوفنا استمرت دقائق كادت تسكرنا بقوتها وكانت ممرات السوق ضيقة تتراصف على جانبيها المحلات التي ترتفع قرابة ثلاثة اقدام عن سطح الأرض..بحيث يكون بمقدور البائع استخدام واجهة المحل كمنضدة للتعامل مع الزبائن وعرض نماذج السلع بعد جلبها من الرفوف بدون ان ينهض من مقعده.. وكانت هناك اكياس من الحناء التي تستخدم لتلوين الشعر فضلا عن الكحل الذي يستخدم للعيون والرموش..وهناك اكياس تحتوي انواع عديدة من المكسرات ومستحضرات دوائية وعطريات لانعرف اسماءها..وكانت المحلات متشابهة في معروضاتها وشكلها الى درجة كبيرة..وكانت الفرصة سانحة لشراء عطر البركموت [عطر اشبه بالكولونيا يستخرج من زيت قشرة الليمون الحامض ويعالج بمواد أخرى] وعطر ماء الورد والمسك وزيت خشب الصندل..وكان التجار يعلبون هذه الأنواع من العطور في زجاجات غريبة الشكل كالأصابع الرفيعة الطويلة لجعل كمية محتواها من العطر قليلة نزرة لاتتجاوز بضع قطرات.. ويؤكد لك كل بائع انه يبيع عطر ماء الورد الأصلي ويريك نموذج يقول انه مغشوش وأنه يحتفظ به فقط لتحذير الزبائن وانه لايبيع المغشوش ابدا كما قد يفعل غيره ..وينتشر الأدلاء في السوق حيث ياخذك اي دليل الى مايؤكد انه بائع العطر الأصلي ..ولكن اي دليل لايأخذك الى البائع نفسه بل الى بائع آخر..والى جانب محلات العطور محلات الأقمشة المتنوعة كالحرير والكتان الملون وانواع الشالات والأحذية الجلدية وأنواع المرايا الفارسية المؤطرة بالرسوم زاهية الألوان [التي تحاكي السجاد الأيراني الذي يصور شعر شيرازي والخيام]..فضلا عن تحف من العاج والأبنوس وانواع القلادات من اللؤلؤ واللازورد والعنبر الشجري..فالسوق اشبه بمدينة داخل مدينة..اذ يحتضن شوارعا ودروبا وأزقة وساحات مسقفة كلها وفي اعلى السقوف توجد فتحات تخترقها اشعة الشمس بعضها مفتوح على السماء وبعضها مغطى بالزجاج..وتجولنا في السوق ساعات وساعات .. متنقلين من زاوية الى اخرى ومن باحة الثياب الى باحة الأحذية الشرقية غريبة الأشكال والألوان..حتى دلفنا في سوق المجوهرات والذهب الذي يتلألأ في الضوء الساقط من فتحات السقوف بألوان زاهية بهيجة تنبثق من القلائد والأسوار والأقراط والبروشات المزدانة بالألماس واليواقيت والشذر وانواع لاحصر لها من الحجارة الكريمة..بما لايوصف من الروعة والجمال..فالثروة المخزونة هناك شيء لايصدق)..
ثم يتطرق الرحالة الى سوق الأسلحة منوها بسيوف دمشق التي يتخيل انها ربما كان امتشقها هارون الرشيد او صلاح الدين..فسوق السلع الجلدية والأثاث النادر فسوق الغليونات والنراجيل وسوق الكتب فسوق البذور فالزجاج ..ثم سأل عن سوق العبيد، فأخبر انه لم يعد له وجود..ولكنه عاد معقبا بقوله:
( منذ سنوات قلائل كان هناك سوق كهذا [للعبيد] بالقرب من جامع محمد الثاني كانوا يبيعون فيها اطفالا زنوج وأحيانا قد يجد الزبون رقيقا بالغا، أمرأة أو رجل، معروضا للبيع..وكان سوق الرقيق البيض قد زال هو الآخر..إلا ان تجارة العبيد مابرحت موجودة سرا وسوقها يديرها تجار من الشركس في حي بيرا..ويزعم هؤلاء التجار ان النساء اللاتي يبيعوهن جئن بمحض رغبتهن الى اسطنبول..وان الأسعار التي يطلبونها لهن هي فقط لتغطية كلفة استيرادهن من بلدانهن) ..وفي هذا كما نرى كذب واضح صريح!
ويبدو من وصف نوكس أن عالم نوافل القرن التاسع عشر كان امتدادا للقرون الوسطى ومصدرا لروح الشرق التي ألهمت قرائح الفنانيين والشعراء والرحالة فانتجوا اعمالا فنية وروائية اسست للنظر الأوربي ولتطور الفن لاحقا في أوربا والغرب بما يعرف بأدب الرحلة الذي يشكل جانبا زاهيا من جوانب فن الأستشراق..فصار الرحالة من غير الفنانيين يصطحبون معهم فنانا لتصوير الشرق ..وهو تقليد سبق الأكتشافات الأثرية المهمة في الشرق الأدنى ..وساعد على تطوير طرائق جديدة في التصوير كالليثوغراف والتصوير الضوئي ..وكانت الأسواق تحتل موقع الصدارة في وصف الرحالة والفنانين الغربيين وتصويرهم وبخاصة في القرن التاسع عشر الذي يمكن وصفه بعصرالرحلات وذلك لأنه عصرالأكتشافات الآثارية الكبرى وافتتاح قناة السويس التي دشنها الخديوي اسماعيل بدعوة ملوك وأدباء وفناني أوربا الى مصر وبضمنهم جان لويس جيروم وفرومنتين وبول لينوار الذين صوروا اسواق مصر في لوحات استشراقية تزين متاحف أوربا ومعارضها ..بعد ان رسم اقرانهم كرودولف ارنست وديلاكروا وشارلس تيودور فريرا وفيرنيه وروسو وفلاندين اسواق المغرب وبيئتها..وكان الرحالة ممن لايتقن الفنون او يجرب فيها ك أليس تريسترام الذي زار الموصل ورسم جوانب منها، قد درجوا على اصطحاب فنانين معهم لتصوير الشرق ولاسيما بعد اكتشاف المدن الغابرة في مصر والعراق كما صاحب لايرد فرديك كوبر وصاحب بوتا فلاندين الى العراق وصاحب توماس فيليب ريجارد داد الى مصر وبلاد الشام..ومن الفنانيين من اختار الأقامة في المشرق لتصوير عوالمه واسواقه وابرز هؤلاء الفنان الأنكليزي جون فردريك لويس الذي عاش في القاهرة تسع سنوات..ومنهم من واصل الى الشام ليرسم مدنها واسواقها كغوستاف باورنفيند وادريان دوزات والبرتو باسيني وغيرهم..وتتجلى من اشارة نوكس الى سوق العبيد في اسطنبول طبيعة اهتمامات الرحالة الأجانب وهي اهتمامات تعكس التصورات الأستشراقية الرومانطيقية الأولية عن الشرق والمغلوطة او المبالغ بها في اغلب الحالات كتصوير المرأة الشرقية واسواق النخاسة والحمامات التركية وحزام العفة ثم لصق هذه المظاهر العثمانية بالأسلام والعرب خالطين بذلك تقاليد الصحراء العربية بتقاليد البلاط العثماني..فقد تتماثل الأسواق الشرقية في العديد من ملامحها ولكن ممارسات بحد ذاتها تميز الترك العثمانيين او الأكراد [كختان المرأة] أو الهنود لاعلاقة لها بالعرب وتقاليدهم..مما يدعونا الى التفكير بالحسبة على انها كانت محصورة في الحواضر العربية لأسلامية او ان ممارستها في هذه الحواضر كانت اثبت وافضل من ممارستها في الدولة العثمانية ..ونعرف من السجلات ان الحسبة ترتبط بالأصناف وانها استمرت حتى منتصف القرن التاسع عشر عندما عملت التنظيمات العثمانية على الغائها وتعويضها بنظام ضريبي لاعلاقة له بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..ليس بسبب خطأ في الحسبة نفسها بل لأستشراء الفساد والرشى التي يطلق عليها العثمانيون (البلصة)..مع ذلك فلا بد من الأقرار ان للنخاسة اسواقها في بغداد والقاهرة ولكن هذه الأسواق اندثرت مع انتهاء عصر المماليك ولم يعد لها وجود في هاتين الحاضرتين..ويرجح ان يكون سوق الرقيق في مصر انتقل اليها من الهند او افريقيا وليس من بغداد..
أسواق القاهرة:
تختلف اسواق القاهرة ودمشق وبغداد والموصل عن اسواق تركيا وايران بظاهرتين اولهما كثرة المقاهي في الأسواق العربية وندرتها في اسواق تركيا وايران ..ففي خان الخليلي أو شارع الموسكي في القاهرة نطالع المقاعد الخشبية التي رصها اصحاب المقاهي كمقهى الفيشاوي وغيرها على جانبي الطريق بينما لانلاحظ ذلك في اسواق اسطنبول.. كما تتكرر في اسواق المشرق العربي ظاهرة مواكب او مهرجانات الأصناف التي تديرها نقابات الأصناف بالتعاون مع ادارة المدينة والتجار..ولعل السبب في ذلك كون البضائع المعروضة في اسواق الموصل ودمشق وبغداد والقاهرة وقونية، بدرجة أقل، في معظمها من انتاج الحرفيين المحليين تعرض جنبا الى جنب مع البضائع والسلع المستوردة وبذلك تعكس النشاط الحرفي للمدينة يتضح ذلك في نسبة الأسر في مدن بعينها الى اصناف بعينها كما في الموصل وحلب بينما تتنوع النسب لدى تجار اسطنبول حسب المناطق التي جاءوا منها أو القبائل التي انحدروا منها مع استثناءات في الحالتين..كما تعكس اسواق القاهرة وبغداد والموصل ودمشق وحلب ومراكش تأصل حالة التمدن في هذه الحواضر ..فمنها مايعود في تقاليده الى ممفيس وطيبة وبابل وايمار وابلة ونينوى وأور ومنها مايقع على طرف الصحراء ويعكس بداوتها وقرب عهدها بالتمدن..ومن الأسواق القديمة سوق القاهرة خان الخليلي الذي شيده الأمير جهرك الخليلي في عهد السلطان المملوكي سيف الدين برقوق عام 1382 في قلب القاهرة على ارض تحتضن قبور الفاطميين بعد ان امرالأمير الخليلي بنبشها ونقلها الى مكان آخر..ويعد خان الخليلي الذي تحمل إحدى روايات نجيب محفوظ اسمه واحدا من أكبر أسواق الشرق واقدمها..وأحدى أهم الملامح التراثية بعمارته القديمة في قلب العاصمة العربية العريقة ولعل أحد دوافع بنائه أحتكار تجارة التوابل التي دفعت الأوربيين الى البحث عن منافذ أخرى للشرق..وبعد قرنين من بنائه عمد السلطان الغوري الى توسيعه وتجديد عمارته بعد ان تحول الى وكر للعيارين والجماعات التخريبية ابان القرن الخامس عشر..ويشكل خان الخليلي طرف مثلث تسويقي ضخم يشمل باب الزويلة أو باب المتولي (النصر) الى الجنوب والأزبكية الى الغرب..ويمتد جنوبي السوق شارع الأزهر والى الغرب شارع الموسكي وهو سوق آخر أحدث من خان الخليلي وبالقرب من خان الخليلي نطالع مقهى الفيشاوي او مقهى المرايا الشهيرة والتي تقابل مقهى العزاوي او البرلمان في بغداد أومقهى الأدباء في الموصل..ولعل خان الخليلي يقوم على ارضية فرعونية تختفي تحتها آثارا مصرية لم يرها بشر فارضيته مبلطة بالحجر البازلتي الأسود الذي تترك عليه اشعة الشمس الساقطة من سقوفه الخشبية العتيقة بريقا لامعا يذكرنا بالضوء المنبعث من تماثيل فراعنة الكرنك..وتطل على جانبي الخان المشربيات التي الهمت خيال الروائيين المصريين فأنتجو لنا بين القصرين والسكرية وقصر الشوق وغيرها من روائع ادبية..وتكثر فيه السبيلخانات بخلفياتها المدبجة بالنحاس والمتصلة باحواض الماء ويخبرنا الرحالة تالبوت كيلي الذي زار مصر عام 1906 في كتابه (مصر في الصورة والكلمة) أنه أراد شراء نرجيلة فذهب الى سوق النحاسين:
(اردت شراء شيشة فدخلت سوق النحاسين وهو احد اجمل زوايا سوق الخليلي فالمحلات المتراصة فيه تعرض انواعا مختلفة من الأواني النحاسية..ويتفرع منه سوق الأحذية وسوق الفضة..وسوق الذهب..وتشاهد بين الناس المغربي من فاس والجزائري والتونسي والسوري والفارسي وترى تجارا من كشمير ..تراهم وسط المصريين تميزهم ملامحهم وثيابهم عن اقرانهم المصريين) ..

ويلفت انتباهنا رحالة آخر الى انواع المعروضات في سوق الخليلي فيدرج المسابح المعمولة من الفيروز والمرجان والكهرمان والعنبر والصندل واليسر والحلى الذهبية والفضية والعاجية ومااليها من الأحجار الكريمة كالعقيق والفيروز والكرنلين الأحمر الذي اشتهر الفينيقيون بتجارته ..ويحدثنا آخر عن انواع الببغاوات والطيور، ويأخذنا رحالة آخر الى انواع العطور والبخور التي تتشاطرها مصر مع الأسواق الشرقية الأخرى..
يتضح مما اسلفنا ان الأسواق الشرقية تمثل همزة وصل تلتقي عندها عبقرية المكان بعبقرية الزمان فهي اشبه بكبسولات زمكانية لأختزان الماضي والحفاظ على فضاءاته وروحانيته .. ولاسيما عندما تتكرر فيها العمارة القديمة والنشاطات التجارية القديمة نفسها..وتستمر العادات الأجتماعية والتقاليد نفسها في سياق الزمن الأسلامي القمري..حيث يتكرر المقدس الزماني من خلال الأعياد والحج وشهر رمضان ويستمر المقدس المكاني من خلال العتبات المقدسة والمساجد والجوامع والتكايا والأسواق..وهذا يفسر طلب اللورد كورزون من أتاتورك الغاء التكايا والشروع بالثقافة العلمانية في محاولة لأخراج تركيا من الحاضن الإسلامي..
أسواق الموصل:
ويشكل العراق (بعرضه وبطوله وبرافديه وباسقات نخيله) وبأسواقه وفضاءاتها الشعبية كبسولة زمكانية تفوح منها رائحة التاريخ وتتنفس في رئتها روح الماضي الحضاري للأمة ..وتعد اسواق الموصل واحدة من تلك الفضاءات الحضارية التي يتدفق فيها الماضي بالحاضر وتلتقي في عوالمها يد السلف بالخلف..وتتصل في سياقاتها ذائقة الأجيال واهتماماتهم ..وتماثل اسواق الموصل الأسواق العربية والأسلامية الأخرى في استقطابها لأهتمام الرحالة والفنانين الأوربيين ممن زار الموصل في القرون الخالية.. ولكن أسواق الموصل أكثر عراقة وتوغلا في القدم من الأسواق العربية الأخرى إذ تعود الى العهود السومرية والأكدية القديمة على الرغم من اندثار الدلالات الآركيولوجية الظاهرة فوق الأرض على تواجد هذه الأسواق في تلك العصور الغابرة..بأستناء دلائل نصية وردت على لسان المؤرخين والرحالة المبكرين تتحدث عن الجانب الأيمن لنينوى باعتباره امتدادا لنينوى القديمة او نينوى الخامسة والرابعة اللتان توازيان المرحلتين السومرية القديمة والأكدية..فضلا عن نصوص ومراسلات أيبلا وماري وكانيش وآشور التي تتحدث عن نينوى بصفتها مركزا تجاريا مهما يلتقي فيه التجار القادمين من بابل وايمار وايبلا والحواضر الفينيقية وآسيا الصغرى ومصر وتيماء..فالموصل بحكم موقعها في تقاطع الطرق التجارية الكبرى ومرور الطريق الملكي المتصل بطريق الحرير بها كانت ومنذ العهود القديمة احدى اكثر المراكز التجارية اهمية في الشرق الأدنى..وقد افضى الموقع الستراتيجي المهم هذا الى تطوير الصناعات المحلية التي تعتمد على الثروات النباتية والحيوانية المتنوعة المتوفرة في الجبال والسهول المحيطة بالموصل..غير ان اقدار المدينة التجارية واسواقها كانت تتقلب بين الأزدهار والتقهقر تبعا لطبيعة التناحرات السياسية والعسكرية في الشرق الأدنى..وذلك على خلاف اسواق الشرق الأخرى المستقرة نسبيا عبر التاريخ..وهذا يفسر الأختلافات في وصف المدينة من عصر لآخر..مع ذلك نلاحظ ايضا ان المؤشر العام يتجه ايجابا اي نحو استرجاع الموصل لأهميتها وبالتالي ازدهارها اقتصاديا..لأن السياسة لاتغير الجغرافيا ولا تعطل منتوج الأرض على الرغم من عنف الهجمات التي تعرضت لها المدينة وتعدد الأنتكاسات التي تعرضت لها ولجوء الغزاة الى سياسة الأرض المحروقة ..فسهل الجزيرة والجبل لم تنقطع فيهما شرايين الحياة واستمرا في رفد الموصل بالأخشاب والثمار والأصواف والعسل و المكسرات كالجوز والفستق ومنتجات الألبان التي اشتهرت الموصل منها بالقيمر..كما صب التنوع الإثني وتعدد الجماعات الدينية في صالح التجارة بما اضفاه من مهارات متنوعة في كل المجالات..ونعلم من كتابات الملك سنحاريب انه طور "نبات الصوف" في الموصل ويقصد به القطن وانه خصص جزءا من الجانب الأيمن لدجلة لحدائق بث فيها الطيور الغريبة المتنوعة ..وهو الجانب نفسه الذي تقع فيه منطقة الفيصلية..ولعله في المنطقة الواقعة خلف السكيلا حيث بستان الزيتون الذي يعود لبيت عبو اليسي بالأرجح..
ولابد ان يكون الجانب الأيمن في العهود القديمة معمورا لأهميته الستراتيجية والدفاعية لنينوى ولاسيما وان ملوك العراق قديما درجوا على بناء تحصينات دفاعية على جانبي نهري دجلة والفرات والزابين وميتورنات "ديالى" بما تؤكده الدراسات الآركيولوجية ..هذا فضلا عن ضرورة اعمار تلك الأراضي اي الموصل القديمة مجالا حيويا للأمبراطورية ولميرة الجيش..وما ارتفاع الحدباء في قلبها ومرتفعاتها على الضفة الا دليل على أن الموصل كانت آهلة منذ الألف الثالثة ق.م. وليس ثمة من شك في سعة اطلاع ومعرفة المؤرخ ادورد جيبون في الجغرافية القديمة من كل جوانبها.. الذي ذكر ان الموصل كانت الضاحية الشرقية لنينوس [نينوى]، المدينة التي اعقبت نينوى..ويخبرنا بنيامين توديلا الذي زار الموصل في السنة التي تولى فيها نور الدين زنكي الموصل بعيد وفاة اخيه (أن الموصل يطلق عليها آشور الكبرى) حيث كانت مملكة فارس تابعة للموصل وكانت الموصل في تاج ازدهارها ورونقها ..وهذا يعكس طبيعة النظر الى الموصل على عهد الأتابكة..هذا على الرغم من استمرار اسم الموصل الذي اطلقه عتبة بن فرقد عليها ..وهو الأسم الذي يشاكه كثيرا [مسبيلا] الواردة في رحلة زينوفون بمحاذاة الشاطيء الأيسر لدجلة..
فالموصل او بالأحرى اسواقها لايمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بمدينتي بغداد او القاهرة وقريناتهما ممن شيدت لاحقا في العهود الأسلامية ..ولابد من الأحاطة بعالمها من خلال المخيلة ومن خلال ماجادت علينا به كتب الرحلة المبكرة التي اشارت الى عصور ازدهارها وتألقها..ومن الرحالة الأوائل ماركو بولو الذي زار مملكة الموصل عام 1271 أي بعد زيارة بنيامين توديلا لها بقرن فقال في وصفها:
(حول مملكة الموصل: تقع مملكة الموصل على الحدود الجنوبية الشرقية لأرمينيا، وهي مملكة عظيمة جدا يسكنها العديد من الأطياف المختلفة من الناس وسنتطرق الى وصفهم الآن: أولا، هناك ضرب من الأقوام يطلق عليهم العرب، وهم يعبدون محمد؛ ثم هناك ضرب آخر من الأقوام هم المسيحيون النسطوريون واليعاقبة. ولهؤلاء بطريرك يسمونه الجاثليق ويقوم هذا البطريرك بتنصيب المطارنة والرهبان والأساقفة والدرجات الأخرى كلها ويرسلهم الى المناطق كلها كالهند وبغداد او إلى الصين تماما كما يفعل بابا روما في البلدان اللاتينية. لأنك يجب ان تعرف أنه على الرغم من وجود عدد كبير من المسيحيين في هذه البلدان، فأنهم برمتم يعاقبة ونسطوريين، وهم مسيحيون فعلا، ولكن ليس من الطراز الذي يتبع بابا روما، بسبب اهمالهم لفروض عديدة يقتضيها الدين.
وتصنع كل الأقمشة الموشاة بالذهب وكذلك الحرير المعروف بالموسولين [الموصلي] في هذا البلد، ويطلق على اولئك التجار الكبار الذين يحملون كميات كهذه من التوابل واللآلي والأقمشة الحريرية والمذهبة، وهم من هذه المملكة، الموصليين.
وهناك ايضا جنس آخر من الأقوام ممن يسكن الجبال في تلك المناطق يطلق عليهم الأكراد. وبعضهم مسيحيون وبعضهم مشارقة [سراسين]، ولكنهم ذرية شريرة، مسرتها في نهب التجار. وبالقرب من هذه المنطقة أماكن [مدن] أخرى تسمى موس وماردين، تنتج كميات هائلة من القطن الذي تصنع منه كمية عظيمة من البخرم [قماش قطني متين] وأقمشة أخرى. والسكان أصحاب اصناف وتجار وكلهم من رعايا ملك التتر.)
فماركو بولو يؤكد ان الموصل كانت تنتج في عصره الأقمشة الموشاة بالذهب وكذلك الحرير المعروف بالموسولين وان تجارها الكبار يحملون كميات مماثلة لما يحملونه من الأقمشة الموشاة بالذهب والموسولين، من التوابل واللآلي والأقمشة الحريرية والمذهبة غير اننا نذهل ازاء وصف تافرنير وجيمس سيلك بكينهام وواليس بج الذين زاروا الموصل في 1665 و 1823 و 1911 على التوالي ووصفو المدينة وسوقها ..وكانت انطباعاتهم سلبية كما سنرى بعد استعراض آراء الرحالة الأوائل ومشاهداتهم.. وبعد زهاء 100 سنة او اقل زار ابن بطوطة الموصل وقال في وصفها في معرض رحلته اليها عام 1328
(وهي مدينة عتيقة كثيرة الخصب وقلعتها المعروفة بالحدباء عظيمة الشأن شهيرة الامتناع عليها سور محكم البناء مشيد البروج ..وللموصل ربض كبير فيه الجوامع والحمامات والفنادق والأسواق وبه مسجد جامع على شط الدجلة تدور به شبابيك حديد وتتصل به مساطب تشرف على دجلة في النهاية من الحسن والإتقان ..وقيسارية الموصل مليحة لها ابواب حديد تدور بها وبها دكاكين وبيوت بعضها فوق بعض متقنة البناء)..
يصف ابن بطوطة الموصل بالعتق والخصب ويتطرق الى جوامعها وحماماتها وخاناتها واسواقها العديدة التي يميزها عن القيصرية التي عدها بكنكهام افضل سوق في الموصل..ويبدي اعجابه بالدرابزين الحديدي الذي يحيط بالمسجد الجامع الذي بناه مروان الثاني والمصاطب المشرفة على شط دجلة وشبابيكه الحديدية المميزة لبيوت الموصل القديمة، ويصف النافورة الرخامية مثمنة الأضلاع في الجامع النوري (وبداخل المدينة جامعان أحدهما قديم والآخر حديث وفي صحن الحديث منهما قبة في داخلها خصة رخام مثمنة مرتفعة على سارية رخام يخرج منها الماء بقوة وانزعاج فيرتفع مقدار القامة ثم ينعكس فيكون له مرأى حسن)..ويصف القيصرية بانها محمية بأبواب من الحديد وانها تحتضن دكاكين وبيوت (غرف) بعضها فوق بعض وهو الوصف عينه الذي قدمه بكينكهام للقيصرية عام 1823..ونلاحظ من وصف ابن بطوطة للموصل انه لم يشاهد اي اثر للخراب الذي احدثه المغول في المدينة عام 1261..!ذ تذكر المصادر انهم اعملوا السيف في رقاب اهلها فقتلوا قرابة 800.000 من سكانها ..مما يرقى الى الإبادة الجماعية ويشير في الوقت نفسه الى ان حركة اعمار اعقبت الأعصار المغولي الذي اصاب الموصل يفسر ذلك وصف ابن بطوطة للمدينة وربضها..كما شهدت الموصل خرابا مماثلا على عهد تيمورلنك الذي غزاها عام 1393 وغادرها كومة من الخرائب..لتمر الموصل ومعها الشرق الأدنى في المرحلة الثانية من عصور ظلامها الثلاثة بدءا بالغزو المغولي فغزو تيمورلنك ثم المرحلة العثمانية ..مما يحصر عصور نهضتها بخمس مراحل هي: الكلاسيكية على العهد الأكدي الآشوري او مرحلة تأسيس الحصن الغربي الممتد من قلعة باشطابيا حتى القليعات، وعصر الخلافة الراشدية، فالموصل الأموية، فالعهد الأتابكي ثم الفترة الجليلية..
وتدل سرديات الرحالة الأوربيين الذين وفدوا الموصل في عصور التردي على ما اصاب الموصل من خراب ولحق بها من اتلاف للحرث والنسل على يد الأقوام الآسيوية البربرية التي لاحظ لها من التمدن والتحضر التي اقتصرت قدراتها على القتل والأبادة والنهب والتخريب..مما ادى الى تأخر التجارة وتراجع المنتوج الزراعي وزوال الحرف فتضاؤل عدد السكان بسبب الأوبئة والمجاعات والهجرة..فضلا عن الحروب وانعدام اسباب الأمن..
وكان من زوار الموصل الرحالة الألماني ليونارد راولف الذي زار الموصل عام 1574 الذي يذكر في معرض رحلته:
(ودخلنا الى مدينة الموصل الشهيرة من جسر مصنوع من الزوارق وتعود الموصل الى الأمبراطور التركي كبقية البلدان في المنطقة..وهناك في الموصل بعض المباني الممتازة والشوارع وهي مدينة كبيرة الى حد ما ولكن تنقصها الأسوار والقنوات، كما شاهدت من اعلى مكاني الذي يشرف عليها..وبالأضافة الى ذلك رأيت تلا صغيرا قد حفرت اخاديد فيه يوطنه الفقراء كنت اراهم يدخلون ويخرجون مثل بقايا تتركها اسراب النمل بالقرب من مغاورها..في هذا المكان ومحيطه كانت تقع مدينة نينوى التي بناها آشور وكانت عاصمة بلاد آشور على عهد سنحاريب وأولاده)..
أما تافرنير الذي زار الموصل عام 1665 فيرى ان الموصل ليست جديرة بالزيارة وانها كانت قد فقدت كثيرا من معالمها واهميتها في وقت زيارته إذ يقول في معرض رحلته:
(الموصل مدينة ذات منظر رائع من الخارج..ولكنها في داخلها تكاد تكون خرائب في معظمها ولها سوقين اعميين وقلعة صغيرة مطلة على دجلة حيث يقيم الباشا.. وبكلمة أخرى لايوجد في الموصل مايستحق المشاهدة.. والمكان يعد معتبرا للتعامل التجاري الواسع بين التجار من العرب والأكراد الذين تنمو في مناطقهم كميات كبيرة من اشجار الجوز والبلوط التي ادت الى تجارة كبيرة ..والموصل يحكمها باشا بأمرته 3000 من الأنكشارية والأسباهية..وهناك حانتين (مقهوين) بائستين في الموصل..ولكن لنعبر جسر القوارب عبر دجلة لنشاهد خرائب مدينة احدثت جلبة كبيرة في العالم، على الرغم من اختفاء اي ملمح من تألقها في العصور القديمة..نينوى التي شيدت على الشاطيء الأيسر لدجلة والتي اصبحت الآن أكواما من النفايات تمتد مسافة فرسخ في محاذاة النهر..وفيها عقود ومغاور كثيرة لا يسكنها أحد..ولانعرف ان كانت الأقوام السالفة هي من بناها ام الأتراك فهي اشبه بالسراديب وفيها مايرتفع طابقا عن الأرض..وعلى مسافة نصف فرسخ شاهدنا تلا في قمته جامع تحيطه البيوت، يذكر القرويون انه المكان الذي دفن فيه يونس ويكنون لهذا المكان تبجيلا كبيرا بحيث انهم لايسمحون للمسيحيين بدخوله بدون دفع مبلغ من المال الذي تمكنت بواسطته من دخول الجامع بصحبة اثنين من الرهبان الكابوشيين [الفرنسيسكيين]..ولكنهم الزمونا بخلع احذيتنا أولا..في وسط الجامع يوجد ضريح مغطى بسجادة فارسية من الفضة والحرير وفي زواياه الأربع شمعدانات نحاسية كبيرة تتوسطها الشموع والعديد من المصابيح وفي وسط السقف تتدلى كريات زينية ملونة اشبه ببيض النعام ..ورأينا عددا كبيرا من المغاربة خارج الجامع وفي داخله يجلس درويشان يقرءان القرآن)
يتضح من اسلوب تافرنير الساخر انه لم يستغرق كثيرا في وصف المدينة..ولكنه اشار الى واقعة غريبة تؤكد معرفة الرحالة الأوربيين بموقع نينوى قبل اكتشافها من قبل لايرد ب 200 سنة كما ترينا ان تلقوينجق كان قد هجر بعد ان عرفنا من الرحالة اللماني ليونارد راولف انه كان مأهولا بالفقراء..كما يبدو ان المغاربة كانوا يتوافدون الى المنطقة بحثا عن كنوز الاشوريين..وهي عادة استمرت حتى سبعينيات القرن الماضي وفق معلومات شخصية لدي..كما لانعرف اية من الأسواق التي وصفها بالبائسة كان قد زار! أهو سوق الشعارين وان كان ذلك كذلك، فلماذا لم يتطرق الى النبي جرجيس وهو المسيحي الورع..ام هو سوق الأربعاء الذي لم يتطرق اليه عند مروره برأس الجسر لعبور جسر القوارب ام هو شهرسوق..على اية حال لايمكن التعويل على رحالة بمفرده.. لذا ننتقل الى بدايات القرن التاسع عشر والى رحالة اسهب في وصف الموصل لنرى مالذي قاله في اسواقها..
نتعرف من خلال جيمس سيلك بكينكهام 1823 على حقائق كثيرة عن الموصل واسواقها وعن تاريخها ونرى انها قاست من قبل اعدائها واصدقائها معا فلا غرابة ان يتساءل ونتساءل نحن معه عن سر احتفاظ الموصل بجانب من رونقها القديم (وعندما دخل المغول الموصل قتلوا قرابة 80.000 من سكانها حتى ان دجلة طفح بامواج من الدم ثم خربت مجددا عندما دخلها تيمورلنك في سياق غزوه العراق فمن الغريب حقا انها مابرحت تحتفظ بجانب كبير من تألقها الذي عرفت به في العهود الماضية؟) ويدلف بكينكهام الى اسواق الموصل فينقلنا معه الى فضاءات الموصل قبل قرابة 200 سنة .. فلنتجول معه في مدينتنا ونطلع عليها من خلال عيون اجنبية:
(واسواق الموصل، على الرغم من انها ليست برونق اسواق القاهرة، بأستناء سوق واحدة، [يقصد القيصرية] عديدة، ومجهزة تجهيزا حسنا بوفرة من كل ضروريات الحياة؛ غير ان هذه الأماكن التي يرودها الناس وغالبا ماتكون مفتوحة ومسقفة، وسخة في معظمها..ولاتتميز بالتناسق والنظام الذي نألف رؤيته في هذه الأنحاء من المدن الشرقية..ولكن هناك سوق واحدة تباع فيها انفس السلع والبضائع افضل كثيرا في عمارتها وتصميمها من الأسواق الأخرى، وهذه السوق مليئة في الأوقات كلها بأفضل السلع مما تنتجه اوربا والهند..ومقاهي الموصل عديدة وهي كبيرة على العموم، ومنها ميشغل جانب الطريق بطوله على امتداد مئات الياردات وعلى طول الزقاق بمقاعد خشبية مرصوصة على الجانبين تغطيها سقوف او حصران توفر لها الظل في الصيف والستر من المطر في الشتاء..وحمامات الموصل كثيرة اذ يبلغ عددها 30 حماما..ولكني على الرغم من مشاهدتي مصحوبا الى احسنها، لم اجد فيها مايمكن مقارنته بحمامات القاهرة او دمشق او حلب، لافي مظهرها ولا في تسهيلات الراحة فيها ألا أن طريقة الأستحمام فيها متماثلة تماما بدون اعتناء بالتفاصيل سواء من قبل صاحب الحمام [الحمامجي] او من قبل العاملين في الحمامات كما في المدن الكبرى في مصر وسورية..ويبلغ عدد الجوامع في الموصل 50 جامعا 30 منها صغير الحجم وعادي و20 منها كبير في عمارته.. واكبر جوامعها مبني من الطابوق تنطلق منارته المستديرة من قاعدة مكعبة هائلة في قاعدتها..وتغطي سطحه النقوش والزخارف العربية المنفذه بطريق ترتيب الطابوق على نحو تكون صفوفه مرتفعة في نسق وواطئة في آخر..وكان الجامع الذي شيدت فيه هذه المنارة غاية في الأتقان والروعة ..إلا أن يد الخراب نالت منه في الوقت الحاضر)..
نلاحظ فيما سبق من وصف للرحالة الأنكليزي بكينكهام ان الموصل ارتدت عن سابق رقي وتراجعت عن سالف مجد في عمارتها واقتصادها واسواقها..ولا ريب ان السبب لايعود الى اهلها بل الى الدخلاء عليها من الغزاة المتعطشين للدماء والطامعين بخيرات الأرض الكريمة في الوقت الذي لم يتعرض المغول ومن بعدهم تيمور لتبريز وشيراز وطهران وغيرها من المدن والأسواق الفارسية او التركية بالأذى ..وهو يصف الموصل العثمانية الجليلية التي استردت جانبا من مجدها وإزدهارها اللذان شهدتهما على العهدين الأموي والأتابكي غير انها بقيت تعاني من اهمال ميز الإدارة العثمانية للولايات في ذلك العهد..إذ يعود ليخبرنا:
(وتجارة الموصل التي كانت هائلة في الماضي، تقلصت الآن الى ادنى دركاتها..هذا على الرغم من وجود بعض التجار ممن يتنقل بين الموصل وحلب حاملا منتوج الجبال والسلع الهندية القليلة التي تصل الموصل من البصرة لأستبدالها في سورية بالسلع الأوربية..كما تؤخذ السلع الهندية ايضا الى طوقات والأقاليم الأبعد في آسيا الصغرى لتستبدل بالنحاس الذي ينقل الى بغداد..والصناعة الوحيدة التي مازالت باقية في الموصل هي صناعة الأقمشة القطنية التي تصبغ باللون الأزرق وتستخدم في صناعة الثياب للشرائح الفقيرة في المدينة)..
أين الموسولين؟
بالأضافة الى القطن والبروكيد والتافتا وهي كلمات عربية دخلت اللغات الأوربية، اسهمت الموصل الى العالم بمفردة ارتبطت بأسمها منذ القرن الثالث عشر في ايطاليا وفرنسا، ومنذ القرن السابع عشر في بريطانيا..هي الموسولين او الموسلين.. والموسلين نوع من الأقمشة ناعمة الملمس متقنة النسج كانت تصنع في الموصل على العهد الأتابكي ويصور ماركو بولو الموسلين على انه قماش محبوك من الحرير والذهب..ولكن معنى الموسولين تغير لاحقا ليعني نوعا من الأقمشة القطنية رقيقة الملمس تستخدم في اغطية الأسرة وفي القمصان والثياب ..وغالبا مانشاهد الموسولين في لوحات فنية تصور ملكات النمسا وفرنسا كماري تيريزا وماري انطوانيت مما يشير الى انتشار هذا النوع من القماش الموصلي في اوربا في القرن الثامن عشر وندرته الا اننا نراه على ماري انطوانيت ثوبا ابيضا رقيقا اشبه بالشاش الأبيض..والأغلب ان الموسولين كان قماشا فضيا مذهبا رقيق الملمس يترك انطباعا بالراحة واليسر في ارتدائه وانه كان يصنع من خيوط ذهبية وفضية ربما دخل فيها الحرير والخيوط الذهبية والفضية ليست من الذهب والفضة بل تلون احيانا بألوان ذهبية وفضية..وان افترضنا ان هذا القماش لاوجود، له فلابد من تفسير انتشار مفردة الموسلين وارتباطها بالموصل عبر القرون الوسطى وحتى الوقت الحاضر..الأمر الذي يؤكد وجود مثل هذا القماش وأن الموصل هي من كان يصنع هذا القماش ويتاجر به..ولكن اين الموسولين؟ كما يتساءل الرحالة واليس بج الذي زار الموصل عام 1911؟ لنشاهد حالة اسواق الموصل في بدايات القرن العشرين في رواية هذا الرحالة في كتابه "على ضفاف النيل ودجلة":
(ومباني سوق الموصل بالمقارنة مرتفعة، و تجري فيها تجارة واسعة..ولكن الرحالة الذي زار اسواق اسطنبول والقاهرة وبغداد لايجد في اسواق الموصل الكثير مما يثير اهتمامه..فلم اجد سوقا للتحف ولم يكن لدى التجار الذين يتعاملون بالأقمشة مايعرضونه باستثناء الأقمشة الأنكليزية من مانجستر والمنسوجات الحديثة من حلب..وقد طال سؤالي من غيرما جدوى عن عينة من [الموسولين] الذي اخذ تسميته من مدينة الموصل واشتهر في المشرق كله بسبب الوانه الجذابة وجودته، ولكن كل مارأيته كان قد صنع في انكلترة وقد لف على الواح كرتونية انكليزية وغلف بورق أنكليزي وختم بالعلامات التجارية لصناع انكليز ذائعي الصيت..وفي احد المحلات رأيت عقاقير ايطالية تحمل اسماء لاتينية وطنجرة نحاسية كبيرة لطبيب ايطالي كان قد جاء من جزيرة ابن عمر..ويلعن اهل الموصل الكلاب كلها بأستثناء السلوقي، ولكن مع كل التناقضات التي يتصف بها المشارقة، نجد ان المسلمين والنصارى يشترون خبزا من الأسواق في ايام الجمع ليطعموا به الكلاب الجائعة المنتشرة في الطريق الى المقابر لزيارة قبور موتاهم..ولاحظت ان المسلمين ينفقون كثيرا من المال لشراء الخبز للكلاب.. ولم اجد سكائر معروضة في السوق.. وماوجدته نوع من التبغ يطلق عليه "التتن" ويباع على شكل أوراق كبيرة يقوم الزبون بتكسيرها وسحقها ثم لفّها بورق الواحدة منها ضيقة في احدى نهايتها وكبيرة في الأخرى وغالبا ماتنفتح من تلقاء نفسها فيسقط محتواها على ثياب المدخن..وهناك العديد من الجوامع والمساجد في المدينة غير ان احدا منها لم يلفت انتباهي من الناحية المعمارية..ولكن أفضل ملامح الجوامع منائرها التي تعطي للموصل منظرا أخاذا..ولكن معظم المنائر لايقف باستقامة ومنارة الجامع الكبير المعروفة بالحدباء منحنية وفيها انتفاخ واضح في أحدى جوانبها..وكانت بعض القبب والمنائر مزخرفة بالخزف المزجج والمنظم بانساق غاية في الجمال والأخرى بالفسيفساء الحجري غير ان نزرا قليلا فقط بقى من تلك الزخارف في مكانه..ويقينا فان منارة مزخرفة بالقرميد المزجج اللامع لهي ملمح غاية في الروعة ..غير اني لم اجد مؤشرا على اي جهد للحفاظ على المباني الأسلامية وترميمها او صيانتها..ويبدو ان الميل السائد هو في في ترك جدار او قنطرة او قبة ليد البلى ثم اصلاحها بعد ان تؤول الى الخراب)..
في هذا النص، يميط واليس بج اللثام عن طبيعة التحولات الكبيرة التي تعرضت لها الموصل في عمارتها واسواقها على نحو مماثل لجيمس سلك بكنكهام .. بعبارته ذات الدلالات العميقة (وكانت بعض القبب والمنائر مزخرفة بالخزف المزجج والمنظم بانساق غاية في الجمال والأخرى بالفسيفساء الحجري غير ان نزرا قليلا فقط بقى من تلك الزخارف في مكانه) مما يشير الى حجم الخراب الذي نال الموصل بسبب ماتعرضت له من اهمال على العهود التركمانية ثم ما اصابها من إذى من جراء الغزو الفارسي الذي اتمم به نادر شاه ماقام به اسلافه هولاكو وتيمور من تخريب للمدينة وتدمير لمعالمها وصروحها واسواقها ومبانيها وصناعتها واصنافها..فللموصل جذورا ضاربة العمق في التاريخ الحضاري للشرق الأدنى..وأسواقها أقدم من اسواق اسطنبول وقونية والقاهرة واسواق شمالي افريقيا بل واسواق دمشق وحلب على الرغم من عتق اسواق هاتين المدينتين..غير ان المدن المذكورة لم تتعرض لما تعرضت له الموصل من عدوان وتخريب جاء على الحرث والنسل ودمر مظاهر الحضارة والتمدن وعطل فيها اسواقها ونتاجها ..فواليس بج يسأل متحيرا عن عينة من الموسولين..ولم يجدها ..والمشكلة ان احدا من التجار من اهل الموصل في باب السراي حيث سأل عنها لم يسمع او يعرف شيئا عن الموسولين.. بل وربتما ظن انه يسأل عن قماش أنكليزي وليس عن قماش موصلي فأخرج له اقمشة انكليزية ..ولو افترضنا جدلا أن واليس بج اسهب قليلا مع التاجر الموصلي فوصف له رحلة ماركو بولو وحدثه عن الموسولين وارتباطه تسمية وتصنيعا بمدينة الموصل، فأني لا أخال ان التاجر الموصلي سيعرف اي شيء عن ماركو بولو او عن الموسولين الذي ينتسب مثل اشياء أخرى كثيرة في تاريخ الموصل وارضها الى الذاكرة التي يبدو انها تغطس تدريجيا في مياه النسيان!


عن موقع عينكاوا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قلب الموصل بين الأمس واليوم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البيت الآرامي العراقي :: الثقافية , الادبية , التاريخية , الحضارية , والتراثية Cultural, literary, historical, cultural, & heritage :: منتدى العراق أرض الحضارات Iraq the land of civilizations Forum-
انتقل الى: