الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 5تاريخ التسجيل : 05/02/2011الابراج :
موضوع: هي كنائسنا .. وهو إسلامنا الثلاثاء 24 يناير 2012 - 20:08
هي كنائسنا.. وهو إسلامنا
. إلى حيران بن الأضعف
بقلم د. محمود حمد سليمان
إسمع يا حيران ... سوف تتنشق في فضاءٍ يملأه الصَخـَبُ والدخانُ والغيومُ والضبابُ.. فاعتمد في مرورك على بصيرتك فقد لا يكون صحيحاً كل ما يراه بصرك.. لذلك ضع دائماً في ذهنك هذه المنارات/القبسات تستهدي بها عند سفرك في الليالي الحالكة.. ومنها: إن القرآن الكريم في أوائل سوره.. إنتصر للروم المسيحيين على الفرس المشركين واعداً ومتوعداً : (غُلِبَتْ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ). فربح أبو بكر الصديق الرهان على مشركي قريش عندما إنتصر أهل الكتاب فعلاً كما وعد القرآن الكريم . ومنها : إن القرآن الكريم قال عن النصارى:( لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ) في حين اعتبر أن أشد الناس عداوة للمؤمنين اليهود.. ولن أزيد. بالإضافة إلى أن القرآ ن انتصر أيضاً لنصارى نجران ووصف محرقة اليهود بكلمات يقطر لها كل قلب يحمله بشر :( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) .. ولاحظ أن القرآن يصفهم بالمؤمنين.. ويتوعد اليهود الذين فعلوا هذه المجزرة بنصارى نجران.. لاحظ ذلك وقارنه بفتاوى شيوخ السلاطين والنفط في زماننا هذا.. يا حيران. ليس هذا فحسب بل إن النبي الكريم إستقبل وفد نصارى نجران، بمرافقة إخوانهم من مسلمي اليمن، في مسجده في المدينة وحاورهم فيه وأذن لهم في إقامة صلاتهم داخله.. بحراسة إخوانهم المسلمين وتحت نظره ونظرهم. وإذ غادروا معززين مكرمين فإن الرسول عليه السلام قدم للمغادرين الهدايا بالتساوي بين المسلم والمسيحي دون تفرقة أو تمييز .. ومنها : إن معركة اليرموك لم ينتصر فيها الفاتحون إلا بعد أن إنحاز القائد العربي " جرجة" وجنوده العرب المسيحيين .. إلى صفوف إخوانهم العرب المسلمين.. ومثل ذلك حصل في فتح القدس ودمشق ومصر .. وحتى الشهداء من مسلمين ومسيحيين كانوا يُدفنون في مقبرة واحدة كما هي الحال في مقبرة الجامع الأموي بدمشق وفي غير مقبرة في العراق وبلاد الشام .. وآثارها موجودة إلى اليوم، يا حيران.. وكلنا يعرف موقف الخليفة عمر بن الخطاب من الصلاة في كنيسة القيامة درءاً للفتنة في المستقبل .. وبعضنا لا يعرف أن الإمام جعفر الصادق قال لطلابه عن النصارى : عودوا مرضاهم وادخلوا كنائسهم وصلوا بصلاتهم وامشوا في جنائزهم حتى يقال إن جعفرأ أدب جماعته فأحسن تأديبهم.. ولعلمك يا أخا العرب فإن الكنيسة العربية قاومت القهر عبر التاريخ ومحاولات فرض طقوس الكنيسة الغربية عليها وإلحاقها بها.. هذه الكنيسة التي لم تنل حريتها واستقلالها إلا في زمن الدولة العربية الواحدة .. ومنها الكنيسة المارونية وشقيقتها الأرثوذكسية اللتين تعرضتا لأبشع اضطهاد على يد الغرب منذ فجر التاريخ وحتى تدمير كنيسة مار مارون شرقي حلب التي تعرضت لمجزرة فظيعة (600 راهب وراهبة) على يد الروم البيزنطيين الذين ظلوا يطاردون الموارنة حتى جبال لبنان الى أن التقاهم الجيش العربي في الكورة من لبنان.. وفي ساحة "أميون" اليوم أوقع بهم شر هزيمة.. وأعادهم إلى ما وراء حلب.. وهذا هو سبب وجود الموارنة في جبل لبنان بكثافة حتى الآن.. فـتمعـَّن يا حيران. وحتى في العصر الحديث، فإن المسيحيين العرب، هم الذين حفظوا نسخ القرآن المخطوطة في أديرتهم وكنائسهم يوم قرر الأتراك تتريك العرب ومصادرة نسخ القرآن من بيوت المسلمين ومساجدهم.. ولعل "دير البلمند" في شمال لبنان إحتفظ بالعدد الأكبر من مخطوطات القرآن.. وأعادها إلى الأمة كلها بعد رحيل الأتراك .. ومنها يا حيران، أن مطران حلب الشهباء هو الذي قاد المواجهة مع الفرنسيين عندما قرر هؤلاء إلغاء صلاة الجمعة في المساجد وبقي صامداً حتى تراجع الفرنسيون .. وبقيت المساجد عامرة بالإيمان والصلاة والنهج الوحدوي.. وربما تكون قد نسيت أن شيخ الأزهر الإمام العلامة محمود شلتوت أفتى بجواز التعبد على المذهب الجعفري عندما: جاء أحدهم واستفتى شلتوت في الأمر فأجابه في ثلاث نقاط: "إن الإسلام لا يوجب على أحد مِن أتباعه مذهباً معيناً..."، و"إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشِّيعة الإمامية الاثني عشرية مذهب يجوز التَّعبد به شرعاً..."، و"فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا مِن التَّعصب بغير الحق لمذاهب معينة..." (عن صورة الفتوى في عدة كتب). كان تاريخا: 17 ربيع الأول 1378هـ ويُصادف 1 أكتوبر 1958.
أتدري يا حيران، ماذا فعلت هذه الفتوى: جعلت صديق الشَّيخ شلتوت إمام الشَّيعة في زمانه السيد "حسين البروجردي" يقمع كل مظاهر الكراهية والجهل ضد الصَّحابة بإيران، ولا مجال للإطناب في ما فعله البروجردي مِن منع كتب، والغضب على معممين يقصدون الفِرقة الطَّائفية.
ولعلك لا تعرف يا حيران أن المطران بولس المعوشي هو الذي وضع الغطاء على قادة ثورة 1958م. في لبنان.. مؤيـِّداً نهج جمال عبد الناصر الوحدوي ورافضاً التدخل الأجنبي ودخول لبنان في حلف بغداد.. ولعلك لا تعرف أن جمال عبد الناصر وقف مؤيداً مكاريوس مطران قبرص ورئيسها ضد أتراك قبرص المسلمين الذين نهجوا نهج تقسيم الجزيرة، كما هو معروف.. وربما لم تسمع بفتوى شيخ الأزهر العلامة محمود شلتوت الذي أفتى بجواز التعبد بالمذهب الشيعي عندما : جاء أحدهم واستفتى شلتوت في الأمر فأجابه في ثلاث نقاط: "إن الإسلام لا يوجب على أحد مِن أتباعه مذهباً معيناً..."، و"إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشِّيعة الإمامية الاثني عشرية مذهب يجوز التَّعبد به شرعاً..."، و"فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا مِن التَّعصب بغير الحق لمذاهب معينة..." (عن صورة الفتوى في عدة كتب). كان تاريخا: 17 ربيع الأول 1378 ويُصادف 1 أكتوبر 1958.
أتدري ماذا فعلت هذه الفتوى: جعلت صديق الشَّيخ شلتوت إمام الشَّيعة في زمانه السيد حسين البروجردي (ت 1961) يقمع كل مظاهر الكراهية والجهل ضد الصَّحابة بإيران، ولا مجال للإطناب في ما فعله البروجردي مِن منع كتب، والغضب على معممين يقصدون الفِرقة الطائفية والمذهبية .. ولعلك مثلنا رأيت بالأمس القريب في أثناء ثورة 25 يناير بمصر كيف صلى المسلمون في ميدان التحرير في القاهرة بحراسة إخوانهم الأقباط .. ومثلهم صلى الأقباط بحراسة إخوانهم المسلمين.. كثيرةً هي القبسات الوحدوية ..وقد لا تتسع لها المجلدات ولا الموسوعات.. لكن بالتأكيد تخلو منها العقول المقفلة.. والنفوس المغلقة.. إلا على التعصب والحقد والكراهية والتحزب الأعمى ودسائس أميركا والغرب والصهيونية.. فاحذر كل فضاء ملوَّث، رحمكَ الله