الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61339مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: هل يصلح العرب ما أفسده الاحتلال في العراق؟ السبت 27 مارس 2010 - 13:37
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هل يصلح العرب ما أفسده الاحتلال في العراق؟
شبكة البصرة
د. مثنى عبدالله
باحث سياسي عراقي
لن يكفي أن ننطق لغة الضاد كي نكون عرب، ولن يكفي أن نعتمر الكوفية والعقال ونشرب حليب النوق، ونعزف على الربابة في البوادي والقفار، ونطرب لحادي العيس، كي نسمى أمة عربية، فلقد تجاوزنا أقوام كثر لاتربطهم عشر الصلات التي تربطنا، وأقاموا فيما بينهم أطر أتحادية، أقتصادية وسياسية وأمنية، وأصبح مواطنوهم يتجولون بين دولهم كما يشاؤون ووقتما يرومون، بلا جوازات سفر وتأشيرات دخول، ويتمتعون بكافة الحقوق مع مواطنوا تلك الدول المتحدة، بينما يحفل تاريخهم القريب والبعيد، بحروب مدمرة، ومجازر مروعه حصلت فيما بينهم، لكنهم تجاوزوها من منظور مستقبلي، ولم يضعوا كل ذلك التاريخ المؤلم على ظهور مواطنيهم فتجلد هذه الدولة مواطنوا الدولة الاخرى، ويقضون السنين يلعنون بعضهم بعضا. لكننا أمة العرب فعلنا عكس ذلك تماما، فعلى الرغم من التاريخ المشترك، واللغة والدين والمصير الواحد، والجغرافية التي لم تفصلنا عن بعضنا البعض بموانع وتضاريس طبيعية، لكن عين الشك مازالت بيننا يقظة، فعندما لاتكون الحرب قائمة بيننا بالسلاح، فان الحرب الباردة مستمرة، كل يحبط مشروع الاخر القومي، وكل يبحث عن زعامة موهومة بين الكراسي، حتى باتت جوازات سفرنا ليست كافية للتجوال في دنيا الوطن الكبير، لان كل مواطن منا يمثل النظام السياسي القائم في دولته، في نظر الدولة العربية الاخرى، وعليه فان دخولنا وخروجنا تتحكم به العلاقة التي تربط الانظمة، حتى العمالة العربية المتنقلة بين دولنا أصبحت تخضع للتحقيق حين العودة الى الوطن الاصلي، لانهم في نظر السلطات أصبحوا عملاء لسلطات البلد الاخر، وبذلك نسيت ألاجيال العربية كيف كان العربي يتنقل من مشرق الوطن العربي حتى مغربه براحلته، ويستقر حيثما يريد، وحيثما يوجد الماء والكلآ.
لقد قادت كل هذه الهواجس والشكوك التي أنتابت السلطات العربية الرسمية، والتي عبر عنها وزير خارجية أكبر دولة عربية وهو يهدد شعب شقيق له، بأن يقطع قدم كل من تطأ منهم أرضه، في اللحظة التي كان العدوان الصهيوني يرتكب اكبر مجزرة في التاريخ الحديث بحقهم نقول أن هذه الهواجس هي التي أدت الى ضياع فلسطين وتشتت السودان والصومال، وتخلخل وحدة اليمن، ومجاعة وتسول في دول عربية، وتخمة حد الافراط في الاخرى، ثم الطامة الكبرى وهي تحطيم العراق، ذاك الصرح الحضاري الذي بني على أسس قومية منذ أستقلاله في عشرينيات القرن المنصرم، وأختار بأرادته أن يكون بيتا مشاعا لكل أبناء الامة، قوته لها وبها، وثرواته ملك لها، ودمائه مبذولة في سبيل حقها في الحياة الحرة الكريمة.
وعلى الرغم من ماسي الاحتلال وسنواته السبع العجاف، وقبلها حرب قطع الارزاق منذ العام 1990، ومشاركة النظام الرسمي العربي فيها باليد واللسان والقلب، فأن العراقيين مازالوا يراهنون على الدم الذي لايمكن في عرفهم أن يصبح ماء، وأن الاخ وأبن العم لابد أن يعينوهم على الغريب الذي جار عليهم، وهم يرددون في مجالسهم صفحات من التاريخ العربي البعيد حينما كانت القبائل العربية تغير بعضها على البعض الاخر، فتأسر وتسبي وتغنم وتقتل، لكن الدم يبقى يحن الى الدم الذي سرعان ما يحول الخصومة الى تحالف، والقتل الى مصاهرة وود ووئام، غير أن البعض من الاشقاء لازال الى اليوم عاجزا عن الوصول الى هذا المستوى من الشعور القومي الذي يملكه كل فرد عربي في العراق، بل أنهم لم يكتفوا لحد الان بما اصاب اخوانهم من قتل وجوع وتهجير وأستعمار وفساد وأغتصاب، فما زالت بعض صحفهم تجتر الماضي وتفتح جروحه، ومازال بعض كتابهم يعلن أمنياته بأن لايبقى في العراق حجر فوق حجر، وتطرد سلطات حدودهم شعبه المستجير بهم، وتستولي على شركاته المشتركة معهم التي أنشأها العراق للتخفيف عن حصار شعبه قبل الاحتلال، وتصادر أو تخفي ارصدته التي كانت أمانة لديهم كي يوفر العراق منها الخبز والدواء لاطفاله وشيوخه، حتى وصل الحال ببعضهم حد التنكر لابسط القيم الانسانية ولانقول القومية، عندما لاتمتد أيديهم لمساعدة رموز وطنية عراقية يعانون من العوز والمرض، مثل الفريق الاول الركن عبدالجبار شنشل أحد قامات الجيش العراقي، وأبطاله الصناديد، الذي خدم العراق والامة على مدى ستون عاما، ودافع عن الارض العربية أينما كانت، وكان مثالا للوطنية والقومية الحقة، وكذالك السيد قاسم أحمد تقي وزير النفط الاسبق، الذي أنتخى له أحد أعضاء مجلس النواب الاردني الشقيق مطالبا بتقديم المساعدة له، ومذكرا بأفضاله عندما كان في موقع المسؤولية، بينما العديد من قادة الدول العربية اليوم، ومسؤولي الخط الاول فيه، كانوا قد تخرجوا من كلياته العسكرية والمدنية ’ وبعضهم كانوا يدرسون على نفقته، مع التقدير العالي لكل الاشقاء الذين قاسمونا خبزتهم ومقاعد دراسة أولادهم، ودواءهم حينما هجرنا من الوطن.
أن أنظار العراقيين اليوم ترنوا الى مؤتمر القمة العربية في ليبيا، الذي لايخفى على أحد سعي البعض لافشاله، لاسباب خارجة عن المصلحة القومية للامة، وتتعلق بالتنازع الغير مشروع على الزعامة والظهور، والذي سيلقي بظلاله على كافة القضايا التي ستناقشها القمة، وخاصة القضية العراقية التي لازال العرب لحد الان لم يتخذوا قرارا واضحا بصددها، لافتقارهم الى الرؤية العقلانية الموحدة أولا، ولسياسة المحاور التي ينتهجونها في التعامل مع القضايا المصيرية ثانيا، وخوفهم من التقاطع السياسي مع المحتل ثالثا، وتغليبهم النزعة القطرية على القومية رابعا، وتفضيلهم أن يكون قرار التعامل مع القضية العراقية أمريكيا لاعربيا أخيرا، وبذلك كان الصمت العربي هو الغالب طوال السنوات السبع الماضية، بل حتى الحراك الذي تم من قبل البعض منهم كان مضرا بالقضية وعلى حساب الشعب العراقي، وهذا مامثلته مبادرات الجامعه العربية خير تمثيل، أبتداءا من أعطاء منصب مندوب العراق في الجامعة الى ممثل الاحتلال والاعتراف المبكر بمايسمى مجلس الحكم، مرورا بمؤتمرات المصالحة الوطنية الفاشلة، وأنتهاءا بزيارة أحمد بن حلي الامين العام المساعد للجامعة العربية في يناير الماضي الذي خاطب المالكي (لقد حققتم أنجازات كبيرة!!) و (غمرتني السعادة عندما شاهدت الجندي العراقي يقوم بواجبه في الشوارع بدلا من الاجنبي، فهذه التطوارات ستشجع المستثمرين العرب على التوجه الى العراق)، وكأن خلاصة المشكلة في العراق هو عدم وجود أستثمار؟؟؟
متناسيا بأن المشكلة هي وجود محتل وسلطة ممثلة له ومنظومة فكرية وتطبيقية أستعمارية هي (العملية السياسية)، وشعب مقاوم، وهذا ماعبر عنه السيد مختار لماني الممثل السابق للجامعة العربية في العراق.
أن الخطوات الناجحة التي حققتها السياسة الليبية، بزعامة القائد معمر القذافي، والتي تمثلت بأنتزاع الاعتذار والتعويض للشعب الليبي عن حقبة الاستعمار الايطالي، وخضوع الولايات المتحدة الامريكية لطلب ليبيا بتقديم أعتذار رسمي عن التهكم الذي صدر عنها مؤخرا، والمجاهرة بطلب حقوق الامة من على منبر الامم المتحدة، وتبيان جور وظلم الولايات المتحدة والدول السائرة في ركبها، أنما هو بارقة أمل لشعب العراق في أستعادة حقوقه والتخلص من الاحتلال، ووقوف قاتليه وسراق قوته وثرواته أمام المحاكم المتخصة بالجرائم الدولية، من خلال وقوف قادة الامة معه في مؤتمر قمة ليبيا، كما عزز القائد الليبي هذا الامل في أستقباله الحافل لوفد فاعليات الشعب العراقي مؤخرا، وتبنيه لكل مطالب الشعب العراقي التي حملها الوفد، وتأكيده على أنه سيكون ممثلا للعراقيين في القمة، ومساندا لهم في معركتهم القانونية التي وجه بضرورة التحضير لها، بأعتبارها جهدا ساندا للجهد المقاوم الذي قام ويقوم به شعب العراق.
أن الامل يحدوا بالعراقيين لان يستلهم قادة الامة من حياة الشهيد البطل عمر المختار زادا لهم في رعاية مصالح الامة، ومن الشهيد القديس صدام حسين الشجاعة في الثبات على المواقف وهما الذين لاتبعد نصبهم عنهم سوى أمتار قليلة.