الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 606تاريخ التسجيل : 12/03/2010الابراج :
موضوع: مريم العذراء والتجسد، بقلم الشماس وعد بلو الجمعة 10 فبراير 2012 - 19:09
مريم العذراء والتجسد
كتبنا في الموضوع السابق عن التجسد، وكيف أن الآب أرسل ابنه ليحمل جنسنا الضعيف (الرابط 1). وموضوعنا اليوم هو دور العذراء مريم في التجسد.
أن التدبير الإلهي كان لابُد من إختيار إمرأة لتحمل هذا الطفل الإلهي، فكان الأختيار هو لمريم العذراء ومنذ الأزل(من نسل المرأة يأتي ليسحق رأس الحية أو الشيطان) تكوين 3. أي أن الرب المولود سيكون من أُم وبدون زرع البشر(سوف يسحق رأسكِ "رأس الحية" وأنتِ "الحية" تسحقين عقبه)، هذا الكلام هو لأمنا مريم ودورها في الحدث ولا يوجد قول الى شخص آخر أبداً سوى أن يسوع هو من نسل هذه الأمرأة وليس من أب بشري ، انهُ من الله وبقدرته الفائقة. ان العذراء مريم منذ أن بشّرها الملاك أعطت نفسها رهن إرادة الآب(ها آنذا أمة الرب فليكُن بحسب قولك) بكل تواضع وحُب. أن ايمانها في الوهلة الأولى كان دليلاً قاطعاً على التواضع، وحُب العذراء لتحمل كل الآلام والمشقات والعذابات لتعطي إبن الآب للأنسان، فها هي العذراء تحبل تسعة أشهر مثل أية أم، ونحن نعلم ما مدى الآلام التي عانتها هذه الأم، وولدته في مكانٍ بسيط وهو مغارة بيت لحم لأنه لم يكُن لهم مكان ليبيتوا فيه(لوقا2). لفّته بالأقماط وحظنته وقبّلته ورضعته مثل أية أم. كان صوب عينيها وعنايتها عليه منذ ما ولِد حتى سنّهِ الثلاثين عندما خرج للبشارة بالملكوت السماوي. كمْ تحمّلت العذاب منذ رحيلها الى مصر وبقائها فيها عدة سنوات ورجوعها الى الناصرة؟ عاشت في الغربة عن أهلها وبيتها ومدينتها ولم تترك يسوع ، بل أعطته حنانها وعطفها وحُبّها الوالدي، وكم مرة بكى يسوع وهو طفل صغير وكم مرة وقع وركضت لتساعده وتُنهضه، ألم يكُن إنسان كامل حامل جنسنا؟ وليُعلّمنا كيف نعيش حياة الكمال كما قال(كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامل)، حملُتْ المُتجسد في أحشائها الطاهرة، ليس من العقول أن ينزل الطاهر إلا في أحشاء طاهرة(المحبول بها بلا دنس أصلي).
أن الآب أختار مكان طاهر ومُقدّس ليسكُن فيه إبنهُ تسعة أشهر ويولد ولادة طاهرة وفي أحضان مُربّي بتول وقديس(يوسف البتول) الذي شارك الأبن الإلهي وأمهِ آلامهم ووضع نفسه بكلِّ تواضعٍ في خدمة هذه العائلة الفقيرة.
ان القدير الإلهي خطّط كل شئ منذ الأزل لمجيئ الأبن وحتى وقت صعوده الى السماء. فلنفتح قلوبنا وضمائرنا لهذه العائلة المقدسة وخاصة هذه الأيام، ولكي تُفكّر كل أم وتنظر الى الأم العذراء وتتعلم منها وتقتدي بها كأم أعطت كل ما لديها لأبنها بتواضع وحُب وعلّمت ابنها كيف يقوم بواجبه الروحي تجاه الله ابيه، بالرغم من أنه هو الله، كانت تأخذه الى الهيكل للصلاة ويُشارك في تقدمة الذبائح للآب بالرغم من انه هو الحمل الذبيح. كل هذا فعلته لكي تُعلّمنا ما هو واجبنا تجاه أولادنا وخاصة الأمهات في تعليم اولادهم الذهاب الى الكنيسة وإكمال ما يطلبه الله والكنيسة منهم في تواضع ومحبة القريب وكذلك محبة آبائهم وإخوتهم في البيت ولكي يحبوا أصدقائهم في المدرسة والمجتمع وأن يقوموا بتعليمهم كيف يعطوا بسخاء ومحبة لجميع من يعيشوا معهم.
يا عذراء مريم ، يا مَنْ شاركتِ الأبن في تجسده بكل تواضع وحُب عينينا في حياتنا وساعدينا كيف نعيش هذه الحياة بتواضع ومحبة القريب، لكي نُعلّم أولادنا ما علّمتيهِ أنتِ الى أبنكِ خلال حياته في البيت، من حُب وطاعة وتواضع وعطاء. نرجو منكِ الصلاة لأجلنا يا أم الرحمة، يا حنونة ، يا رؤوفة، ونُهنئكِ بولادة أبنكِ الحبيب مُخلّص العالم آمين.