الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: الجيش الردني واليامون وخالي : عامر العظم الأحد 12 فبراير 2012 - 18:59
الجيش الأردني واليامون وخالي!
كنت في زيارة قبل يومين إلى بيت خالي كمال ـ زميلي الدراسي السابق ـ الذي زار الأردن الأسبوع الماضي لخمسة أيام وعاد إلى الضفة الغربية، وكان يحدثني على أنه التقى رجلا اسمه "عبد العزيز العدوان" يعيش في الجعيدية، أول طريق جرش، كان قد حصل على رقمه من شخص من اليامون في جنين.
القصة تبدأ عندما قام هذا الرجل الياموني في عام 1967 بدفن جثامين ثمانية شهداء في مدخل اليامون، كانوا تسعة جنود من سلاح المدفعية الأردني يقصفون مجدو عندما باغتهم الإسرائيليون من الخلف ورشوهم عن قرب، وتأكدوا أنهم موتى بلا حراك.. هرع الأهالي ووجدوا أن جسد أحدهم لا يزال ساخنا برغم أن أكثر من عشر رصاصات قد اخترقت جسده، نقلوه وأسعفوه لمدة شهر ثم عاد إلى الأردن، كان هذا الرجل عبد العزيز العدوان هو الناجي الوحيد. كان سبب اتصال خالي به لسببين هو أن خالي "محمود شكري مرشد عودة" كان أحد هؤلاء الشهداء، وأراد أن يتواصل مع رفيق سلاحه ليسأله عنه وعن تفاصيل حيواتهم قبل الاستشهاد، ويريد أن يتأكد في الوقت ذاته من ترتيب قبر أخيه بين قبور الشهداء الآخرين كما أخبره الياموني الذي دفن جثث الشهداء الثمانية.
يواظب أخوالي وخالاتي وجدتي ـ قبل موتها ـ على زيارة قبور الشهداء في اليامون في كل عيد ومناسبة يقرأون عليهم الفاتحة ويترحمون عليهم ويلتقون ذلك الرجل الذي دفنهم بنفسه.. كان خالي كمال يتحدث بشغف عن أخيه "الشهيد محمود" وهو الذي لم يكن يبلغ العامين عند استشهاده، واصل شغفه وأحضر لي كتابا قديما ـ مهترئ قليلا ـ يخص لواء المدرعات حيث يحوي تأريخا وصورا لشهداء هذا اللواء، كنت أتصفح صور وأسماء الشهداء الذين استشهدوا في عام 1967، كان أغلبهم من شرق الأردن من عجلون والمفرق وإربد والكرك والسلط وقراها، كنت أتمعن في صورهم بوقار لا يخلو من طرح أسئلة حائرة كثيرة.
رأيت في داخل الكتاب قصاصة ورقية وجدها بالصدفة خالي الآخر "مُرشد" ـ المتوفي والمدفون في الأردن قبل عشر سنوات ـ في جريدة تحمل نعيا لشخص متوف حيث يسرد الإعلان مكان تقبل العزاء في بيت في شارع اسمه "شارع الشهيد محمود شكري مرشد عودة" في عبدون، حي الزهراء، عرف عن هذا الشارع بالصدفة وانتزع تلك القصاصة واحتفظ بها. رأيت صور خالي التي التقطها مع أخواته وابن أخته في الشارع ذاته بجوار اللوحة المعدنية التي تحمل اسم أخيه الشهيد! لا شك أنهم بهذه الصور بجانب اللوحة يريدون أن يتباهوا بأخيهم الشهيد وتقدير الحكومة الأردنية لشهدائها الذين تطلق على شوارعها أسماءهم.
إلى هنا أتساءل: هل يستطيع أحد أن ينكر هذا الدم الأردني المختلط بالتراب الفلسطيني؟ هل يستطيع أحد أن ينكر دور الجيش الأردني في فلسطين؟ هل يستطيع أحد أن يلغي من ذاكرتنا معركة الكرامة بشخوصها وأحداثها! أقول لا.. وألف لا، لأن التاريخ لا يرحم أحدا ويعيد دورته ولو بعد حين! تحية اعتزاز عسكرية لكل النشامى!