العراق... ضحية عقدين من العدوان المتواصل.. بقلم : رائق شعلان
كاتب الموضوع
رسالة
anton عضو شرف الموقع
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 1319تاريخ التسجيل : 25/08/2011الابراج :
موضوع: العراق... ضحية عقدين من العدوان المتواصل.. بقلم : رائق شعلان الأحد 12 فبراير 2012 - 22:09
2012-02-12
يعد العدوان الأميركي على العراق من أخطر الجرائم الدولية التي ارتكبت بحق دولة عضو في الأمم المتحدة، ولاسيما أنه استهدف تدمير هذا البلد وتقسيمه وتهجير شعبه ونشر الفوضى فيه والاستيلاء على ثرواته. ونظراً لانسحاب معظم القوات العسكرية المعتدية منه أواخر العام المنصرم، نجد من المفيد تسليط الضوء على جوانب من الانتهاكات والجرائم الدولية التي ارتكبها المعتدي على مدار عقدين من الزمن. أولاً: فرض العقوبات الاقتصادية العقوبات الاقتصادية هي من الإجراءات التي فرضها مجلس الأمن على العراق بسبب عدم امتثاله للقرار رقم 660 الذي تضمن من بين أشياء أخرى، مطالبة العراق بسحب جميع قواته فوراً إلى المواقع التي كانت توجد فيها في أول آب 1990م. والغاية من هذا الإجراء هو إجبار العراق على الانسحاب من الكويت، وهو إجراء صحيح وسليم من الناحية القانونية مادام العراق مستمراً في عدوانه. وكان من المفترض أن ترفع هذه العقوبات بعيد إنهاء الاحتلال العراقي للكويت في عام 1991م، إلا أن القوى الغربية استمرت في فرض العقوبات لسنوات طويلة وذلك بهدف إضعاف العراق تمهيداً لاحتلاله فيما بعد. وقد ترتب على هذه العقوبات تداعيات خطيرة على الشعب العراقي وبالتحديد على الأطفال حيث أكدت التقارير والإحصائيات على وفاة نحو مليون طفل عراقي بسبب العقوبات الظالمة. ثانياً: إنشاء المنطقة الآمنة والحظر الجوي وقصف المدن إن إصرار الغرب في استمرار فرض العقوبات على العراق وعدم رفعها، لم يكن إلا بداية المخطط العدواني تجاه هذا البلد وهو ما أثبتته الوقائع اللاحقة من إنشاء منطقة آمنة وحظر جوي وقصف المدن وغيرها من الأعمال العدوانية. ففي نيسان من عام 1991م أعلنت كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا بقرار انفرادي منطقة كردستان في شمال العراق منطقة آمنة ثم فرضت حظراً جوياً على الطيران العراقي فوق المنطقة الآمنة بمساحة مقدارها نحو 2400 كم2. وفي العام التالي فرضت الدول الثلاث حظراً جوياً في جنوب العراق وتم توسيع هذه المنطقة عام 1996م. واستندت الدول المعتدية على حجة التدخل الإنساني لحماية الأكراد في شمال العراق والشيعة في الجنوب، وهي حجة مردودة من الناحية القانونية ولاسيما أن مجلس الأمن لم يمنح هذه الدول أي تفويض بذلك. وكان الهدف الحقيقي وراء هذه الإجراءات هو إضعاف العراق عسكرياً، فالحظر الجوي يعني حرمان العراق من نحو 40% من سيادته الجوية، فضلاً عن ذلك فإن طائرات الأعداء سوف تتمكن وبسهولة من الحصول على معلومات عن القدرات العسكرية العراقية. ولم يقتصر العدوان على ما تقدم من إجراءات مخالفة للشرعية الدولية، بل تعدى ذلك إلى استهداف المدن والمواقع العراقية المدنية والعسكرية منذ عام 1993م حتى احتلاله عام 2003م وهو ما يعد عدواناً في ظل قواعد القانون الدولي المعاصر. ثالثاً: الغزو والاحتلال ساهمت الإجراءات المتقدمة مساهمة كبيرة في إضعاف العراق عسكرياً واقتصادياً، وهو ما انعكس سلباً على قدرة العراق في مواجهة الغزو الأنجلوأميركي عام 2003م ومن ثم احتلاله بعد مدة قصيرة. وقد استندت الولايات المتحدة على عدد من الحجج في تبرير العدوان الذي قادته على العراق، منها: نزع أسلحة الدمار الشامل، مكافحة الإرهاب، تحرير العراق من دكتاتورية صدام حسين ونشر الديمقراطية، ولم تكن هذه الحجج أكثر من غطاء لتحقيق أهداف العدوان الحقيقية والتي يمكن تلخيصها بالآتي: الاستيلاء على نفط العراق، والسيطرة على الخليج العربي، وإنهاء العراق كقوة إقليمية تهدد إسرائيل والمشروع الشرق أوسطي الكبير.. وبوقوع العدوان واستمراره نحو تسع سنوات، ثمة حقائق ثلاث يجب التأكيد عليها، أولها: إن مجلس الأمن لم يفوض الولايات المتحدة وحلفاءها بالحرب على العراق وبالتالي فهي حرب عدوانية ترتب المسؤولية الدولية الجزائية والمدنية. الحقيقة الثانية: إن مجلس الأمن لم ينعقد للتصدي لهذا العدوان وهو تطور خطير في منظومة الأمم المتحدة. الحقيقة الثالثة: تتمثل في استصدار قرارات من مجلس الأمن تشرعن الاحتلال وذلك بتحويل قوات الاحتلال إلى قوات أمن وسلام في العراق. وهذه الحقائق الثلاث تعكس مدى خطورة العدوان الغربي ليس على العراق فحسب بل على المجتمع الدولي بأكمله وعلى الشرعية الدولية. رابعاً: نماذج من الجرائم الدولية ارتكبت القوات المعتدية خلال العمليات العدوانية وخلال سنوات الاحتلال، وهو جريمة عدوان مستمر جرائم دولية كثيرة، يمكن تصنيفها في الفئات الست التالية. الفئة الأولى: الجرائم المرتكبة بحق المدنيين ومن أمثلتها القتل وإحداث أضرار بدنية جسيمة، والمعاملة اللاإنسانية والتهجير، والاستغلال الجنسي للأطفال والاتجار بهم واغتصاب النساء وخطفهم وبيعهم واستهداف العلماء والصحفيين. الفئة الثانية وهي جرائم الاعتقال والتعذيب ولاسيما اعتقال الأطفال والنساء. الفئة الثالثة وهي الجرائم المرتكبة بحق الأعيان المدنية من تدمير للممتلكات الثقافية والأثرية والعلمية والطبية والبنى التحتية وانتهاك دور العبادة. الفئة الرابعة وتشمل جرائم الأسلحة المستخدمة في حرب العراق كاليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية. الفئة الخامسة وتشمل الجرائم المرتكبة من الشركات الأمنية الخاصة من قتل وتعذيب واختطاف واغتصاب. الفئة السادسة وهي جرائم الإرهاب التي استهدفت المدنيين ودور العبادة والأسواق والمؤسسات والمنشآت. وبالوقوف على هذه الجرائم نجد أنها من أشد الجرائم خطورة على البشرية وبالتالي يفترض من العراق والمجتمع الدولي التحرك لملاحقة المعتدين جزائياً ومدنياً. خامساً: ماذا بعد الاندحار؟ على الرغم من اندحار معظم القوات العسكرية الأميركية من العراق أواخر عام 2011م بفضل المقاومة العراقية الباسلة ودعمها الخارجي وبالتحديد من سورية، إلا أن العراق لم يتحرر بالكامل، فالوجود والنفوذ الأميركي الأمني والسياسي فضلاً عن الهيمنة الاقتصادية مازال قوياً وهذا يعني أن العراق يحتاج لسنوات وسنوات من النضال والكفاح حتى يستعيد حريته وأمنه وسيادته كاملة ويعود ليأخذ دوره الطبيعي في الوطن العربي ولاسيما دوره القومي، ولنا أن نستبشر خيراً بالقادم من الأيام، فالعراق بدأ بالنهوض وما مواقفه المشرفة تجاه ما تتعرض له سورية إلا دليل على ذلك.
العراق... ضحية عقدين من العدوان المتواصل.. بقلم : رائق شعلان