الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 24429مزاجي : تاريخ التسجيل : 31/01/2010الابراج :
موضوع: الصوم والتجربة ......... الإثنين 27 فبراير 2012 - 20:02
الصوم والتجربة
بقلم: نيللي جنادري عفّاكي
الصوم لغوياً هو الإمساك عن الطعام والشراب، أما الصوم الديني فهو الامتناع عن الأكل والشرب مدة من الزمن رغبة في تحقيق أهداف دينية كثيرة، كالإقتداء بالمسيح والتوبة... ولعل أهمها هو ضبط ميول النفس وكبح الغرائز وترويضها للسير وفق ما يريده العقل. ومن أهداف الصوم أيضاً الاعتراف بسلطان الله المطلق، واستمطار النعم، والعفو والرضا أي أن الصوم نوع من التضحية في سبيل الله وهو من أعمال العبادة . شروط الصوم: 1- أن يمارس الصائم أعمال الرحمة والعدل فلا فائدة من الصوم إذا كان الصائم يتشاجر مع الناس ويظلمهم. 2- التواضع فلا يتظاهر الصائم بصومه ولا يتفاخر به. 3- التوبة فإذا لم يحرك الصوم الشعور والحاجة إلى التوبة والعودة إلى الله فقد الصوم معناه. فوائد الصوم: 1- يمكننا الصوم من اكتساب الفضائل كالوداعة والصبر والعفاف. 2- يفيد الصوم الصحة. 3- يغفر الصوم الذنوب: لقد أثر صوم أهل نينوى في قلب الله فغفر لهم الله ذنوبهم الكثيرة . 4- يقوي الصوم إرادة الإنسان، ويبعد الشيطان.. ما العلاقة بين الصوم والتجربة؟ المعمودية والتجربة؟ البرية والتجربة؟ نقرأ في الأناجيل المتوازية أن يسوع بعد عماده وقبيل بدءه بحياته التبشيرية ثم قاده الروح إلى البرية ليجرب من قبل إبليس وبعدما صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة دنا منه المجرب. لا بدّ في البداية من توضيح لرمزية العدد أربعون والبرية في الكتاب المقدس. إن العدد أربعين يتكرر دائماً في الكتاب المقدس وهو قاعدة للصوم فأنبياء العهد القديم صاموا أربعون يوماً وأما الشعب اليهودي فقد بقي في الصحراء تائهاً مدة أربعين سنة تكفيراً عن ذنوبهم قبل دخولهم أرض الميعاد والتي هي رمز للدخول في حياة الله . وقد اتفق آباء الكنيسة على اعتبار الرقم أربعين رمزاً للحياة الأرضية والتي يقضيها الإنسان استعداداً للدخول في حياة الله. البرية: هي رمز لبقاء الإنسان وحيداً مع ذاته ليكتشف ذاته ويبحث في وحدته عن الله لأن الضوضاء التي نحياها تبعدنا عن الله وتضعنا في فراغ روحي ولابد من المرور في البرية كي يكتشف الإنسان الغذاء الحقيقي والعوائق والعبوديات أو الأصنام التي تمنعه من أن يحيا شخصيته الحقيقية. بعد المعمودية مباشرة نلاحظ أن هناك صلة قريبة بين المعمودية والتجربة، فبالمعمودية كرس يسوع نفسه لطريق الصليب، وفي المعمودية إعلان نطق به الآب عن يسوع: "هذا هو ابني الحبيب".. وفي التجربة عرض الشيطان لعقل يسوع طرقاً لإنجاز مهمته دون أن يتعرض للصليب. البرية.. لماذا لم يجرب إبليس يسوع في الهيكل أو بعد المعمودية مباشرة بل في البرية وهو متعب ووحيد وجائع أي في أحرج الظروف؟.. هنا تأتي المفارقة وهي أن يسوع في أضعف حالاته واجه إبليس وتجاربه وغلبه وطرده . التجارب التي مرّ بها يسوع (متى، الفصل الرابع): 1- التجربة الأولى: في التجربة الأولى وفي بداية كل التجارب يلجأ الشيطان إلى الخديعة والحيلة، وللوهلة الأولى نقول أين الغلط في طلب الشيطان وخاصة أن المسيح ذاته قد كثر أرغفة الخبز والسمكتين وأطعم الجياع؟؟.. ولكن بعد التفكير والتأمل يتضح الغلط.. فالشيطان في هذه التجربة يطلب من يسوع أن يستعمل قوته لمصلحته الخاصة ولتدبير أموره ناسياً أنه ابن الله، ومن صفات الابن أنه يتلقى الحياة من أبيه.. والخبز رمز للحياة الجسدية وعلى الابن أن يتلقاها من أباه لا أن يصنعها لنفسه ولذلك فإن صنع الخبز فيه فصل للعلاقة بين الابن والآب وهذا يتناقض مع مبدأ التجسد وجواب يسوع فيه تأكيد وإصرار على وحدته مع الله وأن الحياة الروحية هي الأهم. 2- التجربة الثانية: في التجربة الثانية نلاحظ أن الشيطان عارف بتعاليم الكتاب المقدس، وهو يحاول إقناع يسوع بصدقه لأنه يكلمه بآيات من الكتاب المقدس، ويعرض عليه أن يختار حياة صانع المعجزات الشهير، ويكوّن لذاته شعبية وذلك بنسيان طبيعته الإنسانية، وهذا أيضاً يتعارض مع مبدأ التجسد، فنلاحظ جواب يسوع: لا تجرب الرب إلهك فيه احترام لحدود الجسد الإنساني لأن تجريب الرب يعني أن الإنسان يعرض نفسه لخطرلامبرر له وليس بما تتطلبه إرادة الله، وبعد ذلك يتجاسر ويحاول أن يرغم الله أن ينجيه من الخطر أي أن الإنسان يحاول تحريك الله كما يشاء. 3- التجربة الثالثة : في التجربة الثالثة يطلب الشيطان السجود والعبادة له بدلاً من الله، وهذه التجربة تمسّ مكانة الله في قلب يسوع فالشيطان في هذه التجربة يفاوض يسوع بأن يعطيه مملكة أرضية زمنية لقاء أن يحتل مكانة الله في قلب يسوع وهنا نلاحظ غضب يسوع وطرده للشيطان مؤكداً أن السجود والعبادة لله فقط . في النهاية لا بد أن نؤكد على أن يسوع كإنسان قد جُرّب، إلا أنه انتصر على التجارب بثقته الكبيرة بالله، وبعلاقته القوية مع أبيه، وبإيمانه الثابت، وبمواظبته على الصلاة والصوم، وباتخاذه الكتاب المقدس سلاحا ًقوياً فتاكاً ضد الشيطان ليقدم لنا المثل لنتعلم منه كيف نحارب الشيطان وليكشف لنا عن خطط وألاعيب الشيطان. يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: إن الرب يسوع تجرّب مثلنا، ولكنه لم يستسلم مطلقاً ولم يخطأ أبداً، فهو يعرف معرفة اختبارية كاملة ما نتعرض نحن له، وهو قادر وعلى استعداد دائم أن يعيننا، فعندما نتعرض لتجربة فلنطلب منه القوة لمقاومة إبليس ليهرب منا كما جاء في رسالة القديس يعقوب قاوموا إبليس فيهرب منكم 4-7 . للتأمّل والتفكير 1- وازن بين مضمون تجارب يسوع وتجربة حواء (تكوين، الفصل الثالث) 2- حدّد الفرق بين كلام يسوع وكلام حواء. 3-حاول أن تسلط الضوء على بعض نقاط الضعف في شخصية الإنسان والتي يحاول إبليس من خلالها تجربته والإيقاع به
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :