د. ناجي صبري : رواية الكتاب الفرنسي عني فبركة متهافتة استندت لأقاويل مجهولين ومزاعم ادارة بوش
التقدمية تنفرد بلقاء صحفي مع د. ناجي صبري وزير خارجية العراق قبل الاحتلال
رواية الكتاب الفرنسي عني فبركة متهافتة استندت لأقاويل مجهولين ومزاعم ادارة بوش
ج1// : الحكومة الاميركية ما تزال وستبقى بحاجة لتشويه صورة دولة العراق الوطنية وقيادتها لان التبريرات التي ساقتها لحملتها الحربية الاستعمارية لغزو العراق واحتلاله وتدميره قد اتضح للاميركيين وللعالم أجمع انها محض اكاذيب وافتراءات. ولم تستطع الحكومة الاميركية في عهد ادارة بوش إخفاء زيف اكاذيبها، واعترفت بان كل الاسباب التي بنت عليها غزوها الاستعماري للعراق لا اساس لها الصحة. وقد انحدرت مصداقيتها ومكانتها في الوطن العربي ولدى الشعوب الاسلامية والعالم أجمع انحدارا شديدا جراء هذا الموقف ونتيجة ما جره غزوها اللاشرعي على شعب العراق من ويلات ودمار ودماء وفوضى وكوارث وجرائم منكرة بحق الشعب العراقي لم تستطع بكل آلتها الدعائية الهائلة التستر عليها او إخفاءها. وبحكم موقع العراق في القلب من الامة العربية والعالم الاسلامي تاريخا وحضارة وامجادا وبحكم دوره المؤسس للحضارة الإنسانية ، فإن هذه الجرائم لاتقف عند حدود العراق بل هي في الوقت نفسه جرائم ضد مئات الملايين من العرب والمسلمين وجرائم ضد الانسانية. لذلك تواصل الجهات الاميركية محاولاتها المستميتة والبائسة واليائسة لتبرير غزوها اللاشرعي من خلال العمل على تشويه صورة الحكم الوطني والسجل الوطني المشهود لقادته، خصوصا أن دولة العراق الوطنية لم تستسلم ولم تتنازل عن سلطتها الشرعية للغزاة بل توجهت حكومتها الشرعية منذ اليوم الاول لاعلان الاحتلال اي يوم 9 أبريل المشؤوم لاستثمار ما اعددته منذ ما قبل الغزو الاستعماري الاميركي من استعدادات عسكرية وتنظيمية للمقاومة الشعبية المسلحة ضد الغزو والاحتلال ، وبدأت تعبىء وتنظم وتقود اعمال المقاومة الوطنية ضد الإحتلال. ومنذ ذلك الحين والشعب العراقي يقاوم الغزاة المحتلين وينزل بهم خسائر مروعة أحالت اكثر من نصف الجيش الامريكي خارج الخدمة جراء مقتل عشرات الالوف من جنوده واصابة مئات الالوف بإعاقات بدنية وعقلية ونفسية فضلا عن خسائر مادية زادت على 3 ترليونات دولار
//:هل لكم سيدي الوزير أن تكشفوا لقراء التقدمية عن تفاصيل المؤامرة على شخصكم بالذات وفي هذا الوقت بالتحديد وهذه المرة من كاتب فرنسي ؟
ج//:ان محور ادعاءات هذا الكتاب وقبلها المزاعم التي روجتها ادارة بوش عام 2006 هو لقاء لبضع دقائق جرى معي في نيويورك في أيلول (سبتمبر) عام 2002 ، حيث كنت أترأس وفد العراق الرسمي الى الدورة العامة للجمعية العامة للامم المتحدة . وكنت مشغولا بترتيب قرار العراق بالموافقة على عودة مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة مع امانتها العامة وبمساهمة مشكورة من الامين العام للجامعة العربية، وذلك لتفويت الفرصة على ادارة بوش وحرمانها من استغلال مجلس الامن لإصدار قرار كانت تعده بالتعاون مع حليفتها حكومة بلير الاستعمارية لاضفاء شرعية زائفة على مخططها العدواني لغزو العراق واحتلاله بذريعة مفتشي الاسلحة، وهو ما وفقني الله في تحقيقه.
ج//:كانت حكومة الولايات المتحدة بقيادة جماعة المحافظين الجدد قد أعدت حملة سياسية ودبلوماسية ضخمة منذ أول ايام تسلمها الادارة سنة 2000على يد بوش بالتعاون مع حكومة بلير، وتضمنت ضغوطا سياسية ودبلوماسية وتقديم رشاوي واختلاق اكاذيب وافتراءات من أجل تمرير مخططها الاستعماري لغزو العراق واحتلاله تحت غطاء الشرعية الدولية . الا أن التحرك الدبلوماسي والسياسي العراقي الفعال الذي تشرفت بقيادته قد أحبط هذه الحملة وأفشل بحمد الله مسعى اميركا وبريطانيا لإضفاء غطاء الشرعية الدولية على غزوهما الاستعماري للعراق . فاضطرتا لشن حربهما الهمجية الاستعمارية في خروج فاضح على ميثاق الامم المتحدة وقراراتها وانتهاك صارخ للقانون الدولي مما وصم هذا الغزو الى الأبد بسمة اللاشرعية وجعله في مصاف الغزوات والحملات الاستعمارية في التاريخ ،وفي موضع الادانة العالمية الآن وفي المستقبل. ويبدو ان ادارة بوش قد لفقت هذه الكذبة للانتقام مني بسبب هذا العمل الوطني المشرف الذي قمت به لخدمة وطني وشعبي والانسانية جمعاء ، اضافة الى المسار المركزي للسياسة الاميركية ازاء العراق وهو تشويه صورة دولة العراق الوطنية وصورة قيادتها . والآن بعد أن ادرك القاصي والداني كذب وتهافت اداعاءات ادارة بوش بحيازة العراق اسلحة دمار شامل يأتي كاتب فرنسي ليزعم أنني زودت الفرنسيين بمعلومات عن اسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة ، وكأنه بذلك يريد تبرير الاكاذيب المفضوحة والمتهافتة التي اختلقتها ادارة بوش حول العراق ومنها اكذوبة امتلاكه هذه الاسلحة ، وتناسى الكاتب حقيقة أن الادارة الاميركية نفسها قد اعترفت بتهافت ادعاءاتها ، وحقيقة أن فرنسا واميركا وغيرهما من الدول الغربية والكبرى كانت كلها متيقنة تمام اليقين من خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل منذ بداية التسعينيات.
وفي غمرة انشغالي بذلك، اتصل بي شخص عربي مقيم في فرنسا ويحمل جنسيتها، وقال انه قدم من باريس لزيارتي والإطمئنان على صحتي ووضعي. وكانت تربطني بهذا الشخص صلة عمل ودية بعد عام 1991 عندما كنت وكيلا لوزارة الثقافة والاعلام ومسؤولا عن الإعلام الخارجي وكان هو رئيسا لتحرير جريدة عربية وقفت الى جانب العراق في تلك الفترة. وبقي يتردد على العراق بضع سنوات وكان يبحث عن فرص تجارية ويلتقي بعض المسؤولين، ثم عرفت فيما بعد ان له صلة معينة بجهاز الامن الوطني العراقي جهاز المخابرات. فقررت ان استقبله لبضع دقائق للمجاملة، ودعوته الى بيت السفير العراقي حيث اقيم في جميع زياراتي الى نيويورك. لاحظت حرجا شديدا على وجهه ثم بدأ يسألني عن وضعي في العمل في وزارة الخارجية. وأجبته أنني مرتاح في عملي، وسعيد جدا به وبما أحققه لوطني من خطوات مهمة لتعزيز علاقات العراق مع الدول العربية (ومنظومة العمل الرسمي العربي التي وقفت الى جانب العراق في كل مؤتمراتها الوزارية والرئاسية)، ومع منظمة الامم المتحدة، وعلى طريق التصدي للنوايا والتهديدات العدوانية الاميركية والبريطانية، والعمل الجاد والمثمر لسد الثغرات في علاقاتنا الخارجية التي كانت ادارتا بوش وبلير تستغلها للتحريض ضد العراق ولإبقاء الحصار الظالم على شعبه والتحضير لشن الحرب عليه. ثم سألني: « وكيف علاقتك بالرئيس صدام؟ » قلت له: ممتازة. وتحدثت له عما لقيته من الرئيس الشهيد رحمه الله منذ بداية تسلمي الوزارة من تفهم ودعم ورعاية لعملي. وقلت له : انا سعيد للعمل معه. تصورت آنذاك ان هذه الأسئلة للمجاملة خصوصا أنه لم يلتقيني منذ عام 1999 اي سنتين قبل تسلمي وزارة الخارجية في نيسان/ابريل عام 2001. بعد برهة، قال هذا الشخص أن لديه علاقة بإبنة الرئيس شيراك وأنها طلبت منه إن كان يعرف مسؤولا عراقيا يستطيع توصيل رسالة خاصة منه الى الرئيس العراقي مفادها ان الرئيس شيراك يريد ارسال وفد فرنسي عالي المستوى سرا الى بغداد لبحث امور خاصة تتعلق بالتهديدات الاميركية للعراق، ويرجو أن يستقبله السيد الرئيس. انتهى اللقاء عند هذا الحد، وعدت في اليوم التالي الى بغداد. وبعدها بيوم او يومين التقيت الرئيس المرحوم وابلغته الرسالة التي نقلها الشخص المذكور، فأجاب انه يعرف هذا الشخص ويوافق على استقبال الوفد. وقد كلفت احد المسؤولين في مكتبي ألإتصال بالشخص المعني وإبلاغه الموافقة على حضور الوفد. لم أسأل بعد ذلك عما حصل بشأن الوفد لإن مهمته حسب وصف هذا الشخص كانت سرية وأمنية مما لا يتصل بميدان عمل وزير الخارجية. وبعد الأحتلال بشهر تقريبا اي في اواسط شهر مايس اتصل هذا الشخص بي خارج العراق هاتفيا من باريس. وقال لي : « لقد أضعتَ عليّ عشرة ملايين دولار، فعندما جئتك الى نيويورك كنت مكلفا من الفرنسيين، الذين كانوا يتعاونون مع الاميركيين، بمفاتحتك للانشقاق على الرئيس صدام. وفي حالة موافقتك وعد الاميركيون بدفع مئة مليون دولار لك وعشرة ملايين لي. لكنني لم استطع أن اطرح عليك الموضوع بعد ان عبرت عن إعتزازك بعملك وسعادتك بالعمل مع الرئيس وعن رعايته لعملك . فكيف يمكن ان أطرح عليك ان تنشق عليه وانت تشيد بعلاقتك به وتتحدث عن سعادتك للعمل معه. فاضطررت لاختلاق قصة رسالة شيراك ». هذا كل ما حدث في لقاء نيويورك الذي حيكت حوله هذه الرواية الملفقة.
4// : ومن يقف وراء تكرارهذه المعلومة غير الصحيحة في الكتاب الفرنسي؟
ج//: لقد بينت في الرد انني احتفظ بحقي في اتخاذ الاجراءات القانونية بحق دار النشر والكاتب.
ج//: ثمة احتمال ان تكون الجهات الاميركية التي طلبت من الفرنسيين تكليف هذا الشخص، حسب زعمه، بهذه المهمة غير الشريفة في ايلول/سبتمبر 2002 والتي لم يجرأ على طرحها انذاك، بسبب تأكده من ارتياحي وسعادتي في عملي واعتزازي بالعمل مع قيادتي الوطنية ، قد شعرت بالخيبة لفشل مسعاها الرخيص هذا، فارادت التغطية على ذلك بفبركة هذه الرواية المتهافتة واطلقتها عام 2006، ثم عادت الآن لتمررها في هذا الكتاب، وذلك استمرارا في الحملة المنظمة التي ما تزال الولايات المتحدة ماضية فيها لتشويه صورة العراق وحكمه الوطني والرامية لتبرير غزوها غير الشرعي ونتائجه الكارثية، وللانتقام من القيادات الوطنية التي حرمتها من شرعنة حربها على العراق. وربما يكون هذا الشخص قد اختلق هذه الرواية لغايات ارتزاقية رخيصة وباعها للفرنسيين، فتلقفتها منهم ادارة بوش التي كانت متعطشة لأية معلومات مهما كانت هزيلة وتافهة لاضافتها لقائمة الاكاذيب التي تخصصت في تصنيعها لاستخدامها في التحريض ضد العراق والتهيئة لغزوه واحتلاله. غير أن الكاتب نفسه يعترف بتهافت روايته المفبركة في إجابته على سؤال مقدم البرنامج عما لديه من وثائق تثبت هذه الادعاءات، بأنه استقاها من مصادر في المخابرات الفرنسية (لم يسمها)، وان مسؤولين في الادارة الاميركية كانوا يتحدثون عن وجود مصدر لادارتهم في العراق. أي انه نسبها الى مصادر مجهولة. من يقول ان هناك مصادر بالفعل؟ ومن هي هذه المصادر؟ وما درجة مصداقيتها؟ وما هي ادلتها المادية الموثقة؟ ثم كيف يمكن لعاقل أن يصدق ادعاءات اعضاء ادارة بوش حول العراق ، بعد أن انحدرت مصداقيتها الى الحضيض في داخل اميركا وخارجها بعد اعترافها بنفسها بالاكاذيب التي اختلقتها واستخدمتها في غزوها غير الشرعي للعراق واحتلاله وتدمير دولته الحديثة. إذن، هذه الرواية لم تستند الى اي دليل او وثيقة، لسبب بسيط هو انها مختلقة مائة بالمائة، ولا أساس لها من الصحة على الإطلاق وهي هراء في هراء وكذبة مفضوحة. ولو تأنى هذا الكاتب قليلا ، ونظر الى الذين خدموا اميركا بالمعلومات الكاذبة أو بغيرها، كيف كافأتهم قبل الاحتلال وبعده ، واين وكيف يعيشون الآن ، لما سقط في هذا الخطأ الشنيع. ويبدو أن هذا الكاتب قد إنطلق من نظرة إستعلائية عنصرية غربية إزاء الانسان العربي والمسلم تستهين بحقه الإنساني في الانتماء الى وطنه والتمسك بكرامته والدفاع عنهما، وتستسهل تبعا لذلك رشقه بالاتهامات جزافا، متجاهلة عن قصد ما يقدمه العرب يوميا خصوصا في العراق وفلسطين والمسلمون في افغانستان من نماذج رائعة في الانتماء لتربة الوطن والتمسك بالأرض وبالهوية الوطنية والقومية والاسلامية، ومقاومة الاحتلال، والتضحية بالنفس والمال والولد دفاعا عن حقوقهم وارضهم. //5 : في مواجهة هذه الاتهامات هل ستكتفون بالرد الصحفي ام لكم خيارات اخرى يمكن ان تلجأوا اليها وهل يمكن التفضل بتوضيحها ؟؟
د. ناجي صبري : رواية الكتاب الفرنسي عني فبركة متهافتة استندت لأقاويل مجهولين ومزاعم ادارة بوش