في ذلك الزمان، وقبلَ أن ينتقلَ يسوعُ من هذا العالمِ إلى أبيه، قال لتلاميذه: «كما أَحَبَّني الآب فكذلكَ أَحبَبتُكم أَنا أَيضًا. اُثبُتوا في مَحَبَّتي. إِذا حَفِظتُم وَصايايَ تَثبُتونَ في مَحَبَّتي كَما أَنِّي حَفِظتُ وَصايا أَبي وأَثبُتُ في مَحَبَّتِه. قُلتُ لَكم هذهِ الأشياءَ لِيَكونَ بِكُم فَرَحي فيَكونَ فَرحُكم تامًّا. وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم. لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه. فَإِن عَمِلتُم بِما أُوصيكم بِه كُنتُم أَحِبَّائي. لا أَدعوكم عَبيداً بعدَ اليَوم لِأَنَّ العَبدَ لا يَعلَمُ ما يَعمَلُ سَيِّدُه. فَقَد دَعَوتُكم أَحِبَّائي لأَنِّي أَطلَعتُكم على كُلِّ ما سَمِعتُه مِن أَبي. لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَنطَلِقوا فَتُثمِروا ويَبْقى ثَمَرُكم فيُعطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ ما تَسأَلونَهُ بِاسمي. ما أُوصيكُم بِه هو: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا».
الاية/9..17 تعليق على الإنجيل القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع (1873-1897)، راهبة كرمليّة وملفان الكنيسة السيرة الذاتيّة
الوصيّة الجديدة
"لَيسَ لأحَدٍ حُبٌّ أعظمُ من أن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أحِبّائه" (يو15: 13). خلال تأمّلي بكلمات يسوع هذه، فهمتُ كم أنّ حبّي لأخَواتي غير كامل، واكتشفتُ أنّني لا أحبّهنّ كما يحبّهنّ الربّ. فهمتُ الآن أنّ المحبّة الكاملة تقتضي أن نتحمّل نقائص الآخرين، وألاّ نتفاجأ بضعفهم، وأن نتعلّم من أصغر الأعمال والفضائل التي يمارسونها. لكن أهمّ ما فهمته هو أنّ المحبّة يجب ألاّ تُحجَب داخل القلب: "ولا يُوقَدُ سِراجٌ وَيوضَعُ تَحتَ المِكيال، بل على المَنارَة، فَيُضيءُ لِجَميعِ الذينَ في البَيت" (متى5: 15). يبدو لي أنّ هذا السّراج يمثّل المحبّة التي يجب أن تُضيء وأن تُفرح ليس فقط الأحبّاء، ولكن "جَميع الذينَ في البَيت" بدون استثناء أحد.
عندما أمرَ الربّ شعبَه أن يحبّ قريبه حبّه لنفسه (أح19: 18)، لم يكن قد جاء بعد إلى الأرض. ونظرًا إلى معرفته لحجم الحبّ الذي يكنّه الانسان لنفسه، لم يستطع أن يطلب من مخلوقاته حبًّا أكبر نحو القريب. ولكن، عندما أعطى يسوع رُسُله "الوصيّة الجديدة" أي وصيّته الخاصّة، لم تعد أن نحبّ القريب حبّنا لأنفسنا، بل أن نحبّه كما أحبّنا يسوع وكما سيحبّنا حتّى انقضاء الدهر.
يا ربّ، أنا أعلم بأنّك لا تطلب شيئًا مستحيلاً كونك تعلم بضعفي وبنقصي، وتعلم بأنّني لن أستطيع أبدًا أن أحبّ أخَواتي كما تحبهنّ، إن لم تحبّهنّ بنفسكَ من خلالي، يا ربّي. لقد وضعتَ هذه "الوصيّة الجديدة" لأنّكَ أردتَ أن تمنحني هذه النعمة. كم أحبّه بما أنّه يؤكّد لي أنّ مشيئته هي أن يحبّ من خلالي جميع الذين طلب منّي أن أحبّهم. نعم، أنا أشعر بذلك؛ حين أحبّ، فإنّ يسوع هو الذي يعمل من خلالي.
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :