|
| تنزلق بغداد اليوم، نحو عصور الظلام.. والعتمة!، والحاكم فيها لا يسمع سوى صوته | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61369 مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009 الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
| موضوع: رد: تنزلق بغداد اليوم، نحو عصور الظلام.. والعتمة!، والحاكم فيها لا يسمع سوى صوته الأحد 20 مايو 2012 - 6:47 | |
| علي حسين
إذا كنّا نريد دليلاً على عقم رجال السياسة عندنا فلننظر إلى ما حل ببغداد من خراب ودمار.. ونقرأ ما كتبه الصحفي المصري المعروف فهمي هويدي وهو يصف حال العاصمة اليوم "لم ألتق بغداد المدينة، لكني صادفت بغداد المعسكر، إذ لم أر فيها سوى المدرعات والدبابات وناقلات الجنود ونقاط التفتيش التي أقيمت عند كل مئة متر.
إضافة إلى مئة ألف جندي مدججين بالسلاح على الأرض. أما الناس فقد اختفوا من الشوارع بعدما عطلت الدوائر الرسمية طيلة خمسة أيام. فمنهم من قعد في بيته ومنهم غادرها إلى بلدته أو قبيلته. وكانت النتيجة أن الشوارع صارت أقرب إلى السراديب المقفرة، بعدما وضعت ألواح الحوائط الأسمنتية على جانبيها، سواء كان خرابا أو تدبيرا إرهابيا".
مثيرة للأسى هذه السطور حين نقارنها بما كتبه الأديب اللبناني امين الريحاني عام 1922 وهو يصف بغداد: "مدينة تعكس الهدوء والتسامح والقانون والعمل"، وقبل الريحاني بأكثر من ألف عام يكتب اليعقوبي صاحب مروج الذهب عن أهل مدينتا: "ليس من عالم اعلم من عالمهم، ولا اجدل من متكلمهم، ولا أعرب من نحويهم، ولا امهر من متطببهم، ولا أروع من زاهدهم، ولا اكتب من كاتبهم، ولا أفقه من حكامهم، ولا اخطب من خطابهم، ولا اشعر من شاعرهم" ولكن بعد بزوغ عصر الانقلابات العسكرية بدأت بغداد تفقد هويتها، شيئا فشيئا، انقلبت وصارت مدينة موت لا مدينة حياة كما حلم رجالها الأوائل.
يقول جوناثان ليونز في كتابه "بيت الحكمة": "انه بعد قيام بغداد عاصمة للمسلمين تغيرت هيكلية المجتمع العربي لصالح ثقافة إسلامية جديدة، كان فيها الفرد وليس العشيرة هو اللاعب الاجتماعي والسياسي الأساسي، قبل قرون من قيام نيويورك صارت بغداد مصهر الأعراق والثقافات والشعوب".
تلك هي بغداد التي تغنى بها رجل الدين والشاعر مصطفى جمال الدين
:
حَدَّثي بَغدادُ عن ذِكرى هَوانا.. كُلما ضَمتْ شواطيكِ الحِسانا
حَدثيهنَّ وقُولــي: إنها.. ليلةٌ حَمراءُ.. فاضَتْ أرجُوانا
حَدثي فالحُبٌ أشهى ما يَرى.. أن تقولي: ههنا كانتْ.. وكانا
لكن يبدو أن الأمنيات لا تعيش طويلا، فالظلام له قدرة أقوى على البقاء والإطاحة بالمدن المبنية على أفكار الجمال وأمنيات التسامح جزء من شعارات منافية للوطنية يطلقها ساسة شعارهم الكرسي ومنافعه.. خطاب يتاجر بكل شيء، فلم يعد هناك منطق لإقامة مدن المواطنة، وإنما مدن الفساد والخداع، خطاب حول بغداد من مدينة للفكر والشعر والسحر إلى شركة خاصة.
[b]وفيما أرادت بغداد أن تتمسك برفوف الكتب، أراد لها نظام صدام أن تمسك بالبندقية والسيف، ومن بعده يريد لها حكامها اليوم أن ترتدي السواد لا لشيء، فقط لانها مارست الفرح طويلاً.
في زمن مضى تنافست بغداد على إقامة الجامعات وتعميم التعليم. فيما المعممون والرهبان واليهود والأفندية، تنافسوا على إشاعة روح الجمال والخير ولم يتنافسوا على القتل، والطائفية والعودة بالمدينة الى القرون الوسطى.
تنزلق بغداد اليوم، نحو عصور الظلام.. والعتمة!، والحاكم فيها لا يسمع سوى صوته.. تنزلق نحو كهف أفلاطون الذي حذر منه صاحب الجمهورية، كهف الحقيقة فيه ليست النور بل الظلمة.. وأهل الكهف لا ينيرهم الضوء بل يعميهم.. ذات يوم كانت بغداد منارة العرب، تتلاقى فيها الحضارات وتتنافس عليها الأحلام والآمال.. ذلك عصر كان منظروه يريدون لبغداد أن تكون مدينة متعايشة، متسامحة، والأهم مدينة بعبق وألوان لوحات جواد سليم وعطا صبري وفرج عبو، مدينة بألوان من قوس قزح، غنى بها ولها أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الاطرش وفائزة احمد وتوله فيها عشقا القبانجي وسليمة مراد وزكية جورج ولم يكن يدور بخلد هؤلاء ان تتحول المدينة الى مدينة أشباح، يريد القائمون عليها أن يجعلوا منها داراً للآخرة بعد ان كانت حاضرة للدنيا.
يخطئ الساسة حين يعتقدون ان الديمقراطية تعني "الدوس" على رقاب الناس، وان الحرية درس في الطائفية والانتهازية. وان صلاح الأمة في تحويل بغداد الى سرداب مظلم. | |
| | | | تنزلق بغداد اليوم، نحو عصور الظلام.. والعتمة!، والحاكم فيها لا يسمع سوى صوته | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |