8 - الإيمان والمحبة
ان الذين يقولون أن الإيمان وحده هو الذي يبرر الإنسان، ويوقفون الإيمان كعنصر
قائم بذاته بعيدا عن الأعمال، هؤلاء لا أوقفهم أنا، بل يوقفهم بولس الرسول أمام آية جبارة هى قوله:
(أن كان لى الإيمان حتى أنقل الجبال وليست لى محبة فلست شيئا) (1 كو 13: 2)..
فهل تريدون إيمانا أكثر من هذا..؟
وأنت أيها الأخ، مهما ارتفعت فى الإيمان، ما هى أقصى درجة ستصل اليها..؟
هل ستصل إلى كل الإيمان الذي ينقل الجبال..؟
صدقنى، حتى لو وصلت الى هذه الدرجة أيضا، وليست لك محبة، فلست شيئاً!
لا يستطيع هذا الإيمان أن يخلصك أنت...!
إن كان بولس الرسول بكل إيمانه ليس شيئا بدون المحبة، فكم بالأولى أنت.
لهذا فان الرسول وضع المحبة فى درجة أعظم من الإيمان. اذ قال:
(أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة وأعظمهن المحبة) (1كو 13: 13).
9- المؤمنون و المُختارون
قلنا إن الإيمان ينبغى أن يكون إيمانا حيا وإيمانا عاملا بالمحبة ولكن البعض
يبالغ أحيانا في تعريف كلمة المؤمنين، حتى ترادف كلمة (المختارين).
وهكذا ينادى أمثال هؤلاء بأن المؤمن لا يمكن أن يهلك، وإذا سمعوا أو قرأوا
عن مؤمن قد هلك يقولون أن هذا لم يكن مؤمنا حسب مفهموهم الخاص!!
لا شك أن المختارين لا يمكن أن يهلكوا. ولكن من قال أن المؤمنين هم المختارين؟!
إن الكتاب المقدس أعطانا معانى كثيرة لكلمة الإيمان: فذكر مرة:
الشياطين يؤمنون ويقشعرون (يع 2: 19). وقال بولس الرسول في تعريفه للايمان
أنه هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى (عب 11: 1).
وقد شرح لنا الكتاب أن هناك نوعا من الإيمان الميت.
ومع انه ميت إلا أن الرسول سماء إيمانا. كما أعطانا مثلا عن الإيمان الخالى
من الأعمال الذي لا يقدر أن يخلص أحداً، ألا أن الرسول سماء إيماناً
وقد ذكر الكتاب أن الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله
(رو 3: 12) فهل الجميع لم يكونوا مؤمنين، وقد خلت الأرض من الإيمان؟!
أم أن الله أطلق لقب الإيمان حتى على الذين يخطئون وهم مؤمنون.
أن أمثال هؤلاء الخطاة لم يحرمهم الرب من لقب المؤمنين.
فقد قال الرب على لسان أرميا النبى
(شعبى عمل شرين: تركونى أنا ينبوع المياه الحية، لينقروا لأنفسهم آباراً،
آباراً مشققة لا تضبط ماءاً.. شعبى قد نسينى أياماً بلا عدد)
(أر 2: 13، 22) ومع كل هذا سماهم شعبه. كما قال على لسان أشعياء النبى:
(ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا على)
(أش 1: 2) فعلى الرغم من عصيانهم سماهم بنين.
ويذكرنا هذا بما قاله عن الابن الضال
(ابنى هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد) (لو 15: 24).
فعلى الرغم من ضلاله وموته الروحى سماه ابنا.
وفيقول الرسول (وان كان لى كل الإيمان حتى أنقل الجبال وليست لى محبة فلست شيئاً)
(1 كو 13: 2) دليل آخر على إطلاق حالة الإيمان على الإنسان الخالى
من المحبة الذي هو ليس شيئا ً.
بل ان الرب أطلق لقب المؤمنين على الذين يشبهون البذار التي سقطت
على الصخر ولما نبتت جفت. فقال:
(والذين على الصخر هم الذين على الصخر ولما نبتت جفت. فقال:
(والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح وهؤلاء ليس لهم أصل،
فيؤمنون إلى حين، وفى وقت التجربة يرتدون) (لو 8: 6، 13).
وطبعا هؤلاء المرتدين لا يمكن أن نسميهم مختارين مع أن السيد المسيح
ـ له كلّ المجد ـ فيهم بأنهم كانوا مؤمنين إلى حين.
ويشبه هؤلاء طبعاً الذين قال عنهم الرسول:
(ولكن الروح يقول صريحا أنه فى الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان
تابعين أرواحا مضلة وتعاليم شياطين)
(1تى 4: 1). وطبعا هؤلاء لا يمكن أن نسميهم مختارين
مع انهم عاشوا في الإيمان قبل أن يرتدوا.
لعله قد وضح الآن كثيرا بأن هناك فرقا بين الكلمتين.
إن كل المختارين مؤمنون ولكن ليس كل المؤمنين مختارين،
إذ قد يرتد بعضهم عن الإيمان تابعين أرواحا مضلة وتعاليم شياطين.
على أن هذه النقطة أيها الأحباء لنا رجعة إليها بعد حين،نتركها الآن قليلا
لكى نتحدث عن الشرط الثانى للخلاص والمدخل الأساسى له وهو المعمودية.
المصدر / الموسوعة المسيحية العربية الألكترونية
الترجمـة الكاثولوكيــة .