يبدوا إن حكام دول الخليج نادمون على المساهمة في إخراج صدام حسين من الكويت ؟
فلو لا خوفهم من أن يزحف صدام نحوهم ، ولو إنهم وثقوا به .. وبانه سوف يكتفي بالكويت ..
ولن يعرض عروشهم للخطر لما فرطوا بحصن واق مثل صدام يحميهم من أطماع إيران ..
حكام العرب عامة والخليج خاصة .. بقائهم ليس لحماية مصالح بلدانهم وشعوبهم ، بل من أجل الحفاظ
أملاكهم الشخصية وأملاك عائلاتهم التي تعادل أملاك شعوبهم مجتمعة .
حافظ الأسد ومن بعده إبنه لماذا لم يحررا الجولان المحتل من قبل إسرائيل ؟
شيوخ الإمارات لماذا لايحررون جزرهم الثلاث المحتلة من قبل إيران ؟
لأنهم يخشون على قصورهم وأملاكهم وعروشهم ..
الاستبداد بالحكم، وحرمان غير الموالين من المشاركة في صياغة القرارات المصيرية لبلدانهم ..
كل واحد منهم يجمع المنافقين والدجالين والنصابين حوله لتعزيز حكمه، وهو يعلم مسبقا أن لا خير له بأصحاب الكفاءة والمعرفة لأنه قد يكون فيهم الصدق والوفاء لأمتهم .
كان الخليج العربى، ولا يزال، حتى الآن مسرحا لصراعات ومنافسات تشتعل أحيانا وتخبو أحيانا أخرى ، وطبيعة العلاقات بين الخليج وايران الثورة هي علاقات ذات طبيعة صراعية وخاصة من جانب إيران التي لاتخفي مشاعرها العدائية تجاه دول الخليج .. بل إنها تظهرها علنآ في مناسبات عديدة و مختلفة .. وحتى من دون مناسبة أحيانآ .
الخليج العربى شهد المزيد من عوامل الاضطراب منذ قرون بعيدة ، وكان للفرس دائما يدآ فيها .. وتعززت تلك الأحقاد والأطماع الفارسية على العرب بعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس .. وعززوا كرههم هذا بزرع الفتن الطائفية بين السنة والشيعة ، وكبرت تلك الأحقاد مع مرور السنين كحجر صغير يدحرج على الثلج فيلتسق به الثلج ويكبر كلما تدحرج أكثر .
غلبت هذه العوامل على عوامل الاستقرار منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضى. وقد ارتبط هذا الاضطراب بعوامل أربعة أساسية هى
١/ استقلال الدول العربية .
٢/ انسحاب بريطانيا عسكريا من منطقة شرق السويس فى أوائل السبعينيات .
٣/ نشوب حرب البترول الأولى فى عام 1973 .
٤/ قيام الثورة الإسلامية فى إيران فى نهاية السبعينيات.
لقد كان ذلك العقد بحق عقد التغيرات السريعة والكبيرة فى الخليج، حيث نشأت طبقة جديدة من الحكام الطامحين إلى تأسيس دول حديثة تعتمد على النفط، تلك الثروة الثمينة التى تتدفق من الأراضى الخاضعة لسيطرتهم. ووجد هؤلاء الحكام أن بمقدورهم شراء الأسلحة وتخزينها، وبناء القصور، وزراعة الصحارى وبسط سيطرتهم على الشعوب التي عاشت الحرمان والفقر والجوع لمئات السنين حياة البداوة في الصحاري القاحلة والقاسية .. وساعدهم في ذلك العادات والتقاليد العشائرية والقبلية ، وبمباركة رجال الدين .. ولاتزال عوائل أولائك الحكام يتربعون على حكم تلك الدول ويسيطرون على ثرواتها وخيراتها .
عندما نشبت الحرب بين العراق وايران في بداية الثمانينات من القرن الماضي حضيت بمباركة حكام الخليج وزاروا صدام حسين وقدموا له الدعم المادي بشكل غير مسبوق وأطلقوا عليه لقب
( حامي البوابة الشرقية ) .. وبقي ذلك الدعم مستمرآ طوال سنين الحرب الثمان التي طحن فيها رحة الحرب عشرات الألاف من خيرة شباب العراق .
سأل صدام حسين يومآ : من هو أكثر سياسي تخشاه ؟
أجاب : سعود الفيصل .. عندما دخلت الحرب مع أيران زارني وقال سوف أدعمك ، وفعلأ أقنع العالم كله بأن الحق معي .. وصار العالم كله معي .. وعندما دخلت الكويت زارني مرة أخرى ، وطلب مني أن أنسحب من الكويت .. ولم أسمع نصيحته .. فجعل العالم كله ينقلب ضذي ..
هذه شهادة يجب أن يفتخر بها سعود الفيصل .. من رجل شغل العالم عقودآ طويلة .. ودليل على حنكته السياسية ودهائه .. لكن يجب أن يستغل الفيصل خبرته هذه لايقاف الزحف الايراني على الأراضي الخليجية .. والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية .
السؤال الذي يفرض هنا هو
هل حكام دول الخليج على إستعداد لدخول حرب طاحنة ضذ أيران كالحرب التي خاضها صدام حسين والمجازفة بعروشهم ؟
أين هي جيوشهم التي ينفقون في تسليحها المليارات ؟ هل هي للإستعراض فقط .. ؟
هل تلك الجيوش معدة لصد العدوان الخارجي أم لمواجهة الشعب ؟
علي ناسو السنجاري
Flensburg