عيد رأس السنة عند السومريين ,, زكموك ,, .

الجزء الأول / عيد رأس السنة (زكموك)عند السومريين

في الحقيقة أعياد اكتشفتها الحضارات القديمة في بلاد ما بين النهرين
وفارس ومصر، وقد اندثر بعضها واستمر بعضها الأخر، بعد أن تلبست لبوساً
يتماشى والمتغيرات الحضارية والعقائدية لمجتمعات هذه الأقاليم أو تلك، و
كان السومريون من أوائل الذين نظموا التقويم لقياس وحدة الزمن لتنظيم
حيات البشر الدينية والدنيوية، واحتكر التقويم من قبل كبار رجال الدين
وكهنة المعابد الذين اعتمدوا على الملاحظات لظواهر فلكية طبيعية منتظمة
التكرار مثل: دورات النجوم والكواكب.

استعملت حضارات بلاد الرافدين التقويم القمري السومري في العصر البرونزي
المرافق للألف الثالث قبل الميلاد، واعتبر طول الشهر اعتبارا (من ظهور
القمر حتى غيابه) ويتضمن هذا الشهر (29) يوما وفي بعض الأحيان (30) يوما،
وليصبح طول السنة السومرية القمرية (12) شهرا أي ما يعادل (354) يوما،
ولكي توافق فصول السنة والأعياد السنوية، فقد كان على كهنة بلاد الرافدين
أن يضيفوا شهرا كل ما لزم الأمر لحل مشكلة هذا التفاوت حتى يبقى التقويم
والفصول متطابقين تقريبا،(1)

عرف السومريون السنة الشمسية واحتفلوا بعيد (زكموك) الذي يمثل عيد رأس
السنة السومري، وهو عيد الحصاد والخضرة، وكانوا يحتفلون مرتين في كل
عام، فكان الاحتفال الأول في (21) آذار من بداية السنة السومرية الجديدة،
حيث يتم فيه استذكار عملية زواج إلهه (انانا) من إله (دموزي) من خلال طقس
الزواج المقدس، والذي كان بطله ممثل (دموزي) والكاهنة العليا ممثلة
(انانا). والثاني الذي يقع في 21 أيلول والذي تبذر فيه الحبوب كما تدفن
فيه جثة دموزي، وتقام طقوس الحزن والحداد طوال الاحتفال. وكان للسومريين
احتفال يسمى (إش إش) في نهاية كل أسبوع سومري من مراحل القمر، (2)

حيث اتخذ السومريون من القمر أساسا لتقويمهم لأنهم وجدوه متغيرا يمكن
ضبط أيامهم على ضوء مراحله، وفيما كانوا يحتفلون حزنا بعد غياب الهلال
لمهاجمة شياطين العالم الأسفل للقمر حيث يقدمون القرابين والأضاحي، توسلا
لعودة القمر. إن هذه الأسماء مرتبطة بعقيدة الخصب السومري. (أقتبس
البابليون هذه الفكرة واستبدلوا إله القمر بإله مردوخ).

وكانت الاحتفالات تبدأ بشهر الزهر (آذار) ثم تتوالى إلى شهر الربيع
( نيسان) ثم شهر النور ( أيار) وشهر (حزيران) شهر حصاد الحنطة،
ومن ثم قيامة (تموز) حبيب (عشتار) في أول أيلول ( لولو) حيث يتم البكاء
والولولة على (تموز) بعد أن زال خصبه وجاء قدوم الخريف حيث نضوب الخصب
والخضرة، و (تشريتو) قديم و (كانون) الأساس وحل الشتاء (طبيتو) شهر الغرق
وشهر المطر، و(شباطو) الضرب وهبوب الرياح. (3).
ويتخلل الاحتفالات طقوس دينية وشعائر ويقدم خلالها قرابين ومراسيم مرور
مواكب احتفالية كبيرة، وإقامة بعض الألعاب الرياضية ورقصات تجسد رمزية
نشوء الخليقة، حيث يتقمص المشاركون فيها ملابس وأقنعة تنكرية وتبلغ القمة
في الفترة من (1) وحتى (11) نيسان، وفي منتصف هذه المدة أي في الرابع
من نيسان شرقي والذي يصادف (17) نيسان على التقويم الغربي الحالي كانت
تقام الأفراح وتعقد الدبكات، ولا زال هذا التقليد مستمرا في الساحل
السوري إلى يومنا هذا ويسمى بعيد (الرابع) أي الرابع من نيسان شرقي.

وكان الملك وحاشيته والكهنة وبقية الشعب يشاركون هذه الاحتفالات، وفي
اليوم الأول يقوم الملك بوضع حزمة من محصول (الشعير للإله) تعبيراً عن
الشكر، و في اليوم الثاني والثالث تكون المراسيم عبارة عن طقوس المعبد
لتمجيد الإله وذلك بالسجود باتجاه شروق الشمس، وفي اليوم الرابع يتم سرد
قصة الخليقة على مسامع الملك وحاشيته وعموم الشعب ويبدأ بعدها عملية
إعلان بدء السنة الجديدة رسميا . (4)
الباحث أبو أزاد 14/ 4/ 2010
ميونيخ ـ ألمانيا في

المصادر:
______________
1_ نبيل يوسف الشيخ يعقوب: متحف الدمام الإقليمي، المملكة العربية السعودية
2_ صافي الياسري/ أعياد الربيع اكتشفتها الحضارات
3_ أحدى طوافات الإيزيدية تسمى بهذا الاسم
4_ الدكتور عبد الرحمن/ الأول من نسيان ليس للكذ