الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61346مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: يوم نصرة المعتقل العراقي : هيفاء زنكنة السبت 16 يونيو 2012 - 0:17
يوم نصرة المعتقل العراقي
هيفاء زنكنة
2012-06-15
يتعاظم غضب العراقيين بشتى توجهاتهم ومستوياتهم وتتوسع دائرة الإحتجاجات على حال المعتقلين جراء حملات المداهمة المتكررة تحت مختلف الحجج. وأهم الجهود المعلنة الآن ما دعت اليه عدة منظمات عراقية لها تاريخ في الدفاع عن الحقوق المدنية، بالإشتراك مع عوائل المعتقلين، للإعتصام يوم الثلاثاء المقبل أمام معتقل معسكر التاجي شمال بغداد. ان ما يتعرض له المعتقل العراقي في سجون 'العراق الجديد' اشد واكثر همجية مما يتعرض له المعتقل الفلسطيني على يد المحتل الصهيوني. هذه هي الرسالة التي يحاول المعتقلون العراقيون ايصالها الى العالم الخارجي عبر نشطاء ومنظمات حقوق الانسان المستقلة مع التنبيه بانهم، من خلال المقارنة، لا يريدون تنظيف وجه النظام الصهيوني ولكنهم، لشدة ما قاسوه ويقاسونه، سواء تحت الاحتلال الامريكي المباشر او حكومات ظله العراقية، انما يعبرون بصرختهم الانسانية الموجعة ومقارنة وضعهم بما يعتبرونه الأسوأ في العالم، عن عزلتهم اللا انسانية ويأسهم الجماعي من زوال الظلم الذي لحق بهم مادامت حكومات الاحتلال تواصل سياستها الطائفية الفاسدة في غياب القانون. ان التفنن في اساليب القمع العامة بلغ مداه في العراق. فمن حوادث اعتقال واستهداف الاساتذة والاكاديميين الى الكتاب والصحافيين ومحاولة اسكات الصوت والكلمة المستقلة، وآخرها استهداف الصحافي ماجد حميد بعبوة لاصقة انفجرت في سيارته، الى اعتقال وتعذيب واجبار المعتقلين على الاعتراف بكل انواع 'العمليات الارهابية' وعرضها بشكل مذل على شاشات التلفزيون. حيث تستخدم اجهزة الاعلام، الرسمية الناطقة باسم الحكومة كقناة 'العراقية'، وبعض القنوات الطائفية كقناة 'الفيحاء' فضائها للقيام بدور المحقق مع المعتقلين واهانتهم وهم في اكثر اوضاعهم الانسانية ضعفا. مما يجعل الصحافي اقرب ما يكون الى الجلاد. وهو استخدام لاجهزة الاعلام يتنافى تنافيا مطلقا مع دور الصحافي صاحب الكلمة الحرة كما يتنافى مع قوانين حقوق الانسان وعدم تعريض المتهم الى التشهير حسب قاعدة ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته قضائيا وليس تلفزيونيا. وكانت منظمة 'هيومان رايتس ووتش' قد وثقت في تقريرها الاخير الصادر في ايار/ مايو 2012، حال المعتقلين، كنموذج، في سجن 'معسكر الشرف' في المنطقة الخضراء، ببغداد وكيفية معاملتهم واخفائهم عن الانظار عن طريق نقلهم من مركز احتجاز سري الى آخر، وكلها موجودة في ذات المنطقة. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أكدت هذه النقطة في خطاب سري اطلعت عليه 'هيومن رايتس ووتش' في يوليو/تموز 2011، بعدما كشفت صحيفة 'لوس أنجليس تايمز' عن وجود الخطاب. والمفارقة هي ان 'هيومن رايتس ووتش' أجرت مقابلات، في الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر وايار/مايو 2012، مع أكثر من 35 محتجزاً سابقا وأقارب للمعتقلين، ومحامين ونواب برلمان، ومسؤولين في الحكومة العراقية ومسؤولين أمنيين من وزارات الدفاع والداخلية والعدل. وعبر الجميع من دون استثناء عن قلق بالغ بشأن سلامتهم، وطلبوا من هيومن رايتس ووتش ألا تكشف أسماؤهم أو تواريخ وأماكن المقابلات لحماية هوياتهم'. وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: 'مما يثير قلقاً بالغاً أن العراقيين من شتى مشارب الحياة، ومن بينهم مسؤولون، خائفون على حياتهم ويخشون من تعرضهم لأذى بالغ إذا ناقشوا ادعاءات حول انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.' هذا الخوف العائق لطرح كارثة المعتقلين الذين تتجاوز اعدادهم الآلاف، وبعضهم محتجز على مدى سنوات بلا محاكمة، وفي اسوأ الظروف، هو نتيجة لحملة الترويع والاستهداف التي تمارسها حكومة المالكي وما سبقها من حكومة أياد علاوي الى الجعفري. الا ان جو الترهيب والترويع لم يمنع بروز اصوات شجاعة تنبه الى اوضاع المعتقلين واخضاعهم لابشع انواع المعاملة اما كيدا او انتقاما او لاسباب طائفية انعكاسا للصراعات الطائفية بين الساسة المتهافتين على المناصب وسرقة المال العام. وقد لوحظ، في الآونة الاخيرة، لجوء ادارة بعض المعتقلات الى فتح ابوابها امام قوات الميليشيا واستخدام عدد من المعتقلين للاعتداء على آخرين ( من طائفة اخرى)، لقاء منحهم امتيازات بسيطة او توفير فرص الانتقام. مثال ذلك، ماحدث في سجن 'التاجي' ليلة الثامن من حزيران الحالي، (حسب الحركة الشعبية لأنقاذ العراق)، حين قامت قوة من مليشيا حكومة المنطقة الخضراء ومعها العشرات من نزلاء سجن التاجي باقتحام سجت (تاجي 4)، الذي يحوي على معتقلين من محافظتي الانبار والموصل وقامت هذه القوة بالاعتداء عليهم وضربهم بالهراوات وقضبان الحديد مما ادى الى اصابة العشرات من المعتقلين بالجروح وحرمانهم من الاسعاف بالاضافة إلى قطع الماء والكهرباء عنهم. وقد أعلن المعتقلون إضرابا مفتوحا عن الطعام بسبب هذه الممارسات القمعية وعدم إحالتهم إلى القضاء للنظر بقضاياهم. ان ما هو متعارف عليه قانونيا وانسانيا هو ان مسؤولية انتهاكات وخروقات حقوق الانسان تقع على عاتق الحكومة، ايا كانت، ومهما كانت الظروف وبضمنها فترات النزاع المسلح والحروب. ومن حق المتهمين والمحتجزين معاملتهم بشكل انساني لا ان تنقلهم من معتقل الى آخر للتستر على حملات الاعتقال والتعذيب والاحتجاز. ومن يتابع صحيفة 'حكومة المالكي'، الموثقة من قبل المنظمات الحقوقية العراقية والعالمية سيجدها ملطخة بدماء المعذبين بالاضافة الى من تم تنفيد حكم الاعدام بهم، وباعداد متزايدة استهجنتها مفوضية حقوق الانسان في الامم المتحدة، بقوة. ان حال المعتقلين يستدعي تدخلا سريعا من مجلس حقوق الانسان بالامم المتحدة وتعيين مفوض خاص بحقوق الانسان للتحقيق في جرائم حكومة المالكي وماسبقها، المسؤولة حسب شهادات ادلى بها معتقلون لهيومان رايتس ووتش قائلين: 'إنهم تعرضوا للتعذيب، بما في ذلك باستخدام الصدمات الكهربائية المتكررة. معظم المحققين أجبروهم إما على توقيع تعهدات بعدم انتقاد الحكومة بشكل معلن أو أجبروهم على التوقيع على اعترافات. وقالوا إن المحققين هددوا بأنها إذا لم يوقعوا هذه الاعترافات فإنهم سيعانون من عنف جسدي، وسيتم اغتصاب أفراد عائلاتهم من النساء، أو لن يتم الإفراج عنهم أبدا. بعض الأسر قالت للمنظمة ـ إنه طلب منهم دفع آلاف الدولارات كرشاوى لضمان الإفراج عن ذويهم. وفي حالتين معروفتين لـ هيومن رايتس ووتش، تم الإفراج عن المعتقلين بعد أن دفعت الأسر مثل تلك المبالغ'. وقد أكد مسؤولان، بوزارة العدل، في نيسان/ابريل، في مقابلتين منفصلتين مع المنظمة إن نقل المعتقلين 'ما بين منشآت احتجاز متعددة، وأحيانا من دون اتباع الإجراءات الرسمية أو إبداء تفسيرات واضحة، تم تحت إشراف المكتب العسكري لرئيس الوزراء نوري المالكي'. وقد حصل المكتب الإعلامي في الحركة الشعبية لانقاذ العراق، بالتعاون مع بعض الوطنيين من حراس السجن، على صور لمعتقلين تعرضوا للضرب والتعذيب وتم ارسالها الى منظمات حقوقية وانسانية، للتوثيق والمناشدة. وقد وصلتني، شخصيا، سبع صور تبين آثار الضرب والأذى الذي اصاب عددا من المحتجزين. ولئلا يعاني المعتقل وحيدا في محنته، اعلن الناشط الحقوقي والسياسي عدي الزيدي بان الحركة الشعبية ستقوم، بالتعاون مع عوائل المعتقلين، باعتصام أمام الباب الأخير من معسكر التاجي، يوم 19 حزيران، باسم 'نصرة المعتقل العراقي'، للتنديد بانتهاكات وممارسات قوات حكومية ومن معهم والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين ومحاسبة المسؤولين.