ما أن وصلت أدبيات الحزب الشيوعي للعراق في العشرينات من القرن الماضي، حتى بدأت أفكاره تداعب مشاعر فئات الطبقة الكادحة من عمال وفلاحين، فأستهوتهم الشعارات الرنانة ،،، وطن حر وشعب سعيد ،،، فأكتسح الحزب الشيوعي مناطق واسعة من العراق، وبرز على أنه حزب الطبقة الفقيرة والكادحة (المستضعفين)، لكن سرعان ما سقط شعار الوطن الحر والشعب السعيد ،،، (الله وياك عبوسي)، ليحل محله شعار (ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة)، فأصبح السحل بالشوارع، التمثيل بالجثث وتعليقها على أعمدة الكهرباء مشاهد مألوفة في سياسة (المستضعفين) لمعاقبة المختلفين معهم والثأر منهم، وقد شهدت محاكمات المهداوي هتافات (بربرية) للشيوعين وهم يلوحون بالحبال أمام الموجودين في قفص الاتهام، يتوعدوهم بالسحل بعد أعدامهم وتعليق جثثهم، فكانت (للمستضعفون) صولات وجولات خلفت مجازر دموية لم تبرح ذاكرة الشعب العراقي بعد، ولن تبرح مهما طال عليها الزمن، وما أن أصبحت الشيوعية في العراق مصدراً يهدد مصالح أمريكا وبريطانيا (القطب الرأسمالي الغربي) لصالح الاتحاد السوفيتي (القطب الأشتراكي الشرقي)، حتى ظهر حزب الدعوة (الدعوجية) على الساحة (صدفة!! ،، كما يدعون) معلناً الحرب ضد الشيوعيين، فهاجم المادية الديالكتية والنظام الاشتراكي، ودعا للوقوف ضد الشيوعية، فجاء رد فعل بعض الشيوعيين عن ذلك الهجوم برمي اللبن على عباءة (محسن الحكيم) وهو مار في أحد شوارع النجف القديمة، فكانت النتيجة تكفير الشيوعيين كون عباءة المرجعية (مقدسة)!!، إلا أن الايام أثبتت أن قطيع الدعوجية أستطاع أن يفرض أرادته على الشيوعيين ويجبرهم على ترك شعارات (الحبال) والتخلي عن الأفكار المادية وضرب ماركس ولينين ومعهم ستالين عرض الحائط، ويحصر جهودهم بـ (توزع خبز العباس)، ففي زمن العراق الجديد (المحرر!!) ظهر لنا نموذجين من الشيوعيين، النموذج الأول تسلق ظهر الدبابة الأمريكية مع قطيع الدعوجية، وشارك بالعملية السياسية تحت مظلة الأحتلال وقيادة الدعوجي نوري المالكي، وبارك الأتفاقية الأمنية الموقعة بين حكومة المنطقة الخضراء والبيت الابيض، من دون أي اعتراضات أو (وثبات!!)، كالتي حدثت في العام 1948على معاهدة (بورتسموث) من اعتصامات ومظاهرات أطلق عليها وثبة كانون، أما النموذج الثاني فهو ضد الاحتلال ومن جاء معهم (الدعوجية وغيرهم)، وضد العملية السياسية والأتفاقية الأمنية، إلا أنهم يتفقون مع النموذج الأول في أظهار التقوى والأيمان و(الولاء للمذهب)!!، (شذ عن النموذجين البعض من الشيوعيين القدامى)، فما أن تقرأ مقالة (ليس لها طعم أو رائحة) لأحد (الشيوعيين من أي نموذج)، حتى تلمس ما وصل إليه حال (شبيبة الأمس) أو الأصح ما وصل إليه (الفكر الماركسي) على يديهم، فالتناقض الواضح بين ما يظهر في أحاديثهم وسطور كتاباتهم من فكر مادي (أكثر من علماني)، وبين ما تقرأه بين تلك السطور من طائفية (ولاء للمذهب)، خلق مزيجاً من نقيضين (أخفى معالم) الصورة التي يجب أن يكون عليها طائفي ولاءه للمذهب الديني أو ماركسي يؤمن بالمادية، ليحل محلها صورة أكثر (بشاعة) لمادي (متجرد من الدين) لكنه شديد **، وهذه من مهازل العصر، فمن الصعوبة أن تجد ما يفسر هذه (الطفرة النوعية) التي أصبح عليها شيوعي يؤمن بمظلومية يوم السقيفة!! ،،، وينادي بتصحيح المسار!!، فهل هذه (الطفرة) مكتسبة من الجينات الوراثية للأنسان، خاصة وأن احتلال العراق كشف أن ** تنتقل بايلوجياً من الاب للأبن، أم أن السبب هو الخوف من فتوى جديدة تكفرهم، هو ما دفع (من ألقوا اللبن على عباءة محسن الحكيم بالأمس) أن يرتموا اليوم بأحضان ** ويجمعو شمل (المستضعفين) بالـ (المظلومين)، لينتهي بهم المطاف على طريق الـ (تقوجية)، يتمسحوا باذيال المراجع من أجل الرضا عنهم!!.